0

بانک مقالات معارف قرآن

 
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

القصص القرآني القسم الثالث

القصص القرآني القسم الثالث

السيد محمد باقر الحكيم

على الساحة القرآنية الرحبة تلتقي كل الأفكار والآراء والمشاعر الخالصة لربها والمخلصة لدينها ورسالتها.. وما أجدر برسالة التقريب وهي تركز على مساحات الالتقاء أن تقف طويلا عند مائدة القرآن الكريم لتقدم الزاد الذي لا يختلف فيه جميع أبناء المذاهب الإسلامية.
الاهتمام بالدراسات القرآنية يجمع العقول والقلوب ويشدّها نحو هدف واحد سام رفيع يسمو على الصغائر والاختلافات الجانبية.. خاصة إذا كانت هذه الدراسات تنطلق من فهم معمق منفتح لأهداف رسالة القرآن في مجالاتها البناءة المعطاءة. وهذا البحث الذي نقدم حلقته الثالثة في هذا العدد نموذج لهذه الدراسات الهامة. في الحلقة الأولى والثانية تحدث الأستاذ الباحث عن الفرق بين القصص القرآني وغيره وعن أغراض القصص في القرآن الكريم وفي هذه الحلقة يطبق الأفكار والمعلومات السابقة على مفردات القصة القرآنية.

دراسة تطبيقية

بعد دراسة ظواهر القصة القرآنية يحسن بنا أن نتناول قصص الأنبياء في الجانب التطبيقي، حيث نحاول أن نطبق الأفكار والمعلومات السابقة على مفردات القصة في القرآن الكريم.
سوف نتناول هنا مثالاً واحداً للقصة وهو (قصة موسى) عليه السلام، لأن قصة موسى عليه السلام هي أكثر قصص الأنبياء ذكراً وتفصيلاً في القرآن الكريم، وهي نموذج لدراسة تفصيلية تطبيقية يمكن أن تستوعب جميع قصص الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم.
وقد ذكرنا في المقدمة أن المنهج الذي نتبعه في هذه الدراسة التطبيقية هو التزام الخطوط الثلاثة التالية:
الأول: دراسة القصة بحسب مواضعها في القرآن الكريم.
ونأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار في دراستنا لهذه المواضع.
أ ـ التنبيه إلى أسرار تكرار القصة الواحدة في القرآن.
ب ـ التنبيه إلى الغرض الذي سيقت لـه في كل مقام.
ج ـ التنبيه إلى أسرار تغاير الأسلوب في القصة بحسب المواضع.
الثاني: عرض الأحداث والمعلومات التي وردت في المواضع المذكورة بحسب تسلسلها التاريخي.
الثالث: دراسة تحليلية عامة للقصة من جانبين هما: المراحل التي مرّ بها موسى والموضوعات العامة التي تناولتها القصة.

القسم الأول ـ قصة موسى بحسب مواضعها في القرآن الكريم

لقد وردت قصة موسى في القرآن الكريم في نحو تسعة عشر موضعاً اختلفت من حيث الإجمال والتفصيل والإشارة، كما أشير إلى موسى عليه السلام أو التلميح بقصته في مواضع أخرى.
وسوف نتناول القصة من زاوية نحو تسعة عشر موضعاً من القرآن الكريم
ونترك المواضع الأخرى التي جاءت فيها القصة بشكل إشارات أو تلميحات.

الموضع الأول:

الآيات التي جاءت في سورة البقرة والتي تبدأ بقوله تعالى:
?وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ _ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ _ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ? إلى أن يختم بقوله تعالى: ?ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ?(1).
والملاحظ في هذا المقطع الأمور التالية:
أولا: جاء في سياق قولـه تعالى: ?يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ?(2).
وهي آيات تتناول مجموعة من النصائح والتوجيهات والملاحظات والاستنكار على المجتمع الإسرائيلي مع الإشارة إلى نعم الله تعالى عليهم وتفضيله لهم على العالمين.
ثانياً: إن المقطع يتناول أحداثاً معينة أنعم الله بها على بني إسرائيل مرة بعد الأخرى مع الإشارة إلى ما كان يعقب هذه النعم من انحراف في الإيمان بالله تعالى أو في الموقف العبادي الذي تفرضه طبيعة هذا الإيمان.
ثالثاً: إن القرآن الكريم بعد أن يختم هذا المقطع يأتي ليعالج المواقف الفعلية العدائية لبني إسرائيل من الدعوة، ويربط هذه المواقف بالمواقف السابقة لهم بقوله تعالى:
?أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ? إلى قولـه تعالى ? يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ
عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ?(1).
وعلى أساس هذه الملاحظات الثلاث يمكننا أن نقول: إن هذا المقطع جاء يستهدف غرضاً مزدوجاً، وهو:
أ ـ تذكير بني إسرائيل بنعم الله المتعددة عليهم وذلك موعظة وعبرة لهم تجاه موقفهم الفعلي.
ب ـ كشف الخصائص الاجتماعية والنفسية العامة التي يتصف بها الشعب الإسرائيلي تجاه فهم هذه المواقف، لكي لا يساور أحد من المسلمين شك فيتصور ـ خطأ ـ أن مواقف اليهود من الرسالة ناجمة عن رؤية موضوعية واقعية تجاه الرسالة الإسلامية لا عن وضعهم النفسي والاجتماعي. خاصة وأن اليهود هم أهل الكتاب في نظر عامة المسلمين. أراد القرآن هنا أن يبين أن هذا الموقف إنّما هو موقف نفسي وذاتي ومتأثر بهذه الخصائص الروحية والاجتماعية والنفسية لهذا الشعب، الأمر الذي يلقي الضوء على طبيعة الموقف السلبي الذي اتخذه اليهود تجاه الرسالة الإسلامية.
وهذا الغرض فرض «أسلوباً» معيناً على استعراض الأحداث، إذ اقتصر المقطع على ذكر الوقائع التي تلتقي مع هذا الغرض وتتناسب مع هذا الهدف. دون أن يعرض التفصيلات الأخرى للأحداث التي وقعت لموسى عليه السلام مع فرعون أو مع الإسرائيليين أنفسهم.

الموضع الثاني:

الآيات التي جاءت في سورة النساء، والتي تبدأ بقوله تعالى:
? يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا? إلى قولـه تعالى: ? وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا
وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا?(1).
والملاحظ في هذا المقطع الأمور التالية:
أولا: إنه جاء ضمن سياق عرض عام لمواقف فئات ثلاث من أعداء الدعوة الإسلامية تجاهها وهو موقف المنافقين، وموقف اليهود من أهل الكتاب، وموقف النصارى من أهل الكتاب، ويبدأ عرض الموقف الأول بقوله تعالى: ?بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا?(2).
وعرض الموقف الثاني يبدأ بقوله تعالى:?إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً?(3).
وعرض الموقف الثالث يبدأ بقوله تعالى:
?يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ...?(4).
ثانياً: إن المقطع يتناول بعض الأحداث ذات الدلالة على نبوة موسى، والمواثيق الغليظة المأخوذة على اليهود بصدد الامتثال والطاعة، وموقف اليهود من ذلك والمخالفات التي ارتكبوها سواء فيما يتعلق بالجانب العقيدي من الفكرة أو بالجانب العملي التطبيقي منها.
وعلى أساس هاتين الملاحظتين يمكن أن نستنتج: أن القرآن الكريم يبدو وكأنه يريد أن يحقق غرضاً مزدوجاً، وهو توضيح حقيقتين اجتماعيتين وسنتين من السنن التي تؤثر في حركة التاريخ الإنساني:
إحداهما: أن يذكر أهل الكتاب ويفتح الطريق أمامهم ليحققوا أهدافهم الصحيحة في الدنيا والآخرة من وراء الدين والشريعة، وذلك بدعوتهم إلى الدخول في الدعوة
الجديدة ورسالة الإسلام، وأن لا يكون موقفهم منها كموقف قوم موسى حين دعاهم إلى دخول الأرض المقدسة، مع أنها كانت أمنيتهم وهدفهم، فتفوتهم ـ برفضهم دخول الدعوة الإسلامية ـ الفرصة السانحة ويصيبهم التيه الفكري والعقائدي والاجتماعي في عصر نزول الرسالة، كما أصابهم التيه السياسي والاجتماعي من قبل. وبذلك يتبين أن الوصول إلى تحقيق الأهداف الكبيرة والأماني الصالحة والمجتمع المتكامل هو باتباع الهدى والحق دون التمسك بالتعصب أو الجمود على التقاليد أو اتباع الهوى والرغبات.
والثانية: بيان أن النصر إنّما يتحقق إذا توفرت الإرادة الإنسانية القوية والشجاعة اللازمة، والتغلب على الخوف في أوساط الأمة بشكل عام. ولا يكفي وجود القيادة الرشيدة والرسالة الصحيحة والعقيدة الصالحة، فإنهما ـ وإن كانا من عناصر النصر الإلهي الأساسية ـ يستلزمان وجود الإرادة القوية للأمة.
ومن هنا نعرف السر الذي كان وراء اكتفاء القرآن الكريم بذكر هذا الموقف الخاص لبني إسرائيل دون غيره، لأنه هو الذي يحقق هذا الغرض، خصوصاً إذا عرفنا أن هذه القصة من المضامين التي يؤمن بها اليهود والنصارى معاً، وهذا الجانب من القصة لم يذكر في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع.

الموضع الرابع:

الآيات التي جاءت في سورة الأعراف والتي تبدأ بقوله تعالى:
?ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ? والتي تختم بقوله تعالى: ?وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?(1).
ونلاحظ في هذا الموضع من القصة عدة أمور:
الأول: إن القصة جاءت في عرض قصصي مشترك مع قصص نوح (59 ـ 64)، هود (65 ـ 72)، وصالح (73 ـ 79)، ولوط (80 ـ 84)، وشعيب (85 ـ 93)، تكاد أن
تتحدد فيه صيغة الدعوة والتكذيب والعقاب الذي ينزل بالمكذبين.
الثاني: إن هذا العرض القصصي العام يأتي في سياق بيان القرآن الكريم لحقيقة حشر المخلوقات وصورته، وأنهم يحشرون أمما بكاملهم، من الجن والإنس، وعلى صعيد واحد، يتلاعنون بينهم، أو يتوادون ويتحابون: ? قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ?(1).
?وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ _ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ?(2).
ثم يعرض القرآن الكريم مشاهد متعددة عن هذا الحشر وبعض العلاقات التي تسود الناس فيه وأنه تصديق لدعوة الرسل وما بشروا به وأنذروا منه:
?وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ _ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ?(3).
ثم يعرض القرآن الكريم مجموعة من الحقائق الكونية والتاريخية.
الثالث: إنها جاءت في سياق قانون عام يذكره القرآن الكريم يعبر عن سنة من سنن التاريخ أشرنا إليه في حديثنا عن السنن التاريخية (الآيات 54 ـ 58) وهي سنة الابتلاء والامتحان وارتباط التغيير الكوني والحياة الإنسانية بالتغييرات الاجتماعية والسلوكية للإنسان ?وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ
يَضَّرَّعُونَ _ ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُُونَ _ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ?(1).
الرابع: إن القصة على ما جاء فيها من التفصيل تبدأ في سرد الوقائع من حين بدء الدعوة دون الوقائع الأخرى التي وقعت قبل ذلك، وإنها تذكر الوقائع في حدود المجابهة التي كان يواجهها الرسول مع فرعون وملائه، (الخارجية) ومع بني إسرائيل (الداخلية) وفي إطار بيان ما ينزل بالمكذبين والمنحرفين من عذاب وعقاب وإضرار.
الخامس: إن القصة تتناول في معرض حديثها عن الحوادث جوانب من المفاهيم الإسلامية العامة والسنن التاريخية كالتأكيد على أهمية «الصبر» (128 ـ 129)، و«وراثة المتقين للأرض» (137)، وأن الرحمة الإلهية لا تنال إلا الذين اتقوا وآتوا الزكاة وآمنوا بآيات الله واتبعوا الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل (156 ـ 157).

وعلى أساس هذه الملاحظات يمكن أن نستنتج:

إن القصة جاءت منسجمة مع السياق العام للعرض القصصي ومحققة لأغراضه على ما أشرنا إليه في حديثنا عن أغراض القصة ومع ذلك فإنها جاءت تستهدف عدة أغراض أخرى:
الغرض الأول: هو بيان انطباق السنن التاريخية التي أشير إليها في الملاحظة الثالثة، حيث جاءت الإشارة إلى هذه السنن بعد عرض قصص الأنبياء الآخرين.
وجاء تفصيل تصديقها ضمن قصة موسى عليه السلام لما فيها من التفصيل في تبدل الأحوال وتغيرها من خلال سنة الابتلاء وما فيها من الارتباط بين التغييرات الاجتماعية والتغييرات الكونية بجانبيها السلبي والإيجابي. فآل فرعون منعمون ولكن عندما يكذبون يبتلون بالسنين ونقص الأموال والثمرات. وبنو إسرائيل
مضطهدون مشردون مستضعفون فإذا هم يرثون الأرض، بعد ما يتعرضون لـه من تقلبات في الأحوال السياسية والاجتماعية.
الغرض الثاني: تأكيد المفاهيم الإسلامية وعلاقتها بالحقائق الاجتماعية كما مرّ في الملاحظة الخامسة.
وهنا نجد هذا الأسلوب في الربط بين المفاهيم والحقائق الدينية وبين تطورات الأحداث الاجتماعية، بحيث تصبح صورة هذه المفاهيم أكثر وضوحاً وانطباقاً مع واقع الحياة الإنسانية، ويكون ذلك عندئذ منسجماً مع الأغراض التربوية للقصة التي تسعى لتربية الإنسان المسلم على الإيمان المفاهيم من خلال تجسيدها لـه واقعياً في الحياة المعاشة.
الغرض الثالث: الربط المباشر بين أغراض القصة المتعددة العامة والهدف القرآني العام، وهو تغيير الناس الذين خاطبهم القرآن الكريم، وذلك من خلال التأكيد على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حتى أن القصة كأنها سيقت بتفاصيلها لتحقيق ربط هذه الدعوات والرسالات الإلهية بهذه النهاية الخاتمة لها، وأن هذه المفاهيم والسنن والأهداف التي عاشتها هذه الرسالات سوف تتحقق في نهاية المطاف في اتباع رسالة الإسلام: ?الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...?(1).
ويؤكد ذلك هذا النداء الذي يوجهه القرآن الكريم على لسان النبي صلى الله عليه وآله إلى الناس جميعاً، حيث جاء به مسنطرداً في ثنايا القصة: ?قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ? (2).
على أن هناك شيئاً تجدر الإشارة إليه. وهو أن القرآن الكريم يهتم عادة بتفصيل قصص الرسل الذين هم من أولي العزم كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى لأغراض متعددة ذكرناها من قبل.

الموضع الخامس:

الآيات التي جاءت في سورة يونس والتي تبدأ بقوله تعالى: ?ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ? والتي تختم بقوله تعالى: ?وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ?(1).
ويلاحظ في هذا المقطع جاء بعد مقارنة عرضها القرآن الكريم بين مصير أتباع الحق والمؤمنين بالله وبالرسل والمصدقين بهم، ومصير أتباع الباطل والمفترين على الله والمكذبين بالرسل ?أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ _ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ _ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ?(2).
?قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ _ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ?(3).
ثانياً: إن هذا المقطع من القصة جاء بعد إشارة قصيرة إلى نبأ نوح وقومه (71 ـ 73) يتبعها إشارة عامة إلى الرسل بعد نوح وموقف أقوامهم منهم (74).
ثالثاً: إن المقطع لا يتناول من التفاصيل إلا القدر الذي يرتبط بموقف فرعون وملائه من موسى والمصير الذي لاقاه هؤلاء نتيجة لأعراضهم عن الدعوة وتكذيبهم بها، كما انه يشير إلى إيمان فئة قليلة بموسى والتي يعبر عنها القرآن الكريم: ?فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ..?(83).
وكذلك إلى نهاية بني إسرائيل الطيبة بعد معاناتهم الطويلة في المجتمع الفرعوني.
وفي ضوء هذه الملاحظات يمكن ان نستنتج: أن القصة إنّما جاءت هنا من أجل
غرض مزدوج وهو تصديق «الحقيقة» التي ذكرها القرآن الكريم في مقارنته بين الذين آمنوا والذين يفترون على الله الكذب، والسنة التاريخية في انتصار الحق على الباطل وكذلك تصديق البشارة التي وعد الله بها أهل الحق، والإنذار بالعذاب الذي أشرنا إليه في الملاحظة الأولى.
فهي ذات غرض مزدوج رسالي وتاريخي. كما أن السياق العام هو الذي فرض مجيء قصة موسى بشيء من التفصيل دون قصة نوح أو الرسل الآخرين، لأن قصة موسى تمثل بتفاصيلها مصداق الانقسام بين جماعتين: إحداهما مؤمنة به والأخرى كافرة بدعوته، حيث يقع الصراع بينهما وينتهي بالغلبة للمؤمنين على الكافرين. بخلاف قصص الأنبياء الآخرين السابقين عليه مثل هود وصالح وشعيب فإنها تعرض في القرآن الكريم عادة على أساس أن النبي لم يؤمن به إلا النزر اليسير من الناس، ولذلك ينزل العذاب بقومه بشكل شامل عام. فهذه القصص تمثل جانبا واحدا من صدق الحقيقة، وهو جانب المصير الذي يواجهه المكذبون والمنحرفون، بخلاف قصة موسى فإنها تمثل الجانبين معا: جانب المؤمنين وجانب المكذبين.
ومن هنا يمكن أن نفسر مجيء قصة نوح في هذا الموضع مختصرة مع الإشارة العامة لموقف بقية الأنبياء.
مضافاً إلى ذلك: أن نحاً يمثل بداية الأنبياء الذين لاقى قومهم العذاب في قصص القرآن، وموسى يمثل نهايتهم وختامهم.
ويؤكد هذا التفسير لسياق القصة ما أشرنا إليه في «الملاحظة الثالثة» من أن التفاصيل التي تناولها المقطع انحصرت في بيان التزام بني إسرائيل الحق، دون أن تتعرض إلى الجوانب الأخرى لموقفهم والتي تحدث عنها القرآن في مواضع أخرى مثل الأعراف وطه والقصص، والتي تمثل الانحراف والعصيان لأوامر موسى. وهذا الالتزام يكاد يشعرنا أن القصة سيقت لابراز صدق هذه المقارنة في التاريخ الإنساني والتي كانت تتحكم في مواجهات الأنبياء.
ومن الممكن أن نلاحظ في تكرار القصة هنا ملامح السبب الخامس من أسباب
التكرار التي ذكرناها سابقاً، حيث أن طريقة عرض القصة في هذا المقطع حققت غرضاً معيناً ما كان يحصل لو عرضت قصة موسى بجميع تفاصيلها كما أشرنا آنفاً.

الموضع السادس:

الآيات التي جاءت في سورة هود، وهي قولـه تعالى:
?وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ _ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ _ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ _ وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ? (96 ـ 99).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصة ما يلي:
أولاً: إنه جاء في عرض قصصي عام وبشيء من التفصيل يبدأ بنوح عليه السلام (25 ـ 49) ثم هود (50 ـ 60) وصالح (61 ـ 68) وإبراهيم (69 ـ 76) ولوط (77 ـ 83 ) وشعيب (84 ـ 95 ) ويختم بهذه اللمحة القصيرة عن قصة موسى عليه السلام:
ثانياً: إن هذا العرض العام جاء في سياق الحديث عن مكذبي الرسول صلى الله عليه وآله والحكم الإلهي فيما يجب أن يكون الموقف العام منهم، والمصير الذي ينتظرهم في الدنيا وفي الآخرة: ?الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ? ?أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ ?(1).
وكذلك الإشارة إلى مصير المؤمنين وأنهم أصحاب الجنة هم فيها خالدون، مع مقارنة بين الفريقين: ?مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ?(الآية 24).
ثالثا: إن هذا العرض يختم بما يشبه بيان الغاية منه بقوله تعالى: ?ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ _ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ _ وَكَذَلِكَ
أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ? (1).
رابعاً: إن المقطع جاء لمحة عابرة عن القصة ونهايتها على خلاف قصص الأنبياء الآخرين التي جاءت في شيء من التفصيل.
ومن هنا يمكن أن نستنتج أن الإتيان بهذا المقطع من القصة كان من أجل توضيح حتمية العدل الإلهي التي تفرض معاقبة الظالمين والمنحرفين، لان هذا هو معنى عدم الاستواء، وقد أكده القرآن الكريم في مواضع أخرى منها قولـه تعالى:
?أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ? (2). حيث جاء في سياق قولـه: ?.. وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ?(3). مع بيان قدرة الله تعالى على تنفيذ وإجراء هذا الحكم العادل في الدنيا كقدرته على ذلك في الآخرة: ?أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ?.
وقد أراد القرآن الكريم أن يوضح الصورة لهذه الحتمية الإلهية من خلال القصة، فبدأها بنوح وختمها بموسى ليظهر بذلك الارتباط الوثيق بين أسلوب الأنبياء في الدعوة إلى الله وجهودهم في سبيل هذه الغاية، وإقامتهم للحجة على أقوامهم، والمواجهة التي كانوا يلقونها من أممهم، وأن النتيجة الحاسمة التي كان ينتهي إليها مصير هذه الأمم بسبب تكذيبهم من العذاب الشديد والعقاب القاسي هي تحقيق هذا الحكم الإلهي.
وبهذا نعرف السبب في التوسع النسبي في الحديث عن الأنبياء السابقين على موسى عليه السلام لأن العذاب لحق أقوامهم بشكل عام دون استثناء. وأما موسى عليه السلام فإن العذاب لحق فرعون المكذب وحده بخلاف بني إسرائيل المؤمنين، ولذا جاء الحديث مختصراً.
وهنا نلاحظ أن العرض من حيث التفصيل والاختصار في هذه السورة جاء على عكس العرض في سورة يونس والسبب هو اختلاف الغرض.

الموضع السابع:

الآيات التي جاءت في سورة إبراهيم وهي قولـه تعالى.
? وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ_ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ _ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ _ وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ?(1).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصة مايلي:
أولا: إن القرآن الكريم قد مهد لهذه الإشارة بقوله: ? وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?.
ثانياً ـ إن القرآن يتحدث بعد هذا المقطع من القصة عن المفاهيم العامة التي كان يطرحها الرسل، والأساليب التي كانوا يسلكونها لتحقيق أغراضهم الرسالية، دون الحديث عن أنبياء آخرين.
ثالثاً ـ إن الحديث عن القصة في المقطع جاء بشكل مختصر وقد أكد على المشكلة العامة التي كان يعانيها الإسرائيليون، والنعمة العامة التي تفضل بها عليهم، والدعوة لشكر النعمة وأن الله لا يضره كفرانها.
ومن هنا يمكن أن نستنتج أن المقطع قصد به التمثيل على صدق الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم من مجيء كل رسول بلسان قومه، فقد يراد بلسان القوم اللغة التي يتكلم بها القوم، وقد يراد شيء آخر أيضاً وهو تصدي الرسالة لطرح القضايا والمشاكل الاجتماعية والسياسية والإنسانية المثيرة التي تستقطب اهتمام الأمة ونظرتها ومشاعرها، فيكون التأكيد عليها أسلوبا ولساناً لاستقطاب نظر الأمة إلى الدعوة وقيمتها الروحية والاجتماعية، ولذا جاءت قصة موسى مثالاً لهذه الحقيقة، لأنه دعا لإنقاذ قومه من مشكلة اجتماعية عامة كانوا يعانونها.
ولما كانت الغاية الحقيقية من إرسال الرسل هو هداية الناس وإرشادهم، فإننا نجد القرآن الكريم بعد هذه الإشارة إلى قصة موسى وتصديق الحقيقة السابقة يعود فيتحدث عن المفاهيم العامة التي كان يطرحها الرسل، باعتبارها هي غاية دعوة الأنبياء على اختلاف بينهم في أسلوب تحقيق هذه الغاية.

الموضع الثامن:

الآيات التي جاءت في سورة الإسراء وهي قولـه تعالى: ?وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا _ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا _ فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا _ وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا?(1).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصة مايلي:
أولاً ـ إنه جاء في سياق المطاليب التعجيزية المتعددة التي يقترحها المشركون والكفار على الرسول صلى الله عليه وآله وعدم اكتفائهم بالقرآن الكريم دليلاً ومعجزة على النبوة: ?وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا _ وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا _ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا _ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً?(2).
ثانياً ـ إن القرآن يناقش هذه المطاليب التعجيزية ويؤكد أن السبب المانع من الهداية هو الحاجز النفسي الذاتي المعبر عنه بـ«الأنا» ?وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَرًا رَّسُولاً? (3).
مع أن مقتضى منطق الأشياء وطبيعة الحال أن يكون الرسول بشراً لا ملكاً، ولو كان سكان الأرض ملائكة يكونون مجتمعاً ملائكياً لبعث إليهم ملكاً رسولا: ?قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكًا رَّسُولاً?(4).
ثالثاً ـ إن القرآن الكريم يعقب على القصة بالحديث عن القرآن ـ أيضاً ـ بقوله: ?وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا? (1).
رابعا: إن القرآن لا يشير في هذا المقطع من القصة إلا إلى الآيات التسع التي جاء بها موسى ورفض فرعون لدعوته ومصيره نتيجة لهذا الرفض.

ويمكن أن نستنتج من هذه الملاحظات:

أن القصة إنّما جاءت هنا شاهدا على حقيقة يذكرها القرآن وهي: إن مطاليب الكفار المشركين لم تكن بسبب حاجة موضوعية أو من أجل معرفة حقيقة القرآن وصدق النبوة، وإنّما هو أسلوب عام يتذرع به الكفار للتمادي في الضلال والإصرار عليه. فهي أشبه بالمطالب التعجيزية منها بالمطالب المعقولة والشاهد على ذلك قصة موسى عليه السلام، حيث جاء موسى بتسع آيات إلى فرعون وقومه، ومع ذلك فقد كان موقف فرعون منها موقف المكذبين ولم تنفع معه هذه الآيات، بالرغم من أن هذه الآيات التسع جاءت في أزمنة متعددة. ولسبب هو هذا الحاجز النفسي الذي تحدث عنه القرآن.
فالسياق هو الذي فرض الإتيان بهذا القدر من قصة موسى عليه السلام للاستشهاد بها على هذه الحقيقة. وهذا شيء تفرضه طبيعة الواقع التاريخي لرسالة موسى الذي أرسله الله سبحانه بالآيات التسع دون غيره من الأنبياء.
كما أن التكرار كان بسبب تأكيد مفهومين:
الأول : إن طلبات الكفار وتمنياتهم ليست نتيجة لواقع نفسي يدعوهم إلى الشك بالرسالة ويفرض عليهم التأكد من صحتها. ولا يكون عدم إتيان الرسول بمطاليبهم حينئذ بسبب فقدان صلته بالسماء وإنما بسبب كفاية القرآن الكريم لإقامة الحجة عليهم، كلما دلت الآية الكريمة بعد القصة على ذلك.
الثاني: إن مصير هؤلاء المكذبين كمصير فرعون من الهلاك والهزيمة، وإن أتباع النبي يصيرون إلى ما صار إليه بنو إسرائيل من وراثة الأرض.

پاورقيها:

1 ـ 105.
1 ـ 75 ـ 122.
1 ـ 94 ـ 101.
1 ـ إبراهيم: 5 ـ 8.
1 ـ الإسراء: 101 ـ 104.
1 ـ الأعراف: 103 ـ 171.
1 ـ الأعراف: 157.
1 ـ الأعراف: 38.
1 ـ البقرة: 49 ـ 74.
1 ـ النساء: 153 ـ 161.
1 ـ سورة هود الآيات 19 ـ 20.
1 ـ هود 100 ـ 102.
1 ـ يونس: 75 ـ 93.
2 ـ 40 ـ 48.
2 ـ 62 ـ 64.
2 ـ 89 ـ 92.
2 ـ الأعراف: 158.
2 ـ الأعراف: 42 ـ 43.
2 ـ السجدة: 18.
2 ـ النساء: 138.
3 ـ 52 ـ 53.
3 ـ 69 ـ 70.
3 ـ 94.
3 ـ السجدة: 13.
3 ـ النساء: 150.
4 ـ 95.
4 ـ النساء: 171.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:49 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

القصص القرآني القسم الثاني

القصص القرآني القسم الثاني

السيد محمد باقر الحكيم

على الساحة القرآنية الرحبة تلتقي كل الأفكار والآراء والمشاعر الخالصة لربها والمخلصة لدينها ورسالتها.. وما أجدر برسالة التقريب وهي تركز على مساحات الالتقاء أن تقف طويلا عند مائدة القرآن الكريم لتقدم الزاد الذي لا يختلف فيه جميع أبناء المذاهب الإسلاميّة.
الاهتمام بالدراسات القرآنية يجمع العقول والقلوب ويشدها نحو هدف واحد سام رفيع يسمو على الصغائر والاختلافات الجانبية.. خاصة إذا كانت هذه الدراسات تنطلق من فهم معمق منفتح لأهداف رسالة القرآن في مجالاتها البناءة المعطاءة. في الحلقة الأولى تحدث الباحث عن الفرق بين القصص القرآني وغيره، وأغراض القصة في القرآن الكريم، وفي هذه الحلقة يدور الحديث عن بعض ظواهر القصة القرآنية.

ظواهر عامة في القصة القرآنية

على ضوء هذه الأهداف للقصة يحسن بنا أن ندرس ظواهر أساسية برزت في عرض القصة القرآنية:

تكرار القصة في القرآن الكريم

من ظواهر القصة في القرآن الكريم تكرار الحديث عن القصة الواحدة في مواضع مختلفة. وقد أثيرت بعض الشبهات حول هذه الظاهرة فقيل:إن القصة بعد أن تذكر في القرآن مرة واحد تستنفد أغراضها الدينية والتربوية والتاريخية فلماذا يتحدث عنها القرآن الكريم مرة أخرى. وقد أثيرت هذه المشكلة في زمن مقدم من البحث العلمي في القرآن الكريم، لذا نجد الإشارة إلى ذلك في مفردات الراغب الأصفهاني، وفي مقدمة تفسير التبيان للشيخ الطوسي(1)، قال:والوجه في تكرير القصة بعد القصة في القرآن:أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة فلو لم تكن الانباء والقصص متكررة لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى قوم وقصة نوح إلى قوم آخرين، فأراد الله بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض ويلقيها في كل سمع، ويثبتها في كل قلب ويزيد الحاضرين في الافهام.

فالشيخ الطوسي يفسر التكرار بعاملين:

الأول، معالجة التفرق في القطع القرآنية ليكون تكرار القصة موجباً لوصولها إلى الجميع.
والثاني، زيادة إفهام الحاضرين الذين يصلهم القرآن الكريم بكامله.
وعبارة الشيخ الطوسي قد لا تعالج المسألة بشكل أساسي، غير أنها تدل على أن الموضوع طرح في الدراسات القرآنية عند القدماء أيضاً.
ونحن هنا نذكر بعض الوجوه التي يمكن أن تكون تفسيراً لتكرار القصة الواحدة في القرآن الكريم:
الأول:أن التكرار إنّما يكون بسبب تعدد الغرض الديني الذي يترتب على القصة الواحدة، وقد عرفنا في بحثنا السابق لأغراض القصة(1) أن أهداف القصة متعددة، فقد تأتي القصة في موضع لأداء غرض معين، وتأتي في موضع آخر لأداء غرض آخر وهكذا.
الثاني:أن القرآن الكريم اتخذ من القصة أسلوباً لتأكيد بعض المفاهيم الإسلامية لدى الأُمة المسلمة، وذلك عن طريق ملاحظة الوقائع الخارجية التي كانت تعيشها الأُمة وربطها بواقع القصة من حيث وحدة الهدف والمضمون.
وهذا الربط بين المفهوم الإسلامي في القصة والواقعة الخارجية المعاشة للمسلمين قد يؤدي إلى فهم خاطئ للمفهوم المراد إعطاؤه للأمة، فيفهم انحصاره في نطاق الواقعة التي عاشتها القصة وظروفها الخاصة، فتأتي القصة الواحدة في القرآن الكريم مكررة من أجل تفادي هذا الحصر والتضييق في المفهوم، وتأكيد شموله واتساعه لكل الوقائع والأحداث المشابهة، ليتخذ صفة القانون الأخلاقي أو التاريخي الذي ينطبق على كل الوقائع والأحداث.
الثالث:أن التكرار يكون سبباً في فاعلية القصة كمنبّه للأمة على علاقة القضية الخارجية التي تواجهها ـ في عصر النزول أو بعده ـ بالمفهوم الإسلامي لتستمد منه روحه ومنهجه. فيكون تكرار القصة بياناً للمنبه عند الحاجة إليه.
ولعلّ هذا السبب والسبب الذي قبله هو ما يمكن أن نلاحظه في تكرار قصة موسى والفرق بين روحها العامة في القصص المكي وروحها في القصص المدني، فإنها تؤكد في القصص المكي منها على العلاقة العامة بين موسى من جانب وفرعون وملائه من جانب آخر، دون أن تذكر أوضاع بني إسرائيل تجاه موسى نفسه، إلا في موردين يذكر فيهما انحراف بني إسرائيل عن العقيدة الإلهية بشكل
عام، وهذا بخلاف الروح العامة لقصة موسى في السور المدنية فإنها تتحدث عن علاقة موسى مع بني إسرائيل وتتحدث عن هذه العلاقة وارتباطها بالمشاكل الاجتماعية والسياسية.
وهذا قد يدلنا على أن هذا التكرار للقصة في السورة المكية إنّما كان لمعالجة روحية تتعلق بحوادث مختلفة واجهت النبي والمسلمين، ومن أهداف هذه المعالجة توسعة نطاق المفهوم العام الذي تعطيه قصة موسى في العلاقة بين النبي والجبارين من قومه، أو القوانين التي تحكم هذه العلاقة، وأن هذه العلاقة مع نهايتها لا تختلف فيها حادثة عن حادثة أو موقف عن موقف.
ولعل إلى هذا التفسير تشير الآيات الكريمة التي جاءت في سورة الفرقان:
?وقال الذين كفروا لو لا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا. ولا يأتونك بمثل إلاّ جئناك بالحق وأحسن تفسيرا. الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلاً ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيراً?(1).
الملاحظ في هذه الآيات أن القرآن يذكر أنّ سبب التدرج والترتيب في القرآن الكريم هو التثبيت للنبي من ناحية والإتيان بالحق والتفسير الأفضل للوقائع والأحداث والأمثال من ناحية أخرى، ثم يأتي بهذا التفسير الأحسن من قصة موسى (عليه السلام).
الرابع:أن الدعوة الإسلاميّة مرت بمراحل متعددة في سيرها الطولى، وقد كان القرآن الكريم يواكب هذه المراحل ويماشيها في عطائه وطبيعة أسلوبه، وهذا كان يفرض أن تعرض القصة الواحدة بأساليب متفاوتة في الطول والقصر.. نظراً لطبيعة الدعوة وطريقة بيان المفاهيم والعبر فيها، كما نجد ذلك في قصص الأنبياء حين تعرض في السورة القصيرة المكية ثم يتطور العرض بعد ذلك إلى شكل أكثر تفصيلاً في السور المكية المتأخرة أو السور المدنية.
الخامس:أن تكرار القصة لم يأت في القرآن الكريم بشكل يتطابق فيه نص القصة مع نص آخر لها، بل كان فيها شيء من الزيادة والنقيصة. وإنّما تختلف الموارد في بعض التفاصيل وطريقة العرض، لأن طريقة عرض القصة القرآنية قد تستبطن مفهوماً دينياً يختلف عن المفهوم الديني الآخر الذي تستبطنه طريقة عرض أخرى. هذا الأمر، الذي نسميه بالسياق القرآني، يقتضي التكرار أيضاً، لتحقيق هذا الغرض السياقي الذي يختلف عن الغرض السياقي الآخر لنفس القصة، وسوف تتضح معالم هذه النقاط بشكل أكثر عند دراستنا التطبيقية التالية لقصة موسى في القرآن الكريم.
وقد ذكر السيوطي في الإتقان عدة أسباب أخرى ينسبها إلى «البدر بن جماعة» في كتابه(المقتنص في فوائد تكرار القصص).
منها:ما ذكره الشيخ الطوسي آنفاً.
ومنها:أن ذلك كان من وسائل التحدي بالقرآن لاختلاف القصة بالنظم، ومع ذلك عجز العرب عن الإتيان بمثله.
وذكر أسباباً أخرى فيها تكرار لهذه الأسباب(1).

اختصاص القصة بأنبياء الشرق الأوسط

وثمة ظاهرة أخرى هي أن القرآن الكريم تحدث عن مجموعة من الأنبياء كانوا يعيشون جميعاً في منطقة الشرق الأوسط، أي المنطقة التي كان يتفاعل معها العرب الذين نزل القرآن في محيطهم ومجتمعهم. وقد تفسر هذه الظاهرة بأن النبوات كانت بالأصل في هذه المنطقة، ومن خلالها انتشر الهدى في جميع أنحاء العالم، ويؤيد ذلك الاستعراض التاريخي للنبوات وتاريخ الإنسان في التوراة، وبعض الأبحاث الآثارية والروايات الدينية خصوصاً الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، وحينئذ يصبح تفسير هذه الظاهرة واضحاً، وهو أن الواقع التاريخي للحياة الإنسانية فرض

هذه الظاهرة.

ولكن توجد شواهد في القرآن الكريم تنفي هذا التفسير لهذه الظاهرة، فالقرآن يشير في بعض آياته إلى أن هناك مجموعة أخرى من الأنبياء لم يتحدث عنهم القرآن الكريم، مع أن حياتهم لابد وأنها كانت زاخرة بالأحداث، شأنهم في ذلك شأن الأنبياء الآخرين:
?انّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبوراً ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما?(1).
كما أنّ هذا المضمون جاء أيضاً في سورة(غافر / 78)، علماً بأن سورة النساء من السورة المدنية المتأخرة، ومن هنا فلا مجال لاحتمال أن هذه الآية نزلت في فترة زمنية لم يكن القرآن قد تعرض فيها إلى جميع قصص الأنبياء التي وردت في القرآن الكريم.
وهناك مجموعة من الآيات تدل على أن الأنبياء والرسل كانوا يبعثون إلى كل قرية ومدينة لإقامة الحجة من الله على الناس، كما نفهم من الآية (165) من سورة النساء، التي جاءت في سياق الآيتين السابقتين. ?رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما?(2).
بالإضافة إلى موارد أخرى لها هذه الدلالة:
?ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ?(3).
?وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبين لهم ما يتقون..?(4).
?ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون?(5).
?إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً وإن من أمة إلاّ خلا فيها نذير?(1).
وجاء التعبير في بعض الآيات عن ذلك بوجود الشهيد في كل أمة(النساء:41 ـ النحل:84 ـ القصص:75).
ومن هنا فلابد من تفسير هذه الظاهرة بتفسير آخر كأن يكون الغرض الأساس من القصة كما ذكرنا هو انتزاع العبرة واستنباط القوانين والسنن التاريخية منها، ولم يكن الغرض من القصة السرد التاريخي لحياة الأنبياء أو كتابة تاريخ الرسالات، ولذلك يتحدث القرآن عن الأمور العامة المشتركة بين هؤلاء الأنبياء، عدا بعض الموارد التي يكون هناك غرض خاص في طرح بعض القضايا فيها.
ولما كان تأثير القصة في تحقيق هذه الأغراض يرتبط بمدى إيمان الجماعة بواقعيتها، وإدراكهم لحقائقها، ومدى انطباق ظروفها على ظروف الجماعة نفسها، لذا تكون القصة المنتزعة من تاريخ الأُمة نفسها، ومن واقعها وظروفها وحياتها أكثر تأكيداً وانطباقاً على السنّة التاريخية، وأكثر تأثيراً في الواقع الروحي والنفسي للجماعة، وقد أكدنا سابقاً أن صفة «الواقعية» من الصفات التي تتميز بها القصة القرآنية.
وبهذا تكون هذه القصص اكثر انسجاماً مع هذا الهدف القرآني، بلحاظ أن القاعدة التي يريد أن يحقق القرآن الكريم التغيير فيها في المرحلة الأولى هي الشعوب التي تسكن هذه المنطقة، وتتفاعل مع هذا التاريخ، وهذا لا يعني أن القرآن الكريم تختص هدايته بهذه الشعوب، بل أن أحد أغراض القرآن هو إيجاد التغيير في هذه الشعوب كقاعدة ينطلق منها التغيير ويستند إليها في مسيرته إلى بقية الشعوب كما حصل ذلك فعلاً، وأشرنا إليه في بحث الهدف من نزول القرآن.
صحيح أنّه قد تكون القصة المنتزعة من تاريخ النبوات التي كانت في الهند أو الصين ـ على فرض وجودها في تلك المناطق وهو فرض منطقي ومقبول جداً ـ مؤثرة في الشعب الهندي أو الصيني، إلاّ أن القرآن الكريم كان مهتماً بشكل خاص
وفي مرحلة نزوله بتغيير القاعدة التي تتمثل بالشعب العربي والشعوب المتفاعلة معه فعلاً في ذلك الوقت. وضرب الأمثال وسرد القصص عن هذه الأمم التي لم تكن موجودة في المحيط الذي نزل فيه القرآن يبعد القصة بأكملها عن «الواقعية» التي حرص القرآن الكريم على تأكيدها في قصصه، ولكن تبقى النتائج العامة المشتركة بين الأنبياء ذات تأثير عام بالنسبة إلى مختلف الشعوب.
فقصة النبي الواحد لها تأثير خاص يرتبط بالوسط الذي تواجد فيه ذلك النبي، باعتبارها حالة التجسيد المعاش في ذلك الوسط، وذات التأثير الشعوري والوجداني فيه. وفي الوقت نفسه يكون للقصة تأثير عام ضمن المفاهيم العامة والسنن التاريخية التي توحي بها القصة، والعبر التي يمكن أن تستخلص منها، وهذا ما يمكن أن تستفيد منه كل الشعوب الأخرى. وبذلك يتحقق للقرآن الكريم بُعده العام الشامل، ويبقى حياً ومؤثراً في هذا الوسط وغيره من الأوساط الإنسانية.
نعم من الصحيح أن نضيف أيضاً القول بأن الأنبياء مثل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى يمثلون الأصول العامة للنبوات في كل العالم، وكان خاتمهم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) يمثل امتداداً لتلك النبوات، ولكن نجد أن القرآن لم يتحدث عن هذه الأصول وتفرعاتها فحسب، بل تحدث عن أنبياء مثل صالح وشعيب وهود ويونس وإدريس وغيرهم ممن يمثلون نبوات ليست بهذا القدر من الأهمية على الظاهر. والله هو العالم بحقائق الأمور.

ظاهرة تأكيد إبراهيم وموسى

من الملاحظ أن القرآن الكريم أكد في قصصه على بعض الأنبياء وذكر تفاصيل حياتهم وظروفهم أكثر من بعضهم الآخر، ونجد ذلك في خصوص النبي إبراهيم وموسى عليهما السلام مع أنّه قد يقال بأن الخصائص العامة لحركة الأنبياء والدعوة الإلهية التي يراد منها بالأصل استنباط «العبرة» و«الموعظة» أو استخلاص القانون والسنة التاريخية، أو تحقيق الأغراض الأخرى متشابهة، ويؤكد ذلك ما نجده في القرآن الكريم في بعض الموارد من الإشارة إلى قصص مجموعة من الأنبياء في سياق

واحد.

