0

بهترین مقالات به زبان عربی

 
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

بهترین مقالات به زبان عربی

 

‌من اخلاق النبي (ص) :::

 

Nabi.jpg - 640x480 - 74.77 kb

  

كان  (صلى الله عليه وآله وسلم) يقسِّم لحظاته بين أصحابه فينظر الى ذا وينظر الى ذا بالسوية .

ولم يبسط رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) رجليه بين أصحابه قط .

وإن كان ليصافحه الرجل فما يترك رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) يده من يده حتى يكون هو التارك .

وقد فاجئه أحد المشركين يوماً وشدَّ عليه بالسيف ثم قال له : من ينجيك مني يا محمد ؟

فقال النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) ربي وربك ، فجاء جبرئيل فطرحه على الارض وقام النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذ السيف وجلس على صدره وقال : من ينجيك مني ؟

فقال المشرك : جودك وكرمك ، فتركه وذهب .

الرفق بالحيوان : ولما سار رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) من المدينة الى مكة في عام الفتح نظر في منتصف الطريق كلبة تهرّ على أولادها وهم حولها يرضعونها فأمر النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلاً من أصحابه يقال له جُعيل بن سراقة أن يقوم عندها لا يتعرض لها أحدٌ من الجيش ولاولادها .

الى هذا الحد كانت رأفة ورحمة نبينا العظيم والى هذا المستوى الرفيع يدعو الاسلام البشرية جمعاء نحو الرفق بالحيوان فهذا غيظ من فيض ونذر يسير جداً من صور إنسانية شامخة جسَّدها رسولنا الكريم لنا فيها اُسوة ولنا فيه قدوة . . . فما أعظمه من بشر وما أكرمه من نبي كريم .

 

من معاجز النبي (صلى الله عليه وآل ه و سلم)

   

كان المسلمون قد اصابتهم مجاعةٌ شديدة في أيّام حفر الخندق فأرسلت عمرة بنت رواحة ابنتها بجفنة تمر الى زوجها .

فجاءت الفتاة تبحث عن والدها بين المسلمين فرآها رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لها : ما هذا معك ؟

قالت : بعثتني اُمّي الى أبي وخالي بغدائهما .

فقال رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) هاتيه ، فأخذه منها ثم نثره على ثوب وقال لاحد الرجال : نادِ بأهل الخندق أن هلمَّ الى الغداء فاجتمع المسلمون عليه يأكلون منه حتى شبعوا كلهم وإنّه ليفيض من أطراف الثوب .

دعى جابر الانصاري يوماً رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) الى بيته وكان عنده شيء من الشعير فأمر زوجته أن تطحنه وتخبزه وكان عنده شاة فذبحها وطبخها ثم قال لرسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) يا رسول الله قد صنعت لك طعاماً فأت أنت ومن أحببت من أصحابك فقام رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : أجيبوا جابرٌ يدعوكم فأقبلوا معه وهم فِرقاً فِرقاً ، فقال جابر في نفسه : آنهالفضيحة فجاء الى زوجته وأخبرها بالامر فقالت : أنت دعوتهم أو هو دعاهم ؟

فقال : بل هو دعاهم فقالت : دعهم هو أعلم فأقبلوا كلهم الى بيت جابر وكانوا يدخلون عشرةً عشرةً ثم قال النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) أغرفوا وغطوا البُرمة وأخرجوا من التنور الخبز ثم غطوه .

ففعلوا ما قاله لهم النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) فكانوا يفتحون البرمة واذا الطعام على حاله وكلما غرفوا منه عاد كما كان وهكذا التنور لم يكن ينقص منه شيء ، فأكلوا وشبعوا وبقي الطعام على حاله .

حينما رأى رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) ما بالمسلمين من الارهاق والتعب يوم حفر الخندق قال لهم : إنّي لارجو أن أطوف بالبيت العتيق وآخذ المفتاح وليُهلكنَّ الله كسرى وقيصر ولتنفقنَّ أموالهم في سبيل الله وقد تحقق ذلك فعلاً .

ومن معاجزه انه  (صلى الله عليه وآله وسلم) نُصر بالريح وهي تحمل معها الرعب وكان  (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : نصرت بالصبا وأهلكت عادٌ بالدبور .

ومن معاجزه انه  (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر أبا سفيان بكتاب بعثه اليه بعد حرب الخندق انه  (صلى الله عليه وآله وسلم) سوف ينتصر عليه ويكسر اللات والعزى وهبل وقد تحقق ذلك عام الفتح .

ومن معاجزه المشهورة : خروج الماء من أصابعه الشريفة ، وشفاء أمير المؤمنين  (عليه السلام) من الرمد ببصاق فمه المباركة ، وإنشقاق القمر وتحول الشجرة من مكان الى آخر ، وما كان له  (صلى الله عليه وآله وسلم) ظل على الارض ، وكان يرى من خلفه كما يرى من أمامه وتنام عينيه ولا ينام قلبه فهو  (صلى الله عليه وآله وسلم) يسمع ويعي في نومه ما يسمع ويعي في يقظته وبالجملة فمعاجزه كثيرة جداً . 

  

eskidis14.jpg - 700x525 - 64.04 kb

 

 حجة الوداع

حجّ رسول الله مكة وكانت آخر حجة في حياته بعد أن أمضى مجاهداً صابراً محتسباً ، قد أفنى كل قوته وعمره من أجل تثبيت التوحيد في الارض وازال كل مظاهر الوثنية في الجزيرة وغيرها ، وقد أحسّ النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) بدنو وقت رحيله الى الرفيق الاعلى عندما هبط عليه جبرئيل وأخبره بضرورة اعلان وتعيين الوصي الذي يقوم مقامك كقائد روحي وسياسي يدير المسلمين وينشر الشريعة (يا ايها الرسول بلّغ ما اُنزل إليك من ربّك) فكان الامام علي  (عليه السلام) هو المرشح من قبل الله تعالى لهذا المنصب وفي عودته من الحج في منطقة تسمى بـ « غدير خم ” وكانت مفترق الطرق بالنسبة للمسلمين فأمر النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين بالتجمع وكانوا أكثر من مائة ألف شخص وضعوا له منبراً من أمتعتهم فصعده وقال :

« ألا من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه ، اَللّهُمَّ والِ من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله »  

فطلب النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) من المسلمين أن يبايعوا عليّاً على السمع والطاعة فأوّل من بايعه عمر بن الخطاب وأبو بكر .

وقد حذَّر النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) الاُمّة الاسلامية من مغبة الانحراف عن خط عليّ بن ابي طالب  (عليه السلام) لانّه راية الهدى « وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً » .   

Baghie4.jpg - 700x525 - 54.02 kb

 

 اجعة الخميس

 

لقد توفي النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن مرض مرضاً ألمَّ به ، ولكنه ادرك انّ بعض رجال الاُمّة سوف يغدر بالوصي ويتآمر عليه فحاول النبي أن يتخذ اجراء معين للحيلولة دون وقوع هذا الانحراف :

1 ـ أمر المسلمين بالالتحاق في جيش اسامة لمحاربة الروم ولعن كل من تخلف عنه ، وأمر عليّاً  (عليه السلام) بعدم الالتحاق بهذا الجيش ولكن لم يلتحق به أكثر الرجال الذين تآمروا على منصب القيادة.

2 ـ طلب النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجالسين عنده أن يأتوه بورقة وقلم لكي يكتب لهم كتاباً لن يضلوا من بعده. فمنع بعض الصحابة ذلك وقال عمر بن الخطاب انّ النبي أخذه الوجع أي انه لا يدري ما يقول ، والعياذ بالله .

وهكذا مات رسول الله بخسارته ونقمته على بعض الرجال الذين أسرعوا الى احتلال الخلافة والقيادة وتركوا جثمان النبي ملقى فقام عليّ  (عليه السلام) وغسّله وكفّنه ودفنه بعد أن صلّى عليه .

متابعة الموضوع  في الصفحة العقائدية

تدبير النّبي لمنع الخلاف

    

1383_09.jpg - 800x470 - 64.93 kb 

 

فتنة

« بعث جيش اُسامة »

الملل والنحل : الخلاف الثاني في مرضه ، انه قال : جهّزو جيش اسامة ، لعن الله من تخلف عنها ، فقال قوم : يجب علينا امتثال امره ، واسامة قد برز من المدينة ، وقال قوم : قد اشتد مرض النبي عليه السلام فلا تسع قلوبنا لمفارقته والحالة هذه ، فنصبر حتى نبصر أي شيء يكون من أمره (1) .

أقول : قال الله تعالى ـ وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى . وقال تعالى ـ قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يُفعل بي ولا بكم ان اتبع الا ما يوحى اليّ . فمخالفته قولا أو عملا تكشف عن ضعف الايمان بل عن النفاق ، ولا سيما مع هذا التأكيد الأكيد واللعن الصريح على المخالفة . ولا يبعد أن يكون هذا التجهيز المأمور به من جانب الله تعالى في هذا الموقع المخصوص لأميرين أو لأمور مهمة .

منها ـ أن يتوجه المهاجرون والأنصار في آخر ساعة من حياة النبي « ص » إلا أن الخلافة والإمارة الإلهية لا ربط لها بالعناوين الظاهرية ، من المال والمقام والكهولة ، وقد أمّر أسامة بن زيد وهو ابن عشرين سنة على جميع المهاجرين والأنصار ، ومنهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة .

ومنها ـ أن يخرج رؤوس المهاجرين والأنصار من المدينة حين وفاة النبي « ص » ، حتى يمكن اجراء نظره واعمال وصيته في علي اميرالمؤمنين ، حبيب الله وحبيب رسوله ، ولكن تدبير المخالفين في هذه المرتبة الثانية أيضا قد منع عما يريده رسول الله « ص » من اجراء نيته .

تهذيب ابن عساكر : فقال رجال من المهاجرين ، وكان اشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة : يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين ، فكثرت القالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب بعض ذلك القول فرده على من تكلم به ، وجاء الى رسول الله « ص » فأخبره بقول من قال ، فغضب رسول الله « ص » غضبا شديدا فخرج وقد عصب رأسه بعصابة وعليه قطيفة ، ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : أما بعد ، أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة ، فو الله لئن طعنتم في إمارتي اسامة لقد طعنتم في امارتي أباه من قبله ، وأيم الله ان كان للامارة لخليق وان ابنه من بعده لخليق بالإمارة ، وإن كان لأحب الناس اليّ ، وان هذا لمن أحب الناس اليّ ، وإنهما لمُخبآن لكل خير ، فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم ، ثم نزل رسول الله « ص » ، فدخل بيته وذلك يوم السبت ... وجاء المسلمون الذين سيخرجون مع اسامة يودعون رسول الله « ص » وفيهم عمر بن الخطاب ، ورسول الله « ص » يقول : أنفذوا بعث أسامة (2) .

أقول : اللهم العن من تخلف عن جيش اسامة كما لعنهم رسول الله « ص » ، اللهم إنا نتبرّأ ممن اعترضوا على رسول الله « ص » وأغضبوه ، وطعنوا في تأميره وخالفوا أمره ، ولم يطيعوه ولم يسلموا إليه ولم يتجهّزوا ولم يسرعوا السير في حياته .

البخاري ومسلم : باسناده عن ابن عمر : بعث رسول الله « ص » بعثا وأمّر عليهم اسامة بن زيد ، فطعن الناس في إمرته فقام رسول الله « ص » فقال : ان تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل ، وأيم الله ان كان لخليقا للإمرة ، وإن كان لمن أحب الناس الي ، وإن هذا لمن أحب الناس اليّ بعده (3) .

ويروى مسلم ايضا : قريبا منها بسند آخر ، وفيها : فاوصيكم به فإنه من صالحيكم .

ويروى مسند أحمد : قريبا منها (4) . 

 

1382_05.jpg - 501x334 - 26.14 kb

 

 الطبقات : فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة لواءا بيده ، ثم قال : اُغزُ بسم الله وفي سبيل الله فقاتِل من كفر بالله ! فخرج بلوائه معقودا فدفعه الى بُريدة أبن الحُصيب الأسلمي وعسكر بالجُرف ، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار الا انتُدِب في تلك الغزوة ، فيهم ابوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وابو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص ... فتكلم قوم وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين ، فغضب رسول الله « ص » غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة ، فصعد المنبر ...

ثم نزل فدخل بيته ، وذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول ، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع اسامة يودّعون رسول الله « ص » ويمضون الى العسكر بالجُرف ، وثقل رسول الله « ص » فجعل يقول : أنفذوا بعث اسامة ، فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله « ص » وجعه ، فدخل اسامة من معسكره والنبي مغمور ، وهو اليوم الذي لدّوه فيه ، فطأطأ اسامة فقبله ورسول الله « ص » لا يتكلم فجعل يرفع يديه الى السماء ثم يضعهما على اسامة ، قال : فعرفت انه يدعو لي ، ورجع اسامة الى معسكره ، ثم دخل يوم الأثنين وأصبح رسول الله « ص » مفيقا صلوات الله عليه وبركاته ، فقال له : اغد على بركة الله فودّعه اسامة وخرج الى معسكره فأمر الناس بالرحيل ، فبينا هو يريد الركوب اذا رسول الله امه ـ أم ايمن قد جاءه يقول : ان رسول الله « ص » يموت !

فأقبل واقبل معه ابو عبيدة فانتهوا الى رسول الله « ص » وهو يموت فتوفى « ص » حين زاغت الشمس يوم الاثنين لا ثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجُرف الى المدينة ... الخ (5) .

ويروى أيضا : إن النبي « ص » بعث سرية فيهم ابو بكر وعمر واستعمل عليهم اسامة بن زيد ، فكان الناس طعنوا فيه أي في صغره ... الخ (6) .

ويروى أيضا : ثم قال : أيها الناس أنفذوا بعث اسامة فلعمري ان قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله ، وإنه لخليق للإمارة وان كان أبوه لخليقا لها ، قال : فخرج جيش اسامة حتى عسكروا بالجُرف وتتام الناس إليه فخرجوا ... الخ (7) .

أقول : الجُرف بالضم على ثلاثة اميال من المدينة نحو الشام . ولدّ الدواء : صبّه في أحد شقّي الفم .

ويروى أيضا : فخطب أبو بكر اناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : والله لأن تخطفني الطير أحب اليّ من أن ابدأ بشيء قبل أمر رسول الله « ص » ، قال : فبعثه أبو بكر الى آبل واستأذن لعمر أن يتركه عنده ، قال : فأذن اسامة لعمر ... الخ (8) .
انساب الأشراف : وكان رسول الله « ص » قد رأى توجيه اسامة بن زيد في سرية الى الذين حاربهم أبوه يوم مؤتة وأمره أن يوطئهم الخيل ، وعقد له لواء وضم اليه ابابكر وعمر فيمن ضم ، فمرض « ص » قبل أن ينفذ الجيش ، فأوصى بانفاذه فقال : أنفذوا جيش اسامة فلما استخلف أبوبكر أنفذه ، وكلّمه في عمر لحاجته إليه
(9) .

أقول : إن كان مراده من قوله « فأوصى بانفاذه » الوصية بالانفاذ بعد رحلته وموته : فهذا خلاف ما ثبت ونقل في الكتب المعتبرة بل وغير المعتبرة أيضا ، وقد مر في الطبقات قوله : وأصبح رسول الله « ص » مفيقا فقال له : اُغدُ على بركة الله فودّعه اسامة وخرج الى معسكره فأمر الناس بالرحيل . وان كان مراده من الوصية : الأمر بالأنفاذ وحركة الجيش بالفور ومن غير تأخير ، وهو الصريح من التاريخ والرواية : فكيف يجوز للجيش التهاون والتراخي والتسامح ومخافة امر الرسول ، مع أنه لا ينطق عن الهوى ولا يجوز مخالفته وعصيانه .   

1391_011.jpg - 783x584 - 67.53 kb

 

ويروى أيضا : عن ابن عباس خرج رسول الله « ص » عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر ، وكان الناس قد تكلموا في أمره حين أراد توجيههم الى مُؤتة ، فكان أشدهم قولا في ذلك عياش بن أبي ربيعة ، فقال : أيها الناس أنفذوا بعث أسامة ، فلعمري لئن قلتم في إمرته لقد قلتم في إمرة أبيه من قبله ولقد كان أبوه للإمارة خليقا ، وإنه لخليق بها . وكان في جيش اسامة أبو بكر وعمر ووجوده من المهاجرين والأنصار « رض » وخرج فعسكر بالجُرف . فلما قبض رسول الله « ص » واستخلف ابو بكر ، أتى أسامة فقال له : قد ترى موضعي من خلافة رسول الله « ص » وأنا الى حضور عمر ورأيه محتاج ، فأنا أسألك تخليفه ! ففعل (10) .

تهذيب ابن عساكر : فشقّ ذلك على كبار المهاجرين الأولين ودخل على ابي بكر عمر وعثمان وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ، فقالوا : يا خليفة رسول الله ان العرب قد انتقضت عليك من كل جانب وأنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا ، اجعلهم عدة لأهل الردة ترمي بهم في نحورهم ، واخرى لا تأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء ، ولو تأخرت لغزو الروم ... فقال : والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث ، ولا بد أن يؤوب منه ، كيف ورسول الله « ص » ينزل عليه الوحي من السماء يقول : أنفذوا جيش أسامة ، ولكن خصلة أكلّم بها أسامة ، أكلمه في عمر يقيم عندنا فإنه لا غنى بنا عنه والله ما أدري يفعل أسامة أم لا (11) .

أقول : والعجب من قول أبي بكر حيث يعترف بأن رسول الله « ص » ينزل عليه الوحي من السماء ، ومع هذا تخلف عن الجيش في زمان حياة رسول الله « ص » ثم يكلم في عمر ايضا حتى يقوم عنده ويتخلف عن الجيش ، وقال الله تعالى ـ اطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون . ويقول ـ ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما . ويقول ـ وان تُطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين . ويقول ـ ومن يُطع الرسول فقد ويقول ـ أن اتبع الا ما يوحى اليّ وما أنا إلا نذير مبين . ويقول ـ قل ما يكون لي أن ابدّله من تِلقاء نفسي أن أتبع الا ما يوحى اليّ إني أخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم . فياللعجب ان رسول الله « ص » يخاف من العذاب الشديد اذا عصى الوحي ، فكيف ابوبكر وعمر وابوعبيدة وآخرون من المهاجرين ، لم يخافوا في خلافهم وعصيانهم وتساهلهم في الوظيفة المعينة والعمل المتعين المأمور به من الله ورسوله ! وكيف رضوا بالتألم الشديد والايذاء لرسول الله « ص » في آخر ايام من حياته !

يقول في امتاع الأسماع : وعقد يوم الخميس لأسامة لواءا بيده وقال : يا اسامة اغزُ بسم الله وفي سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تعذروا ، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا تمنّوا لقاء العدو ... فخرج اسامة فدفع لواءه الى بُريدة بن الحُصيب ، فخرج به الى بيت اسامة وعسكر بالجُرف ، وخرج الناس ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين الا انتُدِب في تلك الغزوة ، كعمر بن الخطاب وأبي عبيدة وسعد بن أبي وقاص وأبي الأعور سعيد بن زيد ، في رجال آخرين ، ومن الأنصار عدة مثل قتادة بن النعمان وسلمة بن اسلم ، فقال رجال من المهاجرين وكان أشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة ... ثم نزل « ص » فدخل بيته ، وذلك يوم السبت ... الرواية (12)

 

1882_010.jpg - 327x475 - 22.19 kb

 

 

 

فتنة

« قول عمر أن رسول الله « ص » مامات »

   الملل والنحل : الخلاف الثالث في موته عليه السلام ، قال عمر بن الخطاب : من قال أن محمدا مات ؛ قتلته بسيفي هذا ، وإنما رُفع الى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام ، وقال أبوبكر بن قحافة : من كان يعب محمدا فإن محمدا قد مات ومن يعبد إله محمد فإنه حي لا يموت ، وقرأ هذه الآية : وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم 3|144 فرجع القوم الى قوله ، وقال عمر : كإني ما سمعت هذه الآية حتى قرأها أبوبكر (13) .

أقول : هذه فتنة اخرى ثالثة ، ظهرت حين رحلة رسول الله « ص » ، وهل كان هذا القول تدبيرا آخر حتى يصرف الناس عن التوجه الى موته ، والإقبال الى أهل بيته الى أن يتعين الخليفة ؟ او كان منشأه الاشتباه والجهالة بموت النبي « ص » ؟

والظاهر أنه مستند الى علل اخرى ، فإن الحكم بأن عمر كان غافلا وجاهلا بهذا الموضوع في غاية البعد . واعجب منه قوله : من قال ان محمدا مات قتلته بسيفي هذا .  مسند أحمد : عن انس ، فقام عمر فقال : ان رسول الله لم يمت ولكن ربه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى ، فمكث عن قومه اربعين ليلة ، والله إني لأرجو أن يعيش رسول الله « ص » حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين وألسنتهم يزعمون ان رسول الله « ص » قد مات (14) .

تاريخ الطبري والسيرة النبوية : لما توفي رسول الله « ص » قام عمر بن الخطاب فقال : ان رجالا من المنافقين يزعمون ان رسول الله « ص » قد توفى ، وان رسول الله « ص » مامات ولكنه ذهب الى ربه كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه اربعين ليلة ثم رجع اليهم بعد ان قيل قد مات ، ووالله ليرجعن رسول الله « ص » كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا ان رسول الله « ص » مات ، قال وأقبل ابوبكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر ... قال عمر : والله ما هو الا ان سمعت أبا بكر تلاها ، فعُقرت حتى وقعت الى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله « ص » قد مات (15) .

ويقول في السيرة : عن ابن عباس : والله إني لأمشي مع عمر في خلافته ... فقال يا ابن عباس هل تدري ما كان حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله « ص » ؟ قال : قلت : لا أدري يا أميرالمؤمنين أنت أعلم ! قال : فإنه والله إن كان الذي حملني على ذلك الا اني كنت أقرأ هذه الآية « وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا » فوالله ان كنت لأظن ان رسول الله « ص » سيبقى في امته حتى يشهد عليها بآخر اعمالها (16) .

أقول : هذا الاعتذر أسوء وأقبح من الخطأ الأول لأنه يلزم أيضا على هذا التفسير : طول بقاء الأمة حتى يكونوا شهداء على الناس ، بل يجب كونهم موجودين من اول القرون الى آخرها ، مع أن الخطاب في قوله تعالى « عليكم » لا يختص بالمشافهين الموجودين ، بل يعم جميع المسلمين الى يوم القيامة . والمراد من الشهادة الإحاطة والتوجه الرواحاني لا الجسماني .

سنن الدارمي : فقام عمر فقال : ان رسول الله « ص » لم يمت ولكن عرج بروحه كما عرج بروح موسى ، والله لا يموت رسول الله « ص » حتى يقطع أيدي أقوام وألسنتهم ، فلم يزل عمر يتكلم حتى أزبَد شِدقاه بما يوعد ويقول ، فقام العباس فقال : أن رسول الله « ص » قد مات وأنه لبشر وإنه يأسن كما يأسن البشر ، أي قوم فادفنوا صاحبكم فإنه اكرم على الله من ان يُميته إماتتين ! أيُميت أحدكم أماته ويُميته اماتتين ! وهو أكرم على الله من ذلك ، أي قوم فادفنوا صاحبكم ، فإن يك كما تقولون فليس بعزيز على الله أن يبحث التراب ... الخ (17) .

    أقول : يعلم من ذلكأن من قام وخطب بعد عمر هو العباس لا أبوبكر .  الطبقات : ويروى قريبا من الدارمي (18) .

    ويروى أيضا : عن عائشة لما توفي رسول الله « ص » استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه فكشفا الثوبعن وجهه ، فقال عمر : واغشيا ما أشد غشي رسول الله « ص » ، ثم قاما فلما انتهيا الى الباب قال المغيرة : يا عمر مات والله رسول الله « ص » فقال عمر : كذبت ما مات رسول الله « ص » ، ولكنك رجل تحوشك فتنة ولن يموت رسول الله « ص » حتى يفني المنافقين ، ثم جاء أبوبكر وعمر يخطب الناس فقال له ابوبكر : اسكت ... الخ (19) .

 « الحوش : الجمع والسوق » .

ويروى ايضا : عن أبي هريرة : دخل ابوبكر المسجد وعمر بن الخطاب يكلم الناس ، فمضى حتى دخل بيت النبي « ص » الذي توفي فيه وهو في بيت عائشة ، فكشف عن وجه النبي « ص » برد حبرة كان مسجى به ، فنظر الى وجهه ثم اكبّ عليه فقبّله فقال : بأبي أنت والله لا يجمع الله عليك الموتتين ، لقدمت الموتة التي لا تموت بعدها ثم خرج ابوبكر الى الناس في المسجد وعمر يكلمهم فقال أبوبكر : اجلس يا عمر ، فأبى عمر أن يجلس ، فكلمه أبوبكر مرتين أو ثلاثا فلما أبى عمر أن يجلس قام أبوبكر فتشهد ، فأقبل الناس اليه وتركوا عمر ... الخ (20) .

ويروى ايضا : عن عائشة ان النبي « ص » مات وابوبكربالسُنح ، فقام عمر فجعل يقول : والله مامات رسول الله « ص » ... الخ .

أقول : يعلم من ذلك أن من قام وخطب بعد عمر هو العباس لا أبوبكر .

الأول ـ من معارف بعضهم : أن النبي « ص » مامات ، وأن من يعتقد موته فهو منافق ، ثم يرجع النبي « ص » ويقطع يديه ورجليه .

الثاني ـ ومن أحاطته بالقرآن الكريم وآياته : انه يقول والله ما هو الا أن سمعت ابابكر تلاها « أي تلى آية ـ أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم » ، ويقول ـ في حديث الطبقات عن أبي هريرة ـ والله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية انزلت .

الثالث ـ ومن علومه في التفسير : أنه يزعم أن مقتضى آية « لتكونوا شهدا على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا » هو ادامة حياة رسول الله « ص » ليكون شهيدا على الأمة ، شهادة حسية خارجية .

الرابع ـ ومن إطلاعاته التاريخية : انه يزعم أن موسى بن عمران عُرج بروحه وبقى جسده خاليا عن الروح مدة اربعين يوما ثم رجع روحه الى جسده ـ وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ... الآية .

الخامس ـ ومن تشخيصاته الطبية المزاجية : أنه زعم بعد كشف الثوب عن وجه رسول الله « ص » أنه مامات بل غُشي عليه .

السادس ـ ومن فتاويه الفقهية : أنه زعم أن رسول الله يرجع ويقطع أرجل وأيدي من يدّعي موته .

السابع ـ ومن شدة محبته وعلاقته لرسول الله « ص » : أنه بعد أن علم موته وأيقن رحلته ، أعرض عنه وعن تجهيزاته وتوجه مع أبي بكر والجراح الى سقيفة بني ساعدة لتعيين السلطان .

الثامن ـ وليعلم أن هذه المراتب بعد أربعة ايام من قوله أن النبي ليهجر وكفانا كتاب الله .

التاسع ـ يظهر منها أنه وكذلك ابوبكر ما كانا حاضرين عند رسول الله « ص » حين ما حضر ثم جاءا بعد رحلته .

وفي ذيل رواية الطبقات عن عائشة : فنشج الناس يبكون « بعد كلام أبي بكر » واجتمعت الأنصار الى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا منا أمير ومنكم أمير ، فذهب اليهم ابوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح ، فذهب عمر يتكلم فاسكته ابوبكر ، فكان عمر يقول : والله ما اردت بذلك الا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه ابوبكر ... الخ .

ويروى أيضا : عن انس أنه سمع عمر بن الخطاب الغد ؛ حين بويع ابوبكر في مسجد رسول الله « ص » ، واستوى ابوبكر على منبر رسول الله « ص » ، واستوى ابوبكر على منبر رسول الله « ص » : تشهد قبل أبي بكر ثم قال : أما بعد فإني قلت لكم أمس مقالة لم تكن كما قلت ، وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ولافي عهد عهده اليّ رسول الله « ص » ، فقال كلمة يريد حتى يكون آخرنا ، فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم ، وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا لما هُدي له رسول الله « ص » .

اقول : كان رسول الله « ص » يقول كرارا ـ إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، ولكن عمر بن الخطاب لا يذكر اسما من العترة .

أو لا يتذكر عمر بن الخطاب أن كتاب الله يحتاج الى مبيّن وعالم بحقائقه وظواهره وبواطنه ؟ أو لا يتذكر قول رسول الله « ص » لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ؟ أو لا يتذكر قوله « ص » : من كنت أنا وليه فعلي وليه اللهم انصر من نصره واخذل من خذله ؟ أو لا يتذكر قوله « ص » لعلي : أنت ولي كل مؤمن بعدي وأنت مني وأنا منك ؟ أو لا يتذكر قوله « ص » : مثل اهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ؟
وسيجيء تفصيل الكلام في الفتن الآتية .

 

فتنة

« سقيفة بني ساعدة »

    الملل والنحل : الخلاف الخامس في الامامة واعظم خلاف بين الامة خلاف الامامة ، اذ ما سُلّ في السيف في الاسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الامامة في كل زمان ، وقد سهّل الله تعالى ذلك في صدر الأول ، فماختلف المهاجرون والأنصار فيها ، وقالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير ، واتفقوا على رئيسهمسعد بن عبادة الأنصاري فاستدركه ابوبكر وعمر في الحال بأن حضرا سقيفة بني ساعدة ، وقال عمر : كنت ازوّر في نفسي كلاما في الطريق ، فلما وصلنا الى السقيفة اردت ان أتكلم ، فقال أبوبكر : مه يا عمر ! فحمد الله وأثنى عليه وذكر ما كنت اقدّره في نفسي كأنه يخبر عن غيب ، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي اليه فبايعته وبايعه الناس ، وسكنت النائرة ، الا أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها ؛ فمن عاد الى مثلها فاقتلوه ، فأيما رجل بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين تغرّة أن يُقتلا ، وإنما سكنت الأنصار عن دعواهم لرواية أبي بكر عن النبي عليه السلام « الأئمة من قريش » . وهذه البيعة هي التي جرت في السقيفة ، ثم لما عاد الى المسجد انثال الناس عليه وبايعوه عن رغبة ، سوى جماعة من بني هاشم وابي سفيان من بني امية ، واميرالمؤمنين عليّ كرم الله وجهه كان مشغولا بما أمره النبي « ص » من تجهيزه ودفنه وملازمته قبره ، من غير منازعة ولا مدافعة (21) .

أقول: في هذا الكلام موارد للنظر والتحقيق :

1 ـ جريان السقيفة : من اتفاق الأنصار على سعد ، واستدراك أبي بكر وعمر في الحال ، وتزوير عمر في الكلام ، وذكر أبي بكر ما كان يُزوره ، ومد عمر يده للبيعة قبل كلام الأنصار ، وكون بيعته فلتة ومن عاد الى مثلها فيجب قتله ، ولزوم كون البيعة مع مشورة المسلمين .

2 ـ استدلال أبي بكر في مقاله ودعواه : بحديث « الأئمة من قريش وسكوت الأنصار في مقابل هذا الكلام . ويؤيده قول اميرالمؤمنين « ع » : استدلوا بالشجرة واضاعوا الثمرة .

3 ـ قوله : وبايعوه عن رغبة ؛ اشارة الى أن بيعة السقيفة كانت لاعن رغبة بل بالاستدراك والتزوير ومد اليد وبالفلتة .

4 ـ قوله : سوى جماعة من بني هاشم وأبي سفيان .

5-  قوله وكان اميرالمؤمنين مشغولا بما أمره النبي « ص » .

الفائق : الحباب رضي الله عنه قال يوم سقيفة بني ساعدة حين اختلف الأنصار في البيعة ـ أنا جُذيلها « بصيغة التصغير » المحكك وعُذيقها المرجّب منا امير ومنكم امير (22) .

الجِذل « بالكسر » : عود ينصب للابل الجَربى تَحتك به فتستشفى . والمُحكك الذي كثر به الاحتكاك حتى صار مُملّسا . والعَذق بالفتح النخلة . والمرجب : المدعوم بالرجبة ، وهي خشبة ذات شعبتين وذلك اذا طال وكثر حمله . والمعنى اني ذو رأي يشفي بالاستضاءة به كثيرا في مثل هذه الحادثة وأنا في كثرة التجارب والعلم بموارد الأحوال فيها وفي امثالها ومصادرها كالنخلة الكثيرة الحمل .

الفائق : قال عمر بن الخطاب لأبي عبيدة : ابسط يدك لاُبايعك ، فقال : ما رأيت منك ، أو ما سمعت منك فهّة في الاسلام قبلها ، أتُبايعني وفيكم الصديق ثاني اثنين (23) . قال الزمخشري : فهّ الرجل فهّة اذا جاءت منه سقطة أو جهلة .

ويروى : قال ابوبكر يوم سقيفة بني ساعدة : منا الأمراء ومنكم الوزراء ، والأمر بيننا وبينكم كقد الأبلمة . فقال حباب بن المنذر : أما والله لا نفس أن يكون لكم هذا الأمر ، ولكننا نكره أن يلينا بعدكم قوم قتلنا آباءهم وابناءهم . وقال الحباب ايضا :

أنا الذي لا يصطلى بنــاره                        ولا ينام الناس من سُعاره (24)

وقال الزمخشري : القد هو القطع طولا . والأبلمة خوصة المقل ، وهي اذا شقت تساوى شقاها . ولا يصطلي بناره : مثل فيمن لا يتعرض لحربه . والسعار حر السعير . أقول : هذا الكلام صريح في رضا أبي بكر بوزارة الأنصار وتقسيم الأمر بين المهاجرين والأنصار على التساوي كقدّ الأبلمة .

تاريخ الطبري : ثم قال ابوبكر : إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة ، ... فقام عمر فقال : ايكم تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدّمهما النبي « ص » ، فبايعه عمر وبايعه الناس . فيقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع الا عليا .

ويروى : فقال سعد : صدقت ، فنحن الوزراء وأنت الأمراء ، فقال عمر : ابسط يدك يا ابابكر فلاُبايعك ، فقال ابوبكر : بل أنت يا عمر فأنت أقوى لها مني ، وكان عمر أشد الرجلين ، قال ، وكان كل واحد منها يريد صاحبه يفتح يده يضرب عليها ، ففتح عمر يد أبي بكر وقال : أن لك قوّتي مع قوّتك ، فبايع الناس واستثبتوا للبيعة ، وتخلف عليّ والزبير واخترط الزبير سيفه وقال لا اغمُدُه حتى يبايع عليّ ، فبلغ ذلك ابابكر وعمر فقال عمر : خذوا سيف الزبير فاضربوا به الحجر ! قال : فانطلق اليهم عمر فجاء بهما تعبا وقال : لتُبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان فبايعا (25) .