فهل إن هذا «التأكيد» يعني أهمية شخصية هذا النبي وفضله بالمقارنة مع بقية الأنبياء فقط؟ أو يمكن أن يكون وراء ذلك ـ مضافاً إلى هذه الأهمية ـ مقاصد وأهداف أخرى اقتضت هذا اللون من التأكيد؟
والجواب عن هذا السؤال، أن بعض هؤلاء الأنبياء قد يكون أفضل من بعض آخر، ويظهر من القرآن الكريم أن هذا الأفضل هو نوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) باعتبارهم أنبياء أولي العزم. ولكن لا يعني ذلك ارتباط تأكيد القرآن على هؤلاء الأنبياء بأفضليتهم. لأن القرآن بالأصل ليس بصدد تقويم عمل هؤلاء الأنبياء والحديث عن التفاضل بينهم، وإنّما الأهداف الأصلية للقصة التي أشرنا إليها وذكرها القرآن هي العبرة والموعظة وتصديق النبوات والتثبيت وإقامة الحجة والبرهان على صدق نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) ومضمون رسالته، كما تشير إليه الآيات القرآنية.
?وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين?(1).
?لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون?(2).
?رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً?(3).
ولذلك يمكن أن نقول بأن السبب في تأكيد القرآن لشخصية هؤلاء الأنبياء في حديثه عنهم لأسباب أخرى يأتي في مقدمتها:أن لهؤلاء الأنبياء أتباعاً وأقوماً يرتبطون بهم ـ روحياً وعقائدياً ـ في المجتمع الذي كان يتفاعل القرآن معه عند نزوله من العرب والأقوام الأخرى المحيطة بهم، وهذا الأمر كان يفرض ـ من أجل إيجاد القاعدة الرسالية ـ أن يتحدث عنهم القرآن بإسهاب.
مضافاً إلى أسباب أخرى ذات علاقة بالهدف العام للقرآن الكريم الذي أشرنا إليه سابقاً.
بالنسبة للنبي إبراهيم (عليه السلام) يمكن أن نجد الأسباب التالية لتوسع القرآن في الحديث عنه:
1 ـ كان إبراهيم (عليه السلام) يعتبر لدى كل القاعدة التي نزل فيها القرآن الكريم(المشركين، واليهود، والنصارى) أبا لجميع الأنبياء ويحظى باحترام الجميع له.
2 ـ إن تأكيد القرآن ارتباط الإسلام وشعائره بإبراهيم له أهمية خاصة في إعطاء الرسالة الإسلاميّة جذراً تاريخياً ممتداً إلى ما هو أبعد من الديانتين اليهودية والنصرانية، ويحقق لها الاستقلال عنهما من ناحية، والوحدة مع هذه الديانات في المصدر التشريعي لها وهو الله تعالى من ناحية أخرى.
3 ـ إعطاء فكرة «التوحيد» التي طرحها القرآن على المشركين أصلاً وانتماءاً يرتبط به هؤلاء المشركون في تاريخهم بحيث يكون الشرك والوثنية انحرافاً عن هذا الأصل الصحيح، وبذلك يعالج القرآن الكريم الحاجز النفسي الذي كان يعيشه المشركون في موضوع العدول عن دين الآباء والأجداد.
قال تعالى:?وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير?(1).
4 ـ ويتجلى هذا الربط التاريخي بشكل أوضح عندما يصبح إبراهيم (عليه السلام) هو المبشر بالنبي العربي الأمي، حيث يكون هذا الرسول هو الأمل المنقذ، وتكون بعثة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) استجابة لدعاء إبراهيم (عليه السلام) وذلك في مثل قوله تعالى:
?وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة
ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم?.
5 ـ إعطاء الرسالة الإسلاميّة شيئاً من الاستقلال عن اليهودية والنصرانية يحرر القاعدة التي يتفاعل معها القرآن من الشعور بالتبعية روحياً ومعنوياً ودينياً لعلماء اليهود والنصارى، لأنها كانت تنظر إلى علماء اليهود والنصارى بأنهم أهل الذكر والكتاب والمعرفة بالأديان والرسالات السماوية، أو ترى أن الأصل في الديانات هو اليهودية والنصرانية كما سوف نشير إلى ذلك.
?ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين. إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين?(1).
?وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين?(2).
ومن هنا نفهم أهمية تأكيد القرآن قصة بناء إبراهيم للكعبة، وندائه بالحج، لأن هذه الشعائر الدينية ليس لها وجود في الديانة اليهودية والمسيحية من ناحية، وللموقع الخاص الذي كانت تحتله الكعبة بين العرب عامة من ناحية أخرى، وللقرار الذي كان القرآن قد اتخذه بجعل الكعبة قبلة للمسلمين، تأكيداً لاستقلالية الرسالة في كل معالمها من ناحية ثالثة. صرف الأنظار عن الأرض المقدسة وبيت المقدس ـ الذي يحظى بالقدسية الخاصة بسبب نشوء الديانات المختلفة فيه ـ ووجود إبراهيم وأنبياء بني إسرائيل كلهم في هذه الأرض، يحتاج إلى إعطاء هذه الأهمية للبيت والكعبة المشرفة وهذا الانتساب الأصيل إلى إبراهيم.
وأما النبي موسى (عليه السلام) فإننا يمكن أن نجد الأمور التالية أيضاً في تأكيد قصته:
1 ـ موقعه من الديانة اليهودية والشعب الإسرائيلي والانجاز السياسي والاجتماعي الذي حققه لهم، وكذلك ما تحقق من خلال التوراة من تشريع وحكمة وقانون.
2 ـ إن المعانات الطويلة التي مر بها موسى (عليه السلام) كانت تشبه معاناة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) سواء تجاه الطغاة الفراعنة أم المنافقين من الإسرائيليين، أم في توطيد دعائم الحكم الإلهي في الأرض.
3 ـ إن موقع موسى (عليه السلام) من الديانتين اليهودية والنصرانية كان موقعاً متميزاً، لأن النصرانية أيضا كانت ترى أن الأصل في الدين هو موسى (عليه السلام) وما جاء به من نور أو تشريعات وقوانين وأن النصرانية هي عملية تصحيح للانحرافات اليهودية وأيضا كانت تعترف بالتوراة القائمة(العهد القديم).
4 ـ إننا نجد ملامح الظروف الموضوعية القائمة التي كانت تحيط بالرسالة الإسلاميّة والقرآن الكريم في موطن نزوله، وبالمجتمع الذي يعمل على تغييره موجودة في كل هذه الأمور المرتبطة بهذين النبيين العظيمين. لأن القرآن كان يعايش ويتفاعل باستمرار مع أهل الكتاب وعلمائهم وأقوامهم، وكان بحاجة إلى هذا التفصيل، والحديث ـ أحياناً ـ حتّى عن الحياة الشخصية لموسى (عليه السلام) لما في ذلك من التأثير في أوساطهم.
5 ـ إن العرب المشركين كانوا ينظرون إلى علماء اليهود ـ الذين يتصلون بهم أحياناً ـ أنهم أهل الذكر والكتاب والوحي الإلهي والمعرفة بالرسالات الإلهية كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك.
قال تعالى:?وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون?(1).
وقال تعالى:?ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً?(2).
ولاشك أن القرآن يكون أكثر تأثيراً في هذه الأوساط أيضاً عندما يتحدث عن النبي موسى (عليه السلام) حديث العارف بكل الخصوصيات والأمور بحيث يفوق كتب العهدين بذلك.
6 ـ القرآن يسعى جادا لإعطاء فكرة أن هذه الرسالات إنّما تمثل امتداداً واحداً في
الوحي الإلهي، وانتساباً واحداً إلى السماء، في الوقت نفسه يؤكد على استقلالية الرسالة الإسلاميّة، بمعنى أنها ليست تابعة ومتشعبة عن التحرك الرسالي أو السياسي للرسالات الأخرى، كما أنها ليست عملاً إصلاحياً في إطار تلك الرسالات، بل هي من جانب مصدقة لها، لأنها تمثل امتداداً للرسالات الإلهية في التاريخ البشري، ولكنها من جانب آخر وفي الوقت نفسه مهيمنة عليها أو مستقلة عنها.
قال تعالى:?وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون?(1).
ويتضح ذلك بشكل أفضل بملاحظة سياق الآيات السابقة عليها، والتي يشير فيها القرآن الكريم إلى نزول التوراة والإنجيل والنسبة بينهما، والتي تختلف عن نسبة القرآن إليهما.
وحديث القرآن عن عيسى (عليه السلام) يأتي لإزالة ما علق في أذهان الجماعة التي نزل فيها القرآن من أفكار وتصورات منحرفة عن الأنبياء تنافي مع عصمتهم أو علاقتهم بالله أو طبيعة شخصيتهم، من هنا تحدث القرآن الكريم عن شخصيته وظروفها أكثر مما تحدث عن أعماله ونشاطاته. وهذا يمثل غرضاً وهدفاً آخر بالإضافة إلى الأغراض السابقة التي أشرنا إليها في الفصل السابق.
قال تعالى:?إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون. الحق من ربك فلا تكن من الممترين. فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين. إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلاّ الله وإن الله لهو العزيز الحكيم?(2).
وكذلك ما جاء من الحديث في القرآن عن حياة مريم وولادة عيسى في سورة آل عمران، أو في سورة مريم، أو الاهتمام بمناقشة فكرة ألوهية عيسى التي جاءت في
عدة موارد، منها ما جاء في سورة المائدة:
¬?وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ قال: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب..?(1).

ظاهر أسلوب القصة

لاشك أن أسلوب القصة في القرآن الكريم جاء متميزاً عن الأسلوب المعروف للقصة في التراث الأدبي والإنساني، حيث يكتفي القرآن الكريم بذكر الأحداث بشكل إجمالي أحياناً وبدون ترتيبها الزماني أحياناً أخرى، أو الانتقال فيها من حدث إلى آخر باقتطاع جانب من الأحداث ثالثة. مضافاً إلى الاستطراد في التعرض إلى المفاهيم والحقائق والموضوعات العقائدية أو الأخلاقية أو الكونية أو الشرعية. وغير ذلك من الامتيازات والخصوصيات التي قد تثير ملاحظة كبيرة حول أسلوب القصة في القرآن الكريم، تخرج القصة فيه عن كونها عملاً فنياً مستقلاً له أهدافه الخاصة. وتفقد بذلك القصة في القرآن الكريم هويتها الخاصة.

والحديث حول هذا الموضوع له جانبان:

أحدهما: الجانب الفني لأسلوب القصة الذي يمكن من خلاله أن يتبين أن القصة القرآنية تشتمل على جميع العناصر الأساسية في هذا العمل الأدبي الفني.
ثانيهما: تفسير وجود هذا الخلاف وهذه الظاهرة في أسلوب القصة في القرآن الكريم.
أما الحديث في الجانب الأول فهو حديث واسع ذو طبيعة أدبية وفنية، وقد تناولته بعض الدراسات القرآنية الأدبية الخاصة أو أشارت إليه بعض الدراسات القرآنية العامة قديماً وحديثاً(2) وهو خارج عن حدود هذا البحث القرآني وأهدافه المحدودة.
وأما الحديث عن الجانب الثاني فإن الملاحظة الرئيسية التي يمكن أن نذكرها ونؤكدها هنا هي أن أسلوب القصة في القرآن الكريم جاء منسجماً ـ بطبيعة الحال ـ مع الأسلوب العام للقرآن الكريم والذي يمكن التعرف على ميزاته من خلال الدراسات التي تناولت الجانب الفني والأدبي في أسلوب القرآن الكريم. ومنها الدراسات التي تناولت هذا الجانب في إعجاز القرآن وهي أكثر الدراسات القديمة في الإعجاز. ويأتي في مقدمة هذه الميزات والخصائص:
1 ـ أسلوب مزج الموضوعات والمفاهيم المتعددة بعضها مع بعضها الآخر في مقطع واحد وذلك من أجل الخروج بصورة متكاملة لهذه المضامين مرة واحدة لما ذكرنا من أن القرآن ليس كتاباً علمياً، بل هو كتاب تغيير وهداية ورحمة فهو يمزج الحقائق الكونية بالمعارف العقائدية وبالأحكام الشرعية السلوكية وبالموعظة والإرشاد والتبشير والتحذير، والعواطف والمشاعر والأحاسيس بالعقل والإدراك من أجل أن يزكي ويعلم ليعمل الإنسان ويلتزم طريق الحق ?الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور?.
2 ـ تكرار الموضوعات والمفاهيم بصيغ متعددة وفي سياقات مختلفة لتأكيدها أو لتحقيق مزيد من الأغراض والأهداف المتعددة، كما لاحظنا ذلك في بحث أغراض القصة وفي تفسير ظاهرة تكرار القصة.
وسوف نتبين مزيداً من ذلك عند دراسة قصة موسى (عليه السلام) بحسب مواضعها في القرآن الكريم في الفصل الآتي:
3 ـ اختلاف أسلوب القرآن في عرض الموضوعات بحسب الإيجاز والقصر والإطناب والتفصيل وكذلك بحسب الإيقاع الصوتي والتركيب اللفظي للآيات الكريمة. وذلك مراعاة للمراحل التي مرت بها الرسالة الإسلاميّة أو في محاولة للتأثير النفسي والروحي في المخاطبين، مما جعل أسلوب القرآن الكريم أسلوباً يختلف فيه عن كل من النثر والشعر العربي.
4 ـ إن أسلوب القرآن الكريم تأثر بالهدف العام لنزول القرآن الكريم، فإن هذا
الهدف كما كان له تأثير على المضمون القرآني كما أشرنا إليه سابقاً كان له تأثير على أسلوب القرآن الكريم أيضاً. وجاء الأسلوب أداة موظفة لتحقيق هذا الهدف العام.
5 ـ نلاحظ دائماً بأن ذكر القصة في القرآن الكريم يأتي دائماً مرتبطاً بسياقها والآيات السابقة أو اللاحقة لها أو كليهما، وهذا يعني أن القصة ترتبط بشكل مباشر وتفصيلي بالقرآن الكريم أسلوباً ومضموناً. فالارتباط هنا والتفاعل ليس على المستوى العام للهدف فحسب، بل هو ارتباط على مستوى التفاصيل في تطبيقات هذا الهدف أيضاً.

پاورقيها:

1 ـ آل عمران:67 ـ 68.
1 ـ الإتقان في علوم القرآن 3 / 230 ـ 231 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
1 ـ التبيان، مقدمة المؤلف 1 / 14.
1 ـ الحج:78.
1 ـ الفرقان / 32 ـ 35.
1 ـ المائدة:116 ـ 119.
1 ـ المائدة:48.
1 ـ النحل:43.
1 ـ النساء:163 ـ 164.
1 ـ فاطر:24.
1 ـ لزيادة الإيضاح أنظر:سيد قطب، التصوير الفني في القرآن / 128 ـ 134.
1 ـ هود:120.
2 ـ آل عمران:59 ـ 62.
2 ـ البقرة:135.
2 ـ النساء:165.
2 ـ النساء:51.
2 ـ انظر كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب، وكتاب الإسلام والفن، للدكتور محمود البستاني.
2 ـ يوسف:111.
3 ـ النحل:36.
3 ـ النساء:165.
4 ـ التوبة:115.
5 ـ يونس:47.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:49 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

القصص القرآني القسم الأول

القصص القرآني القسم الأول

السيد محمد باقر الحكيم

على الساحة القرآنية الرحبة تلتقي كل الأفكار والآراء والمشاعر الخالصة لربها والمخلصة لدينها ورسالتها.. وما أجدر برسالة التقريب وهي تركز على مساحات الالتقاء أن تقف طويلا عند مائدة القرآن الكريم لتقدم الزاد الذي لا يختلف فيه جميع أبناء المذاهب الإسلامية.
الاهتمام بالدراسات القرآنية يجمع العقول والقلوب ويشدها نحو هدف واحد سام رفيع يسمو على الصغائر والاختلافات الجانبية.. خاصة إذا كانت هذه الدراسات تنطلق من فهم معمق منفتح لأهداف رسالة القرآن في مجالاتها البناءة المعطاءة. وهذا البحث الذي نقدم حلقته الأولى في هذا العدد نموذج لهذه الدراسات الهامة.

تمهيد

سوف نتناول ـ إن شاء الله ـ في بحث «القصص القرآني» عدة موضوعات نحاول من خلالها أن نكوّن صورة عامة عن هذا الموضوع القرآني العام، وفي نفس الوقت نتعرف على المنهج العام لدراسة القصة في القرآن الكريم وفهمها والاستفادة منها.
وعلى هذا الأساس فقد قسمنا البحث إلى أربعة فصول:

الفصل الأول: الفرق بين القصص القرآني وغيره:

وفي هذا الفصل نتناول جانبين:
الجانب الأول: القصة القرآنية وعلاقتها بالهدف العام من نزول القرآن.
الجانب الثاني: الخصائص الأساسية التي تتصف بها القصة بها القصة في القرآن، وهي ميزات أربع بحسب المضمون وميزة خامسة ترتبط بالأسلوب.
وأما الفصل الثاني، فهو يتناول البحث عن الأغراض المهمة للقصة في القرآن الكريم، وهذه الأغراض يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
القسم الأول: وهي الأغراض ذات «البعد الرسالي»، والتي لها علاقة بقضية الرسالات الإلهية والوحي الإلهي مثل:
أ ـ إثبات الوحي والرسالة.
ب ـ وحدة الدين والعقيدة الإلهية لجميع الأنبياء.
جـ ـ وحدة الوسائل والمناهج التي اتبعها الأنبياء، ووحدة أساليب مجابهة أقوامهم لهم.
د ـ صدق التبشير والتحذير والإنذار الإلهي الذي جاء على لسان الأنبياء.
هـ ـ بيان نعمة الله على أنبيائه ورحمته بهم.
و ـ غواية الشيطان للإنسان وعداوته الأبدية له.
ز ـ الهدف والغاية من إرسال الرسل والأنبياء.
القسم الثاني: الأغراض ذات «العبد التربوي» والتي لها علاقة بالجانب النفسي والروحي للإنسان وتزكيته وتربيته.. مثل:
أ ـ تربية الإنسان وترويضه على الإيمان بالغيب.
ب ـ تربيته على الإيمان بشمول القدرة الإلهية لكل الأشياء.
ج ـ تربية الإنسان على فعل الخير وتجنب الشر.
د ـ تربيته على الاستسلام للمشيئة الإلهية والخضوع للحكمة الإلهية والقضاء والقدر.
القسم الثالث: الأغراض ذات«البعد الاجتماعي» والتي لها علاقة بحركة المجتمع والتاريخ والعوامل المؤثرة فيه وبيان انطباق السنن التاريخية على حركة الإنسان، مثل:
أ ـ سنة ارتباط التغييرات الاجتماعية والكونية بالتغيير النفسي للإنسان.
ب ـ سنة انتصار الحق على الباطل ونصرة الله لأنبيائه، وأن نهاية المعركة تكون لصالحهم.
ج ـ سنة عموم الابتلاء والامتحان والفتنة.
د ـ سنة أن التغيير الاجتماعي لا يتحقق إلا بعد البأساء والضراء والمعاناة.
الفصل الثالث: في دراسة مجموعة من الظواهر التي اتصفت بها القصة في القرآن الكريم، مثل:
أ ـ ظاهرة التكرار.
ب ـ ظاهرة اختصاص القصص المذكورة في القرآن بأنبياء منطقة الشرق الأوسط.
ج ـ ظاهرة تأكيد القرآن لقصص بعض الأنبياء دون غيرهم كإبراهيم وموسى.
د ـ ظاهرة أسلوب القصة في القرآن الكريم.

الفصل الرابع: دراسة تطبيقية للقصة:

في هذه الدراسة نأخذ قصة موسى (عليه السلام) كنموذج للتطبيق باعتبارها أوسع قصة وردت في القرآن الكريم في مضمونها وعدد المرات التي تناول فيها القرآن الكريم هذه القصة، ويمكن أن نطبق هذه الدراسة على بقية قصص القرآن الكريم بعد دراسة هذا النموذج.
وتنقسم هذه الدراسة النموذجية إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: دراسة القصة بحسب مواضعها في القرآن الكريم، حيث نتناول تسعة عشر موضعاً لقصة موسى في القرآن الكريم، تختلف بحسب الطول والقصر.

وندرس هذه المواضع بلحاظ الأبعاد التالية:

أ ـ التنبيه إلى أسرار التكرار في القصة في كل موضع تكررت فيه.
ب ـ التنبيه إلى الغرض الذي سيقت له القصة في كل موضع.
ج ـ التنبيه إلى أسرار تغاير الأسلوب في العرض والمضمون.
د ـ بيان العلاقة بين ذكر القصة والسياق القرآني لها.
القسم الثاني: هو عرض الأحداث والمعلومات التي جاءت بها القصة في هذه المواضع المتعددة بحسب تسلسلها التاريخي المستفاد من القرآن الكريم، بحيث تتكون لدينا صورة عن التسلسل التاريخي للقصة.
القسم الثالث: دراسة تحليلية عامة مختصرة للقصة، ونأخذ في هذا التحليل جانبين:
أ ـ جانب تقسيم القصة إلى مراحل تاريخية وبيان الميزات والخصائص التي اتصفت بها كل مرحلة من هذه المراحل.
ب ـ جانب الموضوعات الفكرية أو المفاهيم التي تحدثت عنها القصة في استعراضها العام.
ـ 1 ـ

الفرق بين القصص القرآني وغيره
1 ـ القصة القرآنية والهدف العام من نزول القرآن

يمتاز القصص القرآني عن غيره من القصص في نقطة مركزية هي قضية الهدف والغرض الذي جاء من أجله القصص في القرآن، وتنعكس هذه النقطة ـ كما سوف نتبين ـ على خصائص وميزات أخرى.
فالقرآن لم يتناولها باعتبار أنها عمل «فني» مستقل في موضوعه وطريقة التعبير فيه، بحيث يكون هذا العمل الفني هو الهدف من القصة، وإن اهتم بالجانب الفني فيها.
كما أنه لم يأت بالقصة من أجل الحديث عن أخبار الماضين وتسجيل حياتهم
وشؤونهم، أو من أجل التسلية والمتعة كما يفعل المؤرخون أو القصاصون. وإنما كان الغرض من القصة في القرآن الكريم هو المساهمة في جملة الأساليب العديدة الأخرى التي استخدمها القرآن الكريم لتحقيق أهدافه وأغراضه الدينية التي جاء القرآن الكريم من أجلها، وكانت القصة القرآنية من أهم هذه الأساليب.
فالقرآن الكريم كما ذكرنا في بحثنا عن «الهدف من نزول القرآن» يمثل رسالة دينية تهدف ـ قبل كل شيء ـ إلى إيجاد عملية التغيير بأبعادها المختلفة والتي لخصناها بالأمور التالية:
1 ـ إيجاد التغيير الاجتماعي الجذري.
2 ـ بيان المنهج الصحيح للحياة الإنسانية، الذي يتم على أساسه هذا التغيير، والذي يعبّر عنه القرآن الكريم بالصراط المستقيم.
3 ـ خلق القاعدة الثورية القادرة على تحمل المسؤولية(1).
وقد كان لهذا الهدف آثار ونتائج متعددة انسحبت على أساليب ومناهج القرآن، يمكن أن نلاحظها في القضايا والظواهر القرآنية التالية:
1 ـ طريقة نزول القرآن التدريجي.
2 ـ طريقة عرض الأفكار والأحكام والقضايا والمفاهيم المختلفة.
3 ـ ربط نزول القرآن بالأحداث والوقائع والأسئلة المسماة بـ«أسباب النزول».
4 ـ ظاهرة نزول القرآن باللغة العربية دون غيرها من اللغات.
5 ـ ظاهرة اختلاف أسلوب القرآن في عرض الموضوعات في الإطناب والتفصيل أو القصر والإيجاز.
6 ـ ظاهرة أسلوب القرآن في المزج بين الصور والمشاهد المتعددة وكذلك الموضوعات المختلفة في مقطع واحد.
7 ـ ظاهرة الاختلاف في الأسلوب والمضمون بين القسم المكي من القرآن والقسم المدني منه.
8 ـ وجود ظاهرة النسخ وظاهرة المحكم والمتشابه وظاهرة التخصيص والتقييد.
9 ـ ظاهرة تناول بعض التفاصيل في الأحكام الشرعية.
10 ـ ظاهرة طرح بعض القضايا ذات الطابع الشخصي في حياة النبي (صلى الله عليه وآله).
وقد نتج عن ذلك نشوء كثير من الدراسات القرآنية ؛ مثل دراسة الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والمكي والمدني، أسباب النزول، أو غير ذلك من الدراسات الفنية ذات العلاقة بأسلوب القرآن.
وقد تأثرت القصة في القرآن الكريم ـ أيضاً ـ بهذا الهدف العام من نزول القرآن، كما سوف نتبين، ولذا فلابد لنا حين نريد أن ندرس القصة القرآنية ونتعرف على مزاياها وخصائصها الرئيسة أن نضع أمامنا هذا الهدف القرآني العام، لنتعرف من خلاله على الأسلوب الذي اتبعه القرآن، والمضمون الذي تناوله في عرضه للقصة القرآنية مساهمة منه في تحقيق هذا الهدف.

2 ـ الخصائص الأساسية للقصة في القرآن

وانطلاقاً من هذه الفكرة وهذا الأساس، يمكن أن نحدد الفرق بين القصص القرآني وغيره من القصص ببعض النقاط التي تشكل الميزات والخصائص والصفات الرئيسة للقصص القرآني، ويمكن أن نجد هذه الخصائص قد أشير إليها في القرآن الكريم في قوله تعالى: ]لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[(1).
حيث يمكن أن نفهم من هذه الآية اتصاف القصص القرآني بالصفات التالية:
الواقعية، والصدق، والحكمة، والأخلاقية، كما سوف نشير إلى ذلك إن شاء الله.
أ ـ الواقعية، بمعنى ذكر الأحداث والقضايا والصور في القصص القرآني التي
لها علاقة بواقع الحياة الإنسانية ومتطلباتها المعاشة في مسيرة التاريخ الإنساني في مقابل أن تكون القصة إثارة وتعبيراً عن الصور أو الخيالات أو الأماني أو الرغبات التي يطمح إليها الإنسان أو يتمناها في حياته. ذلك لأن القرآن الكريم يريد من ذكر القصة وأحداثها إعادة قراءة التاريخ الإنساني والقضايا الواقعية السالفة الذي عاشته الأمم والرسالات الإلهية السابقة، ومتابعة هذه القراءة في الحاضر المعاش للإنسان للاستفادة منها والاعتبار بها في حياته وحركته ومواقفه وتطلعاته نحو المستقبل والكمالات الإلهية.
فإذا انفصلت القصة عن هذا الواقع فلا يمكن للإنسان أن يستفيد منها للحاضر والمستقبل لأنها تصبح مجرد صور وفرضيات قد تنسجم مع واقعه الفعلي وقد لا تنسجم، ولذا فقد لا يشعر بها ولا يصدق بها نفسياً وروحياً.
والإنسان ـ في مسيرته التكاملية ـ بحاجة أن ينطلق من «الواقع» نحو الطموحات والكمالات، وبدون ذلك فسوف ينفصل هذا الإنسان عن واقعه فيضيع في متاهات الآمال والتمنيات، وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الحالة في الإنسان عندما تحدث عن اليهود من أهل الكتاب بقوله تعالى ]ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانّي وإن هم إلا يظنون[(1).
وعندئذ لا يصل الإنسان إلى أهدافه في النهاية، لأن من لا ينطلق من البداية فلا يبلغ النهاية.
ومن هنا نجد القرآن الكريم يحاول أن يعالج من خلال القصة الواقع الذي كان يعيشه المسلمون في زمن النبي فيذكر ما يتطابق من الأحداث مع هذا الواقع من ناحية كما يعالج الواقع الذي تعيشه الأجيال والعصور الإنسانية المستقبلية.
وهذا هو الذي يفسر لنا ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من قولهم «إن القرآن يجري مجرى الشمس والقمر» و«انه حي لا يموت»، فإن انطباق هذا الكلام على القصص والأحداث ذات العلاقة بالأنبياء وأقوالهم أو بالتاريخ الماضي إنما هو
بلحاظ هذا البعد والصفة في القصة القرآنية.
ولعل قوله تعالى في الآية السابقة من سورة يوسف ]لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب...[ إشارة إلى هذه الصفة في القصص القرآني.
ب ـ الصدق في ذكر الأحداث والوقائع التاريخية التي تعرض لها الأنبياء وأقوامهم في حياتهم، وذلك في مقابل «الأكاذيب» الباطلة و«الانحرافات» في الفهم والسلوك أو «الخرافات» التي اقترنت بقصص الأنبياء في كتب العهدين المعروفين بسبب ما تعرضا له من ضياع وتحريف للحقائق عن قصد أو بدون قصد أو اشتباه أو جهل.
فما ورد في القرآن من أخبار وحوادث هي أمور وحقائق ثابتة ليس فيها كذب أو خطأ أو اشتباه، كما حصل في كتب العهدين لأن القرآن وحي الهي، والله لا يعزب عن علمه ذرة في السماء والأرض، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والحاضر والماضي والمستقبل عنده سواء. ويؤكد هذه الحقيقة ما ورد في الآية السابقة من قوله تعالى ]ما كان حديثاًُ يفترى[.
والفرق بين هذه الصفة والصفة الأولى لابد أن يكون واضحاً، حيث يراد من الصفة الأولى «الواقعية» وهو ما يكون جارياً في حياة الناس المعاشة. والواقعي المناسب لحياة الناس قد يكون صدقاً جرى في حياة الناس، وقد يكون كذباً لم يحدث ولم يحصل في حياتهم. وأما هذه الصفة فيراد منها «الصدق» الذي قد حدث وحصل في الخارج.
وتفتح هاتان الصفتان والميزتان أمامنا باب البحث والمقارنة بين القصص القرآني وقصص العهدين سواء فيما يتعلق بالحوادث والحقائق أو فيما يتعلق بالصور والمفاهيم والسلوك ومدى انطباقها على واقع الحياة الإنسانية.
كما تفتح الصفة الثانية باب البحث عن موضوع المقارنة التاريخية بين ما ذكره القرآن الكريم من أحداث وما دلت عليه الأبحاث «الآثارية» من معلومات تاريخية.
بعض الباحثين في هذا المجال يحاول أن يتبنى في الأحداث والوقائع التي
يذكرها القرآن الكريم رأياً آخر، حيث يحتمل: أن القرآن الكريم لم يلتزم ويهتم بالتأكد من صدق الحوادث التاريخية التي يستعرضها ويتحدث عنها، بل اكتفى بذكر ما هو معروف من هذه الحوادث بين الناس والجماعات وفي الأوساط العامة التي نزل القرآن فيها، لأن هدفه من ذكر هذه الحوادث ليس هو التاريخ لها بل هدفه استخلاص العبرة منها فقط، وهو أمر يحصل حتى لو لم تكن هذه الحوادث صادقة أو دقيقة(1).
وقد ناقش العلامة الطباطبائي هذا الرأي بشيء من التفصيل فقال ما ملخصه: «إن القرآن الكريم ليس كتابة تاريخ ولا صحيفة من الصحف القصصية التخيلية، وإنما هو كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ كما نص على ذلك ـ وإنه لا يقول إلا الحق، وليس بعد الحق إلا الضلال.
وليس هذا لأن مقتضى الإيمان بالله ورسوله أن ينفي عن القرآن اشتماله على الباطل والكذب، بل لأن القرآن كتاب يدعي لنفسه أنه كلام إلهي موضوع لهداية الناس إلى حقيقة سعادتهم وإلى الحق، ومن الواجب على من يفسر كتاباً هذا شأنه أن يفترضه صادقاً في حديثه مقتصراً على ما هو الحق الصريح في خبره»(2).
ج ـ التربية على الأخلاق الإنسانية العالية في مقابل التركيز على الأحاسيس والانفعالات في شخصية الإنسان والتربية على الاهتمام بالغرائز.
وإنّما اتصفت القصة في القرآن بـ«الأخلاقية» لأن المسيرة والحركة التكاملية للإنسان ـ سواء على مستوى الفرد والجماعة ـ إنما تقوم على أساس الأخلاق بعد العقيدة بالله تعالى والرسالات واليوم الآخر، بل إن الاتصاف بالأخلاق العالية هو الذي يمثل عنصر التكامل الحقيقي في حركة الإنسان الفردية والجماعية، ولذا كانت قاعدة المجتمع الإنساني في نظر الإسلام قاعدة أخلاقية، والسلوك الراقي للإنسان
هو السلوك الأخلاقي. وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
لذا جاءت القصة في القرآن الكريم ذات طابع أخلاقي، وللتربية على الإيمان بالله والأخلاق مثل الإيمان بالغيب، أو على التسليم والخضوع لله تعالى وللحكمة الإلهية، أو على الأخلاق الإنسانية العالية كالصبر والإخلاص والحب لله تعالى والتضحية في سبيله والشجاعة والاستقامة في العمل والقدوة الحسنة.
ولعل هذا هو معنى «الهدى والرحمة» في الآية السابقة من سورة يوسف (عليه السلام).
د ـ الحكمة، وكشف الحقائق الكونية والسنن التاريخية والقوانين والأسباب التي تتحكم أو تؤثر في مسيرة الإنسان وعلاقاته الاجتماعية، والحياة الكونية المحيطة به. حيث أن هذه الحقائق الكونية لها علاقة بمسيرة الإنسان التكاملية مادام الله تعالى أراد لهذا الإنسان أن يكون مختاراً في حياته ومستخدماً للعلم والحكمة في مسيرته.
ولذا كان من أهداف «النبوة» هو تعليم الكتاب والحكمة حتى ينتفع بها الإنسان في مسيرته، وسوف نشير إلى بعض هذه السنن والقوانين والحقائق في بحث أغراض القصة.
ولكن هنا لابد أن نشير إلى أن القرآن الكريم ـ باعتبار هذه الخصوصية ـ يقتصر في ذكر الحوادث التاريخية على ما يكون له علاقة بهذه الصفة وهذا الهدف.
ولعله لهذه الصفة أشارت الآية السابقة من سورة يوسف بقوله تعالى ]وتفصيل كل شيء[ إلى قاعدة «ينفتح من كل باب ألف باب» وعلى وزن قوله تعالى ]ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين[(1) ما ورد في روايات أهل البيت (عليهم السلام) إنه جاء في القرآن كل شيء.
وهذا بخلاف ما لو كانت القصة في القرآن الكريم لمجرد التسلية أو لتدوين
الحوادث والوقائع التاريخية، كما هو شأن كتب التاريخ، فإن ذلك قد يتطلب التوسع بذكر الحوادث والتفاصيل خصوصاً المثيرة والمسلية.
وقد حاول الشيخ محمد عبده أن يضيف سبباً آخر يفسر فيه عدم تعرض القرآن الكريم لذكر التفاصيل في القصص القرآني؛ وهو أن تسجيل الحوادث التاريخية بتفاصيلها يؤدي في النهاية إلى الوقوع في الأخطاء الكثيرة، وهذا ما تجنبه القرآن، ولذا اقتصر على ذكر الكليات والعموميات(1). ولكن هذه المحاولة غير صحيحة لسببين:
الأول: إن القرآن الكريم هو وحي إلهي ولا يمكن أن نتصور فيه الخطأ والاشتباه سواء تناول الجزئيات أو الكليات.
الثاني: إن القرآن الكريم تناول ـ أحياناً ـ بعض التفاصيل الصغيرة في قصص الأنبياء لأغراض معينة مثل تأكيد عدم صلب المسيح وكيفية ولادته أو تفاصيل الحياة الشخصية لموسى (عليه السلام) في ولادته وتربيته وخروجه من مصر وهجرته ورجوعه.
يقول العلامة الطباطبائي قدس سره في تأكيد هذا الجانب من النظرية والفهم:
«والقرآن الكريم كتاب دعوة وهداية لا يتخطى عن صراطه ولو خطوة، وليس كتاب تاريخ ولا قصة، وليست مهمته مهمة الدراسة التاريخية، ولا مسلكه مسلك الفن القصصي، وليس فيه هوى ذكر الأنساب، ولا مقدرات الزمان والمكان، ولا مشخصات أُخر لا غنى للدرس التاريخي والقصة التخييلية عن إحصائها وتمثيلها»(2).
هذا كله في ميزات القصة من حيث مضمونها.
وأما الحديث عن الأسلوب فسوف نتناوله في دراسة ظواهر عامة في القصة القرآنية.
ـ 2 ـ

أغراض القصة في القرآن الكريم (1)

لقد جاءت القصة في القرآن الكريم لتساهم في عملية التغيير الإنساني بجوانبها المتعددة، فما هي الأغراض ذات الأثر الرسالي التي استهدفتها القصة القرآنية؟
وبهذا الصدد نجد القصة القرآنية تكاد تستوعب في مضمونها وهدفها جميع الأغراض الرئيسية التي جاء من أجلها القرآن الكريم، ونظراً لكثرة هذه الأغراض وتشعبها نجد من المستحسن أن نقتصر في عرضنا لأغراض القصة في القرآن على الأغراض القرآنية المهمة لنتعرف من ذلك على أهمية ذكر القصة في القرآن الكريم والفوائد التي تترتب عليها، وتنقسم هذه الأغراض إلى أقسام ثلاثة:

الأول: الأغراض الرسالية

أ ـ إثبات الوحي والرسالة ـ وأن ما جاء به القرآن الكريم لم يكن من عند محمد (صلى الله عليه وآله) وإنما هو وحي أوحاه الله تعالى إليه وأنزله هداية للبشرية.
وقد أشرنا إلى هذا الهدف القرآني من القصة عند بحثنا لأعجاز القرآن الكريم حيث عرفنا: أن حديث النبي (صلى الله عليه وآله) عن أخبار الأمم السالفة وأنبيائهم ورسلهم بهذه الدقة والتفصيل والثقة والطمأنينة، مع ملاحظة ظروفه الثقافية والاجتماعية، كل ذلك يكشف عن حقيقة ثابتة وهي تلقيه هذه الأنباء والأخبار من مصدر غيبي، مطلع على الأسرار وما خفي من بواطن الأمور، وهذا المصدر هو الله سبحانه وتعالى.
وقد نص القرآن الكريم على أن من أهداف القصة هو هذا الغرض السامي وذلك في مقدمة بعض القصص القرآنية أو ذيلها.
فقد جاء في سورة يوسف ]نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين[(1).
كما أشار إلى ذلك في نهاية القصة من نفس السورة ]ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون[(2).
وجاء في سورة القصص بعد عرضه لقصة موسى ] وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين. ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلوا عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين. وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون[(3).
وجاء في سورة آل عمران في مبدأ قصة مريم ]ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصون[(4).
وجاء في سورة «ص» قبل عرضه لقصة آدم ]قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون إن يوحى إليّ إلاّ إنما أنا نذير مبين[(5).
وجاء في سورة هود بعد قصة نوح ]تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فأصبر إن العاقبة للمتقين [(6).
فكل هذه الآيات الكريمة وغيرها تشير إلى أن القصة إنما جاءت في القرآن تأكيداً لفكرة الوحي التي هي الفكرة الأساس في الشريعة الإسلامية.
ب ـ وحدة الدين والعقيدة لجميع الأنبياء وأن الدين كله من الله سبحانه، وأن الأساس للدين الذي جاء به الأنبياء المتعددون هو أساس واحد لا يختلف بين نبي وآخر، فالدين واحد ومصدر الدين واحد أيضاً، وجميع الأنبياء أمة واحدة تعبد هذا
الإله الواحد وتدعو إليه.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في عدة مواضع.
]ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين[(1).
وقوله تعالى ]ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين[(2).
وقوله تعالى ]إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيّون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار...[ (3).
وقوله تعالى ]وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة[(4).
وهذا الغرض يهدف فيما يهدف إلى:
1 ـ إبراز الصلة الوثيقة بين الإسلام الحنيف وسائر الأديان الإلهية الأخرى التي دعا إليها الرسل والأنبياء الآخرون وأن الإسلام يمثل امتداداً لها ولكنه يحتل منها مركز الخاتمة التي يجب على الإنسانية أن تنتهي إليها، وبذلك يسد الطريق على الزيغ الذي يدعو إلى التمسك بالأديان السابقة، على أساس أنها حقيقة موحاة من قبل الله تعالى حيث أن الإسلام يصدقها بذلك، ولكنه جاء في نفس الوقت مهيمناً عليها ]وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه...[(5).
2 ـ مضافاً إلى ذلك تظهر الدعوة على أنها ليست بدعاً في تاريخ الرسالات وإنما هي وطيدة الصلة بها في أهدافها وأفكارها ومفاهيمها ]قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم[(6)، بل إنها تمثل امتداداً لهذه الرسالات الإلهية، وتلك الرسالات تمثل الجذر التاريخي للرسالة الإسلامية، فهي رسالة «أخلاقية» وتغييرية
لها هذا الامتداد في التاريخ الإنساني ولها هذا القدر من الأنصار والمضحيّن والمؤمنين.
وعلى أساس هذا الغرض تكرر ورود عدد من قصص الأنبياء في سورة واحدة، ومعروضة بطريقة خاصة لتؤكد هذا الارتباط الوثيق بينهم في الوحي والدعوة التي تأتي عن طريق هذا الوحي، ولنضرب لذلك مثلاً ما جاء في سورة الأنبياء:
]ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرى للمتقين. الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون، وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون[.]ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ قالوا: وجدنا آباءنا لها عابدين...[ إلى قوله: ]وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين، ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين، ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاً جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين[.
]ولوطاً آتيناه حكماً وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين، وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين[.
]ونوحاً إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين[.
]وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث. إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين. وعلّمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من باسكم فهل أنتم شاكرون[.
]ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين. ومن الشياطين من يغوصون له. ويعملون عملاً دون ذلك. وكنا لهم حافظين[.
]وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين[.
]وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين. وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين[
]وذا النون إذ ذهب مغضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين[.
]وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه. إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين[.
]والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين[.
]إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون[(1).
ويبدو أن القرآن الكريم يريد أن يشير إلى الغرض من هذا الاستعراض لقصص الأنبياء بالآية الخاتمة المعبرة عن هذه الوحدة العميقة الجذور في القدم للأمة المؤمنة بالاله الواحد.. وتأتي بقية الأغراض الأخرى في ثنايا هذا الاستعراض أيضاً، ولا يبعد أن يكون من أهم هذه الأغراض في هذا الاستعراض هو بيان الاشتراك بين الأنبياء في النعم الإلهية، كما هو واضح من السياق والمضمون.
ومثال آخر يوضح وحدة العقيدة الأساسية التي استهدفها الأنبياء في تاريخهم الطويل وفي نضالهم المتواصل.. هذه العقيدة التي تدعو إلى الإيمان بالله سبحانه إلهاً واحداً لا شريك له في ملكه، وذلك ما جاء في سورة الأعراف:
]لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا لله مالكم من إله غيره..[.
]وإلى عاد أخاهم هودا قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره...[.
]وإلى مدين أخاهم شعبياً قال: يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره...[.
فإن الابتداء بقصة كل نبي بهذه الطريقة يؤكد وحدة العقيدة والدين لجميع هؤلاء الأنبياء.
فالإله واحد والعقيدة واحدة والأنبياء أمة واحدة والدين واحد وكله لواحد هو الله سبحانه، وإن كان هناك أغراض أخرى قد تترتب على هذا الاستعراض كما سوف نلاحظ.
ج ـ بيان أن وسائل الأنبياء وأساليبهم في الدعوة واحدة وطريقة مجابهة قومهم لهم واستقبالهم متشابهة، وأن العوامل والأسباب والظواهر التي تواجهها الدعوة واحدة، وقد أكد القرآن الكريم في عدة مواضع على هذه الحقيقة وأشار إلى اشتراك الأنبياء في قضايا كثيرة، من ذلك قوله تعالى ]وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله...[(1).
وقوله تعالى ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون[(2).
وكذلك قوله تعالى ]وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزءون [(3).
ويتحدث القرآن الكريم أحياناً عن الرسل حديثاً عاماً ليؤكد هذه الوحدة بينهم في الوسائل والأساليب.. كما جاء في سورة إبراهيم ]جاءتهم رسهلم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم[(4).
والسبب وراء تأكيد القرآن لهذه الحقيقة هو بيان صحة هذه المواقف الرسالية وأساليبها من ناحية ونتائجها وآثارها من ناحية أخرى والتثبيت عليها من ناحية ثالثة.
وتبعاً لهذه الأهداف ترد قصص كثيرة من الأنبياء مجتمعة مكررة فيها طريقة الدعوة على نحو ما جاء في سورة هود:
]ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إني لكم نذير مبين. أن لا تعبدوا إلا الله. إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين[.
إلى أن يقول: ]ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلا على الله[ وإلى أن يقولوا له:
?يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين[(1).
]وإلى عاد أخاهم هوداً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون. يا قوم لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون؟[ إلى قوله ]قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين. إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون[ (2).
]وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب. قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب[(3).
ومثل هذه المواقف نجدها في سورة الشعراء أيضاً.
د ـ تصديق التبشير والتحذير ـ فقد بشر الله سبحانه عباده بالرحمة والمغفرة لمن أطاعه منهم وحذرهم من العذاب الأليم لمن عصاه منهم. ومن أجل إبراز هذه البشارة والتحذير بصورة حقيقية متمثلة في الخارج، عرض القرآن الكريم لبعض الوقائع الخارجية التي تتمثل فيها البشارة والتحذير، فقد جاء في سورة الحجر التبشير والتحذير أولا ثم عرض النماذج الخارجية لذلك ثانياً:
]نبيء عبادي إني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم[.
وتصديقاً لهذه أو تلك، جاءت القصص على النحو التالي:
]ونبئهم عن ضيف إبراهيم، إذ دخلوا عليه فقالوا: سلاماً. قال: إنا منكم وجلون. قالوا: لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم[(4). وفي هذه القصة تبدو الرحمة والبشارة.
ثم ]فلما جاء آل لوط المرسلون. قال إنكم قوم منكرون. قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وآتيناك بالحق وإنا لصادقون فأَسرِ بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت
منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون. وقضينا إليه ذلك الأمر: أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين...[ (1)... إلخ، وفي هذه القصة تبدو «الرحمة» في جانب لوط ويبدو «العذاب الأليم» في جانب قومه المهلكين.
ثم ]ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون[(2)، وفي هذه القصة يبدو «العذاب الاليم» للمكذبين. وهكذا يصدق الأنباء ويبدو صدقه في هذه القصص الواقع بهذا الترتيب.
هـ ـ بيان نعمة الله على أنبيائه ورحمته بهم وتفضله عليهم وذلك توكيداً لارتباطهم وصلتهم معه، حيث أكد القرآن على هذا المفهوم في عدة مواضع، منها قوله تعالى ]ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا[(3).
وقد جاءت بعض قصص الأنبياء لتأكيد هذا المفهوم كبعض قصص سليمان وداود وإبراهيم ومريم وعيسى وزكريا ويونس وموسى.
ذلك أن الأنبياء يتعرضون ـ عادة ـ إلى مختلف ألوان الآلام والمحن والعذاب وقد يتوهم السذج والبسطاء من الناس أن ذلك إعراض من الله تعالى عنهم، فيأتي الحديث عن هذه النعم والألطاف الإلهية بهم تأكيداً لعلاقة الله سبحانه وتعالى بهم، ولذلك نشاهد أن بعض الحلقات من قصص هؤلاء الأنبياء تبرز فيها النعمة في مواقف شتى ويكون إبرازها هو الغرض الأول منها وما سواه يأتي في هذا الموضوع عرضاً.
ومن مصاديق ذلك ما أشرنا إليه سابقاً مما ورد في سورة الأنبياء.
ومثال آخر على ذلك ما ورد في القرآن الكريم من استعراض قصص الأنبياء وفي سورة مريم حيث يختم الاستعراض بقوله تعالى ]أولئك الذين أنعم الله عليهم
من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجداً وبكياً[(1).
و ـ بيان غواية الشيطان للإنسان وعداوته الأبدية له وتربصه به الدوائر والفرص وتنبه بني آدم لهذا الموقف المعين منه، ولا شك أن إبراز هذه المعاني والعلاقات بواسطة القصة يكون أوضح وأدعى للحذر والالتفات، لذا نجد قصة آدم تتكرر بأساليب مختلفة تاكيداً لهذا الغرض. بل يكاد أن يكون هذا الغرض هو الهدف الرئيسي لقصة آدم كلها.
ز ـ بيان الغايات والأهداف من إرسال الرسل والأنبياء وأن ذلك إنما هو من أجل إبلاغ رسالات الله وهداية الناس وإرشادهم وتزكيتهم وحل الاختلافات والحكم بالعدل بينهم ومحاربة الفساد في الأرض، وفوق ذلك كله هو إقامة الحجة على الناس، ولذا جاء استعراض قصص الأنبياء بشكل واسع لبيان هذه الحقائق.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الهدف من القصة في عدة مواضع.
]وكان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه...[ (2).
وقوله تعالى ]رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيما[(3).
وقوله تعالى ]وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون[(4).
فانها وردت في سياق قوله تعالى: ]ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون..[ (5).
وقوله تعالى ]وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن
تأتيهم سنّة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليد حضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا[(1).
وكذلك ما ورد في تعقيب قصص الأنبياء من سورة الشعراء من قوله تعالى ]إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم[.

الثاني: الأغراض التربوية، فقد استهدف القرآن بشكل رئيسي:

أ ـ تربية الإنسان على الإيمان بالغيب، حيث وصف المتقين الذين استهدف القرآن الكريم هدايتهم بقوله تعالى ]الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون[، وقد جاءت قصص الملائكة والجن والمعاجز الإلهية لتؤكد هذا الجانب في التربية الروحية.
ب ـ تربية الإنسان على الإيمان بالقدرة الإلهية المطلقة، كالقصص التي تذكر الخوارق مثل قصة آدم، ومولد عيسى، وقصة البقرة، وقصة إبراهيم مع الطير الذي آب إليه بعد أن جعل على كل جبل جزءاً منه، وقصة ]الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها[ وإحياء الله له بعد موته مائه عام.
فإننا نلاحظ أن القرآن الكريم أكد في مواضع عديدة شمول هذه القدرة للأشياء كلها ومنها القدرة على إعادة خلق الإنسان مرة أخرى في يوم النشور للحساب والثواب والعقاب.
ج ـ تربية الإنسان على الأخلاق الفاضلة وفعل الخير والأعمال الصالحة وتجنبه الشر والفساد وذلك ببيان العواقب المترتبة على هذه الأفعال، كقصة ابني آدم وقصة صاحب الجنتين، وقصص بني إسرائيل بعد عصيانهم، وقصة سد مأرب وقصة أصحاب الجنة، وكذلك التربية على الصبر والصمود كقصة أصحاب الأخدود.
د ـ التربية على الاستسلام للمشيئة الإلهية والخضوع للحكمة التي أرادها الله
سبحانه من وراء العلاقات الكونية والاجتماعية في الحياة الدنيا، والحكمة الإنسانية القريبة العاجلة، كما جاء في قصة الإيحاء إلى أم موسى أن تلقيه في اليم، وكذلك في قصة موسى التي جرت مع ]عبد من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما[ التي وردت في سورة الكهف.. إلى آخر ذلك من الأغراض الوعظية والتربوية الأخرى التي سوف نطلع على بعضها في دراستنا التفصيلية لقصة موسى (عليه السلام).

الثالث: الأغراض الاجتماعية والتاريخية

أي بيان السنن التاريخية في حركة الإنسان والمجتمع الإنساني.
فالمجتمع الإنساني يخضع في حركته وتطوره إلى قوانين وسنن، وقد تحدث القرآن الكريم عن بعض هذه القوانين والسنن وأكد على أهميتها، وجاءت القصة في القرآن الكريم من أجل تجسيد هذه السنن في الوقائع والأحداث.
ونشير هنا إلى بعض هذه السنن التي تحدث عنها القرآن الكريم مع ذكر القصص والحوادث ذات العلاقة بها.
الأولى: سنة ارتباط تغيير الأوضاع الاجتماعية والحياتية للناس بتغيير المحتوى النفسي والروحي لهم. وقد تحث القرآن الكريم عن هذه السنة في عدة مواضع. منها قوله تعالى في سورة الأنفال ]ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم[(1).
]كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكلٌ كانوا ظالمين[(2).
وقوله تعالى في سورة الرعد ]إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم[(3).
وقوله تعالى من سورة الأعراف ]ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون[(4).
وقوله تعالى في سياق القصص القرآني ]ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون[.
]قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين[(1).
ولعل من الأمثلة الواضحة على هذا الغرض للقصة ما جاء في سورة الأعراف حيث نلاحظ أن استعراض قصص «نوح» و«هود» و«صالح» و«لوط» و«شعيب» وما جرى لهم مع أقوامهم يختم بهذه القاعدة الكلية:
]وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضّرعون ثم بدّلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون. ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون[(2).
وكذلك ما ورد في قصة فرعون وموسى على ما أشار إليه القرآن الكريم في سورة الأنفال من قوله تعالى ]كدأب آل فرعون والذين من قبلهم..[ولكن يذكره بشكل أكثر وضوحاً في قصة موسى في سورة الأعراف التي نزلت قبل الأنفال، ويمكن أن نعرف ذلك من وجود:
1 ـ أن هذه القصة جاءت في سياق الآيات السابقة التي تحدثت عن هذه السنة.
2 ـ أن مضمون القصة يؤكد ذلك من خلال ما ورد فيها من الأمر بالصبر والاستعانة بالله ثم إصرار الفرعونيين على التكذيب والطغيان وكيف أن الله تعالى أخذ آل فرعون بالسنين، ثم وراثة الأرض لبني إسرائيل، وسوف يأتي مزيد من التوضيح لذلك عند دراسة قصة موسى (عليه السلام).
الثانية: سنة انتصار الحق على الباطل، حيث أكد القرآن الكريم على هذه الحقيقة في عدة مواضع، منها قوله تعالى ]قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهرقا[.
وبهذا الصدد نجد القرآن الكريم يؤكد ـ أيضاً ـ نصرة الله تعالى للأنبياء وأن
نهاية المعركة بينهم وبين أقوامهم تكون لصالحهم مهما لاقوا من العنت والجور والتكذيب، حيث دلّت بعض الآيات القرآنية على ذلك بشكل مباشر ]ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون[ وكذلك قوله تعالى ]إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد[ كل ذلك تثبيتاً لرسوله محمد (صلى الله عليه وآله) وأصحابه وتأثيراً في نفوس من يدعوهم إلى الإيمان.
وقد نص القرآن الكريم على هذا الهدف الخاص للقصة أيضاً بمثل قوله تعالى:
]وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين[(1).
وتتبعاً لهذا الغرض وردت بعض قصص الأنبياء مؤكدة على هذا الجانب، بل جاءت بعض هذه القصص مجتمعة ومختومة بمصارع من كذبوهم وقد يتكرر عرض القصة نتيجة لذلك كما جاء في سورة هود والشعراء والعنكبوت ولنضرب مثلاً من سورة العنكبوت:
]لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون. فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين وإبراهيم إذ قال لقومه: اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون[.
إلى أن يقول: ]فما كان جواب قومه إلا أن قالوا: اقتلوه أو حرّقوه فأنجاه الله من النار. إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون[.
]ولوطاً إذ قال لقومه. إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين...[.
إلى أن يقول: ]إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون[.
]وإلى مدين أخاهم شعبياً فقال: يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولاتعثوا في الأرض مفسدين. فكذبوه فأخذتهم الرجفة. فأصبحوا في دارهم جاثمين[.
]وعاداً وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن
السبيل وكانوا مستبصرين[.
]وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين[
]فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا. وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون[(1).
فهذه هـي النـهاية الحتمية التي يريد أن يصورها القرآن الكريم لمعارضي الأنبياء والمكذبين بدعوتهم.

الثالثة: سنّة الابتلاء وعموم الامتحان.

ومن السنن الإلهية في حركة الإنسان ووجوده هي سنّة الابتلاء والامتحان وهي سنّة عامة وشاملة. قال تعالى ]الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً[(2).
وقال تعالى ]إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً[(3).
كما أن الامتحان له أهدافه:
1 ـ التمحيص والتمييز، فالامتحان يسير مع الإنسان في حركته التكاملية وعندما يصبح الإنسان مؤمناً أو مجاهداً يُبتلى ويُمتحن من أجل التمحيص والتمييز:
]ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب[(4).
]وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين[(5).
]ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم[(6).
2 ـ الكمال والتربية:
«إن الله إذا أحب عبداً غته بالبلاء غتاً. وصب عليه البلاء صباً فلا يخرج من غم إلا وقع في غم».
3 ـ العقوبة والتذكير:
]ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون[(1).
]ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون[.
ولعل من أوضح الأمثلة في قصص القرآن التي سيقت لموضوع البلاء بجوانبه المتعددة وهذه السنة الشاملة ما ورد في سورة «المؤمنون».
]ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون. فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين. إن هو إلا رجل به جِنّةٌ فتربصوا به حتى حين.
قال رب انصرني بما كذبون فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون. فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين.إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين[(2).
حيث يلاحظ أن هذه الآيات جاءت في سياق بيان خلق الإنسان والنعم الإلهية، وختمت بعد ذلك بقوله تعالى ]إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين[.
ثم تتحدث السورة عن الرسل الآخرين والقرون الأخرى وكيف كان الابتلاء بالرسالة والأخذ بالعذاب بعد التكذيب ثم الإشارة إلى «موسى» و«عيسى» وتخاطب الرسل بالأكل من الطيبات والعمل الصالح وتؤكد ]وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون[.
ثم يشير إلى الاختلاف بين الناس والإملاء والإمداد بالأموال والأولاد، الذي هو نوع آخر من الابتلاء والامتحان والنتائج المترتبة على ذلك.
4 ـ سنة أن النصر الإلهي لا يتحقق إلا بعد التعرض للبأساء والضراء والصبر على البلاء.
قال تعالى ]أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا أن نصر الله قريب[(1).
وقال تعالى ]حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين[(2).
وقال تعالى ]هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم. وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب[(3).
ويمكن أن نلاحظ عدة قصص في القرآن الكريم تؤكد هذه الحقيقة والسنة منها:
قصة الحواريين وقتالهم في سياق الآيات السابقة من سورة الصف ]يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين [.
ومنها قصة الملأ من بني إسرائيل ]ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا: ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم والله عليم بالظالمين. وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحقٌ بالملك منه ولم يؤت سعة من المال
قال إن اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم. وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين.فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين. ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين[(1).
ومنها، قصة نوح (عليه السلام) في سورة هود إذ جاءت في سياق قوله تعالى: ]مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلاً أفلا تذكّرون[(2).
وكذلك ما عرفناه في سُنّة نصرة الله لأنبيائه، وما سوف نعرفه في دراستنا لقصة موسى (عليه السلام) القسم الرابع عندما نتناول الموضوع الرابع عشر من سورة القصص.

پاورقيها:

1 ـ آل عمران: 146.
1 ـ الأعراف: 130.
1 ـ الأنبياء: 48 ـ 92.
1 ـ الأنفال: 53.
1 ـ البقرة: 214.
1 ـ البقرة: 246 ـ 251.
1 ـ البقرة: 78.
1 ـ الحجر: 61 ـ 67.
1 ـ الروم: 41 ـ 42.
1 ـ العنكبوت: 14 ـ 40.
1 ـ الكهف: 55 ـ 65.
1 ـ المنار 2/470.
1 ـ النحل: 36.
1 ـ النحل: 89.
1 ـ الهدف من نزول القرآن/21 ـ 32.
1 ـ تفسير المنار 1/399، وكذلك الميزان 7/165 ـ 167، نقلاً عن بعض الباحثين.
1 ـ راجع في بحث أغراض القصة ما كتبه سيد قطب في كتابه التصوير الفني في القرآن/120 ـ 141 وما سجله السيد رشيد رضا في مواضع مختلفة في كتابه تفسير المنار.
1 ـ مريم: 58.
1 ـ هود: 120.
1 ـ هود:25 ـ 32.
1 ـ يوسف: 111.
1 ـ يوسف: 3.
2 ـ الأعراف: 94 ـ 96.
2 ـ الأنعام: 112.
2 ـ الأنفال: 54.
2 ـ البقرة: 213.
2 ـ الحجر: 80 ـ 84.
2 ـ المؤمنون: 23 ـ 30.
2 ـ الملك: 2.
2 ـ الميزان 7/167.
2 ـ الميزان/167 ـ 168.
2 ـ النحل: 89.
2 ـ هود: 25.
2 ـ هود:50 ـ 55.
2 ـ يوسف: 102.
2 ـ يوسف: 110.
3 ـ الإنسان: 2.
3 ـ الرعد: 11.
3 ـ الزخرف:6 ـ 7.
3 ـ الصف: 10 ـ 13.
3 ـ القصص: 44 ـ 46.
3 ـ المائدة:44.
3 ـ النساء: 165.
3 ـ النساء: 69.
3 ـ هود:61 ـ 62.
4 ـ إبراهيم:9
4 ـ آل عمران: 179.
4 ـ آل عمران: 44.
4 ـ الأعراف: 96.
4 ـ الأنعام: 48.
4 ـ التوبة: 31.
4 ـ الحجر: 51 ـ 53.
5 ـ آل عمران: 140 ـ 142.
5 ـ الأنعام: 42.
5 ـ المائدة: 48.
5 ـ ص: 67 ـ 70.
6 ـ الأحقاف 9، راجع أيضاً الآيات 43 ـ 50.
6 ـ محمد: 31.
6 ـ هود: 49.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:49 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

قصص القرآني

قصص القرآني

السيد محمد باقر الحكيم

على الساحة القرآنية الرحبة تلتقي كل الأفكار والآراء والمشاعر الخالصة لربها والمخلصة لدينها ورسالتها.. وما أجدر برسالة التقريب وهي تركز على مساحات الالتقاء أن تقف طويلا عند مائدة القرآن الكريم لتقدم الزاد الذي لا يختلف فيه جميع أبناء المذاهب الإسلاميّة.
الاهتمام بالدراسات القرآنية يجمع العقول والقلوب ويشدها نحو هدف واحد سام رفيع يسمو على الصغائر والاختلافات الجانبية.. خاصة إذا كانت هذه الدراسات تنطلق من فهم معمق منفتح لأهداف رسالة القرآن في مجالاتها البناءة المعطاءة. وهذا البحث الذي نقدم حلقته الرابعة في هذا العدد نموذج لهذه الدراسات الهامة. في الحلقة الأولى والثانية تحدث الأستاذ الباحث عن الفرق بين القصص القرآني وغيره وعن أغراض القصص في القرآن الكريم وفي الحلقة الثالثة وهذه الحلقة يطبق الأفكار والمعلومات السابقة على مفردات القصة القرآنية، طبقها من قبل على ثمانية مواضع وهذه بقية التطبيقات.

الموضع التاسع:

الآيات التي جاءت في سورة الكهف والتي تبدأ بقوله تعالى ?وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتّى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا?(1).
والتي تختم بقولـه تعالى ?وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل مالم تسطع عليه صبرا?(2).
ويبدو أن هذا المقطع في هذا الموضوع من القرآن الكريم منفصل عن بقية قصة موسى المذكورة في المواضع الأخرى المختلفة من القرآن الكريم، لأن القرآن هنا يتحدث عن جانب آخر من شخصية هذا الإنسان تختلف عن الجوانب الأخرى التي تصورها القصة في المواضع الأخرى، والتي تظهر فيها شخصية موسى في صورة النبي صاحب الرسالة والدعوة الذي يجاهد من أجل التوحيد وإقامة العدل الإلهي والدفاع عن المستضعفين. أما هنا فيبدو موسى فيها على صورة الإنسان الذي يسير في طريق التعلم والمعرفة والحريص على تفسير الظواهر غير العادية.
وحين نلاحظ أن القرآن الكريم يأتي بهذا المقطع في سياق قوله تعالى: ?وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجّل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا. وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا?(3). قد نستنتج أن الإتيان بهذا الجانب من شخصية موسى (عليه السلام) كان من أجل إيضاح مدى مطابقة الحكمة الإلهية للمصلحة وانسجامها مع واقع الأشياء مهما بدت غير واضحة المقاصد والأهداف وبعيدة عن فهم الناس وإدراكهم.
إن هاتين الآيتين اللتين جاء المقطع في سياقهما تشيران إلى وجود حكمة إلهية وراء تأخير العذاب وعدم التعجيل به، مع استحقاق الظالمين له. مع أنّه قد يبدو في
النظرة السطحية الإنسانية أن التعجيل بالعذاب أوفق بالمصلحة حيث يكون رادعاً للآخرين عن الظلم، كما هو الحال في العقوبات الدنيوية التي توضع من أجل الردع فيكون لها الأثر في تأديب الناس وتقويم سلوكهم، فملاذا لا تكون العقوبات الإلهية كذلك، مؤدية إلى استقامة السلوك الاجتماعي للإنسان؟!
والقرآن الكريم وإن لم يتناول هنا بيان السبب في تأجيل العقوبة والحكمة في ذلك، ولكنه تناول هذا الموضوع في مواضع أخرى مثل قوله تعالى ?ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة?(1)، ?ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى...?(2). وكذلك من أجل المزيد من الاختبار والابتلاء، أو للإملاء والزيادة في الضلال والانحراف، لتشديد العقوبة عليهم ?ولا يحسبن الذين كفروا إنّما نملي لهم خير لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا اثماً ولهم في الآخرة عذاب مهين?(3).
والأساس في ذلك كله هو أن تكامل الإنسان يتم بالإرادة والطاعة الاختيارية. أما تعجيل العقوبة فقد يلغي دور الطاعة الاختيارية.
وقد اكتفى القرآن هنا ببيان القاعدة الكلية وهي أن الحكمة الإلهية تتطابق مع المصلحة الواقعية مهما كانت بعيدة عن متناول فهم الإنسان وإدراكه. فجاء المقطع تأكيدا لحقيقة الحكمة الإلهية ونظرتها البعيدة، وأن هذه الحكمة قد تخفى حتّى على الأنبياء أنفسهم. حيث نلاحظ في هذا المقطع ثلاثة أعمال وتصرفات يقوم بها العبد الصالح تبدو في ظاهرها إنها بعيدة عن العدل والمصلحة. الأمر الذي يثير استغراب موسى إلى الحدّ الذي يجعله يتخلى عن التزامه السابق بعدم السؤال، ثم يشرح العبد الصالح هذه الأعمال ويبين مدى انسجامها مع العدل والمصلحة العامة.
فالسياق العام للسورة هو الذي فرض الآتيان بالقصة في هذا المورد، ولا حاجة إلى تكراره في مواضع أخرى لأنه لا يحقق الغرض الذي جيء به في هذا المورد.

الموضع العاشر:

الآيات التي جاءت في سورة مريم وهي قوله تعالى ?واذكر في الكتاب موسى انه
كان مخلصاً وكان رسولاً نبيا. وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا * ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا?(1).
وقد ذكرنا في أغراض القصة الغرض العام من هذا العرض القصصي، حيث جاءت هذه اللمحة من القصة في عرض قصصي مشترك عن الأنبياء، وذلك بصدد تعداد من أنعم الله عليهم من عباده وأنبيائه ومقارنتهم بمن خلف من بعدهم ممن أضاع الصلاة واتبع الشهوات، ويؤكد كذلك ما ذكره القرآن الكريم في نهاية العرض من قوله تعالى ?أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا. فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا?(2).
فالسياق العام هو الذي فرض مجيء هذه القصة بهذا الشكل من العرض والاختصار، وذلك لتعداد العباد الصالحين ونعمة الله عليهم.

الموضع الحادي عشر:

الآيات التي جاءت في سورة طه والتي تبدأ بقوله تعالى ?وهل أتاك حديث موسى إذ رأى ناراً فقال لأهله امكثوا اني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى? (3) والتي تختم بقوله تعالى ?قال فأذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس وان لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى الهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا. إنّما الهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما?(4).
وهذا الموضع من قصة موسى هو أحد المواضع الثلاثة التي فصل فيها القرآن قصة موسى (عليه السلام) بعد سورة الأعراف وقبل سورة القصص بحسب التسلسل في المصحف الشريف.
ونلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصة الأمور التالية:
الأول: أن القصة جاءت مباشرة في سياق بيان أن القرآن الكريم لم ينزل من أجل أن يشقى النبي ويتألم لمجرد أن قومه لم يؤمنوا به، أو يظن في نفسه التخلف والتقصير أو القصور عن أداء الرسالة. وإنّما نزل القرآن تذكرة لمن يخشى من الناس: ?طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى?(1).
الثاني: أن هذا المقطع القرآني ينتهي بقوله تعالى ?كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا?(2).
الثالث: أن المقطع ـ على ما فيه من تفاصيل ـ يؤكد بشكل واضح ملامح معاناة النبي موسى (عليه السلام) في سبيل الدعوة، سواء في ذلك المعاناة النابعة من «الذات»: كالانفعالات والمخاوف النفسية، أو الحرص الشديد على نجاح الدعوة وسلامتها والتزام أبنائها بها، أو المعاناة التي تكون بسبب الضغوط الخارجية التي يمارسها الأعداء والكافرون بالدعوة كالتهديدات أو المشاكل والعقبات والضغوطات التي يضعونها أمام الدعوة والرسالة أو المعاناة التي تكون بسبب محاولة تطبيق الرسالة وعدم استجابة الجماعة المؤمنة بسبب محاولة تطبيق الرسالة وعدم استجابة الجماعة المؤمنة بصورة حسنة وجيدة لعملية التطبيق أو المعاناة بسبب موقف المنافقين والمرتدين على الرسالة ومفاهيمها.
والى جانب التركيز على المعاناة بصورها المتعددة نجد التركيز أيضاً على اللطف الإلهي والنعم الإلهية التي كانت تحف مسيرة المعاناة هذه.
فهناك عدة انعكاسات نفسية لمواقف الرسالة والدعوة في ذات موسى، أشار إليها هذا المقطع القرآني الشريف:
الأول: مفاجأته بالرسالة وكذلك فزعه من المعجزة وتحول العصا إلى حية واليد إلى بيضاء:?قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى? (3). خصوصاً وان هذه المفاجأة جاءت في هذا الوقت الحرج الذي كان يفتش فيه موسى ويلتمس لأهله ناراً بعد الحاجة إليها.
الثاني: تردده في الأقدام على الدعوة بمفرده وطلبه لانضمام أخيه هارون إليه. ?قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً? (1).
الثالث: خوفه مع أخيه من التحدث إلى فرعون ومواجهته بالدعوة مع انهما أمرا أن يقول قولاً لينا: ?قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إني معكما أسمع وأرى?(2).
الرابع: إحساسه بالخوف من سحرهم وتوجسه من نتائج المباراة: ?فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف انك أنت الأعلى?(3).
الخامس: موقفه مع ربه في المواعدة ومخاطبة الله له بأنه قد أعجل عن قومه: ?وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك واضلهم السامري?(4).
السادس: غضب موسى وأسفه وموقفه الصارم من قومه وأخيه والسامري: ?قال يبنؤم لاتأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول...?(5).
وقد صاغ القرآن الكريم هذه الانفعالات من خلال طريقة العرض على الشكل الذي يؤكد معاناة النبي ويبرز ملامح شخصيته. حيث كان يؤكد في طريقة العرض على ضمير المخاطبة سواء بين الله وموسى أو بين موسى والآخرين.
مضافاً إلى ذلك الانفعالات النفسية التي تنشأ من الضغط والعوامل الخارجية، حيث نجد أمام موسى (عليه السلام) مجموعة من العقبات والمشاكل الحقيقية المهمة سواء من الأعداء مثل محاولة السحرة تضليل الناس (57 ـ 66)، أو تهديد فرعون باستخدام أسلوب القمع والعمل به: (71 ـ 72)، أو مطاردة فرعون وجيشه لموسى
وبني إسرائيل في محاولتهم للعبور: (77 ـ 78) أو الضغوط الخارجية التي تنشأ من أعمال المنافقين والمرتدين كما هو الحال في فتنة السامري للإسرائيليين وتمردهم على هارون.
?فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي..?(1).
وعلى هذا الأساس يمكن أن نستنتج:
أولاً: أن القصة سيقت لابراز معاناة الأنبياء في دعواتهم كنتيجة طبيعية لعظم المسؤولية التي يتحملونها والمشاكل التي تواجههم وبشكل خاص تشير إلى المعاناة الذاتية.
ويشهد لذلك أن القصة تؤكد على المواقف التي تظهر فيها انفعالات الرسول كما أنها تؤكد على ما ينعم به الله على الرسول خلال المجابهة، وحين ينتهي عرض دور الانفعال نجد القصة تنتقل إلى عرض الدور الآخر دون أن تقف عند المشاهد الأخرى، فهي مثلا تنتقل من العبور إلى المواعدة رأساً.
كما أننا حين نقارن بين هذا المورد الثالث الطويل من القصة والمورد السابق الطولى منها الذي جاء في سورة الأعراف أو المورد الثالث الطويل منها الذي يأتي في سورة القصص نجد هذا المورد هو الوحيد بينها يؤكد بهذا التفصيل على هذا الملامح للمعاناة دون الدخول في التفاصيل الأخرى.
وثانياً: أن السبب الذي فرض على القصة هذا الأسلوب الخاص من العرض والتصوير واقتضى في نفس الوقت بعض التكرار هو مخاطبة الرسول وتخفيف الألم والعذاب النفسي اللذين كان يعانيهما الرسول (صلى الله عليه وآله) تجاه الدعوة، وهذا غرض آخر للقصة.
ويدلنا على ذلك ما لاحظنا في الأمر الأول والثاني حيث استهدف القرآن الكريم إبراز الصلة الوثيقة بين ما يعانيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دعوته وبين ما كان يعانيه
الأنبياء السابقون ?ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى?، ?كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا?.

الموضع الثاني عشر:

الآيات التي جاءت في سورة الشعراء والتي تبدأ القصة فيه بقوله تعالى ?وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين. قوم فرعون ألا يتقون? والتي تختم بقوله تعالى: ?وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين أن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وان ربك لهو العزيز الرحيم?(1).
ويلاحظ في المقطع القرآني من القصة الأمور التالية:
الأول ـ أن المقطع من القصة جاء بعد عتاب من الله سبحانه لرسوله محمد (صلى الله عليه وآله) في إجهاده لنفسه وإرهاقها حتّى يكاد أن يذلها بسبب أن قومه لم يكونوا مؤمنين:?لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ?. وبعد هذا العتاب يشير القرآن الكريم إلى قانون تكويني في الإنسان وسنة تاريخية في مسيرة التاريخ الإنساني وهما:
أن الله خلق الإنسان مريداً مختاراً ولم يشأ له أن يكرهه على الإيمان. وأن كل ذكر جديد من الله سبحانه يحدث ردة فعل كهذه لدى الكفار. حيث يقاومونه ويعرضون عنه في البداية. ولم يكن ذلك من الكفار بسبب عجز الله سبحانه وعدم قدرته على إخضاعهم لرسالته وإرغامهم عليها بل هو قادر على إكراههم وإجبارهم ولكن شاءت الإرادة الإلهية أن يكون الإنسان مختاراً في كفره وإيمانه ?إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا? (2)، ?إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين?(3).
الثاني ـ أن القرآن الكريم ينبه بعد هذا التفسير العام للتاريخ إلى أن هذا الموقف العام للكافرين تجاه الذكر لم يكن بسبب عدم توفر الدليل الصالح على صحة الرسالة ?أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم. أن في ذلك لآية وما كان
أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم?(1).
الثالث ـ أن هذا المقطع جاء في عرض قصصي مشترك للأنبياء يتميز بطابع خاص إلى جانب هذا التفسير التاريخي للموقف العام، وهو أن كل نبي نجده يبذل جهده في استعمال الأساليب المختلفة من الكلام اللين والهادئ أو التذكير بالنعم الإلهية الظاهرة التي يتمتع بها أقوامهم. وقد يعضد أقواله هذه أحياناً بآية ومعجزة سماوية تشهد له على صحة دعوته ومع ذلك النتيجة واحدة. ويختتم كل مشهد من مشاهد قصص الأنبياء بهذا المقطع بقوله تعالى: ?إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم?.
الرابع ـ أن القرآن الكريم بعد أن يأتي على نهاية العرض القصصي المشترك هذا يرجع ـ مباشرة ـ فيتحدث عن ?آيات الكتاب المبين? بوصفها شيئاً ووحياً إلهياً متصفاً بجميع الصفات التي تبرز هذه الحقيقة وهذا الاتصال بالله، مما يسمح لذوي البصيرة والقلوب النيرة أن تطلع على واقعه وتهتدي به: ?وانه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربي مبين..?(2).
وعلى أساس هذه الملاحظة يمكن أن نستنتج أن القصة جاءت لتحقيق هدفين ضمن عرض قصصي مشترك:
الأول: إيضاح القانون الطبيعي الذي يتحكم في مواجهة الأفكار الإلهية الجديدة وأن تلكؤ الكافرين في الإيمان بالدعوة الإسلاميّة ورسالتها ليس بسبب تخلف الرسول (صلى الله عليه وآله) عن المستوى الأمثل للعمل والنضال، أو نتيجة لعدم توفر الأدلة الكافية على صحة الرسالة. وإنما هو قانون عام له أسبابه النفسية والاجتماعية الأخرى خضعت له الرسالات الإلهية كلها.
الثاني: أن النهاية سوف تكون لعباد الله الصالحين أنهم هم الذين يرثون الأرض، ومن أجل الالتفات والتأكيد على هذا الهدف الذي قد يضيع ضمن العرض العام للقصص جاءت قصة موسى بشيء من التفصيل الذي يؤكد هذا الجانب.
وهنا نلاحظ أن بداية هذه السورة تختلف عن بداية سورة طه بأن هذه البداية جاء بعدها الحديث عن القانون الإلهي في الإرادة الإنسانية والسنة التاريخية في تكذيب الكافرين للذكر والرسالات الإلهية. ولذلك اختلف الحديث في قصة موسى هنا عن سورة طه لاختلاف الغرض.
كما أن الغرض هنا اقتضى الحديث عن الأنبياء الآخرين لتوضيح حقيقة السنة التاريخية: ?وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين? ومع ذلك فلا شك أن هذا العرض القصصي يساهم في تخفيف معاناة النبي (صلى الله عليه وآله) التي أشير إليها في بداية السورة: ?لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين?.
وبهذا يمكن أيضاً أن نفسر التكرار للقصة بأحد السببين أو كليهما:
الأول: أن القصة استهدفت غرضاً دينياً جديداً يعتبر الغرض الرئيس من عرضها هنا. وهو تصوير المفهوم الإسلامي العام عن طبيعة موقف المشركين تجاه الرسالة، وأنه هو الموقف العام لهم تجاه كل الرسالات، وهذا هو السبب الأول من الأسباب الموجبة للتكرار.
الثاني: «تأكيد» هدف وغرض سبق أن استهدفه القرآن الكريم من قصة موسى نفسها في سورة «طه» وهو التخفيف من الألم الذي يعانيه الرسول (صلى الله عليه وآله) وهذا هو السبب الثاني من الأسباب الموجبة للتكرار.
وقد جاءت القصة في أسلوبها وطريقة عرض الأحداث فيها منسجمة مع أهدافها وأغراضها حيث تناولت جوانب معينة من حياة موسى، وعرضت بشكل خاص تنتهي عند هذه الأهداف، فنجد الحديث في القصة مثلاً ينتهي عند العبور، ولم تتناول الأحداث التي جرت مع الإسرائيليين بعد العبور.
كما أنها أكدت على شكل «الأسلوب» الذي سار عليه موسى وهارون في مخاطبة فرعون، وتصوير الموقف أنّه موقف مواجهة ولذا بدأ به: ?أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون?(1).
وبذلك يتضح ما ذكرناه سابقاً من أن طريقة العرض قد يفهم منها غرض آخر لا تحققها طريقة عرض أخرى.

الموضع الثالث عشر:

الآيات التي جاءت في سورة النمل والتي تبدأ بقوله تعالى:
?إذ قال موسى لأهله أني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون? وتختم بقوله تعالى ?وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا فأنظر كيف كان عاقبة المفسدين?(1).
ويلاحظ في هذا المقطع القصير الذي يتحدث عن القصة بشكل عام الأمور التالية:
الأول: أن القصة جاءت في سياق تأكيد تلقي القرآن الكريم عن الله وعن طريق الوحي الإلهي كما يشير إلى ذلك في بداية السورة وتأكيده أيضاً بقوله تعالى: ?وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم?(2).
الثاني: أن هذا المقطع يختم بقوله تعالى: ?وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين?.
الثالث: أن هذا المقطع على اختصاره يكاد يختص بذكر الحوادث والآيات ذات الطابع الغيبي، فهو يذكر «المناداة» و«معجزة العصا» و«اليد البيضاء»، ويشير إلى الآيات «التسع».
وهذه الملاحظات تدعونا لأن نستنتج أن القصة سيقت لبيان غرض سبقت الإشارة إليه في سورة الإسراء وهو إظهار حقيقة من الحقائق التي ترتبط بالجانب النفسي لموقف المشركين تجاه القرآن الكريم والرسالة الإلهية التي تضمنها، وإن إنكارهم للوحي الإلهي ينبع وينطلق من عامل نفسي وعاطفي ولا يقوم على أساس عقلي ومنطقي وموضوعي.
وهذا العامل النفسي هو الجحود والعلو والظلم، كما تشير إليه الملاحظة الثانية.
ولذلك نجد المؤمنين، وهم يعيشون في نفس المجتمع والظروف، لديهم نفس المستوى الثقافي العام القائم في المجتمع، ومع ذلك كله يؤمنون بالقرآن ويتفاعلون معه ويهتدون ويفرحون بتبشيره، لأن هذا هو مقتضى طبيعة القرآن الكريم: ?تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين?.
وأما الكافرون فانهم لانحرافهم وضلالهم وتمردهم وكفرهم بالحساب والعقاب والجنة والنار يمنعهم الحاجز النفسي من الإيمان بالوحي والقرآن.
وتأتي القصة هنا كشاهد على هذه الحقيقة ثم تؤكدها من خلال الملاحظة الثانية.
يؤكد ذلك ما ذكرناه في الملاحظة الثالثة من اقتصار القصة على ذكر الحوادث والآيات الغيبية المتعددة ومع ذلك لم يحصل الإيمان من قبل فرعون وقومه لوجود هذا الجحود.
ولا يفوتنا أن ننبه هنا إلى نكتة دقيقة ولطيفة وشاهد يؤكد لنا أن القصة سيقت لهذا الغرض.. هو أن القرآن يصور لنا خوف موسى من العصا بشكل بارز بحيث يدعوه إلى الهروب منها. ولعل السر في ذلك هو إيضاح أن هذا التحول في حال «العصا» كان نتيجة تدخل غيبي، ولذا ترك أثره على موسى نفسه، وليس المقصود هو إبراز ضعف موسى والحالات النفسية له.
ولعل السر في تكرار القصة هنا هو السببان التاليان:
الأول: أن المقطع جاء في عرض قصصي مشترك لتأكيد الظاهرة الغيبية في تاريخ الأنبياء وكفايتها في إثبات الوحي، وتقديم التفسير الإسلامي لموقف المنكرين للقرآن والدعوة على أساس عدم كفاية الآيات والمعجزات لاثباتها، وأنه موقف نفسي لا موضوعي.وقد عرفنا في هذا التأكيد السبب الثاني للتكرار كما سبق.
الثاني: أن القصة جاءت مختصرة في تصوير الموقف وهذا يدعونا أن نرى انها وردت في مرحلة متقدمة من مراحل الدعوة حين كان يعالج القرآن مشاكلها بشكل مختصر، وهذا ما ذكرناه سبباً ثالثاً للتكرار.

الموضع الرابع عشر:

الآيات التي جاءت في سورة القصص والتي تبدأ بقوله تعالى ?نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون?. والتي تختم بقوله تعالى ?وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ولقد آتينا موسى الكتاب من بعدما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون?(1).
ويلاحظ في هذا الموضع من القصة الأمور التالية:
الأول: أن السورة تكاد تبدأ بالقصة دون أن يسبقها شيء عدا آيتين، هما قوله تعالى: ?طسم تلك آيات الكتاب المبين?.
الثاني: أن القرآن الكريم يأتي في سياق القصة بعدها بقوله تعالى: ?وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين. ولكنا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين. وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون?(2). وهي آيات تؤكد صلة القرآن بالغيب والوحي وانقطاعه عن شخص النبي شبيه قولـه تعالى: ?تلك من أنباه الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر أن العاقبة للمتقين?(3).
وغيرها من الآيات مثل آل عمران (44) ويوسف (102).
الثالث: أن القصة تذكر تفاصيل وحوادث ذات طابع شخصي من حياة موسى (عليه السلام) ترتبط بحياته وتربيته قبل البعثة وتكاد أن تكون جانبية كحادثة إلقائه في اليم (7) واستنقاذ آل فرعون له (8 ـ9) وتقص أخته لبره (10 ـ 11) ورفضه للرضاعة من غير أمه (12 ـ 13) ومعرفته بالعلم والحكمة (14) وقتله للرجل ثم محاولته لقتل الآخر، وهروبه (20 ـ 21) ثم قضية زواجه مع تفاصيلها (22 ـ 28) وهذه التفاصيل بمجموعها مما تنفرد به القصة في هذا الموضع.
الرابع: أن القصة تبدأ بذكر أحكام عامة عن الوضع الاجتماعي في عصر ولادة موسى (عليه السلام) حينذاك والغاية المتوخاة من تغييره: ?أن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيي نساءهم انه كان من المفسدين. ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون?(1).
وعلى ضوء هذه الملاحظات يمكن أن نستنتج أن القصة استهدفت أمرين:
الأول: أن القرآن الكريم كتاب منزل من الله سبحانه وتعالى: وأنه ليس من صنع محمد (صلى الله عليه وآله) وهذا هو الهدف الرئيسي من سرد القصة في هذا المورد كما يشير إلى ذلك الأمر الأول والثاني، وهو في نفس الوقت من الأهداف الهامة التي يؤكد عليها القرآن الكريم في مناسبات كثيرة لما له من تأثير مركزي في سير الدعوة.
وبهذا يمكن أن نفسر اختصاص القصة بذكر الحوادث ذات الطابع الخاص بحياة موسى لا بالرسالة وهو ما أشرنا إليه في الأمر الثالث، لان في الحديث عن تفاصيل خاصة من حياة الرسول دلالة قوية على ارتباط القرآن بعالم الغيب، حيث من المفروض ـ عادة ـ أن لا يطلع على هذه التفاصيل جميع الناس، لأنها ترتبط بحياة الرسول حين كان فرداً عادياً في المجتمع فهي بعيدة عن الأضواء والتدوين، على خلاف تفاصيل حياته بعد النبوة فإنها ـ بطبيعة الحال ـ تكون معروفة للناس لتسليط الأضواء على شخصيته من قبله بعد تطور المواجهة والصراع بين الرسول ورسالته والمجتمع بشكل عام.
الثاني: إيضاح أن عملية التغييرات الاجتماعية الجذرية تتم عادة في أبعد الظروف ملائمة واحتمالا، وفي ظل أشد ظروف الظلم والاضطهاد والطغيان، بحيث تبدأ عملية التغيير من نقطة تفاقم الأوضاع السياسية والاجتماعية وتدهور العلاقات بين الطغاة الحاكمين والمستضعفين المحكومين ويصبح التغيير أمراً حتمياً بالرغم من أن العملية تبدو وكأنها بعيدة المال والتحقق. كل ذلك نتيجة للإيمان الواعي بالله تعالى
وما يستلزمه ذلك من صبر واستقامة وجهاد وتضحية.
وهذا الفهم السياسي للحركة الاجتماعية (1) مما أكده القرآن الكريم في عدة مواضع واعتبره سنة من سنن التاريخ كما أشرنا إليه في بحث أغراض القصة «السنّة الرابعة»: ?أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتّى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب?.
ولذلك نجد القصة في هذا الموضع تؤكد على ملامح الاضطهاد الذي كان يعانيه المجتمع بشكل عام والإسرائيليون بشكل خاص، كما تؤكد على الوضع القاسي الذي كان يعيشه شخص الرسول في كونه منذ البداية في معرض خطر الموت والهلاك، ثم مطارداً من المجتمع بتهمة القتل العدواني، ثم مهاجراً وبعيداً عن المواقع الطبيعية لحركة التغيير. وفي هذين الهدفين ما يبرر التكرار الذي يمكن أن يكون بالسبب الأول وهو تعدد الغرض، أو الثاني وهو تأكيد غرض سابق من أسباب التكرار.