ويروى : قام عمر فحمد الله وأثنى عليه وقال : أما بعد ؛ فإني أريد أن أقول مقالة قد قُدّر أن أقولها ... ثم أنه بلغني أن قائلا يقول : لو قد مات اميرالمؤمنين بايعت فلانا ، فلا يغرّن امرءا أن يقول أن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرها وليس منكم من تقطّع اليه الأعناق مثل أبي بكر ، وأنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه « ص » ، ان عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ، وتخلفت عنا الأنصار بأسرها واجتمع المهاجرون الى ابي بكر ، فقلت لأبي بكر : انطلق بنا الى اخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نؤمّهم فلقينا رجلان صالحان قد شهدا بدرا ، فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟

فقلنا : نريد اخواننا هؤلاء من الأنصار ، قالا : فارجعوا فاقضوا أمركم بينكم ، فقلنا : والله لنأتينهم ، قال : فأتيناهم وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة ، قال واذا بين أظهرهم رجل مزّمل ، قال قلت : من هذا ؟

قالوا سعد بن عبادة ، فقلت ما شأنه ؟ قالوا : وجع ، فقام رجل منهم فحمد الله وقال : أما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الاسلام وأنتم يا معشر قريش رهط نبينا وقد دفّت الينا من قومكم دافة ، قال : فلما رأيتهم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويغصبونا الأمر وقد كنت زوّرت في نفسي مقالة اقدّمها بين يدي أبي بكر ، وقد كنت أداري منه بعد الحد ، وكان هو أوقر مني وأحلم ، فلما أردت أن أتكلم قال : على رسلك ، فكرهت أن أعصيه ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ، فما ترك شيئا كنت زورت في نفسي أن أتكلم به لو تكلمت الا قد جاء به أو بأحسن منه ، وقال : أما بعد يا معشر الأنصار فإنكم لا تذكرون منكم فضلا الا وأنتم له أهل ، وأن العرب لا تعرف هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش وهم أوسط دارا ونسبا ولكن قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فبايعوا أيهما شئتم ... فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل فقال : أنا جُذيلها ... فارتفعت الأصواب وكثر اللغط ، فلما أشفقت الاختلاف قلت لأبي بكر : أبسط يدك أبايعك (26) .

كذا في مسند أحمد باختلاف (27) .

أقول : يظهر من هذا الكلام أن الأنصار بأجمعهم ومن بني هاشم من تخلفوا في بيت فاطمة « ع » كانوا مخالفين لبيعة أبي بكر ، أما الأنصار فبايعوا بعد أو وقعت الاختلافات الشديدة وارتفعت الأصوات وكثر اللغط ، وبنو هاشم فبايعوا بعد مدة مكرهين .

ويروى : فبدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله بعث محمدا ... فخصّ الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والايمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم وتكذيبهم اياهم ، وكل الناس لهم مخالف زار عليهم ، فلم يستوحشوا لقلة عددهم وشنف الناس لهم واجماع قومهم عليهم ، فهم اول من عبدالله في الأرض وآمن بالله وبالرسول ، وهم اولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ، ولا ينازعهم ذلك الا ظالم ، وأنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الاسلام ، رضيكم الله انصارا ...

فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ، لا تفتاتون بمشورة ولانقتضي دونكم الأمور ، قال : فقام الحباب بن المنذر فقال : يا معشر الأنصار املكوا عليكم امركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجتريء مجتريء على خلافكم ولن يصدر الناس الا عن رأيكم ...

فمنا أمير ومنهم أمير ، فقال عمر : هيهات لا يجتمع اثنان في قرن والله لا ترضى العرب أن يومّروكم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تُولي امرها من كانت النبوة فيهم وولي أمورهم منهم ، ولنا بذلك على من أبى من العرب المحجة الظاهرة والسلطان المبين ، من ذا يُنازعنا سلطان محمد وامارته ونحن اولياؤه وعشيرته الا مدل بباطل ...

فقام الحباب بن المنذر فقال : يا معشر الأنصار املكوا على ايديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتموه فأجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور ، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين ، أنا جُذيلها ...

فقال عمر : اذا يقتلك الله ، قال : بل اياك يقتل ! فقال ابو عبيدة : يا معشر الأنصار أنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدّل وغيّر ، فقام بشير بن سعد فقال : يا معشر الأنصار إنا والله لئن كنا اولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا به الا رضى ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ولا ينبغي به من الدنيا عرضا فإن الله ولي المنة علينا بذلك ، ألا ان محمدا « ص » من قريش وقومه أحق به واولى ، وأيم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا ، فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم .

فقال أبوبكر : هذا عمر وهذا أبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا ! فقالا : لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك ، فإنك أفضل المهاجرين وثاني اثنين اذ هما في الغار وخليفة رسول الله على الصلاة والصلاة أفضل دين المسلمين ، فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك ، أبسط يدك نبايعك ؟

فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما اليه بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير بن سعد عققت عقاق ما أحوجك الى ما صنعت ، أنفست على ابن عمك الإمارة فقال : لا والله ولكني كرهت أن انازع قوما حقا جعله الله لهم ، ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعبد بن عبادة : قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير وكان أحد النقباء : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ، ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيبا ابدا ، فقوموا فبايعوا ابابكر ! فقاموا اليه فبايعوه .

فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا اجمعوا له من أمرهم ، ... فأقبل الناس من كل جانب يبايعون ابابكر وكادوا يطؤون سعد بن عبادة ، فقال ناس من أصحاب سعد : اتقوا سعدا لا تطؤه فقال عمر : اقتلوه قتله الله ، ثم قام على رأسه فقال : لقد هممت ان اطأك حتى تندر عضوك ، فأخذ سعد بلحية عمر فقال : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة ، فقال أبوبكر : مهلا يا عمر الرفق هيهنا ابلغ ، فاعرض عنه عمر ، وقال سعد : أما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في اقطارها وسككها زئيرا يحجرك واصحابك ، أما والله اذا لألحقتك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع . احملوني من هذا المكان ! فحملوه فأدخلوه في داره ، وتُرك اياما ثم بُعث إلييه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك ! فقال أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبلي واُخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي ، واقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي ...

فلما اُتي ابوبكر بذلك قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال له بشير بن سعد : أنه قد لج وأبى وليس بمُبايعكم حتى يُقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته ، فاتركوه فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد ، فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد ، واستنصحوه لما بدا لهم منه ، فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم (28) .
أقول : فيما نقل عن الطبري موارد للدقة والاعتبار والتدبر .

1 ـ قول أبي بكر ـ قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ـ بل أنت يا عمر فأنت أقوى مني ـ وان العرب لا تعرف هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش ـ ولكن قد رضيت لكم أحد هذين فبايعوا أيهما شئتم ؛ فيها دلالة على أن الأمر قد تحقق بالانتخاب والتدبير ، لا بالنص والوصية .

2 ـ قولهم : ـ فنحن الأمراء وأنتم الوزراء ـ فارجعوا فاقضوا أمركم بينكم ـ كنت زوّرت في نفسي أن أتكلم به الا قد جاء به ـ لا تفتاتون بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور ـ فمنا أمير ومنهم أمير ـ ولكن العرب لا تمتنع ان تولي امرها من كانت النبوة فيهم ـ فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم ؛ فيها دلالة على أن الاختلاف انما كان في الحكومة والخلافة الظاهرية للمسلمين . وليس من مقامات العلم والمعرفة والروحانية والحقيقة ذكر فيما بينهم .

3 ـ قولهم : ـ فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع الا عليا ـ وتخلف علي والزبير واخترط الزبير سيفه وقال : لا أغمده حتى يبابع علي ـ ان عليا والزبير تخلفوا عنا في بيت فاطمة وتخلفت عنا الأنصار بأسرها ؛ فيها دلالة على ان لعلي « ع » حقا ثابتا ومقاما محرزا معلوما عندهم ، وليس ذلك الا بوصية رسول الله « ص » وقوله وبالأحاديث الواردة منه .

عقد الفريد : فقال حباب بن المنذر : منا أمير منكم أمير ، فإن عمل المهاجريّ في الأنصاري شيئا رد عليه وان عمل الأنصاري في المهاجري شيئا رد عليه ، وان لم تفعلوا فأنا جُذيلها المحكك وعُذيقها المرجب لنُعيدنّها جذعة . قال عمر : فاردت أن أتكلم وكنت زوّرت كلاما في نفسي . فقال ابوبكر : على رسلك يا عمر ، فما ترك كلمة كنت زوّرتها في نفسي الا تكلم بها ... فبايع الناس ابابكر واتوا به المسجد يبايعونه ، فسمع العباس وعلي التكبير في المسجد ولم يفرغوا من غسل رسول الله « ص » فقال علي : ما هذا ؟ قال العباس : مارُئي مثل هذا قط ، أما قلت لك (29) .

البخاري : ان رسول الله « ص » مات وابوبكر بالسُنخ يعني بالعالية ، فقام عمر يقول : والله مامات رسول الله « ص » وقال : والله ما كان يقع في نفسي الا ذاك وليبعثنه الله فيقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم ، فجاء ابوبكر فكشف عن وليبعثنّه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم ، فجاء ابوبكر فكشف عن رسول الله « ص » فقبّله ، فقال : بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لايُذيقك الله الموتتين ابدا ... واجتمعت الأنصار الى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : منا أمير ومنكم أمير ، فذهب اليهم أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وابو عبيدة بن الجراح ، فذهب عمر يتكلم فأسكته ابوبكر ، وكان عمر يقول : والله ما اردت بذلك الا إني قد هيّأت كلاما قد أعجبني خشيت ان لا يبلّغه ابوبكر ، ثم تكلم ابوبكر فتكلم ابلغ الناس فقال في كلامه : نحن الأمراء وأنتم الوزراء ، فقال حباب بن المنذر : لا والله لا نفعل ، منا أمير ومنكم امير ، فقال أبوبكر : لا ولكنا الامراء وأنتم الوزراء . هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر بن الخطاب أو ابا عبيدة بن الجراح ! فقال عمر : بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا الى رسول الله « ص » ، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس ، فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر : قتله الله (30).

أقول : يستفاد من صريح هذا الكلام المنقول من الصحيح امور :1 ـ استدل ابوبكر في مقام إختيار الأمير بقوله : أعرب أحسابا وأوسطهم دارا ؛ وهذا العنوان موجود في جميع افراد قريش .

2 ـ ولما لم يكن له امتياز وتفوق وليس لنفسه خصوصية ، فأشار الى أبي عبيدة وعمر ودلهم اليهما . أو أن هذا كان تدبيرا منه في المقام .

3 ـ فعلى هذا القيل والقال : يلزم أن يكون الوزير في هذه الحكومة من الأنصار ، فإن لهم نصيبا منها ، وهم الذين تبوّءوا الدار والإيمان من قبلهم يُحبون من هاجر اليهم .

4 ـ لا معنى صحيح لقول عمر : قتله الله : مع ان النبي « ص » كان يقول اوصيكم بالأنصار ، فإنهم كرشي وعيبتي فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ـ كما في البخاري ج 2 ص 192 .

1885_013.jpg - 533x400 - 34.40 kb

وفي البخاري : باسناده عن عمر بن الخطاب أنه قال : بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترنّ امرئ ان يقول : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت ، ألا وانها قد كانت كذلك ولكنّ الله وقى شرها ، وليس منكم من يُقطع الأعناق اليه مثل أبي بكر ، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يُقتلا ، وانه قد كان من خيرنا حين توفى الله نبيه « ص » ، ان الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما ، واجتمع المهاجرون الى أبي بكر ، فقلت لأبي بكر : يا أبابكر انطلق بنا الى اخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نريدهم ، فلما دنونا منهم لقينا رجلان منهم صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم ، فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟ فقلنا : نريد اخواننا هؤلاء من الأنصار ، فقالا : لا عليكم ان تقربوهم اقضوا أمركم !

فقلت والله لنأتينهم ، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فاذا رجل مزمل بين ظهرانيهم ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : هذا سعد بن عبادة ، فقلت : ماله ؟ قالوا : يوعك ، فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد : فنحن انصار الله وكتيبة الاسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم ، فاذا هم يريدون ان يختزلونا من أصلنا وأن يحضونا من الأمر ، فلما سكت ، اردتُ ان اتكلم وكنت زوّرت مقالة اعجبتني اريد أن اقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد ، فلما أردت أن أتكلم قال أبوبكر : على رسلك ! فكرهت أن أغضبه ، فتكلم أبوبكر فكان هو أحلم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الا قال في بديهته مثلها أو أفضل حتى سكت ، فقال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن يعرف هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراحوهو جالس بيننا ، فلم أكره مما قال غيرها ، كان والله أن اقدّم فتُضرب عنقي لا يقرّبني ذلك من أثم احب اليّ من أن اتأمّر على قوم فيهم أبوبكر ، اللهم الا أن تسوّل الى نفسي عندج الموت شيئا لا اجده الآن . فقال قائل من الأنصار : انا جُذيلها المُحكك وعُذيقها المرجب منا أمير ومنكم امير يا معشر قريش ! فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقتُ من الاختلاف ، فقلت : ابسط يدك يا ابابكر !

فبس يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار . ونزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة ففقلت : قتل الله سعد بن عبادة ، قال عمر ك وانا والله ما وجدنا فيما حضرنا من امر اقوى من مبايعة أبي بكر ، خشينا أن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا ، فأما بايعناهم على ما لانرضى وأما نخالفهم فيكون فساد ، فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرّة ان يُقتلا (31) .

أقول : هذا الكلام مضبوط في أقدم كتاب وأصحّه وأتقنه من كتب اخواننا اهل السنة ، وكذا في تاريخ الطبري باختلاف يسير (32) ، فمن تدبر فيه ورجع البصر اليه بعين الانصاف ونظر الى الحقيقة اطلع على اسرار هذا الأمر من جهات :

الأول ـ أنه اقر وشهد بأن إمرة أبي بكر كانت فلتة من دون سابقة ، وقى الله شرها . وهذا يدل على نفي أي وصية من رسول الله « ص » في الخلافة .

الثاني ـ إنه يقول بلزوم المشورة في هذا الأمر بعد ، ولا يجوز لأحد أن يبايع احدا حتى تقع فلتة ، فإنها في معرض الخطر والشر .

الثالث ـ إنه يعترف بخلاف الأنصار وخلاف علي والزبير ومن معهما ، ففي هذه الصورة كيف يجوز التعبير عنها بالاجماع والاتفاق من اهل الحل والعقد ، وان ارادوا وقوع الاتفاق بعد اشهر فهذا قد يتحقق في أغلب الحكومات والدول ، بل ولايتحقق استقرار حكومة الا بالغلبة التامة والاستيلاء الكامل والتسلط على جميع الأفراد طوعا أو كرها ، ولو بالتدريج .

الرابع ـ يعلم أن غلبة أبي بكر في السقيفة كانت من طريق التزوير ، وكان تزويره في خاطبه أحسن وأعجب مما زوّره عمر في نفسه .

الخامس ـ ان قوله « فلم أكره مما قال غيرها » من الكلمات المزورة المخالفة للواقع ، كيف وقد امّر رسول الله « ص » اسامة عليهم قبل ايام قليلة من رحلته ، وكذا في غزوات اخر . فالإمرة مطلبوبة اذا كانت عن وظيفة .

فيا اخواننا هذه حقيقة إمرة أبي بكر ، فهل يجوز أنيكلّفنا العقل والشرع بوجوب طاعته وقبوله ، وهل يمكن أن يحكم الله ورسوله على كفر من تخلف عن هذه البيعة ، وهل يجوز أن نقول ان عليا وفاطمة والحسن والحسين ومن معهم من أهل بيت النبي « ص » كانوا على الضلالة ووقعوا في طريق خلاف الشريعة النبوية ، وقد قال النبي « ص » : الحق مع علي وعلي مع الحق ، وقال : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وقال : أنت مني وأنا منك ، وقال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .

السيرة النبوية : فأتى آت الى أبي بكر وعمر ، فقال : ان هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا اليه ، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ، ورسول الله « ص » في بيته لم يُفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله ، قال عمر : فقلت لأبي بكر انطلق بنا الى اخواننا هؤلاء من الأنصار حتى ننظر ما هم عليه (33) .

وقال : ثم أنه قد بلغني ان فلانا قال : والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا ، فلا يغرن امرئ أن يقول : ان بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت ، وانها قد كانت كذلك الا ان الله قد وقى شرها وليس فيكم من تنقطع الأعناق اليه مثل أبي بكر ، فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة ان يُقتلا انه كان من خيرنا حين توفى الله نبيه « ص » ... الخ (34) ـ كما في البخاري ج 4 ص 111 .

مقالات الاسلاميين : لوبلغ ذلك ابابكر وعمر فقصدا نحو مجتمع الأنصار في رجال من المهاجرين ، فأعلمهم ابوبكر أن الامامة لا تكون الا في قريش واحتج عليهم بقول النبيي « ص » الامامة في قريش ، فأذعنوا لذلك منقادين ورجعوا الى الحق طائعين ، بعد أن قالت الأنصار : منا أمير ومنكم امير ، وبعد أن جرد الحباب بن المنذر سيفه وقال : انا جُذيلها المحكك وعُذيقها المرجب من يبارزني ، بعد ان قام قيس بن سعد بنصرة أبيه سعد بن عبادة حتى قال عمر بن الخطاب في شأنه ما قال ، ثم بايعوا ابابكر (35) .

    أقول : قد صرّح بأن الاتفاق في هذا المجتمع قد حصل بعد ذلك الاختلاف الشديد والتنازع وتجريد السيف ، مع غيبة اهل بيت النبي « ص » وخواص اصحابه ، وكان أقوى احتجاجهم في قولهم ان الامامة في قريش ، وقد قال علي « ع » في ذلك : احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة .

عيون ابن قتيبة : أراد عمر الكلام ، فقاله له ابوبكر : على رسلك . نحن المهاجرون اول الناس اسلاما ، واوسطهم دارا واكرمهم احسابا واحسنهم وجوها واكثر الناس ولادة في العرب ، وأمسّهم رَحِما برسول الله « ص » ، أسلمنا قبلكم وقُدمنا في القرآن عليكم ، فأنتم اخواننا في الدين وشركاؤنا في الفيء وانصارنا على العدو ، آويتم وواسيتم فجزاكم الله خيرا ، نحن الامراء وأنتم الوزراء لا تدين العرب الا لهذا الحي من قريش ، وانتم محقوقون الا تنفسوا على اخوانكم من المهاجرين ما ساق الله اليهم (36) .