الموضع الخامس عشر:

الآيات التي جاءت في سورة «المؤمن» والتي تبدأ بقوله تعالى ?ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب? والتي تختم بقوله ?فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله أن الله بصير بالعباد. فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب?(2).
ويلاحظ في هذا الموضع من القصة ما يلي:
الأول: أن السورة التي جاء فيها هذا المقطع تتحدث في مطلعها عن مصير من يجادل في آيات الله ?وما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد?.
الثاني: أن القصة تأتي في سياق أن هذا المصير للمجادلين نتيجة طبيعية لعنادهم وتكذيبهم بعد إقامة الحجة عليهم مهما كانوا يتمتعون به من قوة ونفوذ وسعة في الأرض حيث أن الأخذ والهلاك عند التكذيب هو سنة من السنن التاريخية بعد أن تأتيهم البينات فيكفرون بها: ?أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق?(1).
الثالث: أن القصة تؤكد بشكل واضح على موقف مؤمن آل فرعون والأساليب التي استعملها في دعوته لهم ومحاولته ذات الجانب العاطفي في هدايتهم مع تذكيرهم بمصير من سبقهم من الأمم وما ينتظرهم نتيجة لعنادهم وكفرهم. وفي قبال هذا الموقف يظهر لنا موقف فرعون وقد تمادى في غيّه حتّى تطاول وحاول أن يصل إلى إله موسى.
وكذلك توضح الفرق في الحجة والمنطق بين منطق «المؤمن» ومنطق الكافرين الذين يجادلون بدون برهان ودليل أو كما يعبر القرآن بغير سلطان: ?الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار?(2).
وعلى هذا الأساس يمكن أن نستنتج: أن القصة سيقت لتوضيح عدة أغراض:
الأول: بيان حقيقة هذه السنة التاريخية في مصير من يجادل في آيات الله من الهلاك والعذاب مهما كانوا في قوة ومنعة.
الثاني: أن العذاب لا ينزل بهؤلاء الكافرين إلا بعد أن تتم الحجة عليهم وتصبح من الوضوح بحيث يمكن أن يقتنع بها حتّى أولئك الأشخاص الذين يعيشون في الوسط المتنفذ والمترف ـ كما هو الحال بالنسبة إلى مؤمن آل فرعون.
الثالث: توضيح الفرق بين منطق الإيمان ومنطق الكفر بعيداً عن المؤثرات الخارجية والاجتماعية، فإن مؤمن آل فرعون بالرغم من أنّه من الوسط الاجتماعي
للفراعنة لكن منطقه وحجته أصبحت متميزة لأنها تعبر عن الحقيقة والواقع وينطلق من العمل والفطرة الإنسانية السليمة بخلاف منطق الكفر والضلال فانه يعبر عن الأهواء والانفعالات والشهوات.
وفي الوقت نفسه توضح لنا القصة المسؤولية الشرعية والإنسانية التي يتحملها الإنسان في كل الأحوال حتّى لو كان من الوسط الضال، كما فعل مؤمن آل فرعون.
وفي هذا العرض القرآني للقصة يظهر لنا أيضاً هذا الامتزاج بين الرحمة والغفران، وبين النقمة وشدة العذاب: ?غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلاّ هو إليه المصير? فإن الله سبحانه برحمته يجعل تحتم تناول عقول عباده وأنظارهم آياته وأدلته وبراهينه، ويتوسل إلى هدايتهم بالوسائل المختلفة التي لا تشل عنصر الاختيار فيهم، كل ذلك رحمة منه وفسحة لقبول التوبة والاستغفار. ولكنه مع ذلك لا يعجزه شيء عن عقابهم أو القدرة على إنزال العذاب بهم والانتقام منهم.

الموضع السادس عشر:

الآيات التي جاءت في سورة الزخرف والتي تبدأ بقوله تعالى: ?ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فقال أني رسول رب العالمين? والتي تختم بقوله تعالى ?فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين?(1).
ويلاحظ في هذا الموضع من القصة ما يلي:
أن هذا المقطع القرآني من القصة جاء في سياق الحديث عن شبهة أثارها الكفار في وجه الدعوة، وهي أن الرسالة كان يجب أن تنزل على رجل ذي ثروة وقدرة ومال وجاه ليتمكن من القيام بأعباء الرسالة وليخضع الناس لقدرته وقوته: ?وقالوا لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم?(2).
وقد ناقش القرآن الكريم هذه الشبهة من ناحيتين:
الأولى: أن الرزق والمال ليس نتاجاً بشرياً محضاً أو نتيجة للجهد الشخصي والذكاء والعبقرية والفضل فحسب، بل هو عطاء الهي أيضاً له غاية اجتماعية تنظيمية: ?أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون?(1).
الثانية: أن هذا العطاء الإلهي ليس مرتبطا بالفضل والامتياز عند الله والقربى لديه كما هو شأن العطاء البشري بين الناس حيث يكون على أساس الامتيازات الشخصية والقربى من المعطين، بل قد يكون العكس هو الصحيح، فان كثرة الأموال والأولاد نفسها قد تكون دلالة على البعد عن الله تعالى: لأنها مظهر من مظاهر هذه الدنيا، وهي للإنسان المؤمن دار ابتلاء واختبار وليست هدفاً أو قراراً له. بخلاف الإنسان الكافر فإنها مبلغ همه وغاية هدفه وأمله ونصيبه من الحياة بقاعدة: ?من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب?(2).
ويؤكد القرآن الكريم هنا هذه الحقيقة بقوله تعالى: ?ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون?. فان ظاهر هذه الآية الكريمة هو أنّه لولا مخافة أن يكون الناس أمة واحدة على الكفر لجعلنا لمن يكفر بالرحمن كل هذه الأموال وقد يكون ذلك تعويضا لهم عما يلحق بهم من الخسران والعذاب في الدار الآخرة، فان الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن.
ومن هذه الملاحظة يمكن أن نستنتج أن هذا المقطع جاء ليضرب مثلاً واقعياً تجاه هذه الحقيقة والفكرة التي عاشتها الإنسانية، وهذا المثل هو رسالة موسى إلى فرعون، حيث نزلت الرسالة على شخص فقير في لسانه علة ومطارد، ويتعرض قومه إلى الاضطهاد، مع أن فرعون الطاغية المتجبر هو صاحب الثروة والغنى.
والذي يؤكد هذا الاستنتاج أن هذا الموضع من القصة يتبنى بشكل خاص إظهار ما يتمتع به فرعون من ثروة وملك وغنى في قبال موسى الذي هو مهين على حد
تعبير فرعون وفقير ومطارد: ?ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون. أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين. فلوا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين?(1).
وليس في المواضع الأخرى من القرآن ما يشبه هذا الموقف من فرعون. فالتكرار فرضه السياق القرآني إلى جانب تحقيق الغرض الديني.

الموضع السابع عشر:

الآيات التي جاءت في سورة الذاريات، وهي قوله تعالى: ?وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين. فتولى بركنه وقال ساحرا أو مجنون. فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم? (2).
وهذه اللمحة العابرة التي تأتي في عرض قصصي مشترك عن الأنبياء وفي سياق تأكيد القرآن للقدرة الإلهية وصدق الرسالة فيكون الغرض هو من ذكر هذه القصة في هذا العرض هو بيان قدرة الله تعالى وتعداد آياته سبحانه وإثبات صدق الرسالة والدعوة والنبوة، فهي ليست بدعاً من الرسالات ولا صاحبها بدعاً من الرسل بل هي حق مثل ما ينطقون: ?فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون? (3).
ونجد في هذا الموضع أسلوب السورة المكية الموجز الذي يستخدم المشاهد السريعة والمتحركة والقوية لغرض التأثير الروحي وكسر الحاجز النفسي، ولذا كانت طبيعة الموقف تفرض ذكر القصص القرآنية بشكل مختصر وعابر.

الموقف الثامن عشر:

الآية التي جاءت في سورة الصف ?وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين?.
وقد جاءت هذه الآية في سياق الحديث عن بعض الأمراض الاجتماعية التي
تظهر في الجماعة بعد استقرارها وثباتها حيث يظهر مرض الاختلاف بين الشعار والتطبيق أو مرض الاختلاف في المواقف العملية بين أفراد الجماعة وعدم الطاعة المطلقة للقيادة: ?يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون. إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص?(1).
وفي هذا الموضع يشير القرآن إلى موقف معين لبني إسرائيل تجاه موسى، حيث آذوه مع علمهم بنبوته، وقد كان الغرض من الإشارة إليه هو مقارنة موقف بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) من المنافقين أو الجاهلين تجاهه مع موقف هؤلاء تجاه موسى، وكذلك مع موقف بني إسرائيل تجاه عيسى (عليه السلام) من تكذيبه ومخالفته بعد أن جاءهم بالبينات، وفي هذا بيان لوجود هذه الأمراض الاجتماعية كظاهرة تاريخية والتحذير منها ومن الوقوع في مثل هذه المواقف والمخالفات، وإلا لساروا في طريق النفاق وكانوا ممن يقولون مالا يفعلون. كما يدل السياق على ذلك.

الموضع التاسع عشر:

الآيات التي جاءت في سورة النازعات، وهي قوله تعالى: ?هل أتاك حديث موسى. إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى. اذهب إلى فرعون إنه طغى. فقل هل لك إلى أن تزكى. وأهديك إلى ربك فتخشى. فأراه الآية الكبرى. فكذب وعصى. ثم أدبر يسعى؟ فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى?(2).
وهذا المقطع القرآني من القصة ينسجم مع السياق العام للسورة التي تتحدث عن الحشر وتصور قدرة الله سبحانه على تحقيقه بزجرة واحدة: ?فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة? (3).
فأراد القرآن الكريم أن يضرب مثلاً حياً على هذه القدرة الإلهية في البعث والنشور وتغيير الأحوال فكانت قصة فرعون شاهداً على ذلك.
وقد استخدم القرآن فيها هذا الأسلوب الخاص في الانتقال السريع من حال إلى
حال تعبيراً عن الانتقال السريع إلى البعث والنشور.
فالموقف فيها ينتقل من دعوة موسى لفرعون مع ماله من القدرة الدنيوية وتكبره وتجبره وعظمته، إلى أخذ الله سبحانه له نكال الآخرة والأولى، فإن هذا الانتقال يصور لنا هذه السرعة والقدرة في الحشر والنشر، ولذا نجد القرآن يرجع بعد إعطاء هذه الصورة الواقعية عن القدرة إلى الاستدلال على هذه الحقيقة بأدلة وجدانية أخرى: ?أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها. رفع سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. والأرض بعد ذلك دحاها. أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها?(1).

پاورقيها:

ـ 10و65.
ـ 32.
ـ 46-56.
ـ 7 ـ 14.
ـ الزخرف: 51 ـ 53.
ـ الشعراء 7 ـ 9.
ـ الشعراء: 10.
ـ الصف: 2 ـ 4.
ـ القصص: 4 ـ 6.
ـ النازعات: 27 ـ 33.
ـ النحل: 61.
ـ طه: 1 ـ 3.
ـ طه: 25 ـ 34.
ـ طه: 86.
ـ لقد تناول أستاذنا الشهيد الصدر هذا الموضوع بشكل تحليلي كامل في محاضراته في التفسير الموضوعي.
ـ مريم: 51 ـ 54.
1 ـ 3 ـ 43.
1 ـ الكهف / 60 ـ 82.
1 ـ غافر: 21.
2 ـ 6.
2 ـ الإنسان: 3.
2 ـ الذاريات: 38 ـ 40.
2 ـ الشورى: 20.
2 ـ القصص: 44 ـ 46.
2 ـ الكهف / 60 ـ 82.
2 ـ المؤمن: 23 ـ 45.
2 ـ النازعات: 15 ـ 25.
2 ـ النحل: 61.
2 ـ طه: 45 ـ 46.
2 ـ طه: 99.
2 ـ غافر:35.
2 ـ مريم: 58 ـ 59.
2 ـ يراد بهذا الرجل أحد شخصين، كما يذكر في تفسير هذه الآية.
2ـ الشعراء 191 ـ 195.
3 ـ آل عمران: 178.
3 ـ الذاريات: 23.
3 ـ الشعراء: 4 ـ 5.
3 ـ الكهف / 58 ـ 59.
3 ـ النازعات: 13 ـ 14.
3 ـ طه 67 ـ 68.
3 ـ طه: 10.
3 ـ طه: 21 ـ 22.
3 ـ هود: 49.
4 ـ طه: 83 ـ 85.
4 ـ طه: 97 ـ 98.
5 ـ طه: 94 ـ 97.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:49 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

قصص القرآني

قصص القرآني

السيد محمد باقر الحكيم

في الحلقات السابقة من هذه الدراسة تناول الأستاذ الباحث قصة موسى في ست حلقات. وفي هذه الحلقة يتناول قصة نوح ومعطياتها بمنهجية أخرى جديدة، فهي قصة لها دلالاتها العظيمة المتمثلة في أمة غوت فعاقبتها السنن الكونية، وقصة إنسان صبر وقاوم على طريق الحق فأنجاه الله ومن معه. وهي سنة كونية أخرى. والبحث يتناول هذه الدروس.

قصة نوح في القرآن

نوح (عليه السلام) هو النبي الثالث ممن ذكروا من الأنبياء في القرآن الكريم بعد آدم (عليه السلام) وجده الأكبر إدريس (1)، وهو أول الرسل من أولي العزم (2)، وهم: نوح،
وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وعليهم وعلى آله أجمعين).
وقد جاءت قصته في التوراة مختلفة عما جاءت في القرآن الكريم، كما أنّه يوجد اختلاف بين نسخها المترجمة عن العبرية والسامرية واليونانية.
وقد ورد ذكر نوح في القرآن الكريم في ثلاثة وأربعين مورداً، كما أنّه وردت قصته بشيء من التفصيل في كل من سور (الأعراف، وهود، والمؤمنون، والشعراء، والصافات، والقمر، ونوح) مع إشارة للقصة في سور أخرى، وهي مختلفة في الطول والقصر، كما أنها مختلفة في اللفظ والهدف بحسب الغرض والسياق الذي جاءت فيه القصة، ولكن أكثرها تفصيلاً وشرحاً لقصته ما ورد منها في سورة هود.

وتتلخص قصة نوح في القرآن الكريم بالأمور التالية:
1 ـ قوم نوح

لقد أشار القرآن الكريم إلى الأبعاد العقائدية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية التي كان يتصف بها قوم نوح.
أ ـ فمن الناحية العقائدية كان قوم نوح قد عكفوا على عبادة غير الله واتخذوا لهم أصناماً يعبدونها، وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض أسماء هذه الأصنام، وهي (ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا): ?وقالوا لاتذرنّ آلهتكم ولاتذرن وداً ولاسواعاً ولايغوث ويعوق ونسراً?(1).
وتذكر بعض الروايات بأن هذه الأسماء كانت لرجال صالحين، اتخذ الناس
لهم تماثيل لمجيدهم وإحياء ذكراهم، ثم تحول الناس لعبادتهم بعد ذلك.
ب ـ ومن الناحية الأخلاقية اتصف قوم نوح بسوء الأخلاق من الجهل والعناد، والمكر الكبير، وازدارء الفقراء والضعفاء.
ج ـ ومن الناحية السياسية كان قوم نوح يتبعون سادتهم من أهل القدرة والقوة ممن كثر ماله وولده ?وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً?. وكان هؤلاء السادة (الملأ من قومه) يستضعفون الفقراء ويستكبرون في الأرض.
د ـ ومن الناحية الاجتماعية والسلوكية كانوا يرتكبون الآثام والخطايا ويمارسون أنواع الظلم والفساد والطغيان: ?مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً. وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً?(1).
?ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إني لكم منه نذير مبين? (2).?والمؤتفكة أهوى?(3).

2 ـ شخصية نوح (عليه السلام)

لم يتحدث القرآن الكريم عن الحياة الشخصية لنوح، أو بعض ما جرى له قبل رسالته ودعوته، كما تحدث عن إبراهيم وموسى وعيسى عليهما السلام. ولعل السبب في ذلك ـ والله أعلم ـ أنّه لا يوجد شيء فيها يثير الاهتمام بالنسبة إلى الأغراض
القرآنية للقصة. أو أن القرآن كان منهجه التفصيل النسبي بالنسبة إلى الأنبياء اللاحقين لوجود أقوام يتبعونهم ولا زالوا على ديانتهم والانتماء الخاص لهم دون الأنبياء السابقين الذين لا يتصفون بهذه الصفة.
ولكن يمكن أن نستنتج من المحاورة التي جرت بين نوح (عليه السلام) والملأ من قومه أن نوحاً كان من طبقة الأشراف والملأ منهم. ولذلك كانوا يحتجون عليه بمعاشرة الأراذل من الناس ويطلبون منه أن يطردهم. كما أن هذا الانتماء لهذه الطبقة من الناس قد يفسر لنا العامل الاجتماعي ـ والله أعلم ـ في ضلال زوجته وابنه حيث كانوا يتأثرون بهذه العوامل الاجتماعية.
كما أنّه يمكن أن نستنتج أنّه كان على درجة عالية من الشجاعة والأقدام والصبر والتحمل لما توحيه ظروف المحاصرة والعزلة والتكذيب والتهديد له بالقتل، وهو مع كل ذلك يستمر في رسالته دون ملل أو كلل مع طول المدة، كما سوف نعرف ذلك.
لم يترك القرآن الحديث عن شخصية نوح (عليه السلام) ومواصفاته العامة، من خلال النقاط التالية:
1 ـ كان نوح أول أولي العزم الذين هم سادة الأنبياء وأصحاب الرسالات الإلهية العامة إلى البشر جميعاً، الذين أخذ الله تعالى منهم الميثاق الغليظ، ولذا فشريعته أول الشرائع الإلهية المشتملة على تنظيم الحياة الإنسانية. وقد ذكرنا إشارة القرآن الكريم إلى ذلك في الآية (13) من سورة الشورى، وكذلك في الآية (7) من سورة الأحزاب.
2 ـ كان نوح (عليه السلام) الأب الثاني للنسل الحاضر من بني الإنسان وإليه تنتهي
أنساب الناس، لقوله تعالى: ?وجعلنا ذريته هم الباقين? (1).
3 ـ إن نوحاً هو أبو الأنبياء المذكورين في القرآن، ماعدا آدم وإدريس عليهما السلام (2)، قال تعالى: ?وتركنا عليه في الآخرين?(3).
4 ـ كان نوح (عليه السلام) أول من كلم الناس بمنطق العقل وطريق الاحتجاج مضافاً إلى طريق الوحي بعد تعرض الجماعة البشرية للانحراف عن الفطرة. فهو الأصل الذي ينتهي إليه دين التوحيد في العالم بعد ظهور الوثنية، فله الفضل والمنة على جميع الموحدين إلى يوم القيامة، ولعل هذا هو سبب أن خصه الله تعالى به من السلام الذي لم يشاركه فيه أحد: ?سلام على نوح في العالمين?(4).
وقد اصطفاه الله على العالمين وعده من المحسنين وسماه عبداً شكوراً وعبداً صالحاً وعده من عباده المؤمنين: وآخر ما نقل من دعائه قوله: ?رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تباراً? (5)(6).
كما أنّه كان أول من ذكره القرآن الكريم في ذكر اسم الله عند الابتداء بأمر عظيم: ?بسم الله مجراها ومرساها?.
كما أخبر القرآن الكريم أنّه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، الأمر الذي يكشف عن طول المعاناة والصبر العظيم.

حياة نوح

يبدو أن حياة نوح (عليه السلام) من خلال ما عرضه القرآن الكريم في قصته تنقسم
إلى ثلاث مراحل، وتبدو هذه المراحل الثلاث واضحة من المقطع الذي ذكر فيه قصته من سورة هود.

1 ـ الرسالة والدعوة

كان نوح (عليه السلام) يدعو قومه إلى توحيد الله سبحانه وعبادته ورفض عبادة غير الله تعالى من الشركاء، كما كان يدعوهم إلى تقوى الله تعالى وطاعته وإلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى ليغفر لهم ذنوبهم.
كما أنّه كان يبلغ رسالات الله وينصح لهم وينذرهم عذاب الله وعقابه، ويبشرهم بالخير العميم في الدنيا، حيث يرسل الله السماء عليهم مدراراً ويمددهم بأموال وبنين ويجعل لهم جناتٍ لهم أنهاراً.
ويظهر من القرآن الكريم ـ كما يفهم من المقارنة بين شريعته وشرائع سائر أنبياء أولي العزم أو من سياق الوصايا العامة التي ذكرها القرآن الكريم للشرائع السابقة ـ أن نوحاً (عليه السلام) كان يأمرهم بالمعروف، كالعدل والمساواة وصدق الحديث والوفاء بالعهد، وينهاهم عن المنكر وعن ممارسة الفواحش واقترابها.
وقد توسل نوح (عليه السلام) في دعوته هذه بوسائل الخطاب بالحكمة والموعظة الحسنة والانذار من عذاب الله تعالى والاحتجاج الذي يعتمد على المنطق والأخلاق والتأكيد على التجرد من الهوى أو المصالح الدنيوية، فهو إنسان أرسله الله لإبلاغ رسالاته وليس ملكاً، كما أنّه لا يبتغي من وراء هذا العمل أجراً أو فائدة خاصة أو مقاماً دنيوياً، وإنما يريد بذلك خيرهم وصلاحهم.
وكان (عليه السلام) يتصف بالصبر وسعة الصدر والاستقامة في الدعوة ومواصلة إبلاغ الرسالة واستخدام الأساليب المختلفة العلنية والسرية: ?رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً?(1).
?ثم إني دعوتهم جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً?(1).
وقد واجهه قومه بتكذيبه في دعوته واستخدموا في هذا التكذيب عدة وسائل تعبر عن مراحل من المواجهة بينه وبين قومه.
فأولاً: كانوا يثيرون في وجهه الشبهات والشكوك من خلال المجادلة بالباطل، فتارة يتهمونه بالكذب والافتراء لأن الرسول من الله لابد أن يكون ملكاً ويستغربون أن يكون رسول الله رجلاً مثلهم، وأخرى يتهمونه بالضلال والخروج على الجماعة ووحدتها، وثالثة بأنه يسعى وراء الجاه والمقام والحصول على الامتيازات، مع أنّه لا فضل له عليهم في الجاه والمال والولد.
وثانياً: المحاصرة الاجتماعية من خلال الاتهام بالتسافل الاجتماعي والعيش مع الأراذل والضعفاء والأوباش من الناس. ولا يمكنهم أن يؤمنوا برسالته لأن ذلك يؤدي بهم إلى أن ينزلوا إلى هذا المستوى الاجتماعي الداني.
وكان نوح (عليه السلام) يرد عليهم هذا الاتهام بأن هؤلاء مؤمنين ولا يمكن له أن يطردهم ويبتعد عنهم، والله أعلم بما في نفوسهم وهو يثيبهم على أعمالهم ونياتهم.
وثالثاً: التهديد بالعدوان واستخدام القوة ضده إذا لم يترك رسالته: ?قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين، قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومن معي من المؤمنين?(2).?فدعا ربه أني مغلوب فانتصر?(3).
ويبدو من القرآن الكريم أن نتائج هذه المرحلة كانت:
أولاً: الإيمان بالرسالة من قبل عدد محدود من الطبقة السفلى من الناس، وكذلك أهله باستثناء زوجته وأحد أبنائه. وبقي سائر الناس على عنادهم وإصرارهم في تكذيبه: ?وما آمن معه إلا قليل?(1).
ثانياً: انقطاع الصلة والتعايش بين نوح (عليه السلام) وقومه من خلال تطور المواجهة بالتهديد وباستخدام القوة وصمود واستمرار نوح (عليه السلام) على موقفه وعدم التراجع عنه: ?واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فاجمعوا أمركم وشركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون?(2).
ويمكن أن نفهم كلا هذين الأمرين من هاتين الآيتين أيضاً: ?أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون وأوحي إلى نوح أنّه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون?(3).

2 ـ اليأس وصنع الفلك (4)

وقد يئس نوح (عليه السلام) من هداية قومه وإيمانهم بعد أن أخبره الله تعالى، وكان قد تبين العناد والإصرار على التكذيب في قومه، فنادى ربه بذلك ثم حصل له
اليأس من هدايتهم بعدم إيمانهم بعد أن أخبره الله تعالى بذلك، كما أشارت إلى ذلك الآية السابقة، وقد كان قومه يطالبونه بما كان يعدهم من إنزال العذاب وهو يوكل ذلك إلى الله تعالى، وفي الوقت نفسه يواصل دعوته لهم. وبعد إخبار الله تعالى له بذلك، نجد نوحاً (عليه السلام) يعبر عن هذا اليأس في عدة مواقف.
أ ـ إعلان القطيعة والبراءة من قومه، كما أشارت إلى ذلك الآيات الكريمة السابقة.
ب ـ الدعاء والطلب من الله تعالى بإنزال العذاب عليهم تنفيذاً للسنة الإلهية التي كانت تفرض نزول العذاب بالأقوام الذين يكذبون رسلهم مع تهديدهم باستخدام القوة ضدهم، إما بقتلهم أو إخراجهم من ديارهم أو تعذيبهم بالسجن وغيره. وقد كان نوح ينذر قومه بنزول هذا العذاب: ?كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار?(1). ?وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً?(2).
ج ـ الاستعداد لنزول العذاب من خلال صنع الفلك والسفينة.

صنع الفلك

ثم إن الله تعالى لما أمر نوحاً بأن يصنع الفلك تهيئاً وتحسباً لحدوث الطوفان ونزول العذاب، ?ولا تخاطبني في الذين ظلموا أنهم مغرقون?(3).
قام نوح بصنع الفلك، ويبدو أن المنطقة التي كان يعيش فيها نوح وقومه كانت «فلاة» لا يوجد فيها بحر ولا نهر، ولذا لم يكن لهذا العمل تفسير لدى قوم نوح (عليه السلام) فكان يثير لديهم الاستغراب والتعجب والسخرية: ?وكلمّا مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه?(1). فهل كان ذلك منهم من دون أن يخبرهم نوح بنزول العذاب والطوفان، أم أنهم كانوا يوغلون بالتكذيب والسخرية حتّى بعد إخباره لهم بمجيء الطوفان.
لا يوجد تصريح في القرآن الكريم، وإن كنت أستقرب أن يكون ذلك بعد إخبار نوح لهم بذلك، كما هو مقتضى الحال، وما يفهم من بعض الآيات أن نوحاً كان قد أخبرهم بنزول العذاب: ?فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنّما يأتيكم به الله إن شاء الله وما أنتم بمعجزين?
ويشير إلى ذلك ما كان يذكره نوح لهم في مقابل سخريتهم: ?قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم?(2).
واستمرت هذه الحرب النفسية الطويلة طيلة المدة التي كان يصنع فيها نوح (عليهم السلام) الفرد المحاصر قليل العدة والعدد ـ السفينة العظيمة التي يريد أن يعدها لهذه المهمة.
ولعل هذه الفترة كانت من أصعب الأوقات التي مرّ بها الرسول (عليه السلام) ، حيث كانت فترة المقاطعة الشاملة وفترة الحرب النفسية الظالمة وفترة الانتظار والترقب لنزول العذاب وتحقق الوعد الإلهي. وقد كان الله تعالى يرعى نوحاً بعينه التي لا تنام ويسدده بالوحي ويعلمه كيف يصنع السفينة في مراحلها
المتعددة ويثبته في عمله وموقفه.
ووضع له تعالى علامة لمجيء الأمر بالعذاب وهي «فوران التنور في بيت أهله»: ?فأوحينا إليه أن أصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا فار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين?(1).

3 ـ الطوفان وآثاره ونتائجه

وعندما فار التنور أمر الله تعالى نوحاً (عليه السلام) أن يحمل في الفلك أهله إلا من استثنى منهم، وممن سبق القول من الله تعالى في إهلاكهم كزوجته، وجميع المؤمنين ممن آمن معه، وهم قليل، وكذلك من كل الحيوانات من كل زوجين اثنين ذكراً وأنثى. فلما حملهم نوح (عليه السلام) في السفينة وركبوا فيها فتح الله سبحانه أبواب السماء بماء منهمر وفجر الأرض عيونا، فالتقى الماء من السماء والأرض على أمر قد قدر، وأصبحت السفينة تجري بهم في موج كالجبال ولم يكن هناك شيء من الجبال أو المرتفعات مما يعصم الإنسان عن أرم الله بالغرق. فأخذ الناس الطوفان وهم ظالمون.
ثم إن نوحاً وجد ابنه قد انعزل عنه ولم يركب في السفينة، فناداه: يا بني أركب معنا ولا تكن مع الكافرين، قال ابنه: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال له نوح: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم الله منهم، وهم أولئك الذين ركبوا السفينة، ثم حال الموج بينه وبني ابنه، فكان ولده من المغرقين.

قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض

فلما عم الطوفان وأغرق الناس (كما يظهر من سورة الصافات / آية 77) أمر
الله الأرض أن تبلع ماءها والسماء أن تقلع وغيض الماء واستوت السفينة على جبل الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين، وأوحي إلى نوح (عليه السلام) أن أهبط إلى الأرض بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك فلا يأخذهم بعد هذا طوفان عام، ومنهم أمم سيمتعهم الله بأمتعة الحياة ثم يمسم عذاب أليم، فخرج هو ومن معه ونزلوا الأرض يعبدون الله بالتوحيد والإسلام، وتوارثت ذريته (عليه السلام) الأرض وجعل الله ذريته هم الباقين (سورتا هود والصافات).

قصة ابن نوح الغريق

ولم يكن نوح (عليهم السلام) يعلم من ابنه إبطان الكفر كما كان يعلم ذلك من امرأته، فكان غرقه مفاجأة له، وحزن لذلك، ولو كان علم ذلك لم يفاجأ ولم يحزنه أمره وهو القائل في دعائه: ?رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً?(1)، وهو القائل: ?فافتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومن معي من المؤمنين?(2)، وقد سمع قوله تعالى فيما أوحي إليه: ?ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون?(3).
فوجد نوح (عليه السلام) وحزن وتساءل فنادى ربه من وجده قائلاً: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق، وعدتني بانجاء أهلي وأنت أحكم الحاكمين ولا تجور في حكمك ولا تجهل في قضائك، فما الذي جرى على ابني ؟ فأخذته العناية الإلهية وحالت بينه وبين أن يصرح بالسؤال في نجاة ابنه ـ وهو سؤال لما ليس له به علم ـ وأوحى الله إليه: يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح، فإياك أن
تواجهني فيه بسؤال النجاة فيكون سؤالاً فيما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين.
فانكشف الأمر لنوح (عليه السلام) والتجأ إلى ربه تعالى قائلاً: ?رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم? أسألك أن تشملني بعنايتك وتستر علي بمغفرتك، وتعطف علي برحمتك، ولو لا ذلك لكنت من الخاسرين (1).

ملاحظات عامة حول القصة

1 ـ إن الهدف الأساس من قصة نوح التي تتميز عن بقية القصص القرآنية كما يبدو من القرآن هو مجموع أمرين:
الأول: أن يضرب الله مثلاً لهلاك قوم رسول من أولي العزم كذبوا نبيهم وهموا به، حيث كانت قضية نوح أول حادثة في التاريخ الإنساني تعرض فيها قوم نبي من الأنبياء إلى الهلاك كما كان الرسول الوحيد من أولي العزم الذي جرى في قومه هذا الهلاك.
وقد كان الهلاك فيها عاماً شاملاً حتّى أنّه وصل إلى الأقربين من نوح (عليه السلام) .
وهذه القضية من القضايا التي يؤمن بها أهل كل الرسالات السماوية وجميع الأقوام والملل المعروفة في التاريخ البشري. كما يدل على ذلك تراث هذه الأمم، ولذلك فهي مثل صادق ينتفع به كل الناس.
الثاني: إن هذه القصة تعبر عن المثل الأعلى للصبر والشجاعة بسبب طول المدة المقرونة باليأس والوحدة، إذ لا نعرف في أي واحد ممن ذكر الله قصته من الأنبياء أنّه مكث في قومه هذه المدة الطويلة يدعوهم إلى الله ويكذبونه ولا يجد بينهم ناصراً له منهم إلا القليل المستضعف، ويستمر في عمله والقيام بوظيفته مع اليأس من هدايتهم وصلاحهم.
2 ـ لقد كان من نتائج الطوفان وآثاره تثبيت خط التوحيد لله تعالى في التاريخ البشري من خلال البقية الباقية لذرية نوح المؤمنين مع بقاء هذه الحادثة قائمة في الذاكرة التاريخية للبشرية، وكذلك لم يشهد التاريخ البشري حادثة أخرى مماثلة لهذه الحادثة بعد ذلك بل كان العذاب ينزل في هذه الجماعة الخاصة أو تلك، وإن العذاب كان ينزل بسبب الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية التي تتعرض لها هذه الجماعات.
3 ـ إن رواية القصة في التوراة جاءت متفاوتة مع ما ذكر منها في القرآن الكريم، كما أشرنا آنفاً. ويمكن أن نلاحظ الاختلاف بين القرآن والتوراة في
النقاط المهمة التالية:
أ ـ وجود تفاصيل في النص القرآني ـ على عمومه وإجماله ـ ذات مغزى مهم لم تذكر في الرواية التوراتية الموجودة، مثل استثناء امرأة نوح (1) من النجاة وغرق ولده، بل صرحت التوراة بدخول امرأته في الفلك ونجاتها، ولم تذكر ابن نوح الغريق.
وكذلك يصرح القرآن بنجاة المؤمنين بنوح على قلتهم، مع أن التوراة تقتصر على خصوص نوح وأهله.
ب ـ وجود تفاصيل في التوراة عن القصة ليس لها مغزى وهدف، مثل خصوصيات السفينة من طولها وعرضها وطبقاتها وارتفاعها ومدة الطوفان وارتفاع الماء وكيفية نقصان الماء ومحاولات نوح لاستكشاف جفاف الأرض بإرسال الغراب والحمامة ومجيئها في المرة الثانية بغصن الزيتون. ونزول نوح والحيوانات والدواب وانتشاره في الأرض للتكاثر والتوالد. وكذلك بنائه لأماكن الذبح والعبادة، والقرار الإلهي بتمكين نوح من الحيوانات الأرضية والطيور والحيوانات المائية، وأن الله وضع ميثاقاً بينه وبين نوح وذريته وعلامة تذكرهم بالميثاق وهو قوس قزح، إلى غير ذلك من التفاصيل التي لا مغزى لها ولأهدف، كما أن بعضها بعيد وغريب لا يقبله المنطق السليم.
ج ـ ذكرت التوراة بعض التفاصيل التي لا تليق بالأنبياء وقداستهم، مثل ما فعله أحد أبناء نوح بأبيه بعد أن كان قد سكر نوح بشرب الخمر حيث تعرى
داخل خبائه، فنظر إليه ولده عارياً وأخبر إخوته بذلك فقاموا بستر عورته.
وعندما استيقظ من سكرته لعن ولده كنعان الذي نظر إلى عورته ودعا عليه أن يكون عبداً لاخوته.
د ـ وجود تفاصيل تخالف ظاهر القرآن أو صريحة مثل ذكر التوراة لنجاة أبناء نوح، وذكر القرآن لغرق بعض أبنائه. وكذلك ذكر القرآن أن المدة التي لبث فيها نوح مع قومه قبل الطوفان (حسب ظاهر الآية 14 / العنكبوت) هي تسعمائة وخمسون عاماً، والتوراة تذكر مدة عمر نوح كلها هي تسعمائة وخمسون عاماً (1).
وقد تأثر بعض الصحابة والتابعين بهذه المعلومات التي وردت في التوراة، فأخذوها عن أهل الكتاب وتناقلوها بينهم وقد يكون بعض هذه المعلومات التي لا تخالف القرآن والتفاصيل صحيحاً ولكن لا يمكن الاعتماد عليه.
وبذلك يمكن أن نفهم سمو الهدف القرآني وارتباط نصه بالوحي الإلهي ومصداقية قوله تعالى في آخر قصة نوح من سورة هود، وهو أكثر مواردها تفصيلاً: ?تلك من أنباء الغيب ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر أن العاقبة للمتقين?(2).
4 ـ ورد في الروايات العديدة التي روى أكثرها العياشي في تفسيره، عن أهل البيت (عليهم السلام) أن حياة نوح والطوفان والتنور كان في الكوفة ومسجدها الأعظم. وأن الجودي الذي استقرت عليه السفينة هو جبل قرب الكوفة ولعله الغري. وأن
الجبل الذي آوى إليه ابن نوح هو جبل «النجف» الذي كان جبلاً عظيماً، ثم تقطع بأمر الله قطعاً قطعاً حتّى امتد إلى بلاد الشام وصار بعضه رملاً، وهو المعروف الآن «بالطارات»(1)، وهذا التفسير التاريخي للحادثة مما اختص به تراث أهل البيت (عليهم السلام) دون غيرهم. ولعل الأبحاث التاريخية والأثرية تكشف هذه الحقيقة في المستقبل.

پاورقيها:

ـ الصافات: 77.
ـ المؤمنون: 27.
ـ بناء على أن آدم من الأنبياء كما تشير إليه بعض النصوص، وإلا فهو النبي الثاني.
ـ تصرح الروايات عن أهل البيت أن عمر نوح كان ألفين وخمسمائة عام.
ـ راجع البحار 11 ـ 321 و 331 ـ 339 ـ عن العلل وتفسير العياشي وغيرهما.
ـ غافر: 5 ـ 6.
ـ نوح: 25 ـ 28.
ـ نوح: 26 ـ 27.
ـ نوح: 5.
ـ نوح: 8 ـ 9.
ـ هود: 38.
ـ هود: 40.
ـ يصرح القرآن الكريم بهذا المغزى عندما يضرب امرأة نوح وامرأة لوط مثلا للذين كفروا في سورة التحريم، ومنه يمكن أن نفهم المغزى من هلاك ابن نوح حيث لا توجد لأحد عند الله قرابة، وأن الكرامة عند الله تعالى هي للإيمان والعمل الصالح.
ـ يوجد هنا بحثان تناولهما المفسرون، حول حادثة ابن نوح:
1 ـ نوح 23 .
2 ـ الذاريات: 51.
2 ـ الشعراء: 116 ـ 118.
2 ـ الشعراء: 118.
2 ـ الميزان: 10 ـ 251.
2 ـ فقد ورد في أحاديث أهل البيت وأحاديث الجمهور ما يؤكد ذلك، وقد استدل لذلك بمجموعة من الآيات منها قوله تعالى ?شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى...? الشورى: 13.
2 ـ نوح: 26 ـ 27.
2 ـ هود: 38 ـ 39.
2 ـ هود: 49.
2 ـ يونس: 71.
3 ـ الصافات: 78.
3 ـ القمر: 10.
3 ـ النجم: 53.
3 ـ هود: 35 ـ 36.
3 ـ هود: 37.
3 ـ هود: 37.
4 ـ الصافات: 79.
4 ـ اليأس من الهداية لا يصح إلا بأخبار الله تعالى وكذلك قطع الصلة والبلاغ، ولذلك عاتب الله سبحانه نبيه يونس وابتلاه بالحوت، لأنه ذهب مغاضباً كما يعبر القرآن الكريم، ولهذا السبب ـ على ما يبدو من القرآن الكريم ـ لم ينزل العذاب على قوم يونس مع أنهم كانوا قد كذبوه في رسالته كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك في سورة يونس، وأما نوح (عليه السلام) فقد أخبره الله بذلك.
5 ـ نوح: 28.
6 ـ الميزان: 10 ـ 252 بتصرف قليل.
الأول: إن ابن نوح هل كان ولده حقيقة ـ كما هو ظاهر الآية.. أو إنه ابن زوجته من رجل آخر فهو ربيبه كما تشير إلى ذلك بعض القراءات المروية (ابنها) وبعض الروايات. أو انه ابن فراشه وأن زوجته قد خانته بذلك كما وصفها القرآن الكريم بالخيانة في سورة التحريم. والصحيح هو ما ذكرناه تمسكاً بظاهر الآية الكريمة وأصالة القرآن في مقابل الروايات.
الثاني: إن نوحاً هل سأل ربه نجاة ولده في قوله:?إن ابني من أهلي وان وعدك الحق? مع أنّه كان كافراً، وقد دعا ربه أن لا يذر على الأرض من الكافرين دياراً ؟ أو انه لم يكن يعرف كفر ولده لأنه كان منافقا؟، أو أنّه ظن بأن الله تعالى سوف يهديه في آخر لحظة بسبب الوعد الإلهي له بالنجاة ؟ أو أن نوحاً لم يسأل ربه ذلك وإنما سأل تفسير هذه الحادثة التي فوجئ بها، حيث كان يظن نجاة ولده بسبب الوعد الإلهي ؟ !! إلى غير ذلك من الأسئلة التي تثار حول هذا الموضوع وترتبط بالعصمة الإلهية.
وقد تناول هذا الموضوع العلامة الطباطبائي وغيره بالبحث. راجع الميزان 10/232 ـ 338.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:49 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

قصص عهدين و مقايسه آن با قصص قرآني

قصص عهدين و مقايسه آن با قصص قرآني

عباس اشرفي

سخن از ادبيات متون ديني و مخصوصاً پيرامون داستان‏سرايي ديني و داستان‏سرايي عهد عتيق و عهد جديد، آن‏چنان نادر است كه حكم به عدم آن مي‏شود. چرا كه ـ همان طوري كه مي‏آيد ـ غالباً بر اين تصورند كه كتاب مقدس سلسله گزارش‏هاي تاريخي يك قوم مي‏باشد.
اين مقاله به نظرات محققان اهل كتاب پيرامون داستان‏هاي عهدين پرداخته آن‏گاه به مقايسه داستان‏هاي عهدين با داستان‏هاي قرآن مي‏پردازد.

1. پيرامون قصص عهدين
عهد قديم، حكايت قوم بني‏اسراييل و عهد جديد

حكايت عيسي مسيح است. «رشته كتاب‏هاي تاريخي عهد عتيق از سفر پيدايش گرفته تا كتاب نحمياه كه در آن‏ها بعدها انديشه وعده خدابه‏مردم برگزيده جاي داده شده بود بي‏گمان پايه يگانگي فكري يهود بود، اما همه نوشته‏هاي عبري و ادبيات آن زمان منحصر به اين‏ها كه سرانجام به كتاب مقدس راه يافت، نيست».(1) كتاب‏هاي عهد عتيق با ادبيات‏هاي دوره نگارش خود همخواني داشته و تحت تأثير آن بوده‏اند و از اين جهت، كتاب‏ها داراي سبك‏هاي مختلفي مي‏باشند، مثلاً سموئيل و پادشاهان، كاملاً تاريخي و به سبك گزارش‏هاي تاريخي نگارش يافته‏اند و يا مزامير «آكنده از حماسه‏هاي جنگي است كه هيچ شعري از لحاظ نيروي تعبير و كنايه و وضوح تصاوير به پايه آن نمي‏رسد و هرگز احساس ديني به اين شدت و نيرومندي بيان نشده است».(2)
اگر بخواهيم از ديد الهياتي، به اين موضوع نگاه كنيم بايد بگوييم كه به اعتقاد محققين اهل كتاب، اين كتاب‏ها به هدف وقايع نگاري و يا گزارش تاريخي نگارش نيافته‏اند بلكه به قصد الهياتي و عقيدتي نگارش يافته‏اند. در تفسيري راجع به تأليف داستان آفرينش آمده: «منظور مؤلف آن نبود كه به ما بگويد در آغاز چه گذشت و چگونه گذشت. او خواسته كه به ما كمك كند تا به شرايط انساني خود بينديشيم. او هرگز ادعا ندارد كه در نقش يك خبرنگار گزارش تفصيلي رويدادي را بدهد، بلكه مي‏خواهد ما را متوجه بحران عميقي سازد كه پيكار نوع بشر است».(3) و بر همين اساس قابل توجيه مي‏باشد كه نگارنده‏اي براي رساندن پيام الهياتي و هدف عقيدتي، از اسطوره‏هاي رايج و فرهنگ زمانه نيز تأثير پذيرفته و آن‏را به كار برده باشد، «نويسندگان مقدس نسبت به موضوعاتي كه فرهنگ‏ها و مذاهب هم‏جوار ارايه مي‏كنند واكنش نشان مي‏دهند، اگر آن‏ها اين موضوعات را بگيرند و آن‏ها را تصفيه نمايند همواره آن‏ها را در خدمت آن مكاشفه منحصر به فرد قرار مي‏دهند، اقدامي كه به شيوه‏هاي گوناگون اما همواره با روحيه‏اي يكسان انجام مي‏پذيرد».(4) مثلاً در خصوص طوفان مهيب كه به گذشته‏هاي دور باز مي‏گردد و در اَدوار مختلف سومريان و بابلي‏ها جلوه‏گر بود «سنت كتاب مقدسي از مواد خام اين‏گونه اساطير بهره جست، عناصر ملحدانه و چند خدا باورانه‏شان را در پرتو ايمان توحيدي خود آراست و به آن‏ها معنايي اخلاقي و مذهبي بخشيد».(5) نورتروپ فراي در مقاله ادبيات و اسطوره مي‏نويسد: «از آغاز پيدايي اساطير، در كتاب عهد عتيق فعاليت عظيمي براي شكل دادن به آن‏ها و تعريفشان به وضوح صورت گرفته و اساطير اصلي را به شكل كنوني درآورده است».(6) مثلاً، منشأ «نشيدالانشاد» سرودهاي جشنواره‏هاي روستاييان مي‏باشد كه مضمونشان، اسطوره‏هاي مربوط به زناشويي و باروري از قبيل وصلت خدا با بانوي جشن ماه مه در انگلستان قرون وسطي، بوده است، اما پس از آن‏كه به تورات [= عهد عتيق [راه يافت در ساختار اساطيري آن به تحليل رفت و به عنوان منظومه‏اي عرفاني يعني بيان تمثيل عشق خداوند به كليسا يا به روان آدمي سرنوشت درخشاني يافت.(7) البته همان‏طوري كه يادآور شديم «رابطه اسطوره با نوعي داستان[داستان تاريخي؛ تاريخ داستان‏گونه [بدين معني نيست كه ساختارهاي اساطيري از قبيل انجيل و اسفار خمسه و... فرآورده تقلب و تزويرند...»(8) و شارپانتيه نويسنده اهل كتاب نيز در بحث اسطوره مي‏گويد: «بدين جهت، همه اين اساطير كاملاً جدي‏اند، چرا كه نخستين بازتاب انديشه‏هاي بشري هستند. اكنون مي‏توانيم بفهميم چرا كتاب مقدس براي بيان افكار خود اين زبان را برگزيد، در عين حال، كتاب مقدس اين زبان را كاملاً تغيير داد».(9)
داستان‏هاي عهدين، هر چند كه داراي وحدت سبك و سياق واحد نمي‏باشند ولي در برخي از عناصر، مشترك مي‏باشند از آن‏جمله استفاده از مثل و نگارش شجرنامه كه در همه عهدين به چشم مي‏خورد و ما در اين‏جا به اختصار به برخي از اين اسلوب‏ها اشاره مي‏كنيم:

1 ـ 1 . روش استفاده از مَثَل

مَثَل يكي از اشكال بيان است... واژه‏اي است فني كه در سخنراني قديم بكار مي‏رفت، مفهوم ضمني اين كلمه به معني در كنار هم قرار دادن مطالب و اشياء، به منظور مقايسه‏اي است.(10) و مراد از مثل در اين‏جا همه انواع آن يعني تشبيه، داستان تمثيلي و ضرب‏المثل مي‏باشد، «زيرا فقط يك كلمه عبري به معني يك داستان تمثيلي، يك ضرب‏المثل يا يك معما مي‏باشد».(11)
گويند قديمي‏ترين مثلي كه در تاريخ ادب در ممالك شرق نزديك وجود دارد حكايتي است به نام مَثَل اشجار كه در عهد عتيق وارد شده و آن نمونه كامل اين نوع از ادب است.(12) و آن اين است: «روزي درختان تصميم گرفتند براي خود پادشاهي انتخاب كنند اول از درخت زيتون خواستند كه پادشاه آن‏ها شود اما درخت زيتون نپذيرفت و گفت: آيا درست است كه من تنها به دليل سلطنت بر درختان ديگر از توليد روغن زيتون كه باعث عزت و احترام خدا و انسان مي‏شود دست بكشم؟ سپس درختان نزد درخت انجير رفتند و از او خواستند تا برايشان سلطنت نمايد درخت انجير نيز قبول نكرد و گفت آيا ميوه خوب و شيرين خود را ترك نمايم صرفاً براي اين‏كه بر درختان ديگر حكمراني كنم؟ پس به درخت انگور گفتند كه بر آن‏ها پادشاهي كند، درخت انگور نيز جواب داد: آيا از توليد شيره كه خدا و انسان را به وجد مي‏آورد، دست بردارم، فقط براي اين‏كه بر درختان ديگر سلطنت كنم؟ سرانجام همه درختان به بوته خار روي آوردند و از آن خواستند تا بر آن‏ها سلطنت كند. خار در جواب گفت: آيا واقعاً مي‏خواهيد كه من بر شما حكمراني كنم، بياييد و زير سايه من پناه بگيريد! در غير اين صورت آتش از من زبانه خواهد كشيد و سروهاي بلند لبنان را خواهم سوزاند».(13)
كتاب‏هاي عهد عتيق مشحون از مثل است و پس از اين‏كه نوبت به عيسي ناصري رسيد وي كلام خويش را بيش از همه انبياء بني‏اسراييل به تمثيلات زينت داد تا جايي كه او را از نظر ادبي، بزرگترين استاد فن تمثيل‏سرايي شناخته‏اند.(14) ويل دورانت در اين خصوص مي‏گويد:
«عيسي تعليماتش را به سادگي، در خور شنوندگانش، بيان مي‏كرد؛ با قصه‏هايي به اشارت و غيرمستقيم مطالبش را مفهوم مي‏كرد، با پندهاي اخلاقي گيرا كه به جاي استدلال‏هاي منطقي به كار مي‏برد و با تشبيهات و استعاراتي به همان اندازه درخشان كه در آثار ادبي ديگر يافت مي‏شود. قالب تمثيلي كه به كار مي‏گرفت در مشرق زمين يك شيوه معمول بود و بعضي از تشبيهات گيراي او، شايد نادانسته، برگرفته از انبيا، مؤلفان مزامير، يا ربّن‏ها بود؛ مع‏هذا، سر راست بودن بيان، حالت زنده تخيل و صميميت گرم روحش، گفتار او را به پايه الهام آميزترين شعر مي‏رسانيد. برخي از سخنانش مبهم است و برخي ديگر در بادي امر نادرست مي‏نمايد، بعضي ديگر تند و تيز، كنايه‏آميز و تلخ است؛ و تقريباً همه آن‏ها نمونه ايجاز، روشني و نيروي گفتار است».(15)
مثل‏ها فقط در اناجيل همنوا آمده‏اند يعني در يوحنا نيامده است. در انجيل متي آمده: «عيسي براي بيان مقصد خود هميشه از اين نوع امثال و حكايات استفاده مي‏كرد و اين چيزي بود كه انبياء پيشگويي كرده بودند، پس هرگاه براي مردم سخن مي‏گفت؛ مثلي نيز مي‏آورد زيرا در كتاب آسماني پيشگويي شده بود كه: من با مثل و حكايت سخن خواهم گفت و اسراري را بيان خواهم نمود كه از زمان آفرينش دنيا تا حال پوشيده مانده است».(16) از مثل‏هاي انجيل مي‏توان به گوسفند گمشده، صاحب خانه، خانه خالي و خادم در غياب ارباب و بذرافشان اشاره كرد و ما در اين‏جا به ذكر بذرافشان بسنده مي‏نماييم: «گوش كنيد! روزي كشاورزي رفت تا در مزرعه‏اش تخم بكارد، هنگامي كه تخم مي‏پاشيد، مقداري از تخم‏ها در جاده افتاد و پرنده‏ها آمده، آن‏ها را از آن زمين خشك برداشتند و خوردند، مقداري نيز روي خاكي افتاد كه زيرش سنگ بود، به همين خاطر زود سبز شدند ولي طولي نكشيد كه زير حرارت آفتاب سوختند و از بين رفتند چون ريشه محكمي نداشتند. بعضي از تخم‏ها در زمين خوب و حاصل‏خيز افتادند و سه برابر زيادتر و بعضي تا شصت و حتي صد برابر ثمر دادند. اگر گوش داريد گوش كنيد!»(17)

1 ـ 2. نگارش شجرنامه

در عهد قديم تماماً و در عهد جديد در خصوص عيسي مسيح به ذكر شجرنامه پرداخته است. «شجرنامه در دنيا عهد قديم و در يهوديت به خوبي شناخته شده هستند و نقش مهمي را عهده‏دار بوده و تا حدي به كارت شناسايي فعلي ما شباهت دارند، اما چنان‏چه تشخيص هويت از راه شجرنامه مورد نظر باشد محرك آن صرفاً كنجكاوي نخواهد بود. شجرنامه با ارتباط دادن فردي با يكي از اجدادش حق وي را براي مالكيت زميني يا رسيدن به مقام كهانت، توجيه مي‏كند. در موقعيت آشفته‏اي كه بعد از بازگشت از تبعيد يهوديان برقرار شده بوده شجرنامه‏ها اهميت ويژه‏اي را كسب كرده بودند در واقع بدون آن‏ها توجيه امر تعلق به قبيله لاويان و بنابراين درخواست شغل در ميان كاهنان امكان‏پذير نبود. گم كردن شجرنامه عواقب وخيمي را به همراه داشت.(18) چنانچه در عزرا مي‏خوانيم: «ولي چون ايشان نتوانستند نسب نامه‏هاي خود را ثابت كنند كه از نسل كاهنان هستند از كهانت اخراج شدند».(19)

1 ـ 3. سبك تئوفاني(20)

اين سبك به منظور نشان دادن حضور خداوند به كار مي‏رود، قوم اسرائيل، قبل از هر چيزي از ظهور خداوند بر كوه سينا الهام مي‏گرفتند كه بر اساس كتاب خروج در آن‏جا رعد و برق و آتش و لرزش كوه بود كه نشان مي‏داد خداوند در آن‏جا حضور دارد لذا به اين سبك، «تجلي خداوند» يا «سبك ظهور» مي‏گويند.(21)

1 ـ 4. سبك مكاشفه‏اي

بين سال‏هاي 150 ق.م و 70م كتاب‏هاي فراواني به اين سبك نوشته شد. سبك مزبور اثري عميق بر اذهان ايمان‏داران برجاي گذاشت كه اميد و انتظار براي پايان دنيا را در آنان زنده نگاه مي‏داشت. كتب مكاشفه‏اي مانند دانيال و مكاشفه يوحنا در زمان‏هاي بحراني به نگارش درآمده‏اند، در ابتدا، ديدي بدبينانه نسبت به جهاني وجود دارد كه محكوم به فناست، ولي در انتها، ديدگاه آنان خوش بينانه مي‏شود. در اين كتاب‏ها بيش از هر چيزي به حفظ اميد اهميت داده مي‏شود، اين كتاب‏ها از رمز به خصوصي استفاده مي‏كنند.(22)

2. مقايسه داستان‏هاي عهدين با داستان‏هاي قرآن

قرآن با عهدين تفاوت عمده و اساسي دارد و آن هدف از تأليف و مؤلفين آن‏ها مي‏باشد. اما داستان‏هاي اين‏دو نيز تفاوت‏هايي با هم دارند. بسياري از داستان‏هاي عهدين مانند سموييل، داوران، دانيال نبي، يوييل نبي، نحمياء نبي، ميكاه نبي، حبقوق نبي، عزراي نبي، استر، روت و... در قرآن نيامده است و نيز بسياري از داستان‏هاي قرآن مانند هود، صالح، شعيب، خضر، لقمان، اصحاب ايكه، ذوالقرنين و... منحصر به خود قرآن مي‏باشد. و بسياري از داستان‏ها مانند داستان آدم، نوح، ابراهيم، يعقوب، موسي، عيسي مسيح، مريم، زكريا و... مشترك مي‏باشد، با اين حال در اين داستان‏هاي مشترك نيز حوادثي ذكر گرديده كه مختص به قرآن يا عهدين مي‏باشند. بنابراين مبناي بررسي ما، داستان‏هاي مشترك مي‏باشد و با توجه به اين‏كه در بخش سه و چهار به مقايسه داستان‏ها به طور تفصيل پرداخته شده در اين مبحث از ذكر مثال و مصاديق خودداري شده است.
در اين مبحث از پنج منظر: مدخل قصه، عناصر قصه، اسلوب قصه، اهداف قصه و نتيجه برآمده از قصه، به بررسي مي‏پردازيم:

2 ـ 1. مدخل داستان يا افتتاحيه

اين قسمت، پيش درآمد داستان و قبل از شروع رسمي داستان مي‏باشد كه خواننده را با هدف داستان و شيوه فني نگارنده آشنا مي‏سازد و در حقيقت مقدمه داستان مي‏باشد. اين قسمت معمولاً در داستان‏هاي بلند مشهود است.
چنين به نظر مي‏رسد كه هر دو كتاب قرآن و عهدين در اين قسمت مشترك باشند ولي در چگونگي بيان آن متفاوت مي‏باشند. در عهدين، معمولاً داستان با نسب‏شناسي قهرمان داستان شروع مي‏شود ولي در قرآن با ذكر يكي از ويژگي‏هاي عمده قهرمان و يا يك خصوصيت بارز اخلاقي و يا نمونه قرار دادن قهرمان و يا داستان مذكور و... .

2 ـ 2. عناصر داستان

داستان‏هاي عهدين و قرآن در عناصر قصه با هم مشتركند ولي به علت اختلاف هدف، وجوه افتراقي نيز بين جايگاه عناصر در داستان ملاحظه مي‏شود كه ما به ذكر برخي از اين موارد مي‏پردازيم.

2 ـ 2 ـ 1. شخص

در عهدين، اشخاص داستان با ذكر نام (و معمولاً نسب) مشخص شده‏اند و شخصيت‏هاي اصلي داراي شناسنامه مفصلي مي‏باشند ولي شخصيت‏هاي فرعي اكثراً با ذكر نام ولي بدون تفصيل ذكر شده‏اند و در يك داستان رابطه نسبي و احتمالاً ايماني اشخاص با يكديگر معلوم مي‏باشد مثلاً رابطه لوط و ابراهيم و يا حتي يحيي و عيسي مسيح، كاملاً مشخص مي‏باشد. ولي در قرآن اشخاص به صورت بدون نام ـ مگر در حالت اسوه بودن شخص در موارد نادر ـ و معمولاً بدون لحاظ رابطه نسبي اشخاص داستان و بدون ذكر شخصيت‏هاي فرعي؛ به آن پرداخته شده است. ولي در پرداختن به شخصيت اصلي داستان كه حالت اسوه بودن او نيز مشهود است به جنبه‏هاي تربيتي و اخلاقي او و ويژگي‏هاي بارز او مي‏پردازد و بهتر آن است كه بگوييم حادثه مهم‏تر است از شخص.

2 ـ 2 ـ 2. حدث يا رويدادها

مهمترين عنصر يك داستان، حادثه يا همان ماده‏هاي تاريخي داستان‏هاي عهدين و قرآن مي‏باشند. معمولاً حادثه‏ها با هم مشتركند ولي در تركيب حادثه‏ها و يا استنتاج از آن و... اختلاف وجود دارد. در يك داستان مشترك حادثه‏ها به سه دسته تقسيم مي‏شوند؛ يا مختص عهدين مي‏باشند و يا مختص قرآن مي‏باشند و يا مشترك مي‏باشند. و فرق اساسي حادثه‏هاي مشترك در اين است كه عهدين با جزئيات فراوان ذكر كرده‏اند ولي قرآن به طور اجمال.

2 ـ 2 ـ 3. حوار يا گفتگو

در هر دو كتاب به حوار پرداخته شده ولي تفاوت عمده در اين كه در قرآن تنوع حوار بسيار بيشتر از عهدين مي‏باشد. حوار، گاهي ميان انسان و خدا، گاهي ميان ملائكه و خدا و گاهي ميان انسان و ملائكه و ميان انسان و حيوان و يا انسان و انسان و... صورت مي‏پذيرد. اما در عهدين به حوار ميان انسان و خدا و يا ميان انسان و انسان محدود مي‏شود.

2 ـ 2 ـ 4. زمان و مكان

در عهدين به عنصر زمان اهميت داده شده و معمولاً داستان‏ها به ترتيب زماني مي‏باشد و در سير داستان، به مكان‏ها با ذكر نام و موقعيت جغرافيايي و وضعيت اجتماعي و ديني پرداخته شده ولي قرآن به‏طور نادر به ذكر مكان پرداخته و عنصر زمان نيز به ترتيب رديف نشده است. به عبارتي ديگر عنصر زمان و مكان رعايت نشده و حتي به هم ريختگي زمان و مكان وجود دارد. چنان‏چه يكي از مستشرقين مي‏گويد: «قرآن، قصص درباره نوح و ابراهيم و موسي و ديگر شخصيت‏هايِ آمده، در عهد عتيق را آورده، ليكن عملاً هيچ نشانه‏اي از تواتر زماني آنان به دست نمي‏دهد. به هر حال، جزئيات فراواني از طفوليت به بعد موسي در قرآن هست اما حوادث به‏گونه‏اي مجزا و نه به ترتيب زماني بيان شده است».(23) يكي از نويسندگان مسلمان ضمن بيان اين‏كه هدف قرآن با عهدين فرق دارد در جواب مي‏گويد: «قرآن در عرضه كردن احداث داستان به ذكر ترتيب آن بر حسب ترتيب وقوع نپرداخته مگر در حالتي‏كه، زمان محور ارتباطي احداث در رسيدن به نتايج معيني باشد همان‏طور كه در قصه لوط آمده كه ملائكه فرستاده شده به لوط، اول بر ابراهيم داخل شدند و بعد بر لوط. پس قرآن نيز در تمام سوره‏هايي كه به اين داستان پرداخته، اين ترتيب را رعايت كرده است».(24) و استاد احمد غلوش مي‏گويد: «قصه قرآني تمام عناصر قصه فني را در بردارد پس اشخاص، حوادث، حوار و مكان و زمان در آن واضح مي‏باشد ولي در برخي موارد، دفعه‏اي بر يكي از اين عناصر و دفعه ديگر بر عنصري ديگر تمركز مي‏كند و بدين صورت رعايت هدفي كه به سوي آن مي‏خواند، را مي‏نمايد».(25) و نيز مي‏گويد: «قرآن احداث داستان را يك دفعه ذكر نمي‏كند بلكه يك حادثه مفيدي را براي هدفي اختيار مي‏كند و به آن اهتمام مي‏ورزد».(26)

2 ـ 3. اسلوب عرضه يا اسلوب‏هاي بيان داستان

اسلوب‏هاي عرضه داستان در عهدين و قرآن تفاوت آشكاري دارند، مهمترين تفاوت اين است كه عهدين به صورت داستان تاريخي و يا حكايت و يا گزارش تاريخي عرضه مي‏شوند ولي قرآن به صورت داستان ادبي عرضه مي‏شود.(27)
از تفاوت‏هاي ديگر اين است كه عهدين از اسلوب‏هاي مكاشفه‏اي، استفاده از شجرنامه و سبك تئوفاني بهره مي‏جويند در حالي كه قرآن از اسلوب‏هاي حذف و ايجاز،(28) تكرار تعريف، پي‏نوشت و فواصل استفاده مي‏نمايد.

2 ـ 4. اهداف داستان

هدف عمده روايات عهدين بيان سرگذشت قوم بني‏اسراييل به عنوان قوم برگزيده مي‏باشد و با كمي ملاحظه مي‏توان گفت كه عهد قديم، سرگذشت بني‏اسراييل و پيامبران و پادشاهان آنان و قوانين مذهبي يهود و عهد جديد سرگذشت عيسي مسيح و تعاليم مسيحيت مي‏باشد. و تمام داستان‏هاي آن نيز در همين راستا شكل گرفته است اما در قرآن، قصص اهدافي چون عبرت‏آموزي، هدايت‏گري، انديشه‏سازي، بيان اصول دين، بيان سنن الهي و... را دارا مي‏باشند. بنابراين اهداف داستان‏هاي قرآن بسيار گسترده‏تر از داستان‏هاي عهدين مي‏باشد.

2 ـ 5 . نتيجه‏گيري يا اختتاميه داستان

هر داستاني به نتيجه‏اي ختم مي‏شود. تمام داستان‏هاي عهدين به دو موضوع برتري قوم بني‏اسراييل در عهد قديم و يا فرا رسيدن ملكوت خدا در عهد جديد ختم مي‏شوند ولي داستان‏هاي قرآن اختتاميه‏هاي مختلفي دارد كه مهمترين آن اثبات توحيد، نبوت و معاد مي‏باشد.

پاورقيها:

1. ولز، هـ.ج: كليات تاريخ؛ تجديد نظر ريموند پوستگيت، ترجمه مسعود رجب‏نيا، تهران: بنگاه ترجمه و نشر كتاب، 1351، ص333.
2. دورانت، ويل، تاريخ تمدن؛ ج1، ص396.
3. پژوهشگاه علوم ديني؛ كتاب پيدايش چه مي‏گويد؟ ص16.
4. لئون دوفور، گزاويه؛ فرهنگ الهيات كتاب مقدس. تهران: كانون يوحناي رسول ج1، ص 7.
5 . همان، ج2، ص 904.
6 . فراي، نورتروپ؛ ادبيات و اسطوره، از كتاب اسطوره و رمز، ترجمه جلال ستاري، سروش، چاپ دوم، 1378، ص 109.
7. همان، ص 121.
8 . همان، ص 125.
9. شارپانتيه، اتين، چگونه عهد عتيق را بخوانيم: تهران؛ كانون يوحناي رسول، ص 36.
10. براون، ريموند؛ مثل‏هاي انجيل؛ تهران: كانون يوحناي رسول، ص7.
11. پژوهشگاه علوم ديني؛ انجيل مرقس چه مي‏گويد؟، ص61.
12. حكمت، علي اصغر؛ امثال قرآن؛ تهران: بنياد قرآن، چاپ دوم، 1361، ص13.
13. داوران9: 8 ـ 16
14. حكمت، علي اصغر، امثال قرآن، ص112.
15. تاريخ تمدن، ج5، ص664.
16. متي13: 34 ـ 35.
17. مرقس4: 1 ـ 20 و متي 13: 1 ـ 23 و لوقا8: 4 ـ 15.
18. انجيل لوقا چه مي‏گويد؟، ص61.
19. عزرا2: 62.
20. در زبان يوناني Theos يعني خدا و Phainein يا Epiphainein اعلام كردن مي‏باشد.
21. چگونه عهد جديد را بخوانيم؟، ص 30.
22. چگونه عهد عتيق را بخوانيم؟، ص 7 ـ 166.
23. مونتگمري وات، ويليام؛ برخورد آراء مسلمانان و مسيحيان، ترجمه محمدحسين آريا؛ تهران: دفتر نشر، ص24.
24. نقره، تهامي: سيكو جيه القصة في القرآن: جامعة الجزائر، 1971، ص99.
25. احمد غلوش، احمد؛ الدعوة الاسلامية، اصولها و وسائلها، قاهره: دارالكتب المصري و دارالكتب البنانيه، 1987، ص289.
26. همان، ص322.
27. استاد احمد غلوش مي‏گويد: لايصح أن نطلق اسم الحكاية علي القصه القرآنية، لأن الحكاية يلا حظ فيها المحاكاة (الدعوة الاسلامية، ص288) و به عبارت ديگر، قصص قرآني حكايت نيست چون هدف حكايت، روايت صرف ماجرا مي‏باشد و هدفي چون تأثير و توجيه در حكايت نمي‏باشد.
28. شايد بهتر باشد آن‏را «فن توصيف تلويحي يا فرض ضمني» بناميم. اين فن عبارت است از اين‏كه: «نويسنده تركيبي از برداشت‏هاي حسي را گزينش مي‏كند و در كانون توجه خود قرار و آن‏ها را طوري نظم مي‏دهد كه بدل به الگويي واحد شوند و بعد خواننده فضاهاي خالي را با تصاويري (يا خاطراتي) كه حاصل تجربيات شخصي‏اش است پر مي‏كند. (بي‏شاب، لئونارد، درس‏هايي درباره داستان‏نويسي؛ ترجمه محسن سليماني، تهران نشر زلال، چاپ اول، 1374، ص 320).
سه شنبه 11 مهر 1391  5:49 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

قصص الانبياء في القرآن

قصص الانبياء في القرآن

ابراهيم الخليل

خليل الله هو لقب ابراهيم (ع) وهو ثاني انبياء اولي العزم، ومن بعد صالح لميكن هناك نبي حتي جاء ابراهيم.
ولد ابراهيم في بابل وفي عهد حكومة نمرود. وكانت الدنيا في هذا الوقت مملوءة بالفساد والكفر. نمرود كان ظالما وطاغيه. في بداية حكومته قام بعدة اعمال مفيده في الكوفه وبابل، وكان يعبد الاصنام ويدعي الالوهيه وتعتبر الماً من حالة عبادة الاصنام ولم توجد سابقة لهذه المسئله بين الانبياء السابقين.
ان نمرود كان مغرورا الي الدرجة التي قرر فيها محاربة الالهه في السماء، ولذلك امر بصناعة سفينة هوائيه وان يربطوا في الامام عقاب وفي الخلف ايضا عقاب اخر ويكونا جائعين ويتم تعليق اللحم فوق روؤسهما ليتم طيرانهم الي اقصي ارتفاع ممكن ويستطيع هو ان يطلق السهام علي الاله في السماء. ومن هنا نعلم بأن نمرود الي درجة كان غارقا في الجهل ولم يسمع كل الانبياء بصورة دقيقه، بحيث لايعلم بأن الرب في السماء ليس جسما ولايمكن روئيته بالعين لكي يتسني له المحاربه معه. مع هذا كان الناس في بابل يكنون له الاحترام وفي البدايه كان عمله مفيداً للناس الي ان وصل الي درجة من الغرور وادعي فيه بالربانيه.
كان ابراهيم (ع) من العقلاء في هذا الزمان وعندما كان يري الناس يعبدون الشمس والقمر والاصنام المصنوعة من الحجر والطين ويغرق في التعجب من هذه الاعمال ويقول بان الله الخالق الواحد هو الاعلي من الشمس والقمر وتلك الاصنام الحجريه والطينيه والتي لاتدرك ولاتعي شيئا ويتعجب من هذه الاعمال التي تبين ان الناس لايدركون الحقيقه.
والملاحظ بان ابراهيم قد ترعرع في عائلة عملها صنع الاصنام وعم ابراهيم آزر كان يصنع الاصنام وله مكانة خاصه عند نمرود. وكان ابراهيم ينادي عمه بالاب له، وابراهيم عندما كان يتجول في معمل صناعة الاصنام يتمسخر منها ويستهزيء بها وعمله هذا كان يثير غضب عمه آزر صانع الاصنام.
عندما بعث ابراهيم برسالته ونزلت عليه صحف ابراهيم فتح لسانه لهداية الناس وعمل علي اسقاط اي اعتبار للاصنام. ووصلت الي درجة ان اخرجه آزر ولخوفه من نمرود من المنزل. ولكن ابراهيم يوماً بعد اخر كان يكثف من دعوته للناس الي الايمان برسالته وترك عبادة الاصنام ولكن قليل من الناس كان يلتف حوله لانهم كانوا يخشون غضب نمرود والاصنام ويعتقدون بانهم اذا اغضبوا الاصنام فانه سيواجهون بعذاب هائل.
كان ابراهيم يري الحل في انهاء الخوف من قلوب الناس وان يسقط من اعتبار الاصنام. وهذا التصميم قام بانجازه في يوم عيد حيث ذهب الجميع الي خارج المدينه واخذ فأساً بيده وذهب الي المعبد الكبير وباسم الله قام بتحطيم كل الاصنام وعلق الفأس علي عنق الصنم الاكبر وذهب الي البيت ونام نومة عميقه. وعند عودة الناس الي المدينه رأوا ماحدث في المعبد الكبير اوصلوا الخبر الي نمرود. وسأل نمرود عمل من كان هذا. وفي الجواب قالوا لايجرأ احد علي انجاز هذا العمل ولكن نعرف فتي يقال له ابراهيم والذي يعرف نفسه بأنه عدو الاصنام ويعبد اله غير مرئي ويدعي النبوه ويدعو الناس الي عبادة اله واحد. وجاءوا بابراهيم عند نمرود وسئله نمرود انت الوحيد الذي كنت في المدينه أتعلم من حطم الاصنام؟
اجاب ابراهيم يقولون بان الفأس معلق في رقبة الصنم الاكبر أليس من الجائز بأنه غضب وحطم بقية الاصنام؟
قال نمرود بأن الصنم الاكبر ليست لديه هذه القدره ولايستطيع ان يحفظه. وقال ابراهيم اذا كان الصنم الاكبر عاجزا عن هذا العمل الاصنام الاخري ايضا عاجزة عن القيام باي عمل. فكيف بكم انتم وتعبدون اشياء عاجزه، ولاتؤمنون بالله الكبير الخالق والقادر علي ان يغير الارض بلحظة واحده وان يخلق عالما اخر. قسم من الناس قال ان الحق مع ابراهيم واصبح هناك غوغاء في المدينه. خاف نمرود علي سلطته وقال الان وتأكدنا بانك انت الذي حطمت الاصنام سنلقيك في النار لكي تكون عبرة للاخرين.
قال ابراهيم الله الذي خلقني سينجيني من النار. وقال نمرود ظل في املك هذا.
القوا ابراهيم في السجن وامر نمرود الناس بأن يجمعوا الحطب ونظموا الحطب علي شكل كومات والفاصله بين كل كومة اربعة فراسخ، وكذلك امر بجلب منجنيق ليحترق ابراهيم وسط النار.
في يوم تنفيذ الحكم صنعوا حائطا حول الحطب واحرقوا الحطب ووضعوا المنجنيق خلف الحائط وربطوا ابراهيم بالمنجنيق، ووسط الناس دفعوا المنجنيق الي داخل النار وقالوا لقد تم كل شيء.
ولكن ابراهيم دعا الله سبحانه وتعالي والله امر النار ان تكون بردا وسلاما علي ابراهيم. احترق المنجنيق والحبال المربوطة به وتحرر ابراهيم من النار وكانه في وسط روضة من الازهار. ومرة اخري دعا الناس الي عبادة الله وحده لاشريك له، وفي هذه المره رق قلب الناس لانهم شاهدوا المعجزة امام اعينهم ولكن كانوا يخافون من نمرود وقالوا ان النار اذا اصبحت لابراهيم روضة من الازهار من الممكن ان لاتكون كذلك بالنسبة الينا. وماذا يحدث اذا احرق نمرود كل المؤمنين؟
وبعدها طلب نمرود ابراهيم وقال: انا اعلم انك رجل كبير واذا لم اقدر علي قتلك، فانني لااترك الرئاسة، وساقوم بمذبحة كبيره بين الناس. انا لم اكن لهذا الشعب حاكما غير لائق، اخرج من بابل وادع في البدايه الاخرين لقبول دعوتك ومن ثم ارجع الينا. ان الناس لايتبعونك اذا كنت لاتريد ان تعرضهم الي مذبحة كبيره، ان الدنيا كلها غارقة في الفساد. انا ابني الدوله وانت تستطيع ان تدعو الي الله في اي مكان تشاء وهنا ايضا وضعت اللبنة الاولي لعبادة الله فماذا تقول بعد ذلك؟
فأجاب ابراهيم: الان وتعلم بانني اقول الصدق لماذا لاتقبل دين الله؟ اجاب نمرود افهم ولكن لم يحن الوقت لذلك وانت لاتستطيع في وقت واحد بان تغير كل شيء وتحتاج الي فرصة لانجاز عملك. هل تريد ان تصبح في مكاني؟ قال ابراهيم لااريد ذلك، انا بعثت الي هداية الناس وسعادتهم. واجاب نمرود انني افهم ذلك ايضاً ولكن انت ابراهيم لم تستطع في هذه المده الطويله ان تجعل الناس يعبدون الله وحده، وانا لست ابراهيم بل نمرود. لذا لاتجعل بابل ان تنهار وانه يتم انجاز الاعمال بالصبر اذهب انت وانا سأقوم بتهيئة الناس رويدا رويدا والاستكون هناك مذبحة كبيره وانت لاتحب ان يحدث ذلك.
ولهذا طلب ابراهيم الامر من الله سبحانه وتعالي. ثم سار ابراهيم الي الشام مع ابن اخيه لوط وزوجته سارا التي هي ابنة عمه مع عدد من المؤمنين له وهناك قام بالدعوة الي رسالته وامن به كثير من الناس.

اسماعيل واسحاق

سارا زوجة ابراهيم كانت امرأة عقيمه ولاتنجب الاولاد وكانت لها جاريه بأسم هاجر. لذا اهدت سارا هاجر الي ابراهيم وطلبت من ابراهيم ان يتزوج هاجر لكي يكون له اولاد منها وكانت هذه تحدث لاول مرة بأن يتزوج رجل من امرأة لانجاب الاولاد.
وبعد انقضاء مدة ولدت هاجر طفلا وسمي اسماعيل، وكانت سارا يحترق قلبها لعدم قدرتها علي انجاب الاولاد وهذا مما كان يزعج ابراهيم، لذا لميتمكن ابراهيم ان يكون خالي البال فلذا قال لسارا يجب ان نكون بعيداً عن البعض لذا دعا ابراهيم سبحانه وتعالي فأتاه جبرائيل وقال له: ان سارا امرأة نجيبه ولكنها ضعيفة وفي اي عائله يكون هناك تعدد الزوجات فان تلك العائله تتعرض الي المشاكل.
لذا اجبر ابراهيم ان يأخذ هاجر وابنها ويذهب الي صحراء الكعبه وقال لهما كونا هنا سأتي بعد حين وتركهما وذهب. انقضت مدة من الزمان واحترت الصحراء، وشعرت هاجر وابنها بالعطش واخذت تركض في الصحراء لطلب الماء وطيت المسافه ركضا علي قدميها بين الجبلين الصفا والمروي سبعة مرات تبحث عن ينبوع للماء ورجعت ولاحظت بان مكان قدم اسماعيل هو ينبوع للماء وقالت له بانك طفل حسن قد رزقني الله بك.
ومن الناحيه الاخري كان هناك قوم خلف جبل الصفا في طلب الماء وطلبوا الرخصه من هاجر للاقامة هناك. وفي نفس الوقت ان ابراهيم لانه واعد سارا بانه لن يقيم عند هاجر مدة طويله علم بالاخبار عن العثور علي المياه وبقي عند سارا الي ان بلغ اسماعيل السابعة من العمر.
وبعدها سار ابراهيم من الشام الي بيت المقدس واقام هناك وقام بدعوة الناس الي رسالته وقام بأرسال رسالة الي نمرود مذكرا اياه بوعدته لان المده المقرره قد انتهت والعذاب قريب.
راي ابراهيم في المنام في ليلة بانه سينذر نذرا في سبيل الله وقال له الهاتف الغيبي بان الرجل من يقوم بنذر اعز من لديه قربة الي الله سبحانه وتعالي. قال ابراهيم ان اعز من لدي هو ابني اسماعيل.
قال له الهاتف الغيبي: انذره الي الله سبحانه وتعالي. لانه في تلك الايام كان هناك رسما بان الناس كانوا يتقربون الي الله سبحانه وتعالي عن طريق ذبح ابنائهم. وكرر النداء الغيبي ثلاث مرات في اذن ابراهيم، لذا قال ابراهيم ان في امر الله حكمة. فقرر الذهاب عند هاجر واسماعيل واخبرهم بالمنام الذي راه به وقالت له هاجر اذا كان ذلك امر الله فقم به ولاتتردد في ذلك ونحن راضون بذلك.
ولكن الشيطان وسوس الي اسماعيل وقال له ان ابراهيم يريد ان يذبحك وبعمله هذا يريد ان يفرح قلب سارا. فقام كل من ابراهيم واسماعيل برمي الشيطان بالحجر وطردوه من بينهم. في الوقت الذي هيء فيه ابراهيم اسماعيل للذبح وكان قلب الاثنان مع الله.. جاء جبرائيل وقال لابراهيم ارفع يدك عن اسماعيل ونذر كبش عظيم ليتم به التقرب الي الله سبحانه وتعالي واصبح الكل مسرورين لهذا العمل، ولهذا السبب لقب اسماعيل ذبيح الله.
وبعدها ذهب ابراهيم لمدة عند سارا وهناك امر من قبل الله بان يشيد في ارض الكعبه بناء للعباده وفيه جعل الحج واجب علي المسلمين لمن استطاع له سبيلا. ومن المسائل التي وقعت في ذلك الزمان مثل الهروله بين الصفا والمروي ورمي الجمرات علي الشيطان وتقديم الذبائح اصبحت من مراسم الحج في كل عام. وكبر اسماعيل وكان يقوم بالخدمة في بيت الله للحجاج الزائرين. وكان ابراهيم عند سارا ويبلغ من العمر تسعون عاما ولكن بقيت سارا بدون اولاد، ولقضاء وقتها قامت بتربية نعجة وعلقت في اذني النعجه حلقاتها الذهبيه. ونذر ابراهيم بان لايتناول الطعام الامع ضيوف يصلونه ومضت ستة ايام بدون ان يصل الي ابراهيماي ضيف وواصل ابراهيم صيامه. في اليوم السابع وصل اثنا عشر شخصا وقالوا لابراهيم نحن ضيوفك. ورحب ابراهيم بالضيوف وادخلهم البيت وقال لسارا انهضي و قدمي للضيوف احسن ماعندنا. قالت سارا اعز من هذه النعجه ليس عندي شيء اخر وسافدي ذلك للضيوف. تم ذبح النعجه وعملوا من لحمه الكباب للضيوف ووضعوا ذلك امام الضيوف، ولاحظت سارا بان ابراهيم يأكل والضيوف لايأكلون. وعندما انتبه ابراهيم الي الضيوف قالوا نحن ملك ولسنا انسان ولانستطيع ان نأكل الطعام ولكن جئنا لكي تفطر صيامك والان قدمت لنااعزماعند سارا لذا نبشرها ببشارة ان يكون لها ولدا واسمه اسحاق ومثل اسماعيل سيكون من الانبياء ويكون له ولد اسمه يعقوب.
عندما ولد اسحاق كان ابراهيم يبلغ من العمر مائة وعشرين عاما وجعل اسحاق الوصي والخليفة له في الشام و اسماعيل الوصي والخليفة له في الحجاز ويقومون بالترويج لدين ابراهيم الي ان يصلا الي النبوه.
ولكون نمرود بقي علي ضلالته فأن الله قد ارسل ذبابة وجعلها في اذنه وتاكل منه الي ان مات وقام اسحاق بهداية الناس في بابل .

لوط وقوم لوت

امر لوط من طرف ابراهيم الي هداية قوم لوت ولم يكن لديه كتاباً. كان لصحراء لوت سبعة مدن والشيطان هناك عمل علي رواج الفساد فيها. واخبرهم الشيطان بأن حواء في الجنه قد خدعت آدم والنساء لديهن قلوب ضعيفه ولايمكن الائتمان اليهن. لهذا قام قوم لوت بتذليل النساء واجبارهن علي القيام بالاعمال الشاقه وتقريبهن بعنوان نذور الي الاصنام وتدليل الاولاد الذكور وجعلهم علي المشاركه في الحفلات الماجنه والصاخبه وعمل المنكر معهم بحيث رواج الفساد كان مريعا عند قوم لوت.
ولكون لوط عجز عن هداية هؤلاء الفاسقين توجه الي الله سبحانه وتعالي وقال: اللهم اني عجزت عن هداية هؤلاء ولااجد اي رغبة منهم للتوبه او الاصلاح. جاء جبرائيل وقال ان وقت زوال هؤلاء قريب وان الله صبور ولكن عندما يحين اجراء امر الله سبحانه وتعالي لايبقي القوم الظالمون علي الارض.
قام لوط باتمام الحجه علي الناس وقال لهم لاتعذبوا الفتيات ولاتتخذوا الفتيان ازواج لكم بحيث يتم الرحمة من عندكم. واتبعوا دين ابراهيم وانتخبوا طريق التقوي. ولكن امرأة لوط كانت ايضاً جاهله واتحدت مع اعداء لوط ولكون الفاسقين يرمون لوط بالتهم المختلفه كانت امرأته ترافقهم في ذلك مما ازعج ذلك لوط ودعا الي هلاك قومه.
في يوم من الايام قدم جبرائيل وعزرائيل وبقية الملائكه وبصورة الانسان الي منزل لوط ليبلغوا لوط بخبر العذاب الذي سيلحق بقوم لوت. وذهبت امراته واخبرت القوم بقدوم ضيوف الي لوط. وهجم الاعداء علي منزل لوط وكسروا باب المنزل وقالو للوط: الان وفي الخفاء تقوم انت والمتحدين معك بوضع الخطط لمحاربتنا وتقوم بتخويفنا من عذاب الله سنقوم الان علي افنائك انت والمتحدين معك.
كان ليلا قال لوط لقومه اذا لن تتوبوا سيشملكم في الصباح عذاب الله سبحانه وتعالي. فقالوا الان الصبح قريب واذا لايصل العذاب سنقتلك انت والمتحدين معك. لكي نعلم اين العذاب او الان عليك ان تغادر المدينه انت واصحابك ولا نقبل النصيحة من الغرباء.
غادر لوط المدينه مع اولاده وقبل المغادره قام بنصيحة قومه مرة اخري ولمتجد اذان صاغية له. بقيت امراته في المنزل وقالت له انك لاتفهم اي شيء وجعلت من الجميع ان يصبحوا اعدائك. قال لوط ان الذي بعثني يعلم كل شيء.
ووصل الامر الالهي في الوقت الذي خرج لوط والتابعين له من المدينه واصبحوا مبتعدين عنه. في البدايه تم عمي القوم الضالين ومن بعد تحركت الجبال من مكانها وقامت بسحق الناس ودفنتهم واعمالهم تحت التراب من ثم ذلك ذهب لوط الي الشام وزوج ابنته من اسحاق وكان ثمرة هذا الزواج يعقوب وبقي هناك الي ان يحين الاوان لتبليغ رسالته.