أقول : العلل المذكورة في الخطبة كلها راجعة الى العناوين الظاهرية والتشخصات الصورية والحسب والنسب والمتاع الدنيوي ، وليس فيها ذكر من العلم والايمان والروحانية والمقام المعنوي ، فهذا اول كلام بعد النبي « ص » دُعي فيه المسلمون الى اتباع الشخصية الظاهرية واُسقط العلم والايمان وحذف من صحيفة الامامة قيد التقوى والمعرفة .

وفي اثر هذا الكلام ترى أن معاوية بن أبي سفيان وسائر افراد بني امية ادعوا مقام خلافة رسول الله « ص » : مع أنهم فعلوا ما فعلوا وارتكبوا من الظلم والطغيان ما ارتكبوا وظلموا آل محمد « ص » ما ظلموا ! ومع هذا قد اطاع المسلمون لهم وانقادوا لحكومتهم !!

الطبقات : فتكلم ابوبكر فقال : نحن الأمراء وأنتم الوزراء وهذا الأمر بيننا وبينكم نصفين كقدّ الاُبلُمة « يعني الخوصة » ، فبايع اول الناس بشير بن سعد ابوالنعمان ، قال : فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسّم بين الناس قسما فبعث الى عجوز من بني عديّ بن النجّار بقسمها مع زيد بن ثابت ، فقالت : ما هذا ؟ قال قسم قسّمه ابوبكر للنساء ، فقالت أتُراشوني عن ديني ؟ فقالوا : لا ، فقالت أتخافون ان أدع ما أنا فيه ؟ فقالوا : لا ، فقالت : أتخافون أن ادع ما أنا فيه ؟ فقالوا : لا ، قالت : فوالله لا آخذ منه شيئا ابدا ، فرجع زيد الى أبي بكر فأخبره بما قالت ، فقال أبوبكر فأخبره بما قالت ، فقال ابوبكر : ونحن لا نأخذ مما اعطيناها شيئا ابدا (37) .

أقول : هذا التقسيم كان مما يُحكّم ويشدّد ويُثبّت إمارة أبي بكر ، والغرض منه جلب النفوس الأبيّة وتقريب القلوب المخالفة وتحبيبها ورفع الاختلافات والموانع ، وكان هذا لغرض ظاهر بحيث ان العجوز قد فهمته .

انساب الأشراف : لما قبض رسول الله « ص » أتى عمر بن الخطاب ابا عبيدة بن الجراح فقال له : ابسط يدك نبايعك فإنك أمين هذه الأمة على لسان رسول الله « ص » . فقال : يا عمر ؛ ما رأيت لك تهمة منذ اسلمت قبلها ، أتبايعني وفيكم الصديق وثاني اثنين (38) .

أقول : هذا الكلام والاستخلاف من عمر بن الخطاب يكشف عن انه كان متحيرا في تعيين الخليفة ، وكان معرضا عن أهل بيت النبي وعترته الذين أوصى بهم رسول الله « ص » ، ومع هذا كان لايعتني برأي الأصحاب ولايتوجه الى المشاورة مع الآخرين والى حصول الاجماع .

ويروى ايضا : « في ص 580 » كما في الطبقات ج 3 ص 182 .

ويروى ايضا ثم قال : بلغني أن الزبير قال ـ لو قدمات عمر بايعنا عليا وإنما كانت بيعة أبي بكر فلتة ـ فكذب والله لقد أقامه رسول الله « ص » مقامه واختاره لعماد الدين على غيره ، وقال : يأبى الله والمؤمنون الا ابابكر ، فهل منكم من تمدّ اليه الأعناق مثله (39) .
أقول : هذا القول مخالف لما سبق من قوله لأبي عبيدة ـ ابسط يدك نبايعك فإنك أمين هذه الأمة ، وهكذا مخالف لقول أبي بكر ـ إن تطيعوا امري تبايعوا أحد هذين الرجلين ابا عبيدة وكان عن يمينه أو عمر بن الخطاب وكان عن شماله
(40) ـ ، وكما مرّ ما يقرب منه من البخاري .

ويروى ايضا : عن جابر : قال العباس لعلي : ما قدمتك الى شيء الا تأخرت عنه ، وكان قال له لما قبض رسول الله « ص » : اُخرج حتى اُبايعك على اعين الناس فلا يختلف عليك اثنان . فأبى وقال : أو منهم من ينكر حقنا ويستبد علينا ؟ فقال العباس : سترى أن ذلك سيكون . فلما بويع ابوبكر ، قال له العباس : ألم أقل لك يا علي ؟ (41) .


أقول : يظهر من هذه المكالمة ان خلافة علي « ع » كانت مسلّمة قطعية في نظرهم ولا سيما في نظر علي « ع » ، وكان لا يحتمل خلاف احد وانكاره واستبداده عليه . ويروى ايضا : قال سلمان الفارسي حين بويع ابوبكر كردادونا كرداد أي عملتم وما عملتم وما عملتم ، لو بايعوا عليا لأكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم

 

 

 

(42) . 
أقول : يريد أنكم باستخلاف أبي بكر فعلتم ما فعلتم وحرّفتم وصية رسول الله « ص » عن موضعها وظلمتم آله وعترته وغصبتم حق علي « ع » ولكن ما ظلمتم الا انفسكم ، وما فعلتم الا على انفسكم .

يقول : في منتخب كنزل العمال : ان ابابكر حين استُخلف قعد في بيته حزينا ، فدخل عليه عمر فأقبل يلومه ، وقال : أنت كلفتني هذا الأمر وشكى اليه الحكم بين الناس ! فقال له عمر : أو ما علمت ان رسول الله « ص » قال : ان الوالي اذا اجتهد فأصاب الحق فله أجران واذا اجتهد فأخطأ الحق فله أجران واذا اجتهد فأخطأ الحق فله اجر واحد (43) .

ويقول : عن رافع قال : لما استخلف الناس ابابكر قلت : صاحبي الذي أمرني أن لا أتأمّر على رجلين ! فارتحلت فانتهيت الى المدينة فتعرّضت لأبي بكر ، فقلت له : يا أبابكر أتعرفني ؟ قال : نعم : قلت أتذكر شيئا قلته لي لا أتأمّر على رجلين ، وقد وليت أمر الأمة ؟ فقال : ان رسول الله « ص » قبض والناس حديث عهد بكفر ، فخفت عليهم ان يرتدّوا وان يختلفوا ، فدخلت فيها وأنا كاره ، ولم يزل بي صاحبي يعتذر حتى عذرته (44) .
أقول : فليستنتج المحقق الحر من هذه الكلمات أيّ نتيجة يدرك بفكره الثاقب ونظره الخالص .

منقول من کتاب الحقائق في تاريخ الإسلام والفتن والاحداث حسن المصطفوي

 

 

----------------------------------------------------------------------------------------------

1 ـ الملل والنحل ج 1 ص 14 .

2 ـ تهذيب ابن عساكر ج 1 ص 120 .

3 ـ البخاري ج 2 ص 187 ومسلم ج 7 ص 131 .

4 ـ مسند أحمد ج 2 ص 106 .

5 ـ الطبقات ج 2 ص 190 .

6 ـ الطبقات ج 2 ص 249 .

7 ـ نفس المصدر ج 4 ص 68 .

8 ـ نفس المصدر ج 4 ص 67 .

9 ـ انساب الأشراف ج 1 ص 384 .

10 ـ نفس السابق ص 474 .

11 ـ تهذيب ابن عساكر ج 1 ص 122 .

12 ـ امتاع الأسماع ج 1 ص 536 .

13 ـ الملل والنحل ج 1 ص 15 .

14 ـ مسند أحمد ج 3 ص 196 .

15 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 197 ، والسيرة النبوية ج 4 ص 305 .

16 ـ السيرة النبوية ج 4 ص 312 .

17 ـ سنن الدارمي ج 1 ص 39 .

18 ـ الطبقات ج 2 ص 266 .

19 ـ الطبقات ج 2 ص 267 .

20 ـ نفس المصدر ص 268 .

21 ـ الملل والنحل ج 1 ص 16 .

22 ـ الفائق ج 1 ص 181 .

23 ـ الفائق ج 2 ص 305 .

24 ـ الفائق ج 2 ص 321 .

25 ـ نفس المصدر ص 199 .

26 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 200 .

27 ـ مسند أحمد ج 1 ص 55 .

28 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 208 .

29 ـ عقد الفريد ج 4 ص 257 .

30 ـ البخاري ج 2 ص 179 .

31 ـ البخاري ج 4 ص 111 .

32 ـ تاريخ الطبري ج3 ص 200 .

33 ـ السيرة النبوية ج 4 ص 307 .

34 ـ نفس المصدر ص 308 .

35 ـ مقالات الإسلاميين ج 1 ص 40 .

36 ـ عيون ابن قتيبة ج 2 ص 233 .

37 ـ الطبقات ج 3 ص 182 .

38 ـ أنساب الأشراف ج 1 ص 579 .

39 ـ أنساب الأشراف ج 1 ص 581 .

40 ـ نفس المصدر 582 .

41- انساب الأشراق ج 1 ص 583 .

42- نفس المصدر ص 591 .

43- منتخب كنز العمال ج 2 ص 158 .

44 ـ نفس المصدر ص 160 .

 

یک شنبه 20 اردیبهشت 1388  8:18 AM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

ثقة الإسلام الكليني (رحمه الله)
 
الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ( قدس سره ) (1)
 
( القرن الثالث – 329 هـ )
 

تلامذة الكليني و مؤلفاته

اسمه ، و كنيته ، و نسبه :

الشيخ أبو جعفر ، محمّد بن الشيخ يعقوب بن إسحاق الكليني ، و الكليني نسبة إلى قرية كلين في ناحية الري .

  ولادته :

   لم تحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ، إلاّ أنّه ولد في النصف الثاني من القرن الثالث بقرية كُلين على بعد ( 38 ) كيلو متراً من مدينة ري ، الواقعة في جنوب العاصمة طهران .

نشأته :

تولَّى أبوه منذ صغره رعايته و تربيته ، حيث علَّمه الأخلاق ، و حسن السلوك ، و الآداب الإسلامية ، و الولاء لأهل البيت ( عليهم السلام ) .  كان خاله ـ من كبار المحدّثين و الموالين لأهل البيت ( عليهم السلام ) ـ له عظيم الأثر في نشأت ، و تربية الکليني .

 دراسته :

درس العلوم الأوّلية في كُلَين ، و درس علمي الرجال و الحديث عند والده و خاله ، ثمّ سافر إلى مدينة رَي ـ التي كانت مركزاً مهمّاً من مراكز العلم ـ و اطَّلَع على الآراء و العقائد ، والأفكار المتضاربة للمذاهب الإسلامية .

و بعدما صمّم على دراسة علم الحديث و الرجال ، لضبط الروايات من جهة ، سافر إلى مدينة قم المقدّسة ـ حيث كان فيها الكثير من الرواة و المحدّثين ـ فلم يُرْوَ غليلُه من علم الحديث و الروايات في قم المقدّسة ، فسافر إلى مدينة الكوفة ، و كانت مركز يغص برجالات العلم و الفقه و الأدب ، و قد كان منهم العلَم المعروف ابن عقده ، الذي كان يحفظ مائة ألف حديث بأسانيدها .

خلال دراسته و تجواله في المدن و القرى المختلفة ذَاعَ صِيته ، و عندما زار بغداد ، لم يكن مجهولاً ، إذ كانت الشيعة يعتزّون به ، و أهل السنّة ينظرون إليه بإعجاب ، و يثقون به ، لذلك لُقِّب بـ( ثقة الإسلام ) .

أقوال العلماء فيه :

نذكر منهم ما يلي :

1ـ قال الشيخ النجاشي في رجاله : (شيخ أصحابنا في وقته بالري و وجههم ، و كان أوثق الناس في الحديث ، وأثبتهم) .

2ـ قال الشيخ الطوسي في الفهرست : ( ثقة ، عالم بالأخبار) .

3ـقال السيّد ابن طاووس في فرج المهموم : ( الشيخ المتفق على عدالته وفضله وأمانته ) .

4ـ قال الشيخ حسين الحارثي ، والد الشيخ البهائي : ( هو شيخ عصره ، و وجه العلماء ، كان أوثق الناس في الحديث ، و انقدهم له ، واعرفهم به ) .

 وفاته :

توفّي الشيخ الكليني ( قدس سره ) في شعبان 329 هـ ، و دفن بالعاصمة بغداد .

المصدر: أعيان الشيعة 10 / 99 .

 

دوشنبه 21 اردیبهشت 1388  10:12 AM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

  كيف يمكن معرفة إمام العصر و الزمان (أرواحنا له الفداء)؟ 
 
 
لدينا معرفة تاريخية و لدينا معرفة واقعية هي أهم من الأولى. المهم هو أن نعرف الإمام حقيقة، و أن يرانا لا أن نراه . فی
زمن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) (الذي كان مقامه أسمى من الأئمة) كان هناك الكثير ممن يرى وجوده المبارك، إلا أن الله سبحانه و تعالى قال عنهم في القرآن: «و تراهم ينظرون إليك و هم لا يبصرون»(1)، فكانوا أهل نظر و لم يكونوا أهل بصيرة. فمن المهارة أن نسعی في أن ينظر إلينا الوجود المبارك لإمام العصر و الزمان (عليه السلام). فقد ورد في القرآن الكريم بأن الله الذي هو بكل شيء بصير لا ينظر إلى طائفة من الناس يوم القيامة، حيث يقول: «و لا يكلّمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكّيهم»(2)، أي لا ينظر إليهم تلك النظرة التشريفية. فلو سرنا حقيقة في المسير الصحيح سينظر إلينا الإمام، و إن نظره التشريفي هذا شرف لنا، و إلا فإن النظر الفيزيائي لا يترك ذلك الأثر البالغ. كما أن الكثير قد رأى النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و أمير المؤمنين (عليه السلام) و السيدة الزهراء (عليها السلام)، و لكن لم تكن لديهم بصيرة. فالمهم هو النظر التشريفي لا الرؤية الصورية، نعم قد تتسنى تلك المشاهدة الصورية و يرى الإنسان الإمام عن قريب و يستفيض منه و تنحلّ مشكلته ببركة الإمام من قبل الله تقدست أسماؤه. إلا أن المهم هو الرؤية النابعة من البصيرة .

1-      سورة الأعراف، الآية 198 .

2-       سورة آل عمران، الآية 77 .

سماحة العلامة شیخ عبدالله جوادی آملی

دوشنبه 21 اردیبهشت 1388  2:48 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

 
 
 
 
ابن البیطار :
 
(پزشک و گیاه شناس)
 
 

هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار، المالقي الأندلسي، اشتهر بابن البيطار لأن والده كان طبيباً بيطرياً ماهراً و برز هو  في علم الطب والأعشاب، يعتبر من أشهر علماء النبات عند العرب. ولد في أواخر القرن السادس الهجري، ودرس على أبي العباس النباتي الأندلسي، الذي كان يعشب، أي يجمع النباتات لدرسها وتصنيفها، في منطقة اشبيلية.
سافر ابن البيطار، وهو في أول شبابه، إلى المغرب، فجاب مراكش والجزائر وتونس، معشباً ودارساً وقيل إنه  تجاوز إلى بلاد الأفارقة وأقصى بلاد الروم، آخذاً من علماء النبات فيها. واستقر به الحال في مصر، متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات) كما يقول ابن أبى أصيبعة، وكان يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك الصالح نجم الدين صاحب دمشق من دمشق كان ابن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول، فيعشب ويدرس. وفي هذه الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (طبقات الأطباء)، فشاهد معه كثيراً من النبات في أماكنه بظاهر دمشق، وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. قال ابن أبي أصيبعة: (فكنت آخذ من غزارة علمه ودرايته شيئاً كثيراً. وكان لا يذكر دواء إلا ويعين في أي مكان هو من كتاب ديسقوريدس وجالينوس، وفي أي عدد هو من الأدوية المذكورة في تلك المقالة).  وقد توفي ابن البيطار بدمشق سنة 646 هـ، تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، وهو معروف بمفردات ابن البيطار، وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في الأدوية المفردة)، وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة، وقد ترجم وطبع. كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة، يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً، ويذكر طريقة معالجتها بالعقاقير. كما ترك ابن البيطار مؤلفات أخرى، أهمها كتاب الأفعال الغريبة والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام.

و مقالة في الليمون. وكتاب في الطب. وميزان الطبيب. و رسالة في التداوي بالسموم.  ومن صفات ابن البيطار، كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة، أنه كان صاحب أخلاق سامية، ومروءة كاملة، وعلم غزير. وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة، وقد أعانته ذاكرته القوية على تصنيف الأدوية التي قرأ عنها، واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة بعد تحقيقات طويلة.  يعتبر ابن البيطار خبيراً في علم النباتات  والصيدلة وأعظم عالم نباتي ظهر في  القرون الوسطى وساهم إسهامات عظيمة في مجالات الصيدلة و الطب  حتى قال عنه ماكس مايرهوف: (إنه أعظم كاتب عربي ظهر في علم النبات)

 


سه شنبه 5 خرداد 1388  2:56 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

من أخطاء الأزواج
يعتبر صلاح البيوت صلاحًا للأمة، وصلاح الأمة هو السبب الأعظم لعزتها وكرامتها، ولا تصلح أمة إلا بصلاح البيوت، ولا تصلح البيوت إلا بصلاح الزوجين واستقامتهما على أمر الله تعالى.

وفي البيت الإسلامي يتخرج رجالات الأمة ونساؤها وعظماؤها، ذلك أن رابطة الزوجية من أعظم الروابط، فمتى سارت هذه الرابطة على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة عظم شأن الأمة، وهيب جنابها، ومتى أهملت هذه الحقوق تفصمت تلك الرابطة، فشقيت البيوت وحل بالأمة التفكك والدمار، والذي يتأمل في حياة الناس يرى خللاً كبيرًا وتفريطًا كثيرًا في شأن تلك الرابطة ، مما يفقد الحياة الزوجية سعادتها وأنسها والخلل الحاصل من الأزواج في الجانب كبير نذكر بعضًا من هذه الأخطاء راجين أن يكون في ذكرها تنبيه لبعضنا عن تكرار الخطأ في حياته المستقبلية.