يعقوب

يعقوب بن اسحاق وكان مع اخوه عيص توما. وكانوا يعلمون انه الاكبر سنا. ام يعقوب كانت ابنة لوط. كان اسحاق الامام الديني والامير للشامات. ويقال بانه كان يريد ان يجعل عيص الوصي والولي من بعده وكانت قدرة وابهة عيص اكثر من يعقوب. واسحاق في اخر عمره قد عمي وكان يفكر في الخليفه من بعده من بين ابنائه ولم يصل له الامر الالهي. كان عيص رجلا شجاعا ولائقا للحكومه واما يعقوب فكان رؤوفا واهل العلم والعباده.
في يوم طلب اسحاق ابنيه وقال لهما: اني اليوم اريد ان اكل كباب من لحم الغزال وسارسلكم انتما الاثنين لتهيئة هذا الطعام والذي يهييء الطعام اسرع من الاخر ادعي الي الله ليبيبن الخليفة من عائلتنا من بعدي. عيص سمع هذا الخبر وذهب الي الصحراء ليهيء الغزال. اما يعقوب فقد فكر في الموضوع وقال مع نفسه ان عيص اقوي منه ويستطيع ان ينجز العمل اسرع منه. لذا خرج يعقوب في الصباح الباكر وذهب الي قطيع الاغنام وذبح واحدة منها وعمل من لحمها كباب وقدمه الي ابيه اسحاق بدون ان يقول اي شيء.
عندما شم اسحاق رائحة الكباب شكر الله سبحانه وتعالي ودعا الله الي ان يجعل الخلافه في يعقوب ونسل يعقوب واكل من ذلك الكباب. وعندما دخل عيص مع الكباب من لحم الغزال علي والده انتهي العمل واسحاق اوفي بعهده (منقول من نفايس الفنون).
غضب عيص من سلوك يعقوب وقال له: يا اسرائيل لقد كان عملك هذا حيلة. ولكن يعقوب قال انا لم اكذب في قولي. وعندما اطلع عيص والده علي اصل الموضوع. قال له اسحاق: كان هذا المقدر وان يعقوب لم يكذب علي. ولكن الكينه والبغض ظلت في قلب عيص من يعقوب الي ان وصل يعقوب باولاده ومن بعدها تنسي عيص الموضوع.
يعقوب كان يعبد كثيرا ويجاهد لان يكون عبد الله لذا سمي اسرائيل وان معني اسرائيل (عبدالله) .
عندما ارتحلت زوجة يعقوب من الدنيا، راي يعقوب في المنام بان عليه ان يذهب الي حران وان يطلب الزواج من راحله ابنة لابان، ذهب يعقوب الي حران وفي القرب من المدينه حان وقت الصلاة ووصل يعقوب عند بئر مغطي بحجر كبير وبجواره دلو ثقيل، رفع الحجر من علي البئر وانزل الدلو في البئر واخرج الماء من البئر واملي الحوض القريب من البئر واقام الوضوء وصلي هناك ومن بعدها ذهب عند لابان واخبره حكايته.
قال له لابان انني كنت في هذه الفكره كل من يرفع الحجر من فوق ذلك البئر ويخرج الماء من البئر ساعطيه ابنتي ورايت انك قمت بهذا العمل لذا امنحك ابنتي راحله. ومن ذلك الوقت اقام يعقوب وعائلته في كنعان، وكانت ثمرة زواج يعقوب من راحله اثنان من الاولاد: بنيامين ويوسف. وقبل ذلك كان ليعقوب عشرة اولاد. وكان جمال وكمال يوسف اكثر من الجميع. ويعقوب اعز يوسف اكثر من بقية ابنائه مما انزل الحسد في قلوب اخوة يوسف القصه ستتأتي في حياة يوسف.

سه شنبه 11 مهر 1391  5:50 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

القصص القرآني القسم الخامس

القصص القرآني القسم الخامس

السيد محمد باقر الحكيم

على الساحة القرآنية الرحبة تلتقي كل الأفكار والآراء والمشاعر الخالصة لربها والمخلصة لدينها ورسالتها.. وما أجدر برسالة التقريب وهي تركز على مساحات الالتقاء أن تقف طويلا عند مائدة القرآن الكريم لتقدم الزاد الذي لا يختلف فيه جميع أبناء المذاهب الإسلاميّة.
الاهتمام بالدراسات القرآنية يجمع العقول والقلوب ويشدها نحو هدف واحد سام رفيع يسمو على الصغائر والاختلافات الجانيبة.. خاصة إذا كانت هذه الدراسات تنطلق من فهم معمق منفتح لأهداف رسالة القرآن في مجالاتها البناءة المعطاءة. وهذا البحث الذي نقدم حلقته الخامسة في هذا العدد نموذج لهذه الدراسات الهامة. في الحلقات السابقة تحدث الأستاذ الباحث عن الفرق بين القصص القرآني وغيره وعن أغراض القصص في القرآن الكريم وطبق الأفكار والمعلومات السابقة على مفردات القصة القرآنية وفي هذه الحلقة يستعرض قصة موسى (عليه السلام) بحسب تسلسلها التاريخي كما جاءت في القرآن الكريم، مع تحليل للقصة واستخلاص معطياتها ودروسها.

2 ـ قصة موسى في القرآن
بحسب تسلسلها التاريخي (1)
الإسرائيليون في المجتمع المصري

لقد عاش الإسرائيليون في المجتمع المصري وتكاثروا فيه منذ هجرة يوسف وأبيه يعقوب وبقية أولاده إلى مصر، وقد اضطهد الفراعنة الإسرائيليين في الفترة السابقة على ولادة موسى، وبلغ الاضطهاد درجة مريعة حين اتخذ الفراعنة قراراً بذبح أبناء الاسرائيلين واستحياء نسائهم من أجل الخدمة والعمل، فأراد الله سبحانه وتعالى أن يتفضل على هؤلاء المستضعفين وينقذهم من حالتهم هذه، فهيأ لهم نبيه موسى فعمل على إنقاذهم من الفراعنة (2)
وهدايتهم من المجتمع الوثني إلى المجتمع التوحيدي.

ولادة موسى وإرضاعه

وحين ولد موسى (عليه السلام) أوحى الله سبحانه إلى أمه أن ترضعه وحين تخاف عليه من الذبح العام فعليها أن تضعه في ما يشبه الصندوق وتلقيه في اليم، وهكذا شاءت إرادة الله أن يلقيه اليم إلى الساحل وإذا بآل فرعون يلتقطونه فيعرفون أنّه من أولاد بني إسرائيل، فتتدخل امرأة في شأنه وتطلب أن يتركوه لها على أن تتخذه خادماً أو ولداً تأنس به مع فرعون.
وقد عاشت والدة موسى لحظات حرجة من حين إلقائه في اليم، فأمرت أخته أن تقص أثره وتتبع سير الصندوق فتتعرف على مصيره. ففعلت، وحين عرض الطفل على المرضعات أبى أن يقبل واحدة منها، فانتهزت أخته هذه الفرصة، فعرضت على
آل فرعون أن تدلهم على امرأة مرضعة تتكفل رعايته وحضانته وإرضاعه، وكانت هذه المرأة بطبيعة الحال هي أم موسى، وهكذا رجع الطفل إلى أمه ليطمئن قلبها وتعلم أن ما وعدها الله سبحانه من حفظه وإرجاعه إليه حق لا شك فيه. ولقد شب موسى في البلاط الفرعوني حتّى إذا بلغ أشده وهبه الله سبحانه العلم والحكمة (1).

خروج موسى من مصر

ودخل موسى المدينة في يوم ما على حين غفلة من أهلها (متنكراً) فوجد فيها رجلاً من شيعته (من الإسرائيليين) يقاتل رجلاً آخر من أعدائه (الفرعونيين) فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، فوكزه موسى فقضى عليه ولم يكن ينتظر موسى أن تؤدي هذه الضربة إلى الموت، ولذلك ندم على هذا العمل المتسرع الذي انساق إليه، فاستغفر ربه عليه.
وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب أن ينكشف أمره فيؤخذ بدم الفرعوني، فينزل إلى المدينة مرة أخرى فإذا به يواجه قضية أخرى مشابهة، وإذا بالذي استنصره بالأمس فنصره يستصرخه اليوم أيضاً فعاتبه موسى على علمه ووصفه بأنه غوي مبين يريد توريطه وإحراجه. ثم لما أراد أن يبطش (موسى) بالذي هو عدو لهما (الفرعوني) ظن الإسرائيلي أن موسى يقصد البطش به لا بالفرعوني. فقال لموسى: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ؟ إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض. وبذلك كشف الإسرائيلي عن هوية قاتل الفرعوني الأول وفضح قتل موسى لـه،فعمل الملأ ـ وهم عليه القوم ـ على قتله بدم الفرعوني.
وجاء رجل من أقصى المدينة وأعاليها يخبر موسى بالأمر يقول لـه: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، وطلب منه المبادرة إلى الخروج والهروب من الفرعونيين.
فخرج موسى من المدينة خائفاً يترقب أن يوافيه الطلب أو تصل إليه أيدي الفرعونيين فدعا ربه أن ينجيه من القوم الظالمين (2).

موسى في أرض مدين

وانتهى السير بموسى إلى أرض مدين، فلما وصلها أحس بالأمن وانتعش الأمل في نفسه فقال: عسى ربي أن يهديني سواء السبيل. ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس وهم الرعاة يسقون، ووجد دونهم امرأتين في حيرة من أمرهما تذودان الأغنام وتجمعانها ولا تسقيان، فأخذه العطف عليهما فقال لهما: ما خطبكما ولماذا لا تسقيان ؟ قالتا لـه: لا نسقي حتّى يصدر الرعاء وينتهوا من السقي لأننا امرأتان وأبونا شيخ كبير لا يتمكن من القيام بهذه المهمة الشاقة. فتولى موسى عنهما هذه المهمة فسقى لهما ثم انصرف إلى ناحية الظل وهو يشكو ألم الجوع والغربة والوحدة، فقال: ?رب إني لما أنزلت ألي من خير فقير?.
ولما رجعت الامرأتان إلى أبيهما الشيخ وعرف منهما قصة هذا الإنسان الغريب الذي سقى لهما بعث إلى موسى إحداهما لتدعوه إليه، فجاءته تمشي على استحياء فقالت لـه: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا. فأجاب موسى الدعوة وحين انتهى إلى الشيخ طلب منه أن يخبره عن حاله فقص موسى عليه قصة هربه وسببها، وحينئذ آمنه الشيخ وقال لـه: لا تخف نجوت من القوم الظالمين.
وقد طلبت إحدى ابنتي الشيخ من أبيها أن يستأجر موسى للعمل عنده وليقوم عنهما ببعض المهام الملقاة على عاتقهما نتيجة عجز الشيخ وضعفه، وذلك نظراً لقوم موسى وقدرته على القيام بالعمل مع أمانته وشرف نفسه.
فقال لـه الشيخ: إني أريد أن أزوجك إحدى ابنتي هاتين شريطة أن تأجرني نفسك ثماني حجج (سنين) فإذا أتممتها عشراً فذلك من عندك. فوافق موسى على هذا الزواج وتم العقد بينهما (1).

بعثة موسى (عليه السلام) ورجوعه إلى مصر

وبعد أن قضى موسى الأجل (السنوات العشر) بينه وبين صهره وقد سار بأهله، إذا به يشاهد ناراً من جانب الطور الأيمن وهو جبل صغير. وقد كان بحاجة إليها،
فقال لأهله: امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى. فلما أتاها وجد شجرة وجاء نداء الله سبحانه من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من جانب الشجرة: إني أنا الله رب العالمين فاخلع نعليط إنك بالوادي المقدس طوى وأنا اخترتك (لوحيي ورسالتي) فاستمع لما يوحى إليك.
ثم قال الله لـه: ما تلك بيمينك يا موسى ؟ قال: هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى، قال الله لـه: ألقها يا موسى، فإذا هي تتحول إلى حية تسعى، فلما رآها تهتز كأنها جان ولى هارباً ولم يعقب، فناده الله: يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين، إني لا يخاف لدي المرسلون سنعيدها سيرتها الأولى.
ثم قال لـه: أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ومرض، فأدخل يده وإذا بها تخرج بيضاء، ثم ردها فعادت كما كانت.
وبعد ذلك أمره الله سبحانه أن يذهب بهاتين الآيتين المعجزتين إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى الله سبحانه. فخاف موسى من تحمل هذه المهمة، فقال: ربي إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي وذلك من أجل أن يصدقني إني أخاف أن يكذبوني.
قال الله لـه: سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً فلا يصلون إليكما فأتياه (فرعون) فقولا: إنا رسول ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك (1).
وحينما عاد موسى إلى مصر توجه مع أخيه هارون إلى فرعون فقالا لـه:إنا رسولا ربك رب العالمين ولا يمكن أن نقول على الله غير الحق الذي أرسلنا به وقد جئناك ببينة من ربك فأرسل معنا بني إسرائيل وارفع عنهم العذاب الذي تنزله فيهم، وقد قالا لـه ذلك بشكل لين وبأسلوب استعطافي هادئ (2).
وكان فرعون استغرب هذه الرسالة من موسى وأخيه لأنه كان يعرف موسى وأحواله، فقال لموسى: ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين ثم بعد ذلك فعلت فعلتك التي فعلت بأن قتلت رجلاً من الفرعونيين؟ فأجابه موسى: نعم لقد فعلت ذلك ولكني لما خفتكم على نفسي فررت منكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين(1).

فرعون يجادل موسى في ربوبية الله

وبعد أن رأى فرعون إصرار موسى وهارون على الرسالة قال: فمن ربكما ؟ قال لـه موسى: ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وهو رب السماوات والأرضين وما بينهما وما تحت الثرى. قال فرعون: فما بال القرون وما هو مصيرها ؟ فأجابه موسى: علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى، وهو الذي جعل لكم الأرض مهداً وسلك لكم فهيا سبلاً وأنزل من السماء ماء فأخرج به أزواجاً من نبات شتى مختلف ألوانه وأشكاله.
وقد استنكر فرعون هذه الدعوة الجديدة وهو يعتقد بنفسه الألوهية، فتوجه لمن حوله مستنكراً وقال: ألا تسمعون؟ ولما رأى الإصرار من موسى وأخيه اتهم موسى بالجنون وهدده بالسجن إذا اتخذ إلهاً غيره(2). ولم يستسلم موسى وأخوه أمام هذه التهمة والتهديد، وإنما حاولا أن يسلكا إلى فرعون طريقاً آخر لإقناعه أو إحراجه، وهذا الطريق هو استثمار السلاح الذي وضعه الله بيد موسى (معجزة العصا واليد) فقال موسى لفرعون: إني قد جئتك من ربي بآية تبين لك الحق الذي أنا عليه. قال فرعون: إذا كنت صادقاً فائت بهذه الآية والحجة، فألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين. ولم يتمالك فرعون وملأه أنفسهم أمام هذا الموقف إلا أن اتهموا موسى بالسحر والشعوذة وأنه إنّما جاء بهذا
السحر من أجل أن يخرجهم من أرضهم ويجلوهم عنها (1).

مباراة موسى مع السحرة

وقد أشار قوم فرعون وخاصته عليه بأن يواجه موسى بالسحرة من بلاده فيجمعهم في يوم يشهد الناس جميعاً ليتباروا وسوف يغلبونه وهم كثيرون فيفتضح أمره ويترك دعوته، وعمل فرعون بهذه النصيحة فطلب من موسى وأخيه أن يعطياه مهلة إلى وقت معين لمواجهته بالسحرة.
وجمع فرعون كيده وحشد جميع السحرة من بلادهم وعرض عليهم الموقف وطلب منهم أن يحرجوا موسى ويغلبوه وجمع الناس لهذه المباراة ظناً منه أنّه سوف ينتصر، وقد شجعه على ذلك تأكيد السحرة أنهم سوف يغلبون موسى وما طلبه منه السحرة من أجر وأعطيات إذا كانوا هم الغالبين.
وحين اجتمع موسى بالسحرة وخيروه بين أن يلقي قبلهم أو يكونوا هم الملقين قبله، اختار أن يكونوا هم الملقين. فألقى السحرة حبالهم وعصيهم وإذا بها تبدو لأعين الناس ـ من سحرهم ـ أنها تسعى كالحيات. وعندئذ أوجس موسى في نفسه خيفة، إذ لم يكن ينتظر أن يواجه بالأسلوب الذي اتبعه في معجزته مع فرعون. فأوحى الله سبحانه لـه أن لا تخف فإنك أنت الذي سوف تنتصر عليهم وإنّما عليك أن تلقي عصاك وحينئذ تتحول إلى حية تلقف جميع ما صنعوا لأن ما صنعوه ليس إلا كيد ساحر ولا يفلح الساحر.
وعندما رأى السحرة هذا الصنع من موسى انكشفت لهم الحقيقة التي أرسل بها وأن هذا العمل ليس عمل ساحر وإنما هو معجزة إلهية. فآمنوا وقالوا: آمنا برب هارون وموسى.
وأمام هذا الموقف الرائع من السحرة في هذا المشهد العظيم من الناس وجد فرعون نفسه في وضع مخز ومحرج، الأمر الذي اضطره لأن يلجأ إلى الإنذار
والوعيد والتهديد باستخدام أساليب القمع والإرهاب. فقال للسحرة: آمنتم لـه قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى، ولم يكن موقف السحرة ـ بعد أن انكشفت لهم الحقيقة وهداهم الله إليها ـ إلا ليزداد صلابة وثباتاً واستسلاماً لله رجاء مغفرته ورحمته (1).

إصرار فرعون وقومه على الكفر ومجيء موسى بالآيات

وقد أصر فرعون وقومه على الكفر وصمموا على مواصلة خط اضطهاد بني إسرائيل وتعذيبهم، حيث قال الملأ من قومه: أتذر موسى وقومه يفسدون في الأرض ويذرك وآلهتك ؟! قال: سنذبح أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون.
وواجه موسى وبنو إسرائيل ذلك بالصبر والثبات انتظاراً للوقف الذي يحقق الله سبحانه فيه وعده لهم بوراثة الأرض.
ولكن الله سبحانه أمر موسى أن يعلن لفرعون وقومه بأن العذاب سوف ينزل بهم عقاباً على تكذيبهم لـه وتعذيبهم لبني إسرائيل وامتناعهم عن إطلاقهم وإرسالهم، فجاءت الآيات السماوية يتلو بعضا بعضاً فأصابهم الله بالجدب، ونقص الثمرات، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم. وكانوا كلما وقع عليهم العذاب والرجز، قالوا: يا موسى أدع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل، فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون(2).
الائتمار بقتل موسى وطغيان فرعون
وأمام هذه الآيات المتتاليات التي جاء بها موسى لم يجد فرعون وقومه أسلوباً يعالج به الموقف، غير الائتمار بقتل موسى وادعاء القدرة على مواجهة آلهته، فنجد فرعون يأمر هامان بأن يتخذ لـه صرحاً ليطلع منه على أسباب السماوات ويتعرف على حقيقة إله موسى.
ولكن فرعون يفشل في كلا الجانبين، فلم يتمكن من أن يحقق غايته من وراء بناء الصرح كما لم تصل يده إلى موسى، لأن أحد المؤمنين من آل فرعون يقف فيعظهم ويؤنبهم على موقفهم من موسى ويبادر إلى إخباره بنبأ المؤامرة فينجو موسى (1).

خروج موسى ببني إسرائيل من مصر

وحين واجه موسى محاولة اغتياله ورأى إصرار فرعون وقومه على اضطهاد بني إسرائيل وتعذيبهم، ووجد أنّه لم تنفع بها الآيات والمواعظ، صمم على الخروج ببني إسرائيل من مصر والعبور بهم إلى جهة الأرض المقدسة، وقد نفذ موسى هذه العملية وسار ببني إسرائيل متجهاً إلى سيناء.
ولم يقف فرعون وقومه معه أمام هذه الهجرة مكتوفي اليدين، بل جمع جنده من جميع المدائن وقرر ملاحقة موسى وبني إسرائيل وإرجاعهم إلى عبوديته بالقوة.
ووجد موسى وبنو إسرائيل نتيجة هذه المطاردة أنفسهم والبحر من أمامهم وفرعون وجنوده من خلفهم، وارتاع بنو إسرائيل من هذا الموقف وكادوا أن يكذبوا ما وعدهم به موسى من الخلاص. ولكن موسى وبإيمانه الوطيد أخبرهم أن الله سبحانه سوف يهديه طريق النجاة. وتحقق ذلك ـ فعلاً ـ إذ أوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر وإذا به ينفلق كل فرق كالطود العظيم ويظهر بينهما طريق يبساً يعبر من خلاله بنو إسرائيل ويحاول فرعون وجنوده أن يتبعوهم من هذا
الطريق أيضاً، وإذا بجانبي البحر يلتقيان فيغرق مع جنده (1).

موسى مع بني إسرائيل

وتتوالى بعد ذلك الأحداث على موسى، وإذا به يواجه المشاكل الداخلية منفرداً مع قومه بني إسرائيل، فيسمع طلبهم وهم يمرون على قوم يعبدون الأصنام بأن يتخذ لهم أصناماً يعبدونها كما لهؤلاء الأصنام، ثم بعد ذلك يتفضل الله سبحانه على بني إسرائيل عندما استسقى موسى قومه فيأمره بضرب الحجر فتتفجر منه العيون كما ينزل عليهم المن والسلوى ويبدلهم عنه ببعض المآكل الأخرى، ويواجه موسى ردة من بني إسرائيل عند ذهابه لميقات ربه لتلقي الشرعة في ألواح التوراة فيخبره الله تعالى بعبادتهم للعجل الذي صنعه السامري، فيرجع إلى قومه غضبان أسفاً ويعتب بقسوة على أخيه هارون، حيث كان قد استخلفه عليهم فترة ذهابه، ويطرد السامري ويفرض عليه عقوبة المقاطعة ويحرق العجل وينسفه.. ثم يتوب الله على بني إسرائيل بعد أن فرض عليهم عقاباً صارماً.
وعلى هذا المنوال يذكر لنا القرآن الكريم أحداثاً مختلفة عن حياة موسى مع بني إسرائيل كقضية البقرة ونتق الجبل والدعوة للدخول إلى الأرض المقدسة وذهابهم للمواعدة عندما طلبوا رؤية الله جهرة، وقصة قارون وتآمره مع المنافقين على موسى. وفي بعض هذه الأحداث لا نجد القرآن الكريم يحدد المتقدم منها على الأحداث الأخرى بشكل واضح.
وبهذا القدر نكتفي من سرد القصة حسب تسلسلها الزمني (2).

3 ـ دراسة تحليلية عامة للقصة

بعد أن انتهينا من بحث قصة موسى بحسب ذكرها في القرآن الكريم، وكذلك عرضها بتسلسلها التاريخي. يجدر بنا أن ندرسها من جانبين يختلفان عن جانب دراستنا السابقة للقصة:
الجانب الأول: هو بيان المراحل العامة التي مرّ بها موسى (عليه السلام) في حياته وتوضيح الميزات والخصائص التي اتصفت بها هذه المراحل.
الجانب الثاني: هو بيان وإبراز أهم الموضوعات التي أشارت إليها أو تحدثت عنها القصة بشكل عام.
الأولى ـ مراحل حياة موسى (عليه السلام) :
وبصدد الجانب الأول نجد موسى (عليه السلام) قد مر بمراحل ثلاث رئيسية خلال حياته. المرحلة الأولى: وهي التي تبدأ بولادته وتنتهي ببعثته إلى فرعون وقومه.
والثانية: وهي التي تبدأ من البعثة وتنتهي بعبور البحر ببني إسرائيل.
والثالثة: وهي التي تبدأ بالخروج وتنتهي بنهاية حياته.
ويعتمد هذا التحديد في هذه المراحل الثلاث على المقدار الذي تحدث القرآن الكريم فيه عن حياة موسى (عليه السلام). حيث نلاحظ فيه وجود تحولين رئيسين في مجموع حياة موسى الفردية والاجتماعية:
أولهما: بعثة موسى بالرسالة وما استتبعه ذلك من مواجهة بين المجتمع الإسرائيلي والمجتمع الفرعوني.
وثانيهما: عبور موسى البحر والخلاص من الحكم الفرعوني والاستقلال في إدارة أمور الإسرائيليين نسبياً..
وتتمثل المرحلة الأولى من حياة موسى في دورين مهمين يشتركان ببعض الخصائص ويمتازان عن بعضهما الآخر:
الأول: الدور الذي عاش فيه موسى طفلاً ثم فتى في أحضان البيت الفرعوني، والذي ينتهي بخروجه من مصر خائفاً بعد قتل الفرعوني.
الثاني: الدور الذي أصبح فيه موسى مشرداً ومطارداً يعتمد في حياته على نفسه، حيث ينتهي برؤيته النار عند بعثته.
وحين نلاحظ الظواهر والصفات العامة التي اتصف بها موسى في مجموع هذين الدورين يبرز لنا موسى في شخصيته ذلك الإنسان الذي يريد الله سبحانه أن يعده لتحمل أعباء مهمة تخليص بني إسرائيل من الظلم الاجتماعي الذي حاق بهم وتخليص شعب مصر من عبودية الأوثان وهدايتهم لوحدانية الله سبحانه، بحيث يكون موسى بمجموع هذه الصفات والظواهر الشخص الوحيد الذي يصلح لتحمل هذه المسؤولية الإلهية الكبيرة وهي مسؤولية الإمامة وقيادة المجتمع نحو النجاح والفلاح.

أما الدور الأول، فيمتاز بالأمرين التاليين:

الأول: الإمداد الإلهي والعناية الربانية في نجاة موسى من الذبح الذي كان قد اتخذه فرعون قانوناً تجاه مواليد بني إسرائيل، من خلال الإيحاء الإلهي لأم موسى بإلقائه في اليم.
ثم لم تكتف العناية الإلهية بخلاصه فحسب، بل أصبح موسى يعيش في البيت الفرعوني معززاً ومكرماً ومشمولاً بحب زوجة فرعون ورعاية فرعون لـه.
ولاشك أن هذا العامل النفسي وضع موسى في إطار وهالة من الأجواء النفسية والروحية والاجتماعية متميزة، بحيث ينظر إليه في المجتمع الإسرائيلي على الأقل بنظرة القدسية والاحترام الروحي والاجتماعي بسبب هذه القدسية والعناية.
الثاني: المركز الاجتماعي المتميز الذي كان يتمتع به موسى دون بني إسرائيل كلهم نتيجة لتبني العائلة المالكة في مصر تربيته ورعايته، وهو مركز اجتماعي لم يكن يتمتع به الفرعونيون أيضاً ويعطيه الكثير من الاحترام والتقدير في أوساط الأمة المستضعفة الإسرائيلية وفي أوساط الفراعنة أنفسهم ومكنه من إيجاد علاقات اجتماعية واسعة ومتميزة.
وهذا المركز الاجتماعي الفريد وإن كان قد فقد تأثيره ـ إلى حد كبير ـ بعد هروب موسى من مصر بسبب قتله الفرعوني، ولكننا يمكن أن نتصوره عاملاً مهماً
في إظهار موسى ـ في المجتمع بشكل عام والمجتمع الإسرائيلي بشكل خاص ـ كشخصية تتبنى قضية الدفاع عن بني إسرائيل وتعمل من أجلها، وكذلك في بقاء نسبة من الاحترام والتقدير لـه بسبب تاريخه السابق.
ولعل ضياع هذا المستوى من المركز الاجتماعي المهم بسبب قتل الفرعوني هو الذي يفسر لنا نظرة موسى إلى قتل الفرعوني نظرته إلى ذنب يستحق الاستغفار والتوبة منه إلى الله تعالى.?.. فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغر لـه إنه هو الغفور الرحيم?(1) حيث يكون موسى قد ضيع بهذا العمل الارتجالي ـ الذي صدر منه بدوافع نبيلة وصحيحة وهما الدفاع عن المظلومين ـ فرصة ثمينة كان من الممكن استثمارها في سبيل استنقاذ الشعب الإسرائيلي، ولعله لذلك وصفه بأنه من عمل الشيطان لأنه خلاف الحكمة.

وأما الدور الثاني: فيمتاز بالأمرين التاليين أيضاً:

الأول: الهجرة والتشريد والمعاناة الشخصية في الحياة الفردية والاجتماعية، والهجرة من الميزات والصفات التي تميز بها الأنبياء الخاصون أمثال نوح وإبراهيم عليهما السلام ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، وأما المعاناة والابتلاء فهي صفة لازمة لجميع الأنبياء والأولياء. فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل».
وهذه صفة من الصفات التي يتربى من خلالها الإنسان ويتكامل في شخصيته.
الثاني: المعايشة الشخصية للحياة الإنسانية العادية التي يمارسها الناس العاديون، حيث أصبح موسى في هذا الدور أجيراً للشيخ والد البنتين والذي زوجه إحداهما بهذا الأجر وتحول إلى راع للغنم والى دور الكاد على عياله بيمينه وعرق جبينه. وهذا مما عرف عن النبي إبراهيم وعيسى عليهما السلام ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله). وهي من الصفات التي يمكن للإنسان أن يقترب فيها من تجارب الحياة الإنسانية الاجتماعية
ويدرك عمق مشاكلها ومحنتها.
وفي الدور الأول وإن كان موسى قد حاول أن يحقق هذه المعايشة من خلال النزول إلى المدينة متنكراً إلا أن غاية ما يحققه ذلك هو الاقتراب من هذه الحقيقة بمشاهدتها عن كتب وقرب، وهذا غير من يعيش ظروف الفقر والفاقة والعمل والكد والجهد.
وبالإضافة إلى هذا الميزات الخاصة بكل من هذين الدورين نلاحظ مجموعة أخرى من الصفات المشتركة في هذه المرحلة بدوريها:
الأولى: اتصاف موسى بالعلم والحكمة، وهما من الصفات المهمة في الإمامة والقيادة؛ سواء في المنظار الإلهي أو في المنظار البشري:?ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين?(1).
والظاهر من سياق الآيات أن هذا الاتصاف كان قبل حادثة قتل الإسرائيلي.
الثانية: الأخلاق الإنسانية الكاملة والشعور العالي النبيل الذي كان يتصف به موسى (عليه السلام) ، ويتمثل لنا هذا الخلق الإنساني في عدة مواقف لموسى.
الأول: قتله الفرعوني.
والثاني: محاولته لضرب الفرعوني الآخر.
والثالث: تبرعه بمعاونة ابنتي الشيخ ـ الذي أصبح صهراً لـه بعد ذلك ـ في سقي الماء وما يشعر به وصف ابنة الشيخ لـه في حديثها مع أبيها بأنه (قوي أمين).
بالإضافة إلى ما أخذه على نفسه من عدم معاونة الظالمين: ?قال رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين?(2).
فإن هذه المواقف تعبر عن المحتوى الداخلي والشعور الإنساني الذي كان يعيشه موسى (عليه السلام) فهو يبادر لنجدة المظلوم بالرغم من تربيته في البيت الفرعوني المالك، هذه التربية التي تعطي عادة الشعور بالتميز الطبقي على الإسرائيليين. وقد يصاب بعض الناس بعقدة النقص فيحاول الهرب من أصله المستضعف بالتنكر
لذلك الأصل. ولكن موسى (عليه السلام) لا يكتفي بقتل الفرعوني مصادفة، بل يندفع ليقوم بنفس العمل حين يجد من يستصرخه مرة أخرى إليه مع إدراكه وشعوره بحراجة موقفه الاجتماعي نتيجة لهذا العمل.
ولم يكن هذا الموقف من الفراعنة حمية جاهلية وتعصباً لأبناء قومه الإسرائيليين الذي يعبر عنهم القرآن بشيعته، بل كان انتصاراً للمظلوم على الظالم وهو ما يؤكد بقوله: ?رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين?.
وكذلك وفي موقفه من ابنتي الشيخ نجد موسى تدفعه ذاته الخيرة وخلقه النبيل للسؤال عن تلكؤهما في السقاية ويعرض المعاونة عليهما في حالة الحاجة إليها ونجده يخف إلى تنفيذ ذلك دون أن ينتظر منهما أجراً أو مثوبة مادية، على الرغم من ظروفه الموضوعية الخاصة والصعبة.
الثالثة: القوة البدنية والشجاعة العالية التي كان يتمتع بها موسى، ويكشف لنا عن ذلك موقفه من الفرعوني وقضاؤه عليه بوكزة واحدة ومحاولته الثانية للتدخل في كف أذى الفرعوني عن الإسرائيلي.
وكذلك وصف ابنة الشيخ لـه بأنه (قوي)، خصوصاً إذا أخذنا بالتفسير الذي يقول إن موسى حين سقى لابنتي الشيخ طرد السقاة عن البئر من أجل أن يعجل بالسقاية لهما.
وهذه الميزات الثلاث تحقق شروطاً ضرورية لحمل أعباء الرسالة التي أراد الله سبحانه لنبيه موسى القيام بها.
ولعل فكرة الاصطفاء للأنبياء تنطلق من الواقع الموضوعي الذي يحيط بالنبي والمواصفات الذاتية التي يتصف بها بحيث يختاره الله تعالى من بين عباده كأفضل وأصلح إنسان يعرفه المجتمع الإنساني، مضافاً إلى العناية واللطف والتوفيق الإلهي، فهي ليست فكرة منقطعة عن الواقع الموضوع والحياة الإنسانية، بل هي عناية الله ورعايته لهذا الواقع الإنساني ?إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل
عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم?(1).
العناية الربانية شملت موسى بن عمران فأصبح أفضل إنسان لـه هذه المواصفات التي تؤهله للقيام بهذه المسؤولية.
وبهذا نعرف أن الهدف من بيان هذه المرحلة بيان هذا الاصطفاء والتأهيل للقيام بدور الرسالة والبعثة.
وأما المرحلة الثانية: فهي مرحلة الرسالة والدعوة، وبها تتميز هذه المرحلة.
والدعوة والرسالة: مسؤوليات وأهداف، ووسائل، وظروف مواجهة، ونتائج وآثار.

الأهداف

1 ـ أما على مستوى الأهداف والمسؤوليات العامة فنلاحظ وجود مسؤوليتين أمام موسى (عليه السلام) في هذه المرحلة.
إحداهما: هداية قوم فرعون إلى وحدانية الله والإيمان بربوبيته وترك عبادة الإنسان والأوثان.
والثانية: دعوة بني إسرائيل للخلاص من الاضطهاد والظلم الذي كانوا يعانونه في مصر، حيث إن الإسرائيليين كانوا من المؤمنين بالله تعالى وبالنبوات والرسالات الإلهية.
وبهذا يمكن أن نعرف أن رسالة موسى لم تكن رسالة قومية كما قد يتبادر ذلك إلى الذهن أو تشعر به بعض الآيات التي يفهم منها أن موسى كان يطالب بإنقاذ بني إسرائيل وقد خرج بهم من مصر وعبر بهم البحر، حيث إن خطاب موسى لفرعون من ناحية، ووجود مؤمنين لموسى في الوسط الفرعوني كما سوف نشير من ناحية ثانية، ومضمون حديث مؤمن آل فرعون من ناحية ثالثة يؤكد هذه الحقيقة.

الوسائل

2 ـ وأما على مستوى الوسائل والأساليب، فقد توسل موسى من أجل تحقيق هذين الهدفين البارزين في حياة دعوته والقيام بهاتين المسؤوليتين بأساليب مختلفة ومتعددة، كانت تبتدئ بالمناقشة الهادئة والكلام اللين والحجة التي تعتمد على المنطق والعقل كما استخدم أيضاً في الإقناع المعجزة كالعصا واليد البيضاء ودخل في مباراة حامية مع السحرة المحترفين الذين جمعهم فرعون وانتصر عليهم. ثم تطورت الأساليب إلى استخدام الآيات ونزول العذاب على الفرعونيين والمجتمع الفرعوني حتّى أصابهم الخوف والرعب وطلبوا كشف العذاب عنهم ووعدوه بالتسليم لـه ولكنهم نكثوا الوعد بعد ذلك ?ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون?(1).
هذا في جانب، وفي جانب آخر كان يدعو بني إسرائيل إلى الاستعانة بالله والتوكل عليه والصبر على المكاره وتحمل الأذى والانتظار، ويفتح أمامهم باب الأمل، ومواصلة الطريق من أجل الخلاص.
كما أن موسى اتخذ لقومه بيوتاً وجعلها قبلة لهم يقصدونها ويجتمعون فيها ويتدارسون فيها أمور الدعوة.

المواجهة

3 ـ وأما على مستوى المواجهة وظروفها، فإن القرآن الكريم يشير إلى أن المواجهة مع فرعون كانت قاسية ومحفوفة بالمخاطر والتهديدات.
فمنذ البداية يقوم فرعون بتهديد السحرة بالقتل والتعذيب بسبب إيمانهم بالله وبرسالة موسى ويتهمهم بالمكر وبالتآمر عليه والاتفاق مع موسى في اتخاذهم لهذا الموقف، بهدف إخراج الناس من المدينة.
كما أنّه يهدد موسى وبني إسرائيل بالقتل والتعذيب والمطاردة، ويوجه تهم السحر والجنون ومحاولات الإفساد في الأرض والإخراج منها والفتنة في الدين وتغيير طريقة المجتمع، وكذلك الاتهام بالطمع في السلطة والهيمنة.
كما أن فرعون يبقى مصراً على موقفه طيلة هذه المدة ويتظاهر بالقوة والقدرة، فينزل العذاب بالفرعونيين ويتراجعون في كل مرة ثم ينكثون ذلك حتّى ينتهي الأمر إلى أن يتآمر الفرعونيون على قتل موسى.
والقرآن الكريم وإن كان لا يتحدث عن المدة التي عاشها موسى وبنو إسرائيل في هذه المواجهة، ولكن من الممكن أن نتبين أن هذه المدة كانت طويلة نسبياً ؛ خصوصاً إذا لاحظنا الآيات القرآنية التي تشير إلى المعجزات التي جاءت على يد موسى وأنها كانت في سنين متعددة: ?ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون?(1).
وكذلك قوله تعالى: ?فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين?(2).
حيث يفهم من قوله تعالى: ?بالسنين? وكذلك من طبيعة أن هذه الآيات عادة لا تجتمع في سنة واحدة، بل كانت في سنين متعددة، وأن المدة كانت طويلة.

عناصر الحماية في المواجهة

وهنا يوجد سؤال ؛ وهو كيف تمكن موسى أن يحمي نفسه من قتل فرعون لـه مع أن فرعون كان الطاغية المتجبر والحاكم بلا منازع، وموسى ينتمي إلى الشعب الإسرائيلي المستضعف؟
يبدو أن هناك عدداً من العناصر والعوامل كانت بمجموعها تشكل عنصر الحماية لموسى من القتل الفرعوني.
الأول: العامل الغيبي المتمثل بالمعاجز وآيات العذاب التي جاء بها موسى (عليه السلام)
خصوصاً في المجتمع الفرعوني الذي كان يتفاعل مع هذا النوع من العوامل والمؤثرات، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك، وكما هو مقتضى الثقافة العامة لهذا المجتمع.
وقد أعطي هذا العامل دوراً أكبر عندما تمكن موسى أن يحقق الانتصار على جميع السحرة الذين جمعهم فرعون فآمنوا موسى وأقروا لـه بالحقية على مرآى ومسمع من الناس.
الثاني: المركز الاجتماعي والعائلي الذي كان يحتله موسى سابقاً في البيت الفرعوني والأوساط العامة والعلاقات الواسعة التي كان يملكها بموسى في وسط الفرعونيين. الأمر الذي يجعل التعامل مع موسى تعاملاً مع شخص ينتسب إلى البيت الفرعوني قد انشق وتمرد عليه فهو ـ وإن كان قد فقد مركزه المذكور ـ بقي يمتلك ما لهذا المركز من مخلفات نفسية واجتماعية، ويتضح ذلك من طريقة مخاطبة فرعون موسى كما يحدثنا عنها القرآن الكريم: ?قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين?(1).
الثالث: الإيمان بدعوة موسى (عليه السلام) بين صفوف الفرعونيين أنفسهم. كما يشير إلى ذلك القرآن الكريم من وجود مؤمن آل فرعون، ووجود المخبر الذي أخبره بتآمر الفرعونيين على قتله، وكذلك وجود زوجة فرعون التي آمنت بموسى ورسالته وقامت برعايته، حيث يمكن أن نفترض أن يقوم هؤلاء بنشاطات لتخفيف ردود الفعل ضد موسى أو كشف محاولات الانتقام والقتل.
الرابع: التفاف بني إسرائيل حول دعوة موسى (عليه السلام) ووقوفهم إلى جانبه، فإن الإسرائيليين بالرغم من أنهم أمة مستضعفة ولكنهم كانوا يمثلون القوة العاملة في مختلف مجالات الخدمات للمجتمع الفرعوني، وعندما يكون لهذه الأمة الكبيرة موقف واحد فلا شك انه سوف يساهم في حماية موسى من الفرعونيين.
كما يؤيد ذلك أيضاً ما ذكرناه من أمر الله سبحانه لموسى بأن يتخذ بيوتاً مع قومه يجعلها قبلة تنطلق منها الدعوة.