أولاً: الشك في الزوجة وسوء الظن بها:

فمن الأزواج من هو ذو طبيعة قلقة، ونفس متوترة، فتراه يغلب جانب الشك، ويجنح كثيرًا إلى سوء الظن، ويفسر الأمور على أسوأ الاحتمالات، فقد يسيء الظن بالزوجة في أمانتها المالية، فربما اتهمها بأنها تسرق من ماله وقد يتمادى سوء الظن ببعضهما إلى عرض زوجته فيتهمها في حشمتها من خلال تصرفات يراها عليها ، وتجد بعض الأزواج يكثر الاتصال بالمنزل كلما خرج منه، وإذا كان الهاتف مشغولاً وقع في الشك والريبة، وبعضهم يخرج من عمله بين الفينة والأخرى، وفي أوقات غير متوقعة ليراقب منزله.

وكل هذا من غير برهان وبينة، وإنما هو تسويل لبعض النفوس الجاهلة، فكم وقع من قتل وطلاق وأذى بسبب سوء ظن لا يثبت له قدم بعد التثبت والتحقيق.

ولا يعني حسن الظن بالزوجة قلة الغيرة، وإلقاء الحبل على الغارب، وإنما المطلوب الاعتدال في الغيرة، فلا يتغافل عما تخشى عواقبه، ولا يبالغ في إساءة الظن، وبالجملة فالتحسس والمبالغة في الغيرة أمر لا يقره دين ولا عقل.

ولهذا عقد الإمام البخاري في صحيحه بابًا قال فيه: لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة مخافة أن يخونهم أو يلتمس عثراتهم، ثم ساق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً".

ثانيًا: الاستهانة بالزوجة:

فمن الأزواج من يستهين كثيرًا بزوجته فلا يراها إلا هملاً مضاعًا، فلا يعتد بكلامها ولا يستشيرها في أي شيء من أمره، ولا يأخذ برأيها، وربما احتج على هذه الأفعال بأن القوامة للرجل، وبأن المرأة ناقصة عقل ودين!

ومن صور الاستهانة بالزوجة أن يحقرها أمام أبنائها ويصفها بسوء التدبير، وأن يذم أهلها أمامها، وهذا المسلك خطأ كبير، فالمرأة إنسان مكرّم لها عقل ورأي.

ثالثًا: التخلي عن القوامة:

كما أن هناك من لا يعتد بالمرأة، فيهضم حقها ولا ينظر إليها إلا بازدراء، فهناك من تخلى عن قوامته، وأسلم قيادته لزوجته، فقولها هو القول ورأيها هو الفصل والذي يدفعها لذلك دافع الغرور بالمال أو الجمال أو المستوى التعليمي.

وإذا اجتمع إلى ذلك ضعف الزوج واهتزاز شخصيته، فقد وافق شن طبقة، لذلك تخرج متى شاءت، وتلبس ما شاءت، ولو كان لباس شهرة أو تبرج أو تشبُّه بالكافرات.

وما عجب أن النساء ترجّلت        ولكن تأنيث الرجال عجيب

رابعًا: قلة الحرص على تعليم الزوجة أمر دينها:

فهذا من مظاهر التقصير في حق الزوجة، وقد يكون الرجل ذا صلاح وتقى وعلم ودعوة، ومع ذلك لا يحرص على إيصال ذلك الخير لزوجته وأهل بيته، ولذلك من الواجب للزوجة على زوجها أن يعلمها أمور دينها، ويرسخ في قلبها حب الله، وخوفه ورجاءه، ومراقبته، والتوكل عليه.

 

 

سه شنبه 5 خرداد 1388  3:28 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

من ثمرات الزواج
 
للزواج ثمرات عديدة ، منها : سكن كل من الزوجين إلى الآخر، التعارف والتعاون بين الناس، العفة وإشباع الغريزة، ابتغاء النسل الصالح، وفيما يلي أبين ذلك:

الثمرة الأولى : سكن كل من الزوجين إلى الآخر:

وفي هذا المعنى يقول الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[ الروم:21].

قال الشوكاني: أي من جنسكم في البشرية والإنسانية. (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) أي تألفوها وتميلوا إليها، فإن الجنسين المختلفين لا يسكن أحدهما إلى الآخر ولا يميل قلبه إليه. (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) أي ودادًا وتراحمًا بسبب عصمة النكاح يعطف به بعضكم على بعض من غير أن يكون بينكم قبل ذلك معرفة فضلاً عن مودة ورحمة.[انظر فتح القدير 4/312].

وقال ابن كثير: خلق لكم من جنسكم إناثًا يكن لكم أزواجًا (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، ولو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورًا وجعل إناثهم من جنس آخر إما من جان أو حيوان، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهنَّ مودة وهي المحبة، ورحمة وهي الرأفة، فإن الرجل يمسك المرأة إنما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجه إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك.[تفسير ابن كثير 3/568].

ولا يتحقق هذا إلا بالتزام كل من الزوجين بشرع الله تعالى وهدى نبيه، وذلك بالقيام بواجباتهما.

الثمرة الثانية : التعارف والتعاون بين الناس:

شاء الله تعالى أن يخلق الإنسان مدني الطبع، يميل إلى الجماعة ويكره العزلة، وخلق الناس ذكرانًا وإناثًا وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، كما جاء في الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )[الحجرات:13].

قال ابن كثير: جعلهم شعوبًا وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والأفخاذ وغير ذلك. (لِتَعَارَفُوا) أي ليحصل التعارف بينهم.[انظر تفسير ابن كثير 4/277].

ولا شك أن الزواج هو أهم أسباب التعارف بين العائلات والأسر ويقوي أواصر الود بينها. والعرب كانوا يقدرون أثر الزواج في هذه الناحية، وزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض زوجاته كان لهذا الغرض، فاستعان النبي صلى الله عليه وسلم به على توطيد دعائم السلم من ناحية ونشر الدعوة من ناحية أخرى، ولا أدل على هذا من قصة جويرية بنت الحارث التي وقعت في الأسر بعد مقتل أبيها وهزيمة قومها (بني المصطلق) فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق الصحابة – رضوان الله عليهم – مائة أهل بيت من قومها، وقالوا أصهار رسول الله! فأمن النبي صلى الله عليه وسلم مكرهم ووضعت الحرب أوزارها بينه وبينهم بإسلامهم والسبب زواجه من ابنة سيدهم الذي قتل في غزوة بني المصطلق.

فعن عائشة قالت: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس - أو لابن عم له - وكاتبته على نفسها". قالت: فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فقالت : يا رسول الله إني جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني ما لم يخف عليك، فجئتك أستعينك على كتابتي. قال : فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم تزوج جويرية بنت الحارث فقال الناس: أصهار رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فأرسلوا ما بأيديهم. قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها"[ رواه أحمد].

هذا عن التعارف، أما التعاون فهو واضح، إذ تقوم الزوجة بنصف أعباء الحياة ويقوم الرجل بالنصف الآخر، فالزوجة تهيئ للزوج ما يحتاج إليه ويسعده بالإضافة إلى تربية الذرية ، والزوج يسعى ويكدح لطلب الرزق الحلال لنفسه ولأهل بيته، وتتعاون الأسر مع بعضها البعض لتيسير الزواج لأبنائها.

الثمرة الثالثة: العفة وإشباع الغريزة في الحلال :

وهذا مفهوم قول الله تعالى: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) [البقرة:187]، فمعنى قوله تعالى: (وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) يعني الجماع، كما قال عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم.

وفي الزواج إعفاف النفس عن الحرام وكبح جماحها حتى لا تورد صاحبها مواد الهلكة، ولعل هذا مفهوم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"[متفق عليه].

وأمر الرجل أن ينظر إلى مخطوبته ليطمئن إلى أن هذه هي التي تسره إن نظر إليها وتكون سببًا في أن يغض بصره ويحص فرجه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.

فالإسلام دين الفطرة، وهو فقط ينظم ما فطر عليه الإنسان، ولا يمنعه من ممارسة ما يتفق مع فطرته، بل يرفض الإسلام أن يمتنع المسلم عن ممارسة ما تقتضيه الفطرة بهدف التعبد، ولما ذهب ثلاثة نفر إلى بيوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسألوا عن عبادته فكأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أنا أصوم الدهر لا أفطر، وقال الثاني: وأنا أقوم الليل ولا أرقد، وقال الثالث: وأنا أعتزل النساء. وقف النبي صلى الله عليه و آله سلم على المنبر وقال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".[ أخرجه البخاري وأحمد].

وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضاء الوطر (جماع الزوجة) صدقة، فعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "يصبح كل يوم على كل سلامى من ابن آدم صدقة". ثم قال: "إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وتسليمك على الناس صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيك عن المنكر صدقة، ومباضعتك أهلك صدقة". قال: قلنا: يا رسول الله! أيقضي الرجل شهوته وتكون له صدقة؟ قال: نعم، أرأيت لو جعل تلك الشهوة فيما حرم الله عليه ألم يكن عليه وزر؟ قلنا: بلى. قال: فإنه إذا جعلها فيما أحل الله عز وجل فهي صدقة" .[أخرجه أحمد وأبو داود وأصله في مسلم].

الثمرة الرابعة: ابتغاء النسل الصالح والولد المبارك:

والتناسل هو النتيجة الطبيعية لالتقاء الزوجين الذكر والأنثى، وهو حتمي لاستمرار حياة الكائنات، ويعتبر التناسل أهم ثمرات الزواج، ولقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى فقال سبحانه: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)[البقرة:187]. قال ابن عباس ومجاهد والحكم بن عيينة والحسن والسدي والربيع والضحاك: معناه ابتغوا الولد، ويؤكد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم"[أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي].

والتناسل يمثل غريزة فطرية عند الإنسان كغيره من الكائنات؛ لأن الله تعالى قدر أن يكون البقاء بالتزاوج ومن ثم التناسل، قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ) [آل عمران:14].

أنبياء الله تعالى والذرية :

الأنبياء بشر لهم من الآمال مثل ما لباقي البشر، لكنهم يتميزون بأنهم يريدون من كل شيء أكمله وأحسنه وغايتهم نبيلة فيطلبون من الله تعالى الذرية لكنهم يقيدون طلبهم بالذرية الطيبة الصالحة التي تكون امتدادًا لهم وسببًا في انتشار دعوتهم، فهذا إبراهيم عليه السلام يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات:100]. وهذا زكريا عليه السلام يقول: (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ)[ آل عمران:38].

مما ينبغي أن نقف أمامه في دعاء النبيين الكريمين عليهما السلام هو طلب الذرية الطيبة الصالحة وليس مجرد الذرية، ولئن قلنا إن من ثمار الزوج ابتغاء الأولاد الذين هم زهرة الحياة الدنيا، فبهم تسعد النفس، وبسببهم ينشرح الصدر، لكن يجب أن ندرك أن الإسلام في نظرته إلى الأولاد لا يهتم بالكم (العدد) ولا بالنوع (الذكر والأنثى) ولكن بالكيف، فمريم عليها السلام امرأة لكنها أفضل من ملايين الرجال، ووضعت للدنيا بفضل الله أحد أولى العزم من الرسل.

ولهذا يجب على المسلم أن يعني بأبنائه وأن ينشئهم على تعليم الدين، وأن يعلمهم ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وأن يعدهم لمسايرة ركب التطور السريع في الحياة حتى ننشئ نسلاً قويًا صالحًا في جسمه وعقله وروحه وخلقه وحتى نكون أكثر قوة وقدرة على تحمل تبعات مجتمعنا في مسيرته الصاعدة نحو المعالي.

وليكن قدوتنا أنبياء الله – صلوات الله وسلامه عليهم – أنهم حينما طلبوا الذرية لم يطلبوا مطلق كثرة العدد، لكنهم طلبوا ذرية طيبة وصالحة كما سبق فأجيب إبراهيم بإسماعيل وإسحاق، وأجيب زكريا بيحيى – عليهم جميعًا من الله السلام – فالقضية ليست في الكم لكنها في الكيف، وعباد الرحمن الذين توجهوا إلى الله في دعائهم بطلب الذرية طلبوا منه سبحانه أن يرزقهم الذرية التي تقر بها أعينهم وتدخل السرور على نفوسهم، ولا يتم ذلك إلا بالذرية الصالحة القوية، التي يرجى خيرها ويؤمن شرها ويكون جودها مصدر سعادة وقوة للأسرة والأمة جمعاء.

إننا نريد ذرية ذات علم وذات خلق وذات منعة؛ حتى يرهبها أعداؤها، تنتج أكثر مما تستهلك، نريد ذرية متكاملة ومتماسكة، وغير ممزقة ولا متفرقة ولا منقسمة على نفسها.

الذرية المذمومة :

إن الإسلام في الوقت الذي حث فيه على تكثير النسل، وعده نعمة عظيمة وامتن بها على الآباء فقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[ النحل:72] قضى بصيانة هذه الكثرة من عوامل الضعف وبواعث الوهن، فالإسلام لا يريد نسلاً كثيرًا يملأ الأرض ضعفًا وجهلاً ومرضًا، ولكنه يريد نسلاً قويًا صالحًا في جسمه وعقله وروحه وخلقه، لا أن يكون غثاء كغثاء السيل المشار إليه في الحديث الشريف لا قيمة له ولا وزن؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قال قائل: أوَ مِنْ قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".[ أخرجه أحمد وأبو داود ورواته ثقات].

وإذا كان الإسلام يطلب من الأمة أن تكون ذات كثرة قوية، فإنه لا سبيل إلى ذلك إلا عن طريق العمل على تنظيم الأسرة تنظيمًا يحفظ للأسرة قوتها، وقدرتها وطاقتها، وحسن أدائها وقيامها بواجبها، ويحفظ للنسل قوته ونشاطه..
والله أعلم ...

 

سه شنبه 5 خرداد 1388  3:35 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

إحياء عاشوراء... لماذا ؟
 
 

السؤال الأول فهو: لماذا يجب احياء ذكرى حادثة وقعت قبل أكثر من (1360) عاماً؟ فهي واقعة وقعت في زمن قديم طوته الأيام والسنون, فما المسوغ لإعادة ذكرها في الوقت الحاضر؟

والجواب على هذا السؤال ليس بالأمر الصعب؛ إذ إنه واضح لكل من يتأمل قليلاً, أفلا ترون أن تعظيم الحوادث الماضية واحترامها من الأمور التي دأبت عليها جميع الأمم على وجه الأرض, سواء أكانت تلك الحوادث مرتبطة بأشخاص كان لهم دور في التقدم العلمي للمجتمع كالعلماء والمخترعين, أم كانت متعلقة بأشخاص كان لهم دور في انقاذ مجتمعاتهم سياسياً واجتماعياً؛ فإعادة ذكرهم إنّما هو من باب العرفان بالجميل لهذه الشخصيات, وعرفان الجميل من الأمور الفطرية التي أوجدها الله تعالى في النفس البشرية, فكل واحد منا يحترم من أحسن إليه وخدمه.

كما يمكننا ـ أيّها الشباب ـ أن نقول: إنّ الحوادث العظيمة التي حدثت في تاريخ أي مجتمع لها آثار لا يمكن أن تُنكر لمستقبل ذلك المجتمع, فتجديد الذكرى لهذه الحوادث هو في واقعه اعادة قراءة لتلك الحوادث كي ينتفع الناس بها, بل إنّ محاكاة تلك الحادثة له من البركات أضعاف ما يكون لنفس الحادثة حين وقوعها.

ونحن ـ أيّها الأعزاء ـ نعتقد بأن حادثة عاشوراء حادثة عظيمة في تاريخ الإسلام, ولها دورٌ أساسيٌ في تحديد طريق الهداية للناس, وتمييز الحق من الباطل, لذا فإنّ في إحيائها بركات لا تحصى على مجتمعنا في هذا العصر.

ثانياً: السؤال الثاني:

أما السؤال الثاني الذي يمكن أن نستمده من سؤالكم الأصلي المتقدم حول جدوى إقامة الشعائر في عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) فهو:

أننا لا نشك في أن احياء ذكرى الإمام الحسين (عليه السلام) لها فوائد جمّة للمجتمع, ولكن ألا يمكن أن نحيي ذكرى عاشوراء بطريقة أخرى غير هذه الطرق المتعارفة؟ إذ إن إقامة الشعائر لا ينحصر في البكاء واللطم ولبس السواد والبقاء إلى منتصف الليالي, وما يتبع ذلك من إضاعةٍ للأعمال الذي يستتبعه أضراراً اقتصادية في البلد؛ لأن من يسهر الليل سيضعف ـ حتماً ـ عن العمل في النهار؛ فلماذا لا نقيم بدل كل ذلك جلسات علمية أو نعقد مؤتمرات أو ندوات وما شابهها, وفي ذلك تذكير للناس بمصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) مع أقل ما يمكن من الأضرار؟! هنا سكت سعيد عن كلامه.

أما نحن فلم تزل أعيننا متجهة نحو وجهه, وجالت أفكارنا تبحث عن جواب لمثل هذا السؤال, مع علمنا مسبقاً أن الجواب حاضر عند سعيد, لكن لا ندري بم سيجيب.