النتائج والآثار

وأما على مستوى النتائج والآثار ؛ فيبدو أن موسى لم يصل إلى نتيجة «واضحة» بصدد تحقيق الهدف الأول مع فرعون وقومه، وإن كان قد توصل نتيجة لذلك إلى تحقيق بعض أهدافه، حيث نجد الدعوة تحقق نجاحاً في صفوف بعض الفرعونيين أيضاً كإيمان السحرة لـه ووجود ظاهرة مؤمن آل فرعون وإيمان زوجة فرعون.
لذا قرر الهجرة ببني إسرائيل والعبور بهم إلى الجانب الآخر من البحر.
ولا يشير القرآن بشكل قاطع إلى أن هذه الحركة في بدايتها هل كانت برضى فرعون بعد أن شاهد المعجزات وآيات العذاب، أو أنها كانت بدون رضاه في البداية ثم تبدل موقفه بعد ذلك ؟ ولكن قد يكون في قصة مطاردة فرعون بجنوده لموسى وبني إسرائيل.. ما يوحي بأن الحركة كانت بالرغم عن فرعون وبدون رضاه.
ولكن بالنسبة إلى الهدف الثاني، فإن موسى (عليه السلام) كان قد حقق هدفه في إنقاذ بني إسرائيل من الاضطهاد الفرعوني من خلال المبادرة إلى الخروج والتدخل الإلهي بإنقاذه من المطاردة.
وهذا يمكن أن نلاحظ أيضاً أن بني إسرائيل كانوا يلتفون حول موسى دون أن يكون هناك خلاف في صفوفهم أودون أن يبرز هذا الخلاف على السطح الاجتماعي على الأقل. والقرآن ـ وإن كان لا يصرح بشيء من ذلك ـ ولكن يدعونا إلى هذا الحكم طبيعة الأشياء، حيث كان الإسرائيليون بالأصل أهل كتاب ونبوات فمن الطبيعي أن يؤمنوا بنبوة موسى (عليه السلام) دون خلاف.
كما أنهم كانوا يتعرضون لأشد ألوان العذاب، وبذلك هم ينشدون الخلاص.
مضافاً إلى أن سكوت القرآن عن إبراز أي خلاف بين بني إسرائيل وبين موسى في هذه المرحلة، واستجابة بني إسرائيل إلى متابعة موسى في الهجرة من مصر، قد يشير إلى هذه الحقيقة أيضاً.
نعم ؛ يشير القرآن إلى نقطتين، قد يفهم الخلاف منهما، هما: قلة الأشخاص الذين آمنوا بموسى من قومه، كما قد يشعر به قوله تعالى: ?فما آمن لموسى إلاّ ذرية من
قومه على خوف من فرعون وملإيهم أن يفتنهم?(1).
وكذلك اعتراضهم على موسى بنزول الأذى فيهم قبل موسى وبعده الذي يشعر بأنهم كانوا يرون اشتداد العذاب عليهم بسبب هذه الدعوة: ?قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعدما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون?(2).
وتمثل المرحلة الثالثة: جانب استقلال الجماعة والحكم وما يستتبعه من مضاعفات وخلافات، ذلك لأن الدعوة في مرحلتها الأولى ـ عندما تكون في مواجهة أعدائها وفي ظل الحكم والعلاقات الاجتماعية الأخرى ـ تعمل من أجل تحقيق أهداف عامة وترفع شعارات معينة، وفي هذه الأهداف والشعارات ـ مثل شعار الخلاص من العبودية والظلم أو تحقيق العدالة الاجتماعية أو العودة إلى الأرض المقدسة ـ قد تلتقي آمال الشعب كله وتتجمع تدريجياً فتصبح في موقف واحد وحركة واحدة، وأما حين يأتي دور تحديد هذه الأهداف في صيغ معينة وطريقة خاصة وتطبيق هذه الشعارات في نهج وأسلوب خاص وتجسيدها عملياً، فقد نجد بعض الأعضاء في الجماعة لا يلتقي مع هذا التحديد أو التطبيق لأحد سببين:
1 ـ الاختلاف بين التصورات السابقة لدى هؤلاء الأعضاء والمصاديق الخارجية التي يواجهونها في مرحلة التطبيق.
2 ـ التضاد بين المصالح الخاصة التي برزت في مرحلة التطبيق أو التي كانت موجودة إلا أنها لم تكن متناقضة في المرحلة السابقة وأصبحت الآن في حالة الضد مع التطبيق.
بل قد تتعارض المصالح الخاصة أو المنافع التي يحصل عليها الإنسان في مسيرة علمه أو المواقع التي ينتهي إليها مع هذه الأهداف والشعارات وحيث إن الأهداف والشعارات الإلهية الرسالية تنطلق من المبادئ ومتبنيات الفطرة الإنسانية التي أودعها الله تعالى في الإنسان فهي في البداية لا تبدو متناقضة مع رغبات
الإنسان وميوله، بل هي محبوبة وحسنة في نظر الإنسان خصوصاً المظلومين من الناس.
ولكن في دور التطبيق والتجسيد تتحول هذه المبادئ إلى واقع خارجي وحدود وقيود لهذه الحركة أو ذلك الموقف أو لتلك المصلحة، فعندئذ تتناقض مع الهوى والشهوات والطموحات الذاتية للإنسان.
ولذلك نجد في هذه المرحلة من قصة موسى (عليه السلام) بوادر الخلاف تبدو في الشعب الإسرائيلي وتطفو على السطح شتى الاتجاهات الفكرية والمصلحية والنفسية، وحتى إنها تتحول أحياناً إلى المروق عن الدين أو إلى التمرد على الجماعة والنظام.
ونلاحظ هنا ثلاثة أبعاد لمظاهر الخلاف من خلال هذه القصة:
الأول: في جانب الفكر والعقيدة، حيث نجد تأثيرات المجتمع الوثني الفرعوني الذي كان يعيش فيه الإسرائيليون تظهر على الإسرائيليين أنفسهم بشكل واضح، حيث يطلبون من موسى ـ عندما مروا على جماعة يعبدون الأوثان ـ أن يتخذ لهم أصناماً وآلهة كما لهؤلاء القوم آلهة، مع أن الإسرائيليين كانوا ذرية إبراهيم (عليه السلام) وإسحاق ويعقوب الذين حملوا الرسالة الإلهية وتميزوا برفض عبادة الأوثان وهاجروا إلى فلسطين من أجل ذلك.
وكذلك تبرز هذه الرواسب والمخلفات مرة أخرى عندما يواجهون فتنة السامري الذي اتخذ لهم من الحلي عجلاً، فيعبدون هذا العجل لمجرد أن يروا فيه ظاهرة غير طبيعية، وكذلك نلاحظ هذا الموقف منهم في قضية الميقات عندما انتخب واختار موسى سبعين رجلاً من قومه ليستغفروا من عبادة العجل فإذا هم يطلبون منه أن يريهم الله جهرة.
الثاني: في جانب المصالح، حيث نجد موقف قارون وجماعته الذي بغى بسبب وجود الأموال الطائلة لديه وكذلك ما كان يتعرض لـه موسى من إيذاء وتمرد عليه من قومه وغير ذلك من الإشارات القرآنية التي تشير إلى وجود عوامل النفاق والمعارضة بسبب هذه المصالح.
الثالث: في جانب الواقع الروحي والنفسي، حيث نجد أمامنا قصة دعوة موسى
لدخول الأرض المقدسة، وتخلفهم الروحي والنفسي عن دخولها مع أنها كانت أملهم وأمنيتهم فإنهم كانوا ينتظرون أن يحقق لهم موسى ذلك بطريقة غيبية كما تحقق لهم العبور.
وظهر على الإسرائيليين بشكل عام مخلفات ورواسب فترة الإرهاب والاضطهاد التي كانوا يعيشون فيها الإحساس بالعجز والضعف.
فالميزة الرئيسية لهذه المرحلة هي ظهور هذه الخلافات المتعددة ومعاناة النبي موسى منها على اختلاف مظاهرها ودوافعها.
وهذه الظواهر هي من مستلزمات المجتمع الذي تتحكم فيه عقيدة جديدة ونظام جديد.
ونجد موسى في كل هذه الخلافات مثال القائد الحكيم والنبي العطوف الذي يأخذ قومه بالشدة في مروقهم عن الدين كما في قضية العجل، واللين في جوانب أخرى فيدعو الله سبحانه لهم بالرحمة والمغفرة كما في قضية الميقات.
كما أن من ميزات هذه المرحلة هي ظاهرة التشريع والتقنين للعلاقات الاجتماعية كما يفهم ذلك من إلقاء الألواح إلى موسى وفي نسختها كل شيء.
وكذلك ظاهرة أخذ العهود والمواثيق في مواصلة المسيرة التي تحتاج إلى تضحية وبذلك وعطاء.

پاورقيها:

ـ آل عمران: 33 ـ 34.
ـ الإسراء: 2 ـ 3 طه: 9 ـ 47 الفرقان: 35 ـ 36 القصص: 29 ـ 35 الشعراء: 10 ـ 16 النازعات: 15 ـ 19.
ـ الأعراف: 106 ـ 109، الشعراء: 30 ـ 35 يونس: 75 ـ 78.
ـ الأعراف: 130.
ـ الأعراف: 134 ـ 135.
ـ الأعراف: 136 ـ 137 يونس: 90 ـ 92، الإسراء: 103 ـ 104 طه: 77 ـ 79، الشعراء: 52 ـ 68 القصص: 39 ـ 40 الزخرف: 55 ـ 56 الدخان: 17 ـ 31 الذاريات: 38 ـ 40.
ـ الشعراء: 18 ـ 21.
ـ الشعراء: 18.
ـ القصص: 14.
ـ القصص: 15 ـ 16.
ـ القصص: 22 ـ 28، طه 40.
ـ القصص: 38 ـ غافر: 28 ـ 46.
ـ القصص: 7 ـ 13 ـ طه: 37 ـ 40 ـ القصص 14.
ـ يونس: 83.
1 ـ الأعراف: 110 ـ 126، يونس 80 ـ 89 طه: 57 ـ 76، الشعراء: 34 ـ 52.
1 ـ نذكر من أحداث القصة بمقدار ما يتعرض لـه القرآن الكريم. وقد اعتمدنا إجمالاً في ذكر هذا التسلسل على كتاب قصص القرآن لعبد الوهاب النجار مع شيء من التصرف والإصلاح.
2 ـ الأعراف 49 ـ إبراهيم 141 ـ 6 القصص 3 ـ 6.
2 ـ الأعراف: 104 ـ 105 الشعراء: 17 ـ 22.
2 ـ الأعراف: 127 ـ 135، غافر: 23 ـ 27، الإسراء: 101 ـ 102 طه: 59 النمل: 13 ـ 14 القصص: 36 ـ 37 ـ الزخرف: 46 ـ 50 القمر: 41 ـ 42، النازعات: 20 ـ 21.
2 ـ الأعراف: 129.
2 ـ الشعراء: 24 ـ 29 طه: 49 ـ 55.
2 ـ القصص: 15 ـ 21 ـ طه: 40.
2 ـ القصص: 17.
2 ـ من الحسن مراجعة قص الأنبياء لعبد الوهاب النجار في شأن الأحداث التي وقعت لموسى مع قومه بني إسرائيل وإن كنا لا نتفق معه في بعض الخصوصيات التي يسردها.
2ـ الأعراف: 133.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:50 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

عناصر نمايشي در داستانهاي قرآن

عناصر نمايشي در داستانهاي قرآن

رضا فتحي‏پور

رضي‏الله‏عنه اين مقاله بر آن است كه به دو پرسش زير پاسخ گويد:
1) آيا وجه اشتراكي بين عناصر نمايشي و قصص قرآن كريم وجود دارد؟
2) وجه اشتراك بين عناصر نمايشي و قصص قرآن كريم از چه نوعي مي‏تواند باشد؟
روشن است كه موضوعيت پرسش دوم مشروط به پاسخ اول است و پاسخ‏گويي به اين دو پرسش، نيازمند مقدماتي است كه از اين مقدمات مي‏توان به موضوعات زير اشاره كرد:
ـ شناخت ماهيت قرآن كريم و قصص آن.
ـ اهداف بيان قصص در قرآن كريم.
ـ شناخت فلسفه‏ي وجودي و ماهوي عناصر نمايشي.
ـ آشنايي با تعاريف و كاربرد عناصر نمايشي.
با توجه به اين كه هدف اين مقاله بحث پيرامون اين موضوعات نمي‏باشد، به همين منظور به مقدار نياز و ضرورت، مطالبي در خصوص هر كدام از آن‏ها بيان خواهد شد.
آيات چندي پيرامون ماهيت قرآن كريم و بيان اهداف قصص در آن:
عليها‏السلام آيات 2 و 3 سوره‏ي لقمان:
«تِلكَ آياتُ الْكِتابِ الْحكيمِ، هُديً ورَحْمَةً لِلْمُحْسِنين.» «اين آيات كتاب حكمت‏آموز است، رهنمود و رحمتي براي نيكوكاران است.
سوره‏ي‏واقعه، آيه‏ي (80):
«تَنزِيلٌ‏مِّن‏رَبِ‏الْعالَمينَ.»
«فرستاده‏اي از سوي پروردگار جهانيان است.»
سوره‏ي يوسف، آيه‏ي (111):
«لَقَدْ كانَ فيِ قَصَصِهِمْ عِبرة لِأُوْلِي الاَْلْبابِ ما كانَ حَديثا يُفْتَري وَلكِن تَصْديقَ الَّذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَ تَفْصيلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُديً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنوُنَ.»
«به راستي كه در بيان داستان ايشان مايه‏ي عبرتي براي خردمندان هست. [و اين قرآن] سخني بر ساخته نيست. بلكه همخوان با كتابي است كه پيشاپيش آن است و روشن‏گر همه چيز است و رهنمود و رحمتي براي اهل ايمان است.»
سوره‏ي اعراف، آيه‏ي (176):
«فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ.» «پس برايشان اين پند و داستان را بخوان! باشد كه انديشه كنند.»
سوره‏ي بقره، آيه‏ي (23):
«وَ اِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلَنا عَلي عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثّلِهِ وَ ادْعُوا شُهَدَآءَكُمْ مِن دُونِ اللّه‏ِ إنْ كُنْتُم صادِقينَ.» «و اگر از آنچه بر بنده‏ي خويش فرو فرستاده‏ايم، شك داريد، اگر راست مي‏گوييد سوره‏اي همانند آن بياوريد واز ياورانتان در برابر خداوند، ياري بخواهيد.»

تعاريف عناصر نمايشي:

لازم به ذكر است كه در اين مقاله از شعار بالغ بر 80 عنصر نمايشي فقط 24 عنصر نمايشي به طور اختصار تعريف شده‏اند. و اين تعداد عنصر نمايشي در 11 قصه از قصص قرآن كريم بررسي شده است.

1) احتمـال و ضــرورت:
(Probability and necessity)

احتمال و ضرورت دو عنصر در طرح تراژدي است كه حامل رويدادهايي نمايشي است كه بر اصل‏هاي كلي بنا شده‏اند و ارتباط مستقيم با رويدادهاي زندگي واقعي ندارند. هر رويدادي بنابر اصل احتمال و ضرورت، بايد به ديگر رويدادها و سرانجام به كل نمايش، پيوند و بستگي داشته باشد.

2) انديشه: (Thought)

ارسطو مي‏نويسد: انديشه، توانايي بيان به جا و مناسب‏موقعيت است ... ماانديشه‏رادرآن گفته‏هايي مي‏يابيم كه موضوعي كلي و عام را بيان مي‏كنند.

3) بازشناخت: (Anagnorisis)

اصطلاحي كه به معناي كشف هويت واقعي شخصيت نمايش به كار مي‏رود.
براي كشف هويت واقعي چندين تمهيد وجود دارد.

4) بازگشت به گذشته: (Flashback)

شگردي كه از آن طريق تماشاگر يا خواننده با گذشته‏ي يك شخصيت يا شخصيت‏هاي يك بازي آشنا مي‏شود.

5) بحران: (Crisis)

نقطه‏اي در طرح كه گره‏افكني به آخرين مرحله‏اش ـ اوج ـ مي‏رسد و گره‏گشايي آغاز مي‏شود.
بحران، اغلب نقطه‏ي چرخشي است كه پس از آن، آينده يا سرنوشت شخصيت محوري دگرگون مي‏شود.

6) بيان: (Diction)

بيان، وسيله‏اي است كه نمايشنامه‏نويس با آن به طرح انديشه‏اش مي‏پردازد و در آن ميان به شخصيت‏پردازي مورد نظرش دست مي‏يابد.

7) پرسش و پاسخ: (Stichomytia)

گفتگويي مقطّع ميان دو يا چند شخصيت.

8) تحوّل: (Reversal)

تحّول، عبارت از دگرگوني در عمل نمايش به طوري كه منجر به دگرگوني موقعيت شخصيت نمايش شود.

9) تعريف: (Exposition)

تعريف، قسمتي از شروع نمايش است كه به معرفي اشخاص عمده‏ي بازي، موضوع مورد اختلاف و تبيين حال و هوا و فضايي مي‏پردازد كه وقايع نمايش‏نامه در آن جريان خواهد يافت.

10) تعليق: (Suspense)

ايجاد يك موقعيت انتظار و يا بي‏تكليفي در تماشاگر.

11) رقيب: (Antagenisti)

شخصيتي‏كه رقيب‏شخصيت اصلي‏نمايش است.

12) سه تايي: (Trilogy)

مجموعه‏ي سه نمايش‏نامه كامل كه پيوندشان يك سرگذشت بلند و يا يك مضمون محوري يا يك انديشه باشد.

13) شخصيت: (Character)

قصد ارسطو از شخصيت، خلق و خو، ويژگي يا خصلت‏هاي رفتاري است كه نمايش‏نامه‏نويس به عنوان سبب‏هاي عمل مطرح مي‏كند.

14) شخصيت پردازي: (Characterization)

نمايش عمل‏ها، رويدادها و گفتگو چنان كه تماشاگر بتواند شخصيت‏هاي نمايشي را مانند تك‏چهره‏هاي موجودهايي زنده و واقعي درك كند.

15) صحنه: (Stage)

محل داستان در يك عمل نمايشي. صحنه، معاني ديگري نيز در حوزه‏ي تئاتر دارد.

16) طرح: (Plot)

ارسطو«ترتيب رويدادها» را طرح ناميده است.

17) طرح خطي: (Linear Plot)

گونه‏اي طرح نمايشي كه رويدادها در رابطه‏اي علت و معلولي در خطي مستقيم در پي هم مي‏آيند تا موضوع را روشن و درك‏پذير كنند.

18) كشمكش: (Conflict)

عنصر ستيز در عمل يك نمايش كه حاصل عمل متقابل ميان نيروهاي متضاد در يك طرح است. كشمكش انواع مختلف دارد.

19) گره‏افكني: (Rrsolution)

در ساخت نمايشي، آن بخش از نمايش كه از آغاز عمل تا نقطه‏ي بحران، يعني گره‏گشايي، ادامه مي‏يابد.

20) گره‏گشايي: (Resolution)

در ساختمان نمايشي، گره‏گشايي بخشي از عمل يك نمايش است از لحظه‏ي بحران تا پايان نمايش‏نامه.

21) گفتار پاياني: (Epilogue)

گفتاري كه در پايان يك نمايش، به وسيله‏ي يكي از بازيگران و خطاب به تماشاگران بيان مي‏شود.

22) مكان: (Locale)

فضاي عيني داستان كه عمل نمايشي در آن جا روي مي‏دهد.

23) موقعيت نمايشي:
(Dramatic Situation)

ماهيت يك كار نمايشي كه به پيوندهاي يك شخصيت با ديگر شخصيت‏ها و موقعيت‏ها و نيروهاي مؤثر به اين پيوندها اشاره دارد.

24) نقطه‏ي عزيمت: (Piont of attack)

نقطه‏ي عزيمت به لحظه‏اي در نمايش گفته مي‏شود كه در ساختمان طرح، عمل آغاز مي‏شود.
بررسي عناصر نمايشي در قصص سوره‏ي بقره:
1 ـ داستان حضرت آدم عليه‏السلام ، آيات 29 الي 39
2 ـ داستان گاو بني‏اسرائيل، آيات 67 الي 73
3 ـ داستان طالوت عليه‏السلام ، آيات 246 الي 252
4 ـ داستان نمرود، آيه‏ي 258
5 ـ داستان شهر خالي، آيه‏ي 259
6 ـ داستان حضرت ابراهيم عليه‏السلام و پـرندگـان، آيه‏ي 260

داستان حضرت آدم عليه‏السلام آيات 29 ـ 39):

و به كساني كه ايمان آورده‏اند و كارهاي شايسته كرده‏اند، نويد بده كه ايشان را بوستان‏هايي است كه در فرودست آن جويباران جاري است؛ هرگاه از ميوه‏هاي آن روزي يابند، گويند اين همان است كه پيش‏ترها از آن بهره‏مند بوديم؛ و به ايشان همانند آن داده شود؛ و در آن جا جفت‏هاي پاكيزه دارند؛ و هم در آن جا جاويدانند«25»خداوند پروا ندارد كه به پشه و فراتر [يا فروتر] از آن مثل زند، آن گاه مؤمنان مي‏دانند كه آن [مثل [راست و درست است [و] از سوي پروردگارشان است؛ ولي كافران مي‏گويند خداوند از اين مَثل چه مي‏خواهد؟ [بدينسان] بسياري را بدان گمراه و بسياري را راهنمايي مي‏كند، ولي جز نافرمانان كسي را بدان بي راه نمي‏گرداند«26» كساني كه پيمان خداوند را پس از بستنش مي‏شكنند، و آن چه خداوند به پيوستن آن فرمان داده است، مي‏گسلند و در زمين فساد مي‏كنند، اينان زيان‏كارند«27» چگونه به خداوند كفر مي‏ورزيد؟ حال آن كه بي‏جان بوديد و او به شما جان بخشيد. سپس شما را مي‏ميراند و دوباره زنده مي‏كند. آن گاه به سويش بازگردانده مي‏شويد«28» او كسي است كه آنچه در زمين است، همه را براي شما آفريد، سپس به [آفرينش[ آسمان پرداخت. و هفت آسمان استوار كرد و او به هر چيزي داناست«29» و چون پروردگارت به فرشتگان گفت من گمارنده‏ي جانشيني در زمينم، گفتند آيا كسي را در آن مي‏گماري كه در آن فساد مي‏كند و خون‏ها مي‏ريزد؟ حال آن كه ما شاكرانه تو را نيايش مي‏كنيم و تو را به پاكي ياد مي‏كنيم. فرمود: من چيزي مي‏دانم كه شما نمي‏دانيد«30» و همه‏ي نام‏ها را به آدم آموخت، سپس آن‏ها را بر فرشتگان عرضه داشت و گفت: اگر راست مي‏گوييد به من از نام‏هاي ايشان خبر دهيد«31» گفتند: پاكا كه تويي، ما دانشي نداريم جز آن چه به ما آموخته‏اي. تو داناي فرزانه‏اي«32»فرمود: اي آدم آنان را از نام‏هايشان خبر ده؛ و چون از نامه‏هايشان خبرشان داد، فرمود: آيا به شما نگفتم كه من ناپيداي آسمان‏ها و زمين را مي‏دانم«33» و چون به فرشتگان گفتيم بر آدم سجده بريد، همه سجده بردند جز ابليس كه سر كشيد و كبر ورزيد و از كافران شد«34» و گفتيم: اي آدم تو و همسرت در بهشت بياراميد و از [نعمت‏هاي] آن از هر جا كه خواستيد به خوشي و فراواني بخوريد، ولي به اين درخت نزديك نشويد كه از ستمكاران خواهيد بود«35» سپس شيطان آنان را به لغزش كشانيد و از جايي كه بودند، آواره كرد و گفتيم: پايين رويد ـ برخي دشمن يكديگر ـ و در روي زمين تا وقت معين آرامشگاه و بهره‏مندي داريد«36» آن گاه آدم كلماتي از پروردگارش فرا گرفت و [خداوند[ از او درگذشت، چه او توبه‏پذير مهربان است«37»
گفتيم: همه از آن [بهشت] پايين رويد، آن گاه اگر رهنمودي از من براي شما آمد، كساني كه از رهنمودم پيروي كنند، بيمي برايشان نيست و اندوهگين نگردند«38» و كساني كه كفر ورزيدند و آيات ما را دروغ انگاشتند، دوزخي‏اند و جاودانه در آنند«39»

1 ـ انديشه:

انديشه‏ي داستان آدم عليه‏السلام از آيات 29 و 30 مشهود است. به طوري كه مي‏توان گفت، انديشه‏ي اين داستان حول اين دو عبارت است:
«و او به هر چيز داناست»، «من گمارنده‏ي جانشيني در زمينم»
با توجه به تعريفي كه از عنصر انديشه در فصل گذشته ارايه شد، اين دو عبارت، مصداق چنين تعريفي مي‏باشند.
به طور واضح‏تر مي‏توان انديشه‏ي داستان آدم عليه‏السلام را اينگونه بيان كرد:
«داننده به هر چيز مي‏خواهد جانشيني در زمين بگمارد.»

2 ـ بازشناخت:

عنصر «بازشناخت» به نوعي در مورد فرشتگان رخ مي‏دهد. به طوري كه فرشتگاني كه در آغاز نسبت به خلق آدم عليه‏السلام به عنوان جانشين خداوند در
زمين معترض بودند، در اواسط داستان، كار به جايي مي‏رسد كه همين فرشتگان در مقابل آدم عليه‏السلام سجده مي‏كنند. در واقع شناخت جديدي كه فرشتگان در مورد جانشين زمين كسب مي‏كنند، منجر مي‏شود كه در پايان حضورشان در داستان با نگرشي متفاوت از قبل، صحنه داستان را ترك كنند. لذا با توجه به اين توضيح، مي‏توانيم بگوييم كه: عنصر «بازشناخت» در داستان آدم عليه‏السلام كاربرد دارد؛ امّا اين كاربرد با كاربردي كه در تراژدي دارد متفاوت است.

3 ـ بيان:

«بيان» در داستان آدم عليه‏السلام به شيوه‏ي روايي و به طريق گفتگو ارايه شده است. داستان در همان ابتدا با گفتگوي خداوند متعال و فرشتگان آغاز مي‏شود.
اهميت چنين آغاز و گفتگويي در اين است كه:
اولاً: خوانندگان، به صورت مستقيم و با زبان خود فرشتگان با دقايق انديشه‏هاي آنان آشنا مي‏شوند و مي‏دانيم كه گوش دادن به صورت مستقيم، به مراتب از نقل و گزارش صرف، زنده‏تر و دلپذيرتر است.
ثانيا: قبل از آن كه داستانسُرا (خداوند سبحان) در شناساندن‏انحراف رفتار شخصيّت محاوره كننده در پايان گفتگو دخالت كند، خوانندگان به طور مستقيم به اين انحراف‏ها پي مي‏برند و اين امر در
داستان تحقق يافته است. چرا كه‏پس ازآشكار شدن ديدگاه فرشتگان، اين پاسخ: «من چيزي مي‏دانم كه شما نمي‏دانيد» آمـده است. (خـوانندگـان از اين پاسخ مي‏توانند به انحراف رفتار فرشتگان پي ببرند.)
نتيجه‏اين‏كه:«گفتگو»به‏عنوان‏يك‏عنصرتكنيكي، يك وظيفه‏ي مهم را بر عهده دارد و آن مكشوف ساختن‏انديشه‏هاي فرشتگان ـ باهمه‏ي دقايق و جزييات آن ـ در برابر جانشين روي زمين است. بعد از اين گفتگو، داستان بيش‏تر از طريق روايي ادامه مي‏يابد كه از خود آيات قابل فهم است.

4 ـ تحوّل:

عنصر «تحوّل» در مورد هر چهار شخصيّت داستان آدم عليه‏السلام مطرح مي‏باشد. اين چهار شخصيت داستان به ترتيب ورودشان به داستان عبارتند از:
الف ـ فرشتگان
ب ـ حضرت آدم عليه‏السلام
ج ـ ابليس
د ـ حوّا عليها‏السلام

فرشتگان:

مخالفت با جانشيني آدم عليه‏السلام (تحوّل) سجده كردن بر آدم عليه‏السلام .
آدم عليه‏السلام و حوّا عليها‏السلام :
گفتيم اي آدم تو و همسرت در بهشت بياراميد، (تحوّل) گفتيم پايين رويد [به روي زمين]
و به پايين روي زمين رفتن، (تحوّل) فراگرفتن كلمات توسط آدم و در گذشتن خداوند از او.

ابليس:

ابليس در مقام فرشتگان، (تحوّل) قرار گرفتن در گروه كافران.

5 ـ رقيب:

به نوعي عنصر «رقيب» در داستان آدم عليه‏السلام كاركرد دارد.
بر سر سجده نكردن ابليس آدم را. ابليس رقيب آدم عليه‏السلام مي‏شود و تا آخر داستان حضور دارد و در نهايت سبب مي‏شود كه آدم عليه‏السلام به روي زمين پايين برود.

6 و 7 ـ شخصيّت و شخصيّت‏پردازي:

درباره‏ي شخصيّت و شخصيّت‏پردازي در اين داستان نكته‏اي كه مهم است، طريقه‏ي توالي ورود شخصيّت‏ها به داستان مي‏باشد؛ به طوري كه بعد از «گفتگو»ي خداوند با فرشتگان، شخصيت ديگري به نام «ابليس» ظاهر مي‏شود و در ادامه به همين ترتيب حوّا وارد داستان مي‏شود. البته بهره‏گيري از اين تكنيك‏ها بر اساس فكر و انديشه‏اي است كه از بيان اين داستان موردنظر بوده است. از اين شخصيت‏ها برخي ويژگي‏هاي ناشناخته و مبهمي دارند، همانند فرشتگان. همچنين شخصيت‏ها به اصلي مانند آدم عليه‏السلام و فرعي مانند ابليس، حوّا عليها‏السلام
و فرشتگان، قسمت شده‏اند. همان گونه كه شخصيت‏ها به دو نوع انسان و فرشته تقسيم شده‏اند. سرانجام، همه‏ي شخصيت‏ها بر طبق زبان داستاني، با خصوصيت‏هاي متغير ترسيم شده‏اند، يعني هيچ كدام وضعيت ثابتي ندارند؛ به گونه‏اي كه در آغاز داستان با ويژگي‏هاي معيني در صحنه‏ي داستان ظاهر مي‏شوند، اما در پايان به گونه‏اي ديگر.
در علّت پرداخت شخصيت‏هاي داستان به اين طريق مي‏توان به اين نكته اشاره كرد كه غرض و مقصود داستان، بيان «مقام الهي جانشيني آدم عليه‏السلام بر روي زمين» است؛ بنابراين بايد همه‏ي وقايع و شخصيّت‏ها در اين راستا باشند و اين گونه نيز هستند. در نتيجه به آن دسته از ويژگي‏هاي شخصيت‏ها تأكيد شده است كه در راستاي اين انديشه مي‏باشد؛ و اگر فرشتگان مطرح شدند، نشان دهنده‏ي بُعد الهي و متعالي انسان است كه در صورت اطاعت از حقّ تعالي به مقام و مرتبه‏اي بالاتر از فرشتگان نايل مي‏شود و در غير اين صورت ـ يعني پيروي از شيطان ـ اهل جهنم خواهد شد و جاودانه در آن جا خواهد ماند.
اما در ارتباط با تقسيم‏بندي شخصيت‏ها بر دو نوع اصلي و فرعي، با صراحت مي‏توانيم بگوييم: شخصيت اصلي داستان، آدم عليه‏السلام است. چرا كه اين شخصيت براي آدميان در صحنه‏ي تجربه‏ي
جانشيني‏شان در زمين تجسم يافته است. شخصيتي كه در تمام قسمت‏هاي چهارگانه‏ي داستان، ايفاي نقش مي‏كند.
در بخش‏نخست: نقش‏خليفه ـ جانشين ـ را دارد.
در بخش دوّم: نقش آموزنده‏ي دانش را ايفا مي‏كند. كه همه‏ي اسما را فرا مي‏گيرد.
و در بخش سوّم: به فرشتگان و ابليس دستور داده مي‏شود كه در برابر او سجده كنند.
و بالاخره در بخش چهارم: عمليات اسكان وي دربهشت و آنگـاه هبوط وي در زمين انجام مي‏شود.

8 ـ كشمكش:

عنصر «كشمكش» در داستان آدم عليه‏السلام بر سر موضوع «سجده كردن بر آدم عليه‏السلام » بروز پيدا مي‏كند. به طوري كه ابليس به واسطه‏ي سجده نكردنش، در مقابل خداوند متعال قرار مي‏گيرد و سبب ايجادتضاد مي‏شودكه لازمه‏ي‏كشمكش‏است.
البته كشمكش تئآتري با كشمكش مطرح شده در اين داستان ماهيتا متفاوت‏اند. فقط تشابه ظاهري است كه باعث مي‏شود كه سجده نكردن ابليس بر آدم عليه‏السلام را كشمكش بناميم.

9 ـ گفتار پاياني:

عنصر «گفتار پاياني» در پايان داستان آدم عليه‏السلام توسط خداوند متعال بيان مي‏شود. يعني به نوعي
خطاب به جانشينان زمين ـ كه انديشه‏ي داستان نيز طرح جانشيني در زمين بود ـ چنين مي‏گويد:
گفتيم: همه از آن [بهشت] پايين رويد، آن گاه اگر رهنمودي از من براي شما آمد، كساني كه از رهنمودم پيروي كنند، بيمي بر ايشان نيست و اندوهگين نگردند و كساني كه كفر ورزيدند و آيات ما را دروغ انگاشتند، دوزخي‏اند و جاودانه در آنند.(1)
البته نبايست به ظاهر بسنده كنيم و بگوييم كه داستان آدم عليه‏السلام داراي عنصر «گفتار پاياني» است، چرا كه باطن و ماهيت امر مهم‏تر از ظاهر آن است. لذا بايد دقيق‏تر شويم تا دريابيم كه واقعا آيات 38 و 39 «گفتار پاياني» در مفهوم تئاتري‏اند يا نه؟

داستان گاو بني‏اسرائيل: آيات 67ـ73 بقره)

و چون موسي به قومش گفت، خداوند به شما دستور مي‏دهد كه ماده گاوي بكشيد، گفتند: آيا ما را ريشخند مي‏كني؟ گفت پناه بر خدا مي‏برم كه [مبادا [از نادانان باشم«67» گفتند: از پروردگارت براي ما بخواه كه چون و چند آن گاو را بر ما روشن كند. گفت: مي‏فرمايد آن گاوي است نه پير و نه جوان، ميان سال بينابين؛ پس آن چه دستور يافته‏ايد انجام دهيد«68» گفتند: از پروردگارت بخواه براي ما روشن كند كه رنگ آن چيست. گفت: مي‏فرمايد آن گاوي است رنگش زردِ روشن كه بينندگان را شاد مي‏كند«69»
گفتند: از پروردگارت بخواه كه براي ما روشن كند كه آن چگونه است [چون و چند] گاو بر ما مشتبه شده است و ما اگر خداي بخواهد راهياب خواهيم شد«70»گفت: مي‏فرمايد آن گاوي است كه نه رام [و كاري] است كه زمين را شيار كند و كشت‏زار را آبياري كند، تندرست و يك‏رنگ. گفتند: اينك سخن درست آوردي. سپس آن را كشتند و نزديك بود كه اين را نكنند«71» و ياد كنيد كه چون كسي را كشتيد و درباره‏ي او به ستيزه پرداختيد [و به گردن همديگر انداختيد] و خداوند آشكار كننده‏ي چيزي است كه پنهان مي‏ساختيد«72» آن گاه گفتيم: بخشي از بدن گاو را به او [بدن آن كشته] بزنيد [تا زنده شود] و خداوند اين چنين مردگان را زنده مي‏كند و معجزات خويش را به شما مي‏نماياند تا بينديشيد«73»

1 ـ انديشه:

«انديشه‏ي» نهفته در اين داستان، در آيه‏ي 73 بيان شده است: «كَذلِكَ يُحيي اللّه‏ُ الْمَوْتي...» «خداوند اين چنين مردگان را زنده مي‏كند.»
حال براي تبيين اين انديشه، ساير عناصر پديدار مي‏شوند.

2 ـ بازگشت به گذشته:

در اين داستان به يك معني از عنصر «بازگشت به گذشته» استفاده شده است و البته اين بهره‏مندي در مفهوم تئآتري نمي‏باشد.
داستان گاو بني‏اسرائيل از حادثه‏ي مياني آغاز مي‏شود؛ به طوري كه رويداد مياني اين داستان عبارت است از اختلاف نظر در شناسايي قاتل و روي آوردن به حضرت موسي عليه‏السلام براي به دست آوردن قاتل و نيز كشتن گاو.
اين گونه «آغاز» بيان‏گر اهميت اين رويداد در سلسله‏ي حوادث داستان مي‏باشد و در واقع حادثه‏ي آغازين داستان در بردارنده‏ي معنا و مفهوم ويژه‏اي است كه بر ساير مفاهيم فرعي مزيت و برتري دارد. با اندكي دقت و توجّه خواهيم فهميد كه آغاز داستان با اين رويداد، در راستاي انديشه‏اي است كه غايت بيان اين داستان در آن نهفته است. يعني داستان «زنده كردن مردگان» درباره‏ي حادثه فردي است كه قاتل وي ناشناخته است. مردم، در شناسايي قاتل، سخت دچار اختلاف مي‏شوند. از اين رو، به منظور كشف هويّت قاتل به موسي عليه‏السلام روي مي‏آورند. موسي عليه‏السلام به آنان دستور مي‏دهد تا گاوي را كه داراي مشخصات ويژه‏اي است، بكشند و پاره‏اي از اجزاي آن را به مقتول بزنند تا زنده شود و هويّت قاتل آشكار گردد. در اين صورت، نخستين رويداد داستان، قتل يك شخص است.
رويداد مياني آن عبارت از اختلاف نظر در شناسايي قاتل و روي آوردن به موسي عليه‏السلام براي به دست آوردن قاتل و نيز كشتن گاو. و آخرين رويداد داستان، زنده كردن فرد مقتول است.
اين كه قبلاً اشاره شد كه يك معنا از «بازگشت به گذشته» در اين داستان استفاده شده است، از آيه‏ي72 بر مي‏آيد؛ به طوري كه بعداز 5 آيه كه درباره‏ي كشتن گاو بوده است، خداوند مي‏فرمايد: ياد كنيد كه چون كسي را كشتيد و درباره‏ي او به ستيزه پرداختيد. [و به گردن همديگر انداختيد] و خداوند آشكار كننده‏ي چيزي است كه پنهان مي‏ساختيد.
و سپس در آيه‏ي 73 مي‏گويد:
آن گاه گفتيم: بخشي از بدن گاو را به او [بدن آن كشته] بزنيد [تا زنده شود].
پس معلوم مي‏شود كه «قتل» سرآغاز رويدادها و زدن‏بخشي از بدن‏گاو به«كشته» آخرين آن‏هاست.
در ضمن، دلايل آغازيدن داستان به اين طريق و رويداد مياني را حداقل مي‏توان چنين بيان كرد كه:
الف ـ فرمان «ذبح گاو»: يعني ما را در مقابل يك فرمان آسماني قرار مي‏دهد.
ب ـ «كشتن گاو»: وقتي انديشه‏ي اين داستان «پديده‏ي احياي مردگان» است، پس تجلي‏گاه و
مظهر اين احياي مرده به وسيله‏ي كشتن گاو فراهم خواهد شد؛ لذا داستان به اين طريق آغاز مي‏شود.

3 ـ پرسش و پاسخ:

داستان گاو نيز به نوعي با عنصر «پرسش و پاسخ» بيان مي‏شود؛ اما اين نيز نوع خاصي از پرسش و پاسخ است با معناي متفاوت از معناي تئآتري آن. به طوري كه از هفت آيه‏اي كه داستان گاو را بيان مي‏كنند، شش آيه به طريق پرسش و پاسخ مي‏باشد؛ پرسشي كه بني‏اسرائيل از موسي عليه‏السلام در مورد بيان خداوند در كشتن گاو مي‏كنند و پاسخي كه خداوند از طريق موسي عليه‏السلام به بني‏اسرائيل مي‏دهد.

4 و 5 ـ شخصيت و شخصيت‏پردازي:

در اين داستان، اصل، «كشتن گاو» است؛ نه خود گاو، ولي به خاطر «پرسش»هاي بني‏اسرائيل «پاسخ»هاي خداوند، پرداختي هنرمندانه به شخصيت گاو داده است. لذا به اين معنا، گاو شخصيت اصلي داستان قرار گرفته است.
يكي از شيوه‏هاي شخصيت پردازي نيز به همين طريق، يعني «پرسش و پاسخ»، مي‏باشد كه به نوعي غيرتئآتري اين «پرسش و پاسخ»ها در اين داستان منجر به گفتگو شده‏اند تا شخصيت گاو پرداخته شود.
ويژگي‏هاي گاو را در چهار دسته مي‏توان بيان كرد:
دسته اول به بيان سه ويژگي پرداخته است؛
سنّ: از پروردگارت براي ما بخواه كه چند و چون آن گاو را بر ما روشن كند.
رنگ: از پروردگارت بخواه براي ما روشن كند كه رنگ آن چيست؟
ويژگي‏هاي جسماني: از پروردگارت بخواه براي ما روشن كند كه آن چگونه است؟ [چند و چون]
دسته‏ي دوم به عنوان پاسخ دسته‏ي اول آمده است؛
سن: ميان‏سال بينابين «عَوان».
رنگ: زرد «بَقَرَةٌ صَفْراء»

ويژگي‏هاي جسماني: تندرست و يك‏رنگ «مُسَلَّمَةٌ»

دسته‏ي سوم، دنباله‏ي دسته دوم مي‏باشد. زيرا در پاسخ، تنها به اعتدال سن و زردي رنگ و سلامت جسماني بسنده نشده است، بلكه براي هر داستان، ويژگي‏هايي را نيز بيان مي‏كند؛
سن: «نه پير...»
رنگ: «روشن...»
ويژگي‏هاي جسماني: «نه رام [و كاري] است كه زمين را شيار كند...»
دسته‏ي چهارم:
سن: «... و نه جوان»
رنگ: «... بينندگان را شاد كند.»
ويژگي‏هاي جسماني: «... و نه كشت‏زار را آبياري كند.»
ديگر ويژگي‏هاي جسماني كه مطرح شده‏اند:
«يك رنگ است و خال و نشانه‏اي در اندام آن مشاهده نمي‏شود.»

داستان طالوت عليه‏السلام : (آيات246ـ252 بقره)

آيا [داستان] بزرگان بني‏اسرائيل را پس از موسي ندانسته‏اي؟ آن گاه كه به پيامبرشان گفتند: براي ما فرمانروايي بگمار تا [به فرمان او] در راه خدا جهاد كنيم. گفت: اگر جهاد بر شما مقرر گردد، چه بسا كارزار نكنيد. گفتند: دليلي ندارد كه در راه خدا نجنگيم. و حال آن كه از خانه و كاشانه‏ي‏مان رانده [و از زن] و فرزندانمان جدا شده‏ايم. آن گاه چون كارزار بر ايشان مقرر گشت، جز اندكي از ايشان، همه روي‏گردان شدند، و خدا از ستمكاران آگاه است«246» و پيامبرشان به ايشان گفت: خداوند طالوت را به فرمانروايي شما برگماشته است. گفتند: چگونه برما فرمانروايي كند، حال آن كه ما از او به فرمانروايي سزاوارتريم و مال و منال چنداني نيز ندارد. گفت: خداوند او را بر شما برگزيده است و به او دانايي و توانايي بسيار بخشيده است و خدا فرمانروايي‏اش را به هر كس كه بخواهد
ارزاني مي‏دارد و خدا گشايش‏گري داناست«247» و پيامبرشان به ايشان گفت: نشانه‏ي [صدق و صحت] فرمانروايي او اين است كه «تابوت عهد» كه در آن مايه‏ي آرامشي از سوي پروردگارتان و يادگاري از ميراث آل موسي عليه‏السلام و آل‏هارون عليه‏السلام هست و فرشتگانش حمل مي‏كنند، به سوي شما مي‏آيد. اگر مؤمن باشيد در اين امر عبرتي براي شماست«248»
و هنگامي كه طالوت با سپاهيان رهسپار شد، گفت: خداوند آزماينده‏ي شما به جويباري است كه هر كس از آن بنوشد از من نيست و هر كس از آن نخورد از من است، مگر آن كه مشتي [آب] به دست خويش برگيرد؛ و جز اندكي از ايشان، همه از آن نوشيدند. و چون او و كساني كه همراه او ايمان آورده بودند، از آن جوي برگذشتند، [بددلان[ گفتند: امروز تاب جالوت و سپاهيانش را نداريم، [اما [كساني كه يقين داشتند كه به لقاي الهي خواهند رسيد، گفتند: چه بسا گروهي اندك‏شمار كه به توفيق الهي بر گروهي انبوه پيروز گرديده است و خداوند با شكيبايان است«249» و چون با جالوت و سپاهيانش رو در رو شدند، گفتند: پروردگارا بر ما [باران] صبر فرو ريز و گام‏هاي ما را استوار بدار و ما را بر خداناشناسان پيروز گردان«250»آن گاه به توفيق الهي آنان را شكست دادند و داود عليه‏السلام جالوت را كشت، و خـداوند به او فرمـانروايي و پيامبـري ارزاني داشت و از هر آن چه خواست به او آموخت و اگر خداوند بعضي از مردم را به دست بعضي ديگر دفع نكند، زمين تبـاه شود، ولي خـداوند بر جهـانيـان بخشـش و بخشايش دارد«251» اين آيات الهي است كه به حق بر تو مي‏خوانيمش و تو از فرستادگاني«252»

1 ـ انديشه:

عنصر «انديشه» در داستان طالوت عليه‏السلام مي‏تواند به صورت چند انديشه مطرح شود، بدين ترتيب كه:
الف ـ خدا از ستم‏كاران آگاه است.
ب ـ خدا فرمانروايي‏اش را به هر كه بخواهد ارزاني مي‏دارد و خدا گشايش گري داناست.
ج ـ خدا آزماينده است.
د ـ چه بسا گروهي اندك‏شمار كه به توفيق الهي بر گروهي انبوه پيروز گرديده است و خدا با شكيبايان است.
ه•• ـ اگر خداوند بعضي از مردم را به دست بعضي ديگر دفع نكند، زمين تباه شود، ولي خداوند بر جهانيان بخشش و بخشايش دارد.
با بررسي اين انديشه‏ها مي‏توانيم عنصر «انديشه» در داستان طالوت عليه‏السلام را اين گونه معرفي كنيم كه:
خدا از ستمكاران آگاه است. براي همين اگر خداوند بعضي از مردم را به دست بعضي ديگر دفع نكند، زمين تباه شود، ولي خداوند بر جهانيان بخشش و بخشايش دارد.
حال مصداق‏هاي اين كه خداوند بر جهانيان بخشش و بخشايش دارد در انديشه‏هاي ديگر مطرح شده‏اند.
ـ «خداوند بر جهانيان بخشش و بخشايش دارد. به همين سبب فرمانروايي‏اش را به هر كه بخواهد ارزاني مي‏دارد و خدا گشايش گري داناست. چرا كه اگر چنين نباشد، زمين تباه شود.»
زمين مـركز خليفـة اللهي جهـانيان. (عالـي‏ترين هدف خلقت جهانيان همين خليفة اللهي است و تباهي زمين، يعني عقيم ماندن كار خلقت.)
ـ «خداوند بر جهانيان بخشش و بخشايش دارد»؛ به همين خاطر «خدا آزماينده است.»
ـ «خداوند بر جهانيان بخشش و بخشايش دارد»؛ به همين دليل «چه بسا گروهي اندك شمار كه به توفيق الهي بر گروهي انبوه پيروز گرديده است و خدا با شكيبايان است.»