قطع سعيد سلسله أفكارنا وظنوننا بقوله:

أخوتي الكرام: إنّ الجواب على هكذا سؤال يحتاج قليلاً من الالتفات والانتباه فأرجو أن تصغوا إلي جيداً:

إن الجواب على هذا السؤال يحتاج منا أن نرجع قليلاً إلى علم النفس، لنتعرف من خلاله على جانب بسيط من (النفس الإنسانية)، ولنرى هل أن العوامل التي تؤثر في السلوك الاختياري للإنسان تنحصر بالمعرفة فقط, أي بكلام أبسط: هل العلم والمعرفة وحدهما هما المؤثران في سلوك الإنسان، أم أن السلوك يحتاج إلى عامل آخر غير العلم؟ فنحن ـ يا أخوتي ـ عندما نقوم بعمل ما نلاحظ أن هناك أمرين دفعانا إلى هذا العمل أو السلوك:

الأمر الأول:

هو المعرفة أو العلم، أي بعد أن علمنا الفائدة من هذا العمل وأدركناها عقلاً باستدلال عقلي أو تجربة أو ما شاكل ذلك من الطرق الأخرى, لكن ـ يا أخوتي ـ المعرفة وحدها ليست كافية لتحريكنا نحو أداء العمل المعين، بل هناك عامل آخر وهو:

الأمر الثاني:

- يعبر عنه بـ (العواطف) أو (الميول) أو (الأحاسيس) أو (الدوافع)، فهذه تساهم في تحريكنا نحو هذا الفعل أو السلوك المعين سواء كان هذا العمل سياسياً أم اجتماعياً أم...

فهذان العاملان أشبه ما يكونا بسيارة تتحرك في الظلام الدامس, فهي تحتاج إلى ضوء يسترشد سائقها به في طريقه, لئلا يقع في الحفر أو في سفح جبل مثلاً, إلا أن الضوء وحده لا يكفي لتحريك السيارة فهي بحاجة إلى محرك (طاقة ميكانيكية) لتحريكها, ونفس الأمر موجود في الإنسان, فهو بحاجة إلى العلم والمعرفة في سلوكه؛ ليتعرف على الضار ويميزه عن النافع, لكن المعرفة وحدها لا تكفي إذ يفتقر الإنسان ـ مع معرفته ـ إلى محرك يدفعه للقيام بالأعمال. والمحرك هو العامل النفسي أو العاطفة, فمثلاً لو علم شخصٌ أن طعاماً ما مفيد له جداً لكن لا توجد عنده الشهية الكاملة لأكله, حينئذ لن يستطيع أكله مع علمه بفائدته لبدنه.

إذن لابدّ من توفر الدافع والميل كي يحصل الأكل.

فتعالوا معي - يا أعزائي - نطبق ما توصلنا إليه على قضيتنا التي هي محور الكلام, وهي: قضية عاشوراء, فبعد أن عرفنا الدور المهم الذي أدته حركة سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في سعادة البشرية, وانها ميزت بين الحق والباطل، وكشفت زيغ الباطل وتجرده عن كل القيم الإنسانية؛ فإنّ معرفتنا هذه لوحدها لا تحفزنا لأداء أعمال مشابهة للأعمال التي قام بها سيد الشهداء (عليه السلام) , بل إن هذه المعرفة تكون مؤثرة متى ما كان معها دافع يدفعنا نحو ذاك العمل, فالمؤتمرات والندوات والجلسات العلمية ممكن أن توفر لنا عنصر المعرفة فقط، لكننا نحتاج إلى عامل آخر كي تثمر تلك المعرفة.

والجواب سيتضح أكثر فيما لو عملنا مقارنة بين حادثة رأيناها رأي العين وأخرى سمعنا بها فقط, كما لو سمعنا أن في مدينتنا شخصاً معدماً فقيراً فهل سنتأثر كما لو كنا رأينا ذلك الفقير بملابسه الرثه القديمة, وبجسمه النحيف الشاحب, وعلامات الانكسار والحياء بادية على قسمات وجهه, ماداً يده, سائلاً العون من الناس؟

فالله تعالى خلق الإنسان بشكل تؤثر فيه المشاهدة أكثر من النقل والسماع, فإذا جسدنا واقعة كربلاء بالطريقة المعروفة - كما نفعل اليوم ـ فإنّ هذا سيترك أثراً أعمق مما تتركه معرفة الواقعة والعلم بها فقط.

أما الأضرار الاقتصادية ـ التي هي في حقيقتها ليست بأضرار, بل هي منافع اقتصادية فضلاً عن كونها روحية ومعنوية ـ فإنها لا تعادل شيئاً في إقامة هذه الشعائر, فحفظ الدين وحفظ رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) , ومنهجه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذب عن حياض الدين لا يساوي شيئاً مهما غلى ثمنه.

هنا بدت البسمة على شفاهنا جميعاً من هذا الجواب القيم والدقيق, وتمنينا لو يكمل (سعيد) كلامه، وأدركنا بغيتنا حينما رأينا سعيداً يستمر بالكلام قائلاً:

أيّها الأحبة: كلّنا نعلم بواقعة كربلاء ونعلم الكثير من تفاصيلها، و لكن أسألكم: هل يكفي هذا العلم في اجراء دموعنا وبكائنا وظهور حزننا؟! أن أحدنا فقد أباه أو أخاه، خصوصاً إذا كان صوت الخطيب شجياً وعليه مسحة حزن, واستطاع أن يصور الواقعة تصويراً جيداً.

إذن, فالعلم وحده لا يكفي بل لا بد أن نسمع أو نشاهد مشاهد من تلك الواقعة بشكل ملموس, كي نستشعر القضية بصورة أعمق, وهذا سيؤدي إلى معرفة حقيقة عاشوراء وتحريك المشاعر نحوها, مما يؤدي بالمجتمع إلى الانتهال من نبع ثورة الحسين (عليه السلام) والسير على نهجها.

وبهذا نعرف أن البحث العلمي وحده والندوات وحدها لا يمكن أن تؤدي دور الشعائر, بل لابدّ من أن توجد بعض المشاهد التي تحرك عواطفنا, فالواحد منّا إذا خرج صباحاً من داره في اليوم الأول من شهر محرم الحرام ورأى معالم الحزن والأعلام السود قد رفعت على سطوح المنازل, فإنّ ذلك سيترك أثراً في نفسه لا يشبه الأثر الذي يتركه مجرد العلم بأنه غداً سيكون اليوم الأول من شهر محرم, وكذا مواكب اللطم والعزاء.

إلى هنا أصبح واضحاً لكم ـ أيّها الأعزاء ـ أن تخليد ذكرى عاشوراء له دورٌ مهمٌ في إيجاد عامل آخر غير المعرفة والعلم, وهذا العامل (العاطفة والميل) له تأثير مهم في تحريك الإنسان نحو الحسين (عليه السلام).

فالجواب على السؤال أن نقول: إن الإنسان لا تحركة المعرفة فقط, بل إن العاطفة لها دورٌ أساسيٌ أيضا في تحريكه, وهذه العاطفة لابدّ من تقويتها حتى تؤدي دورها، والذي يقوي العاطفة هو احياء الشعائر الحسينية.

ثالثاً: السؤال الثالث:

وبعد فاصلٍ قصير من الصمت ابتدأنا (سعيد) قائلاً:

أرجو أن لا أكون أطلت عليكم فهل ترون أن نؤجل بقية كلامنا للغد؟

فقلنا جميعاً: كلا.. كلا.. لم تطل، ونرجو منك أن تتابع الكلام وتحدثنا عن السؤال الثالث الذي فهمته من كلامنا حول الشعائر الحسينية.

فقال (سعيد): أما السؤال الثالث الذي تضمنه سؤالكم السابق فهو:

لماذا البكاء على الحسين (عليه السلام) , فالبكاء ليس هو الطريق الوحيد لإثارة عواطف الناس وأحاسيسها, بل هناك الفرح والسرور، وممكن أن تثار بهما العاطفة, فلماذا خصوص البكاء والحزن في المراسيم والشعائر الحسينية؟! بل لماذا اللطم وضرب الصدور؟ لماذا لا نحتفل ونوزع الحلوى بين الناس لأجل ذلك؟

فماذا تقولون أنتم في جواب هذا السؤال؟

فسبقت أنا أصحابي وقلت: نحن نعلم بالوجدان أن الضحك غير مناسب في مثل هذه المناسبات لكنني لا أعلم الجواب الدقيق لذلك.

فقال (سعيد): لقد اقتربت في كلامك من الجواب, ولكن الأدق أن يقال: إن العواطف والأحاسيس لها أنواع مختلفة,

وهذا أمر واضح لا يحتاج إلى دليل, فنحن نعلم أن الإنسان يضحك في حالات الفرح ويبكي في حال الحزن, ويتألم في حال الألم و... إلى ما شاء الله من الأحاسيس, وإثارة أي نوع من العاطفة لابدّ أن يكون مناسباً لتلك الحادثة, فلا يمكن للإنسان أن يبكي بكاءً حزيناً ويقول: أنا حزين وأبكي لأنني فرحان, كما لا يمكنه أن يضحك في حال الحزن!!

فالمهم إن نوع العاطفة يتناسب مع نوع الحادثة, فشهادة الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وصحبه في تلك الحادثة المهولة التي أعطت أعظم الدروس في التضحية من أجل العقيدة والمبدأ لا يناسبها الفرح والسرور؛ لأنها بنفسها حادثة محزنة ومؤلمة, غاية الحزن والألم فلابدّ فيها من عاطفة تلائهما, ولابدّ من القيام بعمل يثير حزن الناس, ويجري دموعهم, ويفرس العشق والحماس والحرقة في قلوبهم, والشيء الذي يمكن أن يقوم بهذا الدور في هذه الحادثة هو إقامة مراسم العزاء والبلاء, بينما السرور والضحك لا يستطيع أن ينهض بهذا الدور.

إن الضحك لا يخلق من الإنسان إنساناً طالباً للشهادة.

ولا يعبّد الطريق أمامه كي يتحمل أعباء آلام ومصاعب الحروب التي تفرض على المؤمنين. إن مثل هذه الأمور تحتاج إلى عشق نابع من البكاء والحماس والحرقة, وسبيل ذلك هو إقامة مجلس العزاء.

رابعاً: السؤال الرابع:

بقي سؤال واحد كان بودي أن الحقه بالأسئلة السابقة من الممكن أن يثار وبالخصوص في زماننا هذا, زمن المغالطات والتلاعب بالألفاظ لتحقيق الأغراض.

فلقائل أن يقول: آمنّا معكم بأن تاريخ الحسين (عليه السلام) تاريخ مشرق يجب تخليده, ولابدّ من إقامة العزاء في ذكراه, إلا أنكم في عزائكم هذا تفعلون أمراً آخر، وهو أنكم تلعنون أعداء الحسين وقتلته, وهذا إحساس سلبي لا يصنع منّا أناساً متحضّرين, فعلينا أن نتعامل مع جميع الناس بوجه حسن؛ بالابتسام إليهم, والتسامح معهم, فالمجتمع اليوم لا يستسيغ هذه الأعمال, علماً أن الإسلام دين محبة وتسامح ورحمة ورأفة؟

والجواب على ذلك: إن من يطرح هكذا أفكار إن كان جاهلاً وينطق عن جهله, فمن السهولة اجابته إلاّ أن الكثير ممّن يطرح هذه الأفكار إنّما لهم أغراض خاصة أو يريدون تنفيذ ما يخطّطه الآخرون, لكننا نفترض أن السؤال سؤال علمي, فلابدّ حينئذ من الاجابة عليه بصورة علمية, مهما كان مصدره, ويمكن الإجابةً عليه بأن نقول:

إنّ النفس البشرية كما أنها لا تحتوي على العلم فقط بل لابدّ لها من العاطفة أو الأحاسيس, فهي في نفس الوقت لا تحتوي على الأحاسيس الإيجابية فقط, بل ضمت أحاسيس سلبيه كذلك، فكما أن الفرح قد غرس فينا فكذلك الحزن, فالله تعالى أوجد فينا قابلية الضحك كما أوجد قابلية البكاء، ولكل منهما دور في حياة الإنسان, فنحن نحتاج إلى الضحك في محله, ونحتاج إلى البكاء في محله, فإذا عطلنا أحدهما فإننا عطلنا جزءاً من وجودنا وسيصبح خلقه فينا لغواً حينئذٍ.

كما أن الله تعالى خلق فينا المحبة لنبرزها للآخرين الذين يخدموننا أو للأفراد الذين يملكون كمالاً ما، سواء كان كمالاً جسدياً أو روحياً أو عقلياً, فعندما يتعرف المرء على إنسان يمتلك كمالاً ما فإنه ينجذب إليه, كما يوجد في الإنسان شيء يقابل المحبة موجود في فطرته وهو البغض والعداوة, يبرزه الإنسان لمن أراد به السوء والأذى, وهذا أمر فطري.

وليس هناك عدو أعدى من الذي يريد سلب الدين عن الإنسان, فهذا العدو هو أشد الأعداء ضراوة؛ لأنه يريد سلب السعادة الأبدية من الإنسان, قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}( سورة فاطر: الآية 6), فالشيطان عدو لنا؛ لأنه يريد سلب ديننا عنّا, ولا يمكن في حال من الأحوال أن نتصالح مع الشيطان, وإذا حدث أن تصالح إنسان مع الشيطان فسينقلب ذلك الإنسان بنفسه ويصير شيطاناً, فإن كان لابدّ من محبة أولياء الله وعباده المخلصين, فلابدّ حينئذٍ من معاداة أعداء الله؛ لأن الإنسان إذا لم يعاد أعداء الله ويبغضهم سيصبح بالتدريج منهم, ويكون سلوكه كسلوكهم, وسيقبل أعمالهم وأفعالهم وأقوالهم, نتيجة لمعاشرته لهم.

أنظروا ـ يا أخواني ـ إلى القرآن ماذا يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}(سورة الأنعام: الآية 68), يعني أترك الذين يهينون الدين ويستهزئون به. ثم يقول في موضع آخر إن من لا يقبل النصيحة السابقة فإن الله تعالى سيلحقه بأولئك المستهزئين المهينين للدين, قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}( سورة النساء: الآية 140), فعقاب كل من أحب الذين يستهزئون بالدين أن يحشر يوم القيامة مع المنافقين. وكلا الفريقين المستهزئ والمنافق في النار, والسبب واضح, لأن من يحب ويودّ المستهزئ بالدين المستهين به فإنه بالتدريج سيتأثر بأفكاره وكلامه, وحينئذ سيُحدث كلامه شكاً في نفس ذلك المحب, وإذا حدث الشكّ في نفسه مع كونه يظهر الإسلام فسيكون ذلك نفاقاً؛ لأن النفاق هو إظهار شيء من واقع حياتنا. لاحظوا أعزائي جسم الإنسان فهو مركب على هيئة بحيث يستطيع أن يجذب المواد المفيدة إليه لغرض البناء والنمو, وفي نفس الوقت هو مجهّز بنظام دفاعي يطرد الميكروبات والجراثيم

ويقاومها ويطردها إلى الخارج, وإذا ضعف هذا النظام الدفاعي وتغلبت الجراثيم فهذا سيؤدي إلى الموت حتماً، فلا يمكن أن نقول: إن هذه الجراثيم والميكروبات ضيف عزيز على الجسم يجب استقباله واحترامه والترحيب به؛ لأن في ذلك هلاكاً للجسم.

وهذه سنة إلهيّة فقد جعل الله تعالى لكل كائن حي نظامين؛ نظاماً للجذب وآخر للدفع, نظاماً لجذب الأمور المفيدة, وآخر لدفع وطرد الأمور المضرة والخطرة, وكذا الآخر في نفس الإنسان وروحه, فهكذا استعداد لكلا الأمرين موجود فيها بالفطرة حتى تستقيم النفس, فلابدّ من عامل جذب نفسي نتقبل به الأفراد المفيدين لنا, ونتقرب إليهم, ونتعلم منهم, وفي المقابل لابدّ من عامل دفع وطرد نعادي به الأفراد المضرين لمصير المجتمع, قال الله تعالى في وصف نبيه إبراهيم (عليه السلام): {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرء?ؤا مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}( سورة الممتحنة: الآية 4), فالقرآن يحثنا على التأسي بإبراهيم (عليه السلام) وأصحابه, إذ إن النبي إبراهيم (عليه السلام) له منزلة خاصة في الثقافة الإسلامية, بل إنّه هو الذي أطلق اسم الإسلام على ديننا {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ}( سورة الحج: الآية 78), فلننظر ماذا فعل إبراهيم (عليه السلام) مع قومه الذين عادوه وأصحابه, وأخرجوهم من ديارهم حيث قالوا لهم: {إِنَّا بُرء?ؤا مِنكُمْ} أي إنهم أعلنوا البراءة منهم ومن أفعالهم.

ولم يكتفِ إبراهيم (عليه السلام) وأصحابه بذلك بل قالوا لهم: {كَفَرْنَا بِكُمْ}, فالذي نفعله نحن بلعننا لأعداء الحسين وأعداء الإسلام إنما هو تأسٍ بإبراهيم (عليه السلام) وأصحابه,

والقرآن يأمرنا بذلك ويقول: أعلنوا براءتكم من أعداء الدين, فليس من الصحيح أن يكون الإنسان مبتسماً على الدوام مع كل أحد وفي كل الظروف, بل عليه ـ وفي بعض المواقف ـ أن يكون عبوساً مع كل من يريد هدم الدين, أو يريد أن يعادي الحسين ويسعى إلى تقويض أهداف ثورته.

فإذا لم نعاد من يعادون ديننا فسوف ننجذب بالتدريج إليهم, ثم نصبح يوماً بعد يوم منهم, ونكون نحن أعداء للدين.

المسألة المهمة ـ أيّها الإخوة ـ التي عليَّ أن أبينها هنا ولا يمكنني اغفالها هو: إنّه لابدّ أن نتعرف بالدقة على موارد الجذب وموارد الدفع؛ لأنها في كثير من الموارد تختلط بعضها ببعض, بل قد تصبح على العكس, فنقوم بدفع ما يجب جذبه أو جذب ما يجب دفعه, فمثلاً لو أن شخصاً كان يحمل مفاهيم خاطئة (أي أنه جذب ما يجب دفعه) ثم بينّا له خطأه واقتنع ورجع عن خطائه فمثل هذا الشخص لا يصحّ أن نعاديه, إذ مجرد ارتكاب الشخص لذنب معين لا يصح أن نعاديه ونرفضه من المجتمع؛ لأنه مريض يحتاج إلى علاج.

أما الشخص المتعمد والذي يروّج الفحشاء والمنكر ويعلن عداوته لأولياء الله ففعله هذا خيانة وخبث, فعلينا أن نعاديه وندفعه.

فتلخص أعزائي مما تقدم: إن احياء مراسم عاشوراء هو تجديد لحياة الحسين (عليه السلام) , للاستفادة منها بأفضل ما يمكننا استفادته, ولا يمكن أن نكتفي بالبحوث والندوات العلميّة, لأن الإنسانية بحاجة إلى عواطف تسير جنباً إلى جنب مع العلم والمعرفة, كجناحي الطائر فلا يكفي أحدهما, كما لا يصحّ أن نستقبل عاشوراء بعواطف الفرح والسرور؛ لأنها لا تتناسب مع الطبيعة المأساوية المروعة ليوم عاشوراء, وبالتالي فكما يجب السلام على أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وحبه وتوليه يجب أيضا البراءة من أعدائه ولعنهم ولعن جميع أعداء الدين, فلا يمكننا أن نستفيد من بركات الحسين ما لم نزح أعداء الحسين عن أنفسنا, فإن فعلنا ذلك صرنا حسينيين.

بعد ذلك قام سعيد وودّعنا قائلاً: أنا أرغب أن نواصل جلستنا ولكم اختيار الموضوع الذي ترغبون في التحدث حوله.

وهكذا استمر (سعيد) في جلساته معنا, وكنا كل يوم نزداد فيه تبصرة وعلماً منه بفضل الله تعالى.

الشیخ آیت الله مصباح الیزدی

 

 

 

 

چهارشنبه 6 خرداد 1388  12:45 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

ابا الفضل العباس حامل لواء الحسین (علیه السلام) فی کربلاء

قال الله تعالى ( وَمَن یُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَاُوْلَـئِکَ مَعَ الَّذِینَ اَنْعَمَ اللهُ عَلَیْهِم مِّنَ النَّبِیِّینَ وَالصِّدِّیقِینَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِینَ وَحَسُنَ اُولَـئِکَ رَفِیقاً ) 1.

وقال عزّ وجلّ ( وَاَشْرَقَتِ الاَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْکِتَابُ وَجِیءَ بِالنَّبِیِّینَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِیَ بَیْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا یُظْلَمُونَ ) 2 .

وقال سبحانه ) وَالَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ اُوْلَئِکَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ اَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِینَ کَفَرُوا وَکَذَّبُوا بِآیَاتِنَا اُوْلَئِکَ اَصْحَابُ الْجَحِیمِ )  3.

الایات الکریمه یتضح فیها الارتباط بین النبیین والشهداء والصدیقین والصالحین , وحسن اولئک رفیقاً . ولکن الشهداء والصدیقون فی درجات متفاوته .ولکن جمیعهم یسلمون على ابا الفضل (سلام الله علیه ).

السلام علیک ایّها العبد الصالح المطیع لله ولرسوله ولامیر المومنین والحسن والحسین. . . اشهد انک مضیت على ما مضى علیه البدریون والمجاهدون فی سبیل الله، المناصحون فی جهاد اعدائه،المبالغون فی نصره اولیائه، الذّابّون عن احبّائه ..

هذه مقدمه لزیارته (ع) المنقوله عن الامام الصادق (علیه السلام ). 4.

فقد قال  الامام الصادق ( علیه السلام (  کان عمُّنا العباس بن علی نافذ البصیره ، صلب الایمان ، جاهد مع ابی عبد الله ( علیه السلام ) ، وابلى بلاءً حسناً ، ومضى شهیداً 5.

 وقال الامام زین العابدین ( علیه السلام (( رحم الله العباس ، فلقد آثر وابلى ، وفدى اخاه بنفسه حتّى قطعت یداه ، فابدله الله عزّ وجل بهما جناحین یطیر بهما مع الملائکه فی الجنّه کما جعل لجعفر بن ابی طالب ، وانّ للعباس عند الله تبارک وتعالى منزله یغبطه بها جمیع الشهداء یوم القیامه  6.

 وجاء اسمه فی زیاره الناحیه المقدسه على لسان الامام بقیه الله (عجل ) وعلیه السلام، وسلّم علیه کالآتی: \"السلام على ابی الفضل العباس بن امیر المومنین، المواسی اخاه بنفسه، الآخذ لغده من امسه ، الفادی له الواقی، الساعی الیه بمائه، المقطوعه یداه. .7.

وقد قیل عن العبد الصالح ساقی عطاشا کربلاء :

- ما هی اعظم فضائل العباس ؟

ان اعظم فضائله انه \"ابو الفضل کله\"

کان راسه شامخاً لا ینحنی الا لله ..

وکانت مشکلتهم معه انه لا ینحنی الا لله ..

ولذلک ضربوا بعمود من الحدید على راسه، لعله ینحنی لهم ..

فسقط على الارض وراسه مهشم بالعمود .. ولکنه ظل لا ینحنی الا لله ! کان العباس شوکه فی عیون الاعداء، ولما فشلوا فی نزعه من عیونهم، زرعوا الشوک فی عینه !

کان وحده کتیبه باکملها.

وکان سیفه وحده جیشاً باجمعه.

 لا ادری ایهما کان اشد عصره یوم عاشوراء:

العباس الذی لم یستطع ایصال الماء الى المخیم ؟

ام الماء الذی لم یستطع ان یبقى فی قربه العباس ؟

روی انّ الامام امیر المومنین ( علیه السلام ) قال لاخیه عقیل (وکان نسّابه عالماً باخبار العرب وانسابهم )ـ اختر لی امراه ولدتها الفحوله من العرب لاتزوّجها فتلد لی غلاماً فارساً .

فقال له عقیلا  : این انت عن فاطمه بنت حزام الکلابیه العامریه .

فتزوّجها امیر المومنین واوّل ما ولدت العباس ! 8 . ولد العباس فی الرابع من شعبان 26 هـ. فامه السیّده فاطمه بن حزام العامریه الکلابیه بن خالد بن ربیعه بن عامر المعروف بالوحید بن کلاب عامر بن ربیعه بن عامر بن صعصعه .، المعروفه بامِّ البنین ( علیها السلام )  وامها ثمامه بنت صهیل بن عامر بن مالک بن جعفر بن کلاب . وامها عمره بنت الطفیل فارس قرزل ، ابن مالک الاخزم رئیس هوازن ، بن جعفر بن کلاب . وامها کبشه بنت عروه الرحال بن عتبه بن جعفر بن کلاب . وامها ام الخشف بنت ابی معاویه فارس هوازن ، ابن عباده بن عقیل بن کلاب بن ربیعه بن عامر بن صعصعه . وامها فاطمه بنت جعفر بن کلاب . وامها عاتکه بنت عبد شمس بن عبد مناف . وامها آمنه بنت وهب بن عمیر بن نصر بن قعین بن الحرث بن ثعلبه بن ذودان بن اسد بن خزیمه . وامها بنت حجدر بن ضبیعه الاغر بن قیس بن ثعلبه بن عکابه بن صعب بن علی بن بکر بن وائل بن ربیعه بن نزار . وامها بنت مالک بن قیس بن ثعلبه . وامها بنت ذی الراسین خشین ابن ابی عاصم بن سمح بن فزاره . وامها بنت عمرو بن صرمه بن عوف بن سعد بن ذبیان بن بغیض بن الریث بن غطفان .

 وعاش العباس مع ابیه اربع عشره سنه ، حضر بعض الحروب فلم یاذن له ابوه بالنزال ، ومع اخیه الحسن اربعا وعشرین سنه ، ومع اخیه الحسین ( علیه السلام ) اربعا وثلاثین سنه ، وذلک مده عمره ،

 تزوّج العبّاس من لبابه بنت عبید الله بن العبّ‍اس (ابن عمّ ابیه)، ولد منها ولدان اسمهما عبیدالله، والفضل. وذکر البعض انه له ابنین آخرین اسماهما محمد والقاسم.

قبل یده ائمه ثلاثه و هم:

ا. الامام امیر المومنین (ع) حین ولادته و بکى.

ب. الامام الحسین (ع) وهو مقطع من جسده الى جنب الشریعه.

ج. الامام زین العابدین (ع) حینما اراد ان یدفنه فی الیوم ال13 من محرم.

یکنى بابی الفضل و یلقب بالسقاء و هو صاحب لواء اخیه الحسین

 (ع) فی کربلاء.

ومن  القابه :

کبش الکتیبه : و هو لقب اختص به دون سائر شهداء کربلاء .

وقال الشعراء :

عباس کبش کتیبتی و کنایتی ** و سری قومی بل اعز حصونی

  حامی الظعینه :

 قال السید جعفر الحلی:

حامی الظعینه این منه ربیعه ** ام این من علیا ابیه مکرم

. ساقی العطاشى :

اذا کان ساقی الحوض فی الحشر حیدر ** فسقا عطاشى کربلاء ابو الفضل

   ، باب الحوائج ، سَبع القنطره ، کافل زینب ، بطل الشریعه . و بطل العلقمی . و العمید  . و قمر بنی هاشم .

وکان العباس رجلاً وسیماً جسیماً ، یرکب الفرس المطهَّم ، ورجلاه تخطَّان فی الارض .. : 9.

لمَّا اخذ عبد الله بن حزام ابن خاال العباس ( علیه السلام ) اماناً من ابن زیاد للعباس واخوته من اُمِّه ، قال العباس واخوته : لا حاجه لنا فی الامان ، امانُ الله خیر من امان ابن سمیه  .

ولمَّا نادى شمر : این بنو اختنا ؟ این العباس واخوته ؟ فلم یجبه احد ، فقال الحسین ( علیه السلام ) : ( اجیبوه وان کان فاسقاً ، فانَّه بعض اخوالکم ) 10.

فاجابه العباس ( علیه السلام ) : ( ماذا ترید ) ؟ فقال : انتم یا بنی اُختی آمنون ، فقال له العباس ( علیه السلام ) : ( لعنک الله ، ولعن امانک ، اتومِّننا وابن رسول الله لا امان له

)؟! وتکلَّم اخوته بنحو کلامه ، ثمَّ رجعوا .

عندها تقدم ابو الفضل نحو الحسین وقد خنقته العبره ، قال : والآن یا ابن رسول الله اما لی من رخصه ، قال: اخی اخی عباس انت حامل لوائی فمن لی بعدک

قال : اخی اذا کان لا بد اذهب واطلب لهولاء الاطفال ماء ، فحمل على القوم قائلا :

انا الذی اعرف عند الزمجره بابن علی المسمى حیدره

انا الذی اعرف عند الزمجره بابن علی المسمى حیدره

حتى کشفهم عن الماء ، ما ان وصل الى الماء ، ملئ القربه ولکن من شده عطشه غرف غرفه من الماء لیشرب فتذکر عطش الحسین فرمى الماء وقال :

کان العباس علیه السلام مظهراً ورمزاً للایثار والوفاء والتفانی. لما دخل الفرات کان فی غایه العطش لکنه لم یشرب الماء بسبب عطش اخیه الحسین، بل وخاطب نفسه بالقول:

یا نفس من بعد الحسـین هونی

وبـعـده لا کنـت ان تکـونـی

هـذا الحسـین وارد المنــون

وتشـربیـن بـاردُ المـعـیـن

تـالله مـا هـذا فِـعَـالُ دیـنی

واقسم ان لا یذوق الماء(11)،

ثم حمل نحو القوم ، فصاح عمر بن سعد : ویلکم حولوا بینه وبین ایصال الماء الى المخیم فلئن وصل الماء الى الحسین لا تمتاز میمنتکم عن میسرتکم فحمل علیهم العباس وقتل منهم مقتله عظیمه ، الى ان کمن له رجل وراء نخله ،فلما مر به ابو الفضل ضربه بسیفه على یمینه فبراها ، فالتقت السیف بشماله ولما قطعت یمینه انشد  وهو یقول :

 

والله لـو قطعـتموا یمـینــی

انی احـامـی ابـداً عن دیـنی

وعـن امـام صـادق الیقیــن

نجـل النـبی الطـاهر الامیـن

یا نفس لا تخـشی من الکـفـار

وابشـری برحـمـه الجـبّـار

مـع النبی السـید المختــار

قـد قطـعوا ببغیهـم یسـاری

فاصـلهم یـا ربِّ حـرّ النـار

فبینما هو کذلک واذ بالسهام نزلت علیه مثل المطر ، فوقع سهم فی نحره ، وسهم فی صدره واصاب سهم عینه الیمنى فطفاها ، وسهم اصاب القربه فاریق ماوها ، فجاوا بعمد الحدید ، وضربوه على ام راسه فهوى على الارض منادیا : اخی یا حسین ادرکنی فوصل الیه وجلس عنده فوجده مطبوخ الجبین : اخی ابا الفضل ، الآن انکسر ظهری الآن شمت بی عدوی وقلت حیلتی ، اراد ان یحمله الحسین الى المخیم

قال: اخی دعنی اموت فی مکانی ، اوّلاً نزل بی الموت ، وثانیاً انا مستح من سکینه لانی وعدتها بالماء وکذلک الاطفال ، ثم ان العباس رفع راسه من حجر الحسین ومرغه بالتراب ، فامسک الحسین راس العباس واعاده الى حجره ن فارجع العباس راسه الى الارض ثانیه حتى فعلها ثلاث مرات ، فقال له : اخی ابا الفضل لماذا کلما رفعت راسک ووضعته فی حجری تعیده الى الارض ، قال : اخی ابا عبد الله انت الآن تاخذ براسی ولکن بعد ساعه من یاخذ براسک

عند ذلک صاح : اخی ابا عبد الله ، ضع فمک على فمی ، فوضع فمه على فمه حتى افاضت روحه الزکیه، ای واسیداه واعباساه .

 فما هی تلک الدرجه الایمانیه و المعرفه التی سببت العباس (علیه السلام) فی حین قطع یده الیمنى ان یرتجز ؟ فی تلک المشقه و المواقف العصیبه الذی یفقد الفرد امله، نطق العباس (علیه السلام) هذه الجمل: \"و الله ان قطعتموا یمینی، انی احامی ابداً عن دینی، و عن امام صادق الیقین، نجل النبی الطاهر الامین.\"ترک استشهاد العباس مراره والماً فی قلب الحسین (ع).

و العباس هو الذی فی حین شهادته اتى الامام الحسین (علیه السلام)  مصرعه و جعل راسه على صدره، و نطق بکلام لا یکلمه فی موضع سواه، کلام یشهد شهاده آخر لدرجه العباس و عظمته،  ولما سار مصرعه ووقف عند راسه قال قولته الطافحه بالالم والاسى: \"الآن انکسر ظهری وقلّت حیلتی وشمت بی عدوّی .. 12.

 وروى جماعه عن القاسم بن الاصبغ بن نباته قال : رایت رجلا من بنی ابان بن دارم اسود الوجه وقد کنت اعرفه شدید البیاض جمیلا ، فسالته عن سبب تغیره وقلت له : ما کدت اعرفک . فقال : انی قتلت رجلا بکربلا وسیما جسیما ، بین عینیه اثر السجود ، فما بت لیله منذ قتلته الى الآن الا وقد جائنی فی النوم ، واخذ بتلابیبی وقادنی الى جهنم فیدفعنی فیها فاظل اصیح ، فلا یبقى احد فی الحی الا ویسمع صیاحی ، قال : فانتشر الخبر ، فقالت جاره له : انه ما زلنا نسمع صیاحه حتى ما یدعنا ننام شیئا من اللیل ، فقمت فی شباب الحی الى زوجته فسالناها ، فقالت : اما اذا اخبر هو عن نفسه فلا ابعد الله غیره ، قد صدقکم . قال : والمقتول هو العباس بن علی ( علیهما السلام )13.

وکان العباس آخر من قتل من المحاربین لاعداء الحسین ( علیه السلام ) ، ولم یقتل بعده الا الغلمان الصغار من آل ابی طالب الذین لم یحملوا السلاح . وفیه یقول الکمیت بن زید الاسدی :

 وابو الفضل ان ذکرهم الحلو * شفاء النفوس فی الاسقام

قتل الادعیاء اذ قتلوه * اکرم الشاربین صوب الغمام

 ویقول حفیده الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبید الله بن العباس :

انی لاذکر للعباس موقفه * بکربلاء وهام القوم تختطف

 یحمی الحسین ویحمیه على ظما * ولا یولی ولا یثنی فیختلف

 ولا ارى مشهدا یوما کمشهده * مع الحسین علیه الفضل والشرف

 اکرم به مشهدا بانت فضیلته * وما اضاع له افعاله خلف

 واقول : امسند ذاک اللوا صدره * وقد قطعت منه یمنى ویسرى

 لثنیت جعفر فی فعله * غداه استضم اللوا منه صدرا

وابقیت ذکرک فی العالمین * یتلونه فی المحاریب ذکرا

 واوقفت فوقک شمس الهدى * یدیر بعینیه یمنى ویسرى

لئن ظل منحنیا فالعدى * بقتلک قد کسروا منه ظهرا

والقوا لواه فلف اللواء * ومن ذا ترى بعد یسطیع نشرا

 ناى الشخص منک وابقى ثناک * الى الحشر یدلج فیه ویسرى

زیاره ابی الفضل العباس (علیه السلام)

 بسم الله الرحمن الرحیم

السَّلامُ عَلَیکَ ایَّها العَبـدُ الصالِحِ المُطیعُ لله ولرسُولِهِ ولاَمیرِ المومِنین والحَسَن والحُسـینِ صَلّـى اللهُ عَلَیهم وسَلَّم ، السلامُ علیکَ ورَحَمَهُ اللهِ وَبرکاتُهُ ومَغفرَتُهُ ورضوانُهُ وعلى رُوحِک وبَدَنِکَ ، اشهدُ واشهِدُ الله اَنَّک مَضیتَ على ما مَضى بهِ البدریّونَ والمجاهدونَ فی سَبیل الله ، المناصِحوُن لَهُ فی جِهادِ اعِدائهِ المُبالِغونَ فی نُصرَهِ اولیائهِ الذّابّونَ عن احبّائهِ ، فجزاکَ اللهُ افضل الجزاء واکثرَ الجزاء واوفرَ الجزاء واوفى جزاء احـد ممِّن وفى ببیعَتِهِ واستَجابَ لهُ دَعوَتَهُ واطاعَ ولاهَ امِرِه ، اشَهِدُ انّکَ قد بالغَتَ فی النصیحَهِ واعطیتَ غایَهَ المجهُودِ فبَعثَک اللهُ فـی الشُهِدِاء وجَعَلَ رُوحَک مَع ارواحِ السُّعداء واعطاک من جنانهِ افسحَها منـزلاً وافضَلها غُرَفاً ورفَـعَ ذِکرَکِ فـی علیین وحَشَرَک مع النبییّن والصدّیقین والشهداءِ والصالِحینَ وحَسُنَ اولئکَ رفیقاً ، اشهدُ انّک لـم تَهن ولم تنکُل وانَّکَ مَضِیتَ علـى بصیرَهٍ من امرِک مقتدیاً بالصالحین ومُتَّبعاً للنبییّن، فَجَمَعَ اللهُ بینَنا وبینَک وبین رسُوله واولیائهِ فی منازِل المخُبتین ، فانّه ارحم الراحمین 14.