2 ـ بازشناخت:

در داستان طالوت عليه‏السلام عنصر «بازشناخت» در ارتباط با گروهي از بني‏اسرائيل رخ مي‏دهد؛ به طوري كه در آيه‏ي 246، وقتي كه آن گاه كه به پيامبرشان گفتند: براي ما فرمانروايي بگمار تا [به فرمان او] در راه خدا جهاد كنيم، ولي آن گاه چون كارزار بر ايشان مقرر گشت، جز اندكي از ايشان همه روي‏گردان شدند. نشان دهنده‏ي اين مطلب است كه آن گروه از بني‏اسرائيل كه در آغاز داستان چنين تقاضايي از پيامبر خود داشتند، در حين عمل، جز اندكي از ايشان همه روي‏گردان شدند. پس اين گروه از بني‏اسرائيل در مورد خويشتن به شناختي جديد رسيدند كه هنگام عملي شدن خـواستـه‏ي ايشـان از ادامـه دادن آن امتنـاع كـردند.
شناخت جديد اين گروه از بني‏اسرائيل، به واسطه‏ي «گماردن فرمانده» و «گذر از جويبار» فراهم مي‏شود تا اين كه خود اين گروه از بني‏اسرائيل بگويند:
امروز تاب جالوت و سپاهيانش را نداريم.

3 ـ بيان:

«بيان» در داستان طالوت عليه‏السلام به شيوه‏ي روايي و به طريـق گفتگـو ارايـه مـي‏شود. امـا ايـن شيـوه‏ي روايـي بيـان و گفتگـو به لحـاظ ساختـار در اين داستان داراي ويژگي خاصي است. به طـوري كـه راوي ـ خـداوند متعـال ـ داستـان را
ايـن گونـه آغـاز مي‏كنـد كـه «آيـا [داستـان[ بزرگان بني‏اسرائيل را پس از موسي ندانسته‏اي؟» اين مطلب نشان مي‏دهد كه مخاطبي براي داستان وجود دارد كه راوي خطابش با اوست. در ادامـه، در همان آيه‏ي 246، آغاز و پايان و نتيجه‏ي داستان را بيان مي‏كند. يعني مخاطبِ راوي در همان ابتدا مي‏داند كه بني‏اسرائيل از تقـاضايي كه از پيامبر خود دارند در حين عمل سر باز خواهند زد.
حال براي اين كه اين سر باز زدن نشان داده شود، داستان در آيات بعدي بسط مي‏يابد. در ضمن، گفته شد، ساختار «بيان» در داستان طالوت عليه‏السلام خاص و ويژه است و به همين آيه‏ي 246 بر مي‏گردد؛ به طوري كه كلّ داستان به صورت گفتگو است و اصولاً گفتگو، يك سير كلامي دارد. يعني يك انجامي دارد؛ به طوري كه در آن، موضوعي مطرح مي‏شود كه در سير كلامي طرفين به يك سرانجام مي‏رسد و در واقع آخرين كلام ردّ و بدل شده، شفاف كننده‏ي موضوع آغازين گفتگوست، اما در داستان طالوت عليه‏السلام ، در آغاز داستان، شاهد هستيم كه سير كلامي گفتگو طرح نمي‏شود، بلكه تقاضاي بني‏اسرائيل به عنوان كلام آغازين گفتگو بيان مي‏شود و در ادامه، بدون تصوير كردن سير كلامي، طرفين گفتگو، آخرين
كلام گفتگو، يعني جز اندكي از ايشان، همه روي‏گردان شدند، بيان مي‏شود. در آيات بعدي براي اين كه خواننده يا شنونده داستان اقنـاع شود كه چرا ايـن گونه شده است؟ سير كلامي گفتگو طرح مي‏شود. در واقع منطق سير كلامي گفتگو شكسته مي‏شود و سپس براساس انديشه، داستان، ساختار جديـدي پيـدا مي‏كنـد كه ديگر اين ساختار، منطقـي غيـر از منـطق سيـر كلامـي گفتگـو دارد.

4 و 5 ـ شخصيت و شخصيت‏پردازي:

شخصيت‏هاي داستان طالوت عليه‏السلام به ترتيب عبارتند از:
الف ـ گروهي از بني‏اسرائيل.
ب ـ پيامبر بني‏اسرائيل.
ج ـ طالوت عليه‏السلام .
د ـ جالوت.
ه•• ـ داود عليه‏السلام .
اما شخصيت پردازي در داستان طالوت عليه‏السلام ، شخصت پردازي مبتني بر انديشه‏ي داستان است. يعني اين پنج شخصيت داستان، آن گونه پرداخته مي‏شوند كه لازمه‏ي انديشه‏ي داستان است. براي نمونه وقتي نام پيامبر بني‏اسرائيل بيان نمي‏شود به اين خاطر است كه در نمودار ساختن انديشه‏ي داستان، ذكر نام او كاربرد ندارد ولي چون حضور او
به عنوان واسطه بين خداوند متعال و بني‏اسرائيل، پيش برنده‏ي داستان براي آشكار شدن انديشه مؤثر و ضروري است در داستان گنجانده مي‏شود و آن هم در حدّ يك «پيام رسان». يعني از شخصيت او فقط «پيامبر بودن» اوست كه در خدمت انديشه‏ي داستان است. لذا ابعاد ديگري از شخصيت او مطرح نمي‏گردد.
و شخصيت «طالوت عليه‏السلام » نيز به واسطه‏ي كج‏انديشي‏هاي بني‏اسرائيل پرداخته مي‏شود و دانايي و توانايي به عنوان بارزترين وجوه شخصيتي طالوت عليه‏السلام در داستان مطرح مي‏شود كه اين نيز در خدمت انديشه‏ي داستان مي‏باشد.
و از شخصيت«جالوت» نيز،چون‏همين مقداري كه بني‏اسرائيل را از خانه و كاشانه‏شان رانده [و از زن] و فرزندان‏شان جدا كرده است در خدمت انديشه‏ي داستان بوده، بدان پرداخته شده است.
از شخصيت «داود» عليه‏السلام نيز اين سه ويژگي مطـرح مي‏شـود كه لازمـه‏ي انديشه‏ي داستان است:

1 ـ كُشنده‏ي جالوت
2 ـ فرمانروايي او
3 ـ حكمت او
6 ـ صحنه:

تنها مكاني كه به عنوان عنصر «صحنه» در داستان طالوت عليه‏السلام مطرح مي‏شود و در عمل نقش مهمّي ايفا مي‏كند، همان جويباري است كه لشكريان طالوت عليه‏السلام از آن مي‏گذرند. باز متوجه مي‏شـويم كه در صحنـه‏پـردازي داستـان نيـز همـان عنصـر انديشه، حضور دارد چرا كه بدون بيان جويبار،انديشه‏ي داستان‏به روشني تصوير نخواهد شد.
«جويبار» تصويرگر اين بخش از انديشه داستان است كه خدا از ستمكاران آگاه است. چرا كه به واسطه‏ي اين جويبار، ستم گران مصداق عيني در داستان پيدا مي‏كنند.

7 ـ طرح خطي:

رويدادهاي داستان طالوت عليه‏السلام به صورت خطي، يعني پشت سر هم و با توالي زماني، به وقوع مي‏پيوندد كه نتيجه‏ي آن به عنوان عنصر «طرح خطي» در اين داستان مطرح مي‏شود.
تقاضاي گماردن فرمانده؛ معرفي فرمانده همراه با نشانه‏ي آن؛ لشكركشي سپاهيان طالوت عليه‏السلام ؛ گذر از جويبار؛ شكست خوردن سپاهيان جالوت؛ كشته شدن جالوت.

8 ـ كشمكش:

عنصر «كشمكش» در داستان طالوت عليه‏السلام بر سر موضوع «گماردن طالوت به عنوان فرمانده‏ي
بني‏اسرائيل» بروز مي‏كند. البته اين كشمكش به گستردگي كشمكش تئآتري نيست.

9 ـ گفتار پاياني:

عنصر «گفتار پاياني» به نوعي در پايان داستان طالوت عليه‏السلام بيان مي‏شود:
اين آيات الهي است كه به حق برتر مي‏خوانيمش و تو از فرستادگاني.
با توجه به آيه‏ي 252، آنچه به عنوان «گفتار پاياني» مطرح مي‏شود و اهميّت دارد، همان حقّ بودن آيات الهي است كه نمونه‏ي آن، داستان طالوت عليه‏السلام مي‏باشد.

داستان نمرود: (آيه‏ي 258 بقره)

آيا [داستـان] كسـي را كـه از [سـرمستـي] آن كـه خـداونـد بـه او ملـك و مكـنت بخشيـده بـود، با ابراهيم عليه‏السلام درباره‏ي پروردگارش محاجّه مي‏كرد، ندانسته‏اي؟ چون ابراهيم عليه‏السلام گفت: پروردگار من كسي است كه زندگي مي‏بخشد و مي‏ميراند، او [نمرود [گفت: من [نيز] زندگي مي‏بخشم و مي‏ميرانم؛ ابراهيم عليه‏السلام گفت: خداوند خورشيد را از مشرق بر مي‏آورد، تو از مغربش برآور. آن كفر پيشه، سرگشته [و خاموش [ماند و خداونـد مـردم ستـم كار را هدايت نمي‏كند«258»

1 ـ انديشه:

انديشه‏ي مطرح در داستان نمرود، پديده‏ي «زندگي بخشيدن و ميراندن» مي‏باشد كه به ترتيب در دو داستان بعدي، يعني داستان «شهر خالي» و داستان «قطعه قطعه شدن چهار پرنده به دست ابراهيم عليه‏السلام »، نيز مطرح مي‏گردد و اين داستان مدخل ورود به اين موضوع و مبحث است. اين انديشه از محاجّه‏ي ابراهيم عليه‏السلام و نمرود آشكار مي‏شود.

2 ـ تعريف:

عنصر «تعريف» در اين داستان به گونه‏ي خاصي ارايه شده است كه در راستاي اهداف يا به تعبير ديگر در راستاي انديشه‏ي داستان مي‏باشد. خداوند مي‏فرمايد:
آيا [داستان] كسي را كه از [سرمستي] آن كه خداوند به او ملك و مكنت بخشيده بود، با ابراهيم عليه‏السلام درباره‏ي پروردگارش محاجّه مي‏كرد، ندانسته‏اي؟
خداوند با چنين تعريفي از «نمرود» به چند نكته اشاره دارد:
الف ـ خداوند به او ملك و مكنت بخشيـده بود.
ب ـ ملك و مكنت، مانع نمرود از درك صحيح درباره‏ي پروردگار شده بود. چرا كه مي‏پنداشت او هم مي‏تواند زنـدگي ببخشد و بميراند.

3 ـ رقابت:

ابراهيم عليه‏السلام كه شخصيت اصلي داستان است، به نوعي، نمرود در ابلاغ پيام الهي رقيب اوست. چرا كه ابراهيم عليه‏السلام پروردگارش را خدايي معرفي مي‏كند كه زندگي مي‏بخشد و مي‏ميراند و نمرود نيز چنين ادعايي دارد. لذا بر سر موضوع واحد اختلاف نظر حاصل مي‏شود و نمرود رقيب ابراهيم عليه‏السلام مي‏شود.

4 ـ كشمكش:

در اين داستان به نوعي كشمكش بين ابراهيم عليه‏السلام و نمرود صورت گرفته است و از نوع كشمكش انسان بر ضد انسان مي‏باشد.
نكته‏اي كه در اين كشمكش حايز اهميت است، مشخص نبودن مكان و زمان آن مي‏باشد. به نظر مي‏رسد علت اين ابهام اين است كه بر بيان حقّ بدون قيد زمان و مكان تأكيد شود. به عبارت ديگر داستان نمرود با اين ويژگي كشمكش، اين مطلب را آشكار مي‏كند كه اصل، صلابت و استواري در بيان حقّ است و زمان و مكان نمي‏تواند مانع بيان آن شود. با توجه به اين دليل، ابهام زماني و مكاني كشمكش داستان قابل توجيه است.

داستان شهر خالي: (آيه‏ي 259 بقره)

آيا [داستان] كسي را كه بر شهري گذشت كه سقف‏ها و ديوارهايش فرو ريخته بود، [در دل[ گفت: چگونه خداوند [اهل] اين [شهر] را پس از مرگشان زنده مي‏كند؟ آن گاه خداوند او را [به مدت] صد سال ميراند، سپس زنده كرد؛ [و به او[ گفت: چه مدت [در اين حال] مانده‏اي؟ گفت يك روز يا بخشي از يك روز [در اين حال] مانده‏ام. فرمود: چنين نيست، صد سال [در چنين حالي[ مانده‏اي. به خوردني و نوشيدني‏ات بنگر كه با گذشت زمان ديگرگون نشده است و به درازگوشت بنگر و [بدينسان] تو را مايه‏ي عبرت مردم خواهيم ساخت و به استخوان‏ها بنگر كه چگونه فراهمشان مي‏نهيم، سپس بر آن‏ها [پرده‏ي [گوشت مي‏پوشانيم و هنگامي كه [حقيقت امر] بر او آشكار شد، گفت: مي‏دانم كه خداوند بر هر كاري توانا است«259»

1 ـ انديشه:

همان طور كه قبلاً اشـاره شد اين داستـان (شهـر خالي) نيز پيـرامون پديده‏ي «زندگي بخشيدن و ميراندن» مي‏باشد؛ امّا به گونه‏اي متفاوت از داستـان قبـل. در داستـان قبـل (داستـان نمرود) بحث كلامي در مورد توانايي مطلق خداوند بر «زندگي بخشيدن و ميراندن» بود، ولي در اين داستان انديشه‏ي «توانايي بر زندگي بخشيدن و ميراندن» به نوعي خاص نشان داده شده است.

2 ـ بازشناخت:

عنصر «بازشناخت» به يك معنا در داستان شهر خالي به كار رفته است.
شخصيت اصلي داستان كه در آيه از او به عنوان كسي را كه بر شهري گذشت نام برده شده است، طبق كتب تفاسير، پيامبري است كه «ارميا» يا «عزير» نام دارد.
در اين داستان ارميا يا عزير در پايان به شناختي جديد نايل مي‏شود؛ به طوري كه در آغاز، زنده شدن اهل شهر براي او به واسطه‏ي موقعيت و فضايي كه در آنجا حاكم بوده است، بعيد به نظر مي‏رسد؛ (در تفاسير آمده كه حيوانات خشكي و دريايي از مردار آن‏ها مي‏خوردند)، ولي در پايان داستان خود اوست كه مي‏گويد:
«مي‏دانم كه خداوند بر هر كاري تواناست.»
كيفيت و چگونگي عنصر «بازشناخت» نيز از خود آيه به روشني معلوم است. او به واسطه‏ي خواب صد ساله و بيداري بعد از آن به اين شناخت جديد مي‏رسد.
البته عنصر «بازشناخت» در اين داستان با عنصر «بازشناخت» تئآتري تفاوت دارد.

3 ـ بيان:

«بيان» در اين داستان به طريق گفتگو ارايه شده است. اين گفتگو با پرسش شخصيت اصلي داستان آغاز مي‏شود و در ادامه، توسط نداي غيبي يا پيرمردي (طبق برخي تفاسير) از او سؤال مي‏شود كه چه مدت [در اين حال] مانده‏اي؟ در جواب، شخصيت اصلي مي‏گويد: يك روز يا بخشي از يك روز [در اين حال] مانده‏ام.» به همين ترتيب داستان ادامه پيدا مي‏كند و عنصر «بيان» شكل مي‏گيرد.

4 و 5 ـ گره‏افكني و گره‏گشايي:

داستان شهر خالي در همان آغاز با گره‏افكني شروع مي‏شود و به نوعي از گره‏اي كه براي شخصيت اصلي مطرح بوده است، سخن به ميان مي‏آيد. البته چنان كه قبلاً نيز اشاره شد اين عناصر به مفهوم تئآتري در داستان‏ها به كار نرفته‏اند، بلكه شباهت‏هايي بين آن ها موجود است.
گره‏افكني يا عمل فراز اين داستان، اين است كه شخصيت اصلي داستان در موقعيتي قرار مي‏گيرد كه زنده شدن مردگان اهل شهر با آن وضعيت برايش بعيد به نظر مي‏رسد، به طوري‏كه مي‏گويد: چگونه خداوند [اهل] اين [شهر] را پس از مرگشان زنده مي‏كند؟
حال، اين گره‏افكني يا عمل فراز بايد به گره‏گشايي يا عمل فرود منتهي شود. در ادامه‏ي داستان شاهد گره‏گشايي هستيم؛ به طوري كه با
«ميراندن و زنده كردن» خود شخصيت اصلي تحقق مي‏يابد.
گره افكني يـا عمـل فـراز داستـان شهـر خـالـي:
بعيد به نظر رسيدن زنده كردن مردگان اهل شهر براي شخصيت اصلي.
گـره‏گشايي يـا عمل فـرود داستـان شهـر خالـي:
ميراندن شخصيت اصلي و سپس زنده كردنش بعد از صد سال.

6 ـ موقعيت نمايشي:

داستان شهر خالي داراي «موقعيت نمايشي» است؛ به طوري كه عمل نمايشي، آرامش و سكون داستان را از بين برده است و تا زماني كه اين آرامش و سكون باز نگردد، عمل نمايشي ادامه خواهد داشت. عمل نمايشي آغازين داستان به واسطه‏ي كشته شد. اهل شهر فراهم آمده است، حال اين كشته شدن مي‏تواند سؤالات گوناگوني را برانگيزد كه يكي از آن سؤالات هماني است كه در اين داستان مطرح شده است.
«كشته شدن اهل شهر يا ميراندن آن ها» نيز نقطه‏ي عزيمت موقعيت نمايشي داستان شهر خالي مي‏باشد؛ به طوري كه عمل نمايشي از اين نقطه شروع و عزيمت مي‏كند.
داستان حضرت ابراهيم عليه‏السلام و پرندگان: (آيه‏ي 260 بقره)
و آن گاه كه ابراهيم گفت: پرودگارا به من بنماي كه چگونه مردگان را زنده مي‏كني؟ فرمود: مگر ايمان نداري؟ گفت: چرا، ولي براي آن كه دلم آرام گيرد. فرمود: چهار پرنده بگير [و بكش] و پاره پاره كن [و همه را در هم بياميز]، سپس بر سر هر كوهي پاره‏اي از آن‏ها را بگذار، آن گاه آنان را [به خود [بخوان. [خواهي ديد] كه شتابان به سوي تو مي‏آيند و بدان كه خداوند، پيروزمندِ فرزانه است«260»

1 ـ انديشه:

همان طور كه ذكر شد اين سوّمين داستان در سلسله‏ي داستان هاي به هم پيوسته‏اي است كه در مورد پديده‏ي ميراندن و زنده كردن مي‏باشد، اما ايـن بار شخصيّت اصلي، ابراهيم خليل‏اللّه‏ عليه‏السلام است.
اگر به اين سه داستـان، يك جـا نظر كنيم، نكاتي براي مان روشن خواهد شد؛ به طـوري كـه در داستان نمرود بحث نظري پيرامون پديده‏ي زنده كردن و ميرانـدن مطـرح شد و معلـوم گـرديد كه تنها خـداوند قـادر و متعـال است كه توانايي زنده كردن و ميرانـدن را دارد. داستـان شهـر خـالي، نمايانـدن وضعيتـي از مردگـان بـود كه زنـده شدن آن ها به نظر بعيد مي‏رسيد. يعني وضعيت خاص اين مردگان سبب مي‏شد كه ارميا يا عزير زنده شدنشان را امري بعيد پندارد. در داستان‏ابراهيم عليه‏السلام و پرندگان،موضوع‏به گونه‏اي ديگر مطرح است، در اين جا ابراهيم عليه‏السلام در اين امر شك و ترديد ندارد، بلكه از كيفيت و چگـونگي زنده كردن مردگان سؤال دارد. به عبارت ديگر اين كه خداوند متعال مردگـان را زنـده مي‏كند، جاي ترديد نيست، بلكه اين زنده شدن به چـه طريق خواهـد بود، ايـن معنـا از خود آيه‏ي مباركه نيز بر مي‏آيد.
ابراهيم عليه‏السلام مي‏گويد: پروردگارا به من بنماي كه چگونه مردگان را زنده مي‏كني.
در واقع ابراهيم عليه‏السلام از خداوند متعال كاري مي‏خواهد كه هنوز زمان وقوع آن نرسيده است. چرا كه در قيامت، مردگان زنده خواهند شد؛ نه قبل از قيامت و اين پرسش از كيفيت عمل است؛ نه از خود عمل.
در اين سه داستان يك انديشه واحد از ابعاد مختلف مطرح شده است و به خاطر همين ابعاد مختلف، موقعيت‏ها شخصيت ها و رويدادهاي متفاوتي در داستان ها گنجانده شده است. و اين تفاوت در موقعيت ها و شخصيت ها و رويدادها، لازمه‏ي چنين نگرش هايي از يك انديشه‏ي واحد بوده است.

2 ـ بيان:

بيان در داستان ابراهيم عليه‏السلام و پرندگان با عنصر «گفتگو» ارايه شده است كه به روشني از خود آيه‏ي مباركه مشهود است.
يكـي از زيبايـي‏هاي بيان در اين داستان، همين جمله‏ي مگر ايمان نـداري؟ مي‏بـاشد. چرا كـه در كـلام ابراهيـم عليه‏السلام خطـاب به خداونـد متعـال واضح است كه: از كيفيت عمل سؤال مي‏شود؛ نه از خود عمل. ولي براي اين كه جاي شكّ و شبهه‏اي باقـي نمانـد، خداونـد سبحان با اين جمله‏ي پرسشي به محتواي بيان، شفافيت بيش‏تري مي‏بخشد تا جواب ابراهيم عليه‏السلام آن تفاوت نگرشي از يك انديشه‏ي واحـد را واضـح‏تر گـرداند.

3 ـ بازشناخت:

مشاهده‏ي چگونگي زنده شدن پرندگان توسط ابراهيم عليه‏السلام در پايان داستان، بازشناختي است در باب معرفت به پروردگار متعال و در اين داستان به نوعي اين بازشناخت براي ابراهيم عليه‏السلام رخ مي‏دهد. لذا با اين توضيح به يك معنا عنصر «بازشناخت» در داستان ابراهيم عليه‏السلام و پرندگان به كار رفته است، اما در معنايي متفاوت از تئاتر.

پاورقيها:

(1) آيات 38 و 39 ـ سوره‏ي بقره.
 
سه شنبه 11 مهر 1391  5:50 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

جلوه ‏هاي هنر قرآني

جلوه‏هاي هنر قرآني

ليلا قبراني
با آن كه قصه‌هاي قرآن بازگو كننده‌ي حقايق مسلم تاريخي‌اند، ولي هرگز نمي‌توان قصه‌گويي در قرآن را برابر با نقل وقايع تاريخي ـ به طور مطلق و محض‌‌ـ دانست. آنچه قصه‌گويي و تاريخ نگاري را درقرآن از هم ممتاز مي‌سازد، ويژگي فني قصه‌هاي قرآن است. اين ويژگي عبارت است از بيان اعجاز و نيز القاي نظمي خاص، به واقعيت‌هاي برگزيده از تاريخ، به گونه‌اي كه خواننده احساس مي‌كند، رويدادها و آدم‌ها نزد او حضور دارند و با او سخن مي‌گويند. و اگر چنين نباشد، هرگز فايده اصلي قصه‌گويي قرآن، يعني عبرت‌گيري و موعظه‌يابي، حاصل نمي‌شود. به همين دليل، كافران در برخورد با چنين اعجاز هنرمندانه‌اي، آن را سحر و جادو و اساطير پيشينيان و شعرو قول كاهن مي‌شمردند. اين نبود مگر به آن دليل كه زير سيطره‌ي نفوذ قرآن قرار مي‌گرفتند و همه تأثيرهاي هنر بشري، و بسي بيش از آن را، در قرآن مي‌يافتند. پس واقع نمايي قصه‌هاي قرآن هرگز با بيان فني و بلاغي و اثرگذار آن نا‌سازگار نيست. قصه‌هاي قرآن در حالي كه واقعيت‌هاي تاريخي را باز مي‌گويند، بيش از يك قصيده يا رمان يا نمايشنامه در مخاطب اثر مي‌نهند و در او حس برمي‌انگيزد و رويدادها و شخصيت‌هاي قصه پروازش مي‌دهند.
جلوه‌هاي هنري قصه‌هاي قرآن

اثري هنري است كه داراي اين سه ويژگي باشد: برخورداري از نوآوري، زيبايي ساختار، و قدرت تعبير، بديهي است كه از اين سه، هيچ يك، منحصر به قصه‌هاي خيال پردازانه و ساختگي نيست.1 قصه‌هاي قرآني كه اثري هنري است، در بردارنده خصلت‌هايي است كه هرسه ويژگي را تأمين مي‌كنند. به ديگر سخن، قصه‌هاي قرآني از يك حكايت صرف كاملاً متفاوت است و سراسر تصوير‌سازي هنري از شخصيت‌ها، رويدادها، و گفت و گوهاست، تصويرهايي از نبرد هميشگي خير و شر در جان انسان و ميان او با نيروهاي شيطاني.2

نقش زمان و مكان در قصه‌هاي قرآن كريم

زمان، در قصه نقشي شگرف دارد. خارج شدن قصه از حدود زماني، آن را به درختي تبديل مي‌كند كه از ريشه‌هايش جدا شده است. چنين درختي شاخ و بال نمي‌گستراند و بارو بر‌نمي‌گيرد. قصه‌ي موفق آن است كه با دقت و ظرافت از عنصر زمان بهره گيرد و به تناسب فضا و سبك، آن را پر رنگ يا كم‌رنگ كند. براي بهره‌گيري از زمان، نمي‌توان قاعده‌اي معين كرد. احساس وروح هنرمند است كه براي هر‌قصه، رنگي از زمان برمي‌گزيند.

نقش زمان

در قصه‌هاي قرآن، زمان به منزله دستي است كه رويدادها را حمل مي‌كند و آن‌ها را به حركت در‌مي‌آورد. اگر اين دست نباشد، رويدادها بي‌جان برزمين مي‌افتند و از حركت باز مي‌مانند. به اين ترتيب، حضور زمان در قصه‌هاي قرآن حضوري زنده، آگاهانه، و معنا‌داراست. براي نمونه، به قصه حضرت يوسف بنگريد:
آن‌گاه كه برادران يوسف او را در چاه مي‌اندازند، خود مي‌دانند كه در چهره‌شان نشانه‌هاي پستي و نيرنگ و دروغ پيداست. پس زمان مناسب براي بازگفتن خبر به پدر، در پيش بردن حركت قصه نقشي اساسي دارد. آنان شب را برمي‌گزينند تا چهره به چهره شدنشان با پدر در روشنايي صورت نپذيرد و قرآن براين عنصر زمان تكيه مي‌كند.
«وجاؤوا أباهم عشاءً يبكون؛ و شبانگاهان نزد پدر خويش آمدند، در حالي كه مي‌گريستند». (سوره‌ي يوسف، آيه‌ي16)
همين عنصر زماني است كه در حسّ پدر نيز نقش دارد و او را به اين انديشه وا مي‌دارد كه اگر پسرانش صادق بودند، اين زمان را براي باز‌گفتن خبر بر‌نمي‌گزيدند. در همين قصه، دوران حبس حضرت يوسف كاملاً معين نمي‌شود، بلكه به درازاي آن اشاره مي‌شود، زيرا آنچه در روند قصه نقش دارد همين است كه يوسف گرچه «چند سال» را در محبس بسر بُرد، هرگز به گمراهي و آلودگي تن نداد و از دعوت الهي خويش دست نكشيد. پس ابهام يافتن زمان در اين‌جا، عين روشني و روشنايي است:
«فلبث في السّجنِ بِضعَ سِنين؛ و چند سال در زندان بماند». (سوره‌ي يوسف، آيه‌ي42)

نقش مكان

مكان همچون ظرفي است كه رويدادهاي قصه در آن جاي مي‌گيرند و زمان همانند دستي است كه آن را حمل مي‌كند. به اين ترتيب، نقش مكان به اهميت وتأثير نقش زمان نيست. بسيار ممكن است كه مكان رويدادها در ابلاغ پيام قصه اثري خاص نداشته باشد. به همين دليل، قرآن اصولاً از مكان قصه ياد نمي‌كند. مگر آن كه نقشي خاص در سير حوادث و عبرت‌دهي داشته باشد، مانند: مصر و مدين و طور و أحقاف.
از نمونه‌هاي روشن تأثير مكان، قصه «اسراء» است. «مسجد الحرام» «مسجد الاقصي» و فاصله ميان اين دو، همراه عنصر زماني «شب» روشنگر حدود اين قصه‌اند و بدون آنها قصه معراج در هاله‌اي از ابهام باقي مي‌ماند. حس افتخار و عظمتي كه با شنيدن اين قصه براي مؤمنان پديد مي‌آيد، وامدار همين عناصر مكاني و زماني است. اگر از اين دو مسجد و هنگامه شب، ذكري نمي‌رفت، هرگز چنين تأثير عاطفي و احساس ژرفي از قصه بر‌نمي‌آمد:
«سبحان الّذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام الي المسجد الأقصي الّذي باركنا حولَهُ لِنُرِيهُ مِن آياتِنا إنّهُ هُوَ السَّميعُ البَصير؛
منزه است آن خدايي كه بنده خود را شبي از مسجد الحرام به مسجد الاقصي كه گرداگردش را بركت داده‌ايم، سير داد، تا بعضي از آيات خود را به او بنماييم، هرآينه او شنوا و بيناست». (سوره‌‌ي اسراء، آيه‌ي1)

پاورقيها:

1. التصوير الفنّي في القرآن، سيد قطب، ص259 .
2. القصص القرآني في منطوقه و مفهومه، عبد الكريم خطيب، ص77.
سه شنبه 11 مهر 1391  5:50 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

داستان‏های قرآن، حقیقت ‏یا نماد؟

داستان‏های قرآن، حقیقت ‏یا نماد؟

سید سعید لواسانی

داستان حضرت آدم در قرآن مواردی چون مقام خلیفة اللهی حضرت آدم و گفت‏وگوی خداوند با ملائکه و تعلیم اسما و دستور سجده و سجده فرشتگان و تمرد شیطان و ورود آدم به بهشت و فریبکاری شیطان و خروج آدم از بهشت را شامل می‏شود . آیا چنین واقعه‏ای حقیقتا اتفاق افتاده است‏یا این داستان رمزی و تمثیلی و نمادی از حقیقتی متعالی است که به زبانی زیبا و قابل فهم برای انسان‏ها بیان شده است؟ چنان که مثلا در داستانی عرفانی چون داستان مولوی و عطار می‏بینیم . این داستان‏ها حقیقت ندارند; اما مخاطب را به حقایق زیبای عرفان و اخلاقی رهنمون می‏شوند .
مهناز رسولی، جامعه‏شناسی
در پاسخ به این پرسش باید چند مطلب را یاد آورد شد:
1 . قرآن کتاب هدایت است و قصه‏های آن نیز یکی از راه‏های هدایت‏بشر به راه مستقیم شمرده می‏شود .
2 . قرآن کلام خدا است که حق مطلق است و هیچ گونه باطلی در آن راه ندارد . الفاظ قرآن برای بیان معارف الاهی است و در سطح فهم عامه مردم نازل شده است .
3 . کلام الاهی با کلام بشر تفاوت جوهری دارد . انسان‏ها گاهی ناگزیرند، برای بیان معارف متعالی، حق را با امور خیالی و غیر واقعی بیامیزند و مطلب درست‏خود را در قالب داستان‏های رمزی و کنایه‏ای القا کنند و این به دلیل محدودیت ذاتی انسان است; اما خداوند متعال حق مطلق است، کلامش نیز حق مطلق است و هیچ گونه باطل و امر غیر واقعی، حتی در قالب داستان، در آن راه ندارد .
با توجه به این مقدمه، روشن می‏شود تمام قصه‏های قرآن، از جمله قصه آفرینش حضرت آدم، از نوع حقایق هستند; اگر چه در قالب داستان و تمثیل بیان شده باشند . زیرا قرآن کتاب هدایت و از سوی حق مطلق است و امکان ندارد قصه‏های ساختگی را برای هدایت‏بیان کند . اصولا خداوند متعال به این کار نیاز ندارد . البته قصه یکی از راه‏های هدایت و تفهیم مطلب است و عرفای بزرگ ما نیز از داستان به بهترین وجه برای بیان مقصود خود استفاده کرده‏اند . در داستان‏های بشری تخیل و رمز و حتی تحریف امور واقعی (ساختگی بودن) اشکال ندارد; اما قرآن کتاب تاریخ و داستان نیست . در آن جز حق چیزی یافت نمی‏شود و حق را با امور خیالی و ساختگی و غیر واقعی تلفیق نمی‏کند; زیرا در این صورت حق نخواهد بود .
گذشته از این، قرآن حجت الاهی است; هر چه در آن است، حجت است و سخن باطل و خیال بیهوده در آن راه ندارد . «انه لقول فصل × و ما هو بالهزل‏» ; قرآن کلامی است که حق را از باطل جدا می‏کند و هرگز شوخی نیست . (1) زیرا سخنان غیر واقعی و خیالی با حجت‏بودن کتاب خدا منافات دارد . از این رو، در کلام خداوند و روش ارائه آن غیر حق راه ندارد .
پس روشن شد قرآن کتاب هدایت است نه کتاب داستان; و تمام قصه‏های قرآن نیز با هدف هدایت نازل شده‏اند، بنابراین، بسیاری از جنبه‏های تاریخی و داستانی را کنار می‏گذارد و فقط آنچه را برای هدایت‏سودمند است، بیان می‏فرماید . (2) در ماجرای حضرت آدم نیز همه جزئیات ذکر شده در آیات قرآن اتفاق افتاده است . البته درباره این داستان باید به چند نکته توجه کرد:
1 . داستان حضرت آدم و مقام خلیفة اللهی حقیقتا رخ داده است; اما قضیه شخصی نیست که تنها حضرت آدم را شامل شود و انسان‏های کامل دیگر را شامل نشود; به عبارت دیگر، این داستان در حدوث شخصی است اما در بقا نوعی . مقام خلیفة اللهی و تعلیم اسما و سجده ملائکه در حقیقت‏به مقام انسانیت اشاره دارد که حضرت آدم مظهر آن بود; یعنی این مقام شایسته انسان کامل است . انسان کامل متعلم به اسما شده و معلم ملائکه است و آن‏ها برای انسان کامل سجده می‏کنند . در این داستان حضرت آدم - سلام الله علیه - نمونه و عصاره مقام انسانیت و الگوی انسان کامل است . فرشتگان برای یک شخص سجده نکردند، بلکه برای مقام انسانیت و انسان کامل که چکیده آفرینش است، خضوع و خشوع نمودند . دلیل آن نیز آیه 30 سوره بقره و 11 سوره اعراف است که نشان می‏دهد مقام انسانیت مراد است و حضرت آدم نخستین کسی است که به این مقام دست‏یافت . (3) یکی از جهات هدایتی این داستان همین نکته است . بشر می‏تواند به مقامی برسد که مستقیما از جانب حق تعالی علم بیاموزد (علم لدنی) و فرشتگان الاهی در برابرش خاشع شوند .
2 . کلمات قرآن به طور عموم و الفاظ داستان حضرت آدم علیه السلام نیز بر معانی انطباق کامل دارند . این الفاظ در سطح عامه مردم نازل شده است . اکثریت مردم در سطح محسوسات و طبیعیات پرواز می‏کنند و معانی بلند و معارف والای معنوی را کم‏تر درمی‏یابند; یعنی آن‏ها را باید با استفاده از همان الفاظ مانوس خودشان بالا برد و آن‏ها نیز معانی بلند را در قالب جسمانیت و طبیعت ادراک می‏کنند; به عبارت دیگر، الفاظ برای ذات معانی وضع می‏شوند و به ویژگی‏های معانی کار ندارند; مثلا واژه «چراغ‏» برای وسیله روشنایی وضع شده است . روزگاری مصداق آن چراغ‏ها روغنی بود، زمانی چراغ‏های نفت‏سوز و امروزه چراغ‏ها و لامپ‏های برقی . پس الفاظی که در قرآن آمده است، در معانی حقیقی آن استعمال می‏شوند; واژه سجده نیز در معنای هایت‏خشوع و خضوع وضع شده است . (4)
یکی از مصادیق سجده به خاک افتادن و پیشانی بر خاک گذاشتن است; اما در فرشتگان که زمینی و مادی نیستند، چنین عملی لازم نیست . منظور از امر به سجده امر به نهایت‏خضوع و خضوع در برابر مقام انسانیت است; البته روش و طریقه آن بر ما معلوم نیست و بهتر است‏بگوییم ما آن را درک نمی‏کنیم; زیرا ما انسان‏ها در بند مادیات محصور هستیم . ما به طور معمول هر واژه‏ای را با معانی‏ای که در زندگی روز مره با آن‏ها سر و کار داریم، می‏سنجیم و چون بیش‏تر معلومات ما حسی است، مسائل ما فوق محسوسات را نیز به این طریق ارزیابی می‏کنیم . قرآن که کتاب هدایت تمام مردم در تمام مکان‏ها و زمان‏ها است و به یک صنف و گروه خاص تعلق ندارد، از زبان قابل فهم برای تمام مردم استفاده می‏کند; اما اصل معرفت‏حقیقی است و گفتار آن نیز حقیقی است که به زبان عامه مردم بیان شده است . در فهم قرآن و داستان‏های آن باید توجه داشت انسان، با توجه به درک و سابقه ذهنی‏اش از الفاظ، در آن‏ها دخل و تصرف می‏کند; اما نباید به ظاهر الفاظ اکتفا کرد . مراد حق تعالی ظاهر الفاظ نیست . الفاظ قرآن به معارف بلند الاهی رهنمون می‏شوند که فوق امور محسوس ما است . البته در این جهت هم باید نهایت دقت را به کار برد . این کار باید بر اساس ملاک‏هایی که خود قرآن ارائه فرموده انجام گیرد تا خدای ناکرده در دام تفسیر به رای گرفتار نشویم . (5)
3 . ملاک معنای حقیقی این است که اثر مطلوب از موضوع له (آنچه لفظ برای آن وضع شده) بدون تغییری در آن آشکار باشد; اگر چه کمیت و کیفیت آن تغییر کند; چنان که در مثال چراغ روشن شد . معنای قول نیز تفهیم و تفهم است که در انسان‏ها با استفاده از اصوات وضع شده و معنادار انجام می‏شود; اما موجودات مجرد به استفاده از این ابزار خاص نیاز ندارند . سخن گفتن به طریق انسانی یکی از مصادیق شیوه‏های تفهیم و تفهم است و در معنای حقیقی آن دخالت ندارد .
بنابراین، گفت‏وگوی حق سبحانه با ملائکه در آن صحنه حقیقتا اتفاق افتاده است; اما نه به روش سخن گفتن ما انسان‏ها و از طریق ایجاد لفظ و صوت و شنیدن تا اشکال شود در این صورت برای گفت‏وگو به زبان و گوش نیاز است و این با تجرد فرشتگان سازگار نیست . در آن صحنه امر حقیقی اتفاق افتاده و آثار حقیقی تفهیم و تفهم بروز کرده است . از این رو، با الفاظی چون «قلنا» ، «اذ قال‏» «قالوا» از آن یاد شده است و تمام این الفاظ در معنای حقیقی خود استعمال گردیده‏اند .
جریان تعلیم اسما و دیگر امور این داستان نیز دقیقا به همین معنا است و برای دوری از اطاله کلام به تک تک آن‏ها اشاره نمی‏شود .
بنابراین، تمام اخبار و قصه‏های قرآن، اگر چه در سطح حواس مردم بیان شده‏اند، اموری حقیقی‏اند و هیچ گونه مجازی در آن‏ها نیست; زیرا کلام خدا نشان دهنده امر حقیقی است . در تفکر فلسفی و دینی غرب از زبان سمبلیک و نمادین سخن به میان آمده است و در این جهت تحقیقات گسترده‏ای کرده‏اند . آن بخش از این مطالب که به کتاب مقدس مسیحیان باز می‏گردد، در واقع توجیه سخنان خلاف واقعی است که متاسفانه، به دلیل تحریفات گسترده، در آن کتاب بسیار دیده می‏شود . سخنان آنان هیچ ربطی به قرآن و زبان قرآن ندارد . زبان قرآن زبان حقیقت است، به ذات معانی اشاره دارد و داستان‏های آن نیز حقایقی است که اتفاق افتاده و به بهترین روش بر قلب پیامبر اسلام صلی الله علیه و آله وسلم نازل گردیده است . ما نباید اصطلاحاتی که در دنیای غرب، با توجه به پیشینه فرهنگی و دینی و تاریخی خاص آن دیار استفاده می‏شود; درباره قرآن و معارف بلند الاهی و دینی اسلام به کار بریم . در غرب، مخصوصا از قرن هجدهم به بعد، مسیحیت از تمام صحنه‏ها عقب رانده شد; کتاب مقدس اهمیت‏خود را از دست داد و مورد نقدهای جدی فلسفه و علم جدید قرار گرفت . این امر متالهین مسیحی را به چاره اندیشی فرا خواند .
نظریات متفاوت و بعضا متناقضی که همگی برای ترمیم جنبه‏های غیر عقلانی مسیحیت و کتاب تحریف شده آن پدید آمدند، رهاورد آن چاره‏اندیشی‏ها است . نظریه زبان سمبلیک و مجازی نیز یکی از این نظریه‏ها است که متاسفانه برخی، بدون توجه به پیشینه تاریخی و فرهنگی و دینی اش، درباره قرآن به کار می‏برند .

پی‏نوشت‏ها:

1 . طارق (86): 13- 14 .
2 . المیزان: ج 7، ص 171- 174 .
3 . تفسیر موضوعی قرآن کریم، سیره پیامبران در قرآن، آیت الله جوادی آملی، اسراء، ص 203- 208 .
4 . التحقیق فی کلمات القرآن الکریم، استاد حسن مصطفوی، ج 6، ص 50- 51 .
5 . تفسیر المیزان، ج 3، ص 63- 65 و 80- 82 .(ذیل آیه هفتم سوره آل عمران)
سه شنبه 11 مهر 1391  5:50 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

پاسخ به:بانک مقالات معارف قرآن

جستاری در جریان شناسی تفسیر معاصر با تأکید بر دیدگاه محمد احمد خلف الله

دریافت فایل pdf

 

 

مناسبات زبانی و یا زنجیرمندی خرد و کلان در قصص قرآنی (با نگاهی به داستان یونس (علیه السلام))

دریافت فایل pdf

 

ریخت شناسی داستان پیامبران در تفسیر طبری و سورآبادی

دریافت فایل pdf

 

 

سه شنبه 11 مهر 1391  5:50 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

پاسخ به:بانک مقالات معارف قرآن

قصص قرآن در ادب فارسی

دریافت فایل pdf

 

الکتاب الخالد (2)

دریافت فایل pdf

 

حقیقة الفن القصصی

دریافت فایل pdf

 

سه شنبه 11 مهر 1391  5:51 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

پاسخ به:بانک مقالات معارف قرآن

قضایا قرآنیة

دریافت فایل pdf

 

 

القرآن، هل فیه قصص جنسی؟

دریافت فایل pdf

 

قصص قرآنی

دریافت فایل pdf

 

 

 

سه شنبه 11 مهر 1391  5:51 PM
تشکرات از این پست
siasport23
siasport23
کاربر طلایی1
تاریخ عضویت : مرداد 1391 
تعداد پست ها : 16696
محل سکونت : آ.غربی-سولدوز

پاسخ به:بانک مقالات معارف قرآن

تاریخ در قصص قرآن

دریافت فایل pdf

 

 

 

 

خواطر عن القصة فی القرآن الکریم

دریافت فایل pdf

 

 

آزمودنی بر خوانش تاریخی روایات قصص: مطالعه موردی داستان اصحاب کهف

دریافت فایل pdf

 

 

 

سه شنبه 11 مهر 1391  5:52 PM
تشکرات از این پست
دسترسی سریع به انجمن ها