ــــــــــــــ

المصادر

1. النساء 69 .

2. الزمر 69.

3. الحدید 19..

4. مفاتیح الجنان:435 .

5. عمده الطالب : 356.

6. الامالی للشیخ الصدوق 548 . سفینه البحار155:2.

7. بحار الانوار  66:45   .

8. عمده الطالب : 357 .

9. اعیان الشیعه 7 / 429 .

10. عمده الطالب : 357 .

11. بحار الانوار 41:45..

12. معالی السبطین 446:1، مقتل الخوارزمی 30:2 .

13. مناقب ابن شهرآشوب : 4 / 58 .

14. مفاتیح الجنان للشیخ عباس القمیّ : ص435 .

 

 

یک شنبه 10 خرداد 1388  2:39 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

الریاضه فی الاسلام  

کلنا یعرف ما للریاضه من فوائد صحیه واجتماعیه جمه ، والکثیر منا یحبها ویهوى ممارستها لیلا و نهارا ؛ فهی تنشط الدم فی العروق ، و تخلص الجسم من الفضلات التی تتراکم بالجلوس لساعات طویله ،

و تبعث على صفاء النفس ، و تشعر مزاولها بالحیویه والقوه .

و قد تطورت الریاضه کثیرا عبر قرون عدیده من الالعاب التقلیدیه : کالرکض ، والمصارعه ، و غیرها ... الى العاب منظمه ، تحکمها قوانین صارمه ، یترتب جزاء ما على مخالفتها مثل : کره القدم ، و کره السله ،

و کره الطاوله ... الخ .

و نظرا لما للریاضه من فوائد و مزایا حسنه ، تنعکس على مزاولها ... لذا فان الاسلام لم یغفل عن استعمالها ، و تسخیرها لنشر دین الله تعالى ... فلم یحرم الریاضه ، و انما حرم الاسلام السلبیات الموجوده فیها ،

 و اول تلک السلبیات هی : قضاء اوقات طویله فی مزاوله الریاضه ، بما یوثر على فعالیات الفرد الاخرى اثناء النهار .

اذ ان الاسلام یقسم وقت المومن الى ساعات متعدده : بعضها للنوم ، و بعضها للعباده ، و بعضها للعمل المنتج المثمر ، و بعضها لطلب العلم والثقافه ... و ما فضل عن هذه الساعات یکرس للریاضه و یعد کتسلیه

 استنادا للاحادیث الآتیه :

قال الرسول (صلى الله علیه و آله) :(لکل عامل شرّه ، و لکل شرّه فتره ... فمن کانت فترته الى سنتی فقد اهتدى) .

والشرّه : ساعه الجد والعمل ... اما الفتره : فهی الوقوف للاستراحه .

و قال الامام امیر المومنین (علیه السلام) :(روحوا القلوب ، فانها اذا اکرهت عمیت) .

و قال ایضا (علیه السلام) :(اجتهدوا فی ان یکون زمانکم اربع ساعات : ساعه لمناجاه الله ، و ساعه لامر المعاش ، و ساعه لمعاشره الاخوان والثقاه الذین یعرفون عیوبکم و یخلصون لکم فی الباطن ، و ساعه تخلون فیها للذاتکم فی غیر محرم ...

 و بهذه الساعه تقدرون على الثلاث الساعات) .

ای ان یمارس المرء هوایته بعد ان یکون قد اوفى بالتزاماته الاخرى تجاه الخالق اولا ، ثم المخلوقین ثانیا ... و فی حال الریاضه ان یکون بعض الوقت للریاضه ، لا کل الوقت لها ... و اذا کان اغلب الوقت یصرف للریاضه ،

عدت فی هذه الحاله من اصناف اللهو ... واللهو محرم فی الشریعه الاسلامیه ؛ استنادا الى الاحادیث الآتیه :

قال الامام امیر المومنین (علیه السلام) : (شر ما ضیع فیه العمر ؛ اللعب) .

و قال ایضا (علیه السلام) : (ابعد الناس عن الصلاح ؛ المستهتر باللهو) .

و قال ایضا : (اللهو یسخط الرحمن ، و یرضی الشیطان ، و ینسی القران) .

والسلبیه الثانیه فی الریاضه : هی الاستغراق فی بعض الالعاب الریاضیه ، التی لا تضیف جدیدا للانسان .

ان الرسول عندما شجع على ما نسمیه الیوم بالریاضه ، فقد شجع على ممارسات تضیف للانسان مهارات مطلوبه فی ذلک العصر ، و مفیده للجسد ، فقد قال (صلى الله علیه و آله) :(خیر لهو المومن السباحه ، و خیر لهو المراه المغزل) .

و قال ایضا (صلى الله علیه و آله) :(کل لهو المومن باطل الا فی ثلاث : فی تادیبه الفرس ، و رمیه عن قوسه ، و ملاعبته امراته ؛ فانهن حق) .

و قال ایضا (صلى الله علیه و آله) : (علموا اولادکم الرمایه والسباحه) .

والملاحظ لهذه الاحادیث ، ان الرسول یحث على اکتساب مهارات ، کانت مهمه فی ذلک العصر ؛ ای ان الریاضه یجب ان تنتخب على اساس عقلائی ، و بمقدار ما تقدمه للبشریه من مهارات مفیده ، لا لمجرد مضیعه الوقت والطاقه ... اما الریاضات العنیفه ... فالمفروض ان یبتعد عنها المومن ؛ لانها تغرس روح العداء والغضب فی نفس المتفرج واللاعب ، و الا فاین التسلیه عندما یکسر اللاعب فک لاعب آخر ، او ظهره ؟ ... واین القیمه المکتسبه ، عندما یغرس المصارع الرماح فی جسد الثور المسکین ، و یقوم بتعذیبه ؟

والسلبیه الثالثه فی الریاضه : هی المشاحنات والخلافات بین الجمهور الریاضی ، اذ ان الهدف من الریاضه هی التسلیه ، و ازاله الکدور عن النفس ... و لکننا نلاحظ ان الجمهور الریاضی یبدا بمتابعه المباراه ، هادئا متعقلا ...

 و مع مرور الوقت تبدا المشاحنات ، والبذاءآت ، و لغه المهاتره ... و قد لا تکون نتیجه المباراه مرضیه عند الجمهور ، فتبدا الحماقات واللکمات ، و تکسیر الایدی والارجل ، و ربما النزول الى ارض الملعب ، والاصطدام برجال الشرطه .

اننا فی الوقت الذی نعیش فیه اسوا ایام الدهر ، اذ نکتوی بنارین و نحارب فی جبهتین : حرب مع الاستکبار العالمی ، و حرب مع اعداء الدین فی الداخل ؛ فیکون القابض منا على دینه کالقابض على جمره ، و نبذل اقصى طاقه لاجل توحید الصفوف فی حربنا العادله ، لمن السخف والحماقه ان تودی مزاوله الریاضه الى المشاحنه والبغضاء والعصبیه ، و شد الاعصاب والحماسه لفوز احد الفریقین ، اکثر من الحماسه لانتصار الاسلام فی هذه الحرب غیر المتکافئه فی العدد والعده ... و اذا دل هذا الامر لدى الجمهور على شیء ، فهو یدل على مدى المستوى الایمانی الذی وصل الیه ، و مقدار استعداده للذود عن حیاض الاسلام ، و نصره الامام المهدی (عجل الله فرجه) ... فی حین یمکن تخلیص الریاضه من کل هذه السلبیات ، لو طبق الریاضی فقه الریاضه ، واهتم بالسلبیات الموجوده ، و طریقه علاجها کما یهتم بتطویر مستوى ادائه .

واسوا شیء فی الریاضه : انها غالبا ما تمارس لصرف الوقت کیفما اتفق ، فی حین ان الاسلام یطمح الى توظیف الریاضه فی العدید من الجوانب المهمه فی نصره الاسلام ، و منها :

1 ـ بناء جیل شبابی قوی ، فتی ، معافى و سلیم ، قادر على اداء مسوولیاته ، التی تتطلب جهدا و موهلا للعمل والعطاء والبذل .

2 ـ اعداد شریحه شجاعه ، جریئه و صابره ، ولدیها القدره على تحمل المشاق والصعوبات ، و مواجهه التحدیات ... وبالطبع فان اللیاقه البدنیه شرط واحد من عده شروط مطلوبه .

3 ـ تحقیق العداله الاجتماعیه ، من خلال رجال اشداء و نساء ، ینعمن بالصحه البدنیه والعقلیه والروحیه والثقافیه .

4 ـ محاربه و مکافحه المنکرات والموبقات ، والدفاع عن النفس ، و ضد الاعداء فی ساحات الجهاد والمقاومه ، و نصره الدین .

5 ـ حفظ الحدود الشرعیه ، والقوانین الالهیه من خلال ما یتطلبه ذلک من قوى بشریه قویه فی لسانها و یدها و قلبها .

6 ـ الاعتماد على السواعد المفتوله ، فی استخراج کنوز الارض و ذهبها الابیض (القطن) والاسود (النفط) والاخضر (الزراعه) والاصفر(الذهب).

و على هذا ، فالاسلام ینظر الى الریاضه نظره بعیده المدى ، و متى ما حاول الریاضیون تحقیق اهداف الاسلام کامله من وراء الریاضه ، فضلا عن ضبطها وفق قواعد و قوانین الاسلام ؛ حینها فقط لیطمعوا بتایید الاسلام ...

و لکن قبل ذلک ینتظرهم الکثیر من العمل ، لتغییر واقع الریاضه من اسفین یدق لتجزئه و اماته روحه الى مطرقه قویه من مطارقه ، تهوی على رووس الباطل والضلاله .

 

 

 
یک شنبه 10 خرداد 1388  2:54 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

طرق سهلة لعلاج اصفرار الأسنان

 

طرق سهلة لعلاج اصفرار الأسنان



الاسنان

يعاني الكثير من الناس من مشكلة اصفرار الأسنان ، و يتأذى منها النساء بشكل خاص ، لأنه يؤثر على جمالهن . و كما يختلف الناس في لون بشرتهم ،  وشعرهم ، فإنهم يختلفون في لون أسنانهم كذلك ، فتكون بعض الاأسنان أكثر اصفراراً و البعض الآخر يصفر مع تقدم السن .

و يمكن للسن الطبيعية ، أن تصفر لعدد من الأسباب:

- الإصفرار السطحي ، و الذي ينتج عن تعاطي التبغ أو كثرة شرب القهوة أو الشاي أو تناول بعض الأطعمة ، التي تساعد على صبغ الأسنان كأنواع من التوت ، إضافة إلى تجمع مادة الكالسيوم حول السن ، و التي تعرف بالتكلسات.

- الاصفرار الداخلي ، و الذي ينتج عن التقدم في السن أو حصول إصابات أو الاستخدام الزائد للفلورايد أو كنتيجة لبعض الأمراض أو أخذ المضادات الحيوية كالتتراسيكلين في سن مبكرة.

العلاج أو (الحلول المقترحة):

1- استخدام السواك.

2-تنظيف الأسنان بمعجون أسنان جيد صباحاََ و مساءََ يومياً.

3- الإكثار من تناول عصير الفراولة ، هو يساعد على تبييض الأسنان.

4- تدعك الصفرة بعصير الليمون على قطعه قطن .. ، و يكرر ذلك يومياََ ، حتى يختفي الاصفرار.

5- تدعك الأسنان المصفرة بمادة بيكربوونات الصوديوم (يتم شراؤها من الصيدلية) . مع عدم الإفراط في استخدامها ، لأن ذلك يؤثر على سلامه اللثة و الأسنان .

6- تؤخذ قطعة توست أو بقسماط ، و تحرق تماماََ على النار ، و تطحن جيداََ ، حتى تتحول إلى رماد ، ثم يخلط هذا الرماد بنصف ملعقة عسل ، و يدعك بالأسنان تكرر العملية ، و ستلاحظين نتيجة باهرة جداً العسل مفيد لبياض الاسنان ، لكن ما يغني أنكم بعدها تغسلون سنانكم بالمعجون فقط ، لان العسل يسبب التسوس .


شنبه 13 تیر 1388  2:33 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

لكل مرضٍ عصير


لكل مرضٍ عصير



الفواکه

عصير الفواكه غني بالاملاح المعدنية مثل الكالسيوم ، الفسفور ، الماغنيسيوم ، البوتاسيوم ، و الحديد .. ، كما انه سهل الهضم لما يحتويه من أحماض عضوية ذات قيمة غذائية عالية..

أهم أنواع العصير و فوائدها هي:

عصير الأناناس

عصير الأناناس:



يساعد على الهضم و مفيد جدا للمعدة ، كما انه مدر لبول و طارد للسموم في الجسم ، و ينصح به المصابون بفقر الدم ، و عسر الهضم ، و أيضا له القدرة على تذويب الشحوم ، لذلك هو مفيد للمصابين بالسمنة..

عصير المشمش

عصير المشمش:



 ينصح به الأشخاص المصابون بالوهن و الهزال ، و كذلك الوهن العقلي و المصابون بفقر الدم ، كما انه مفيد جدا للأطفال بالاضافة الى فوائده في مكافحةالاسهال..

عصير الليمون

عصير الليمون:



 مفيد جدا للأطفال في طور النمو ، و لمكافحة أمراض البرد و الأنفلونزا في الشتاء..

عصير التوت

عصير التوت:



 يعمل على تقوية وظائف الكبد ، و ينظم الجهاز العصبي ، كما ينصح به المصابون بالنقرس (آلام المفاصل) و الروماتيزم للتخفيف من أوجاعها..

عصير العنب

عصير العنب:



طارد للسموم ، و ينصح به مرضى الكليتين و الأمعاء و امراض القلب و ارتفاع ضغط الدم ، كما انه مزيل لاحتقانات الكبد،  و يخفف من التهابات الجهاز الهضمي ، و هو ذو تأثير جيد في الدورة الدموية ، و ينصح به الأشخاص المصابون ببعض انواع الحميات..

عصير الفراولة

عصير الفراولة:



 مرطب و ملين اذا اخذ ممزوا بالماء ، و قابض اذا اخذ بمفرده ، و يوصف باخذه غرغره ضد التهابات الحلق و البلعوم..

عصير الخوخ

عصير الخوخ:



غني جدا بفيتامين سي ، و مفيد جدا للمراهقين ، و ينصح به للذين يزاولون الألعاب الرياضية المرهقة..

عصير البرتقال

عصير البرتقال:



ينصح به الأطفال و المراهقين في طور النمو ، كما ينصح به في فترة النقاهه بعد الاصابة بالحمى أو الأنفلونزا..

عصير الكرز

عصير الكرز:



 غني جدا بالعناصر المعدنية و مقوي لمفاصل الجسم ، كما ان شربه لمدة تزيد على يومين ي، سهل عملية طرد السموم و الفضلات من الجسم.. 

عصير التفاح:



 مصدر للطاقة ومدر للبول وملين ضد انقباض المعدة لغنائه بالألياف كما انه عصير محبب يعالج الكثير من الأمراض

شنبه 13 تیر 1388  2:43 PM
تشکرات از این پست
salamat
salamat
کاربر برنزی
تاریخ عضویت : بهمن 1387 
تعداد پست ها : 324
محل سکونت : اصفهان

پاسخ به:بهترین مقالات به زبان عربی

أربع مشروبات مضادة للسرطان



الطماطم

عصير الطماطم



عصير الطماطم ، تلعب مادة الليكوبين ، التي تكسب الطماطم لونها الاحمر دورا كبيرا في الوقايه من السرطان ، و اكدت دراسه حديثه ، اجريت في جامعة جون هوبكنز الاميركيه ، ان إمكانيه الإصابه بسرطان البنكرياس ، تزدادخمسة أضعاف لدى الأشخاص،  الذين ينخفض معدل مادة الليكوبين في دمائهم.

الشاي

الشــاي



الشاي ، كما يوكد الأطباء في مجمع الصحه الاميركي على مكافحة بعض انواع السرطان ، مثل سرطان الجهاز الهضمي و البروستاتا و الجلد ، فالشاي الاسود ، يحتوي على الكاتشنز ، و هي ماده مضاده للسرطان ، لكن الافضل منه ، هو الشاي الاخضر ، الذي يحتوي على نسبه أكبر بكثير من هذه الماده.

الحلیب

الحليب



الحليب ، أكدت دراسة حديثه ، أجرتها مؤسسه روزويل بارك الأميركيه ، و شملت 1300 شخص في بافلو ، أن الاشخاص الذين ، يشربون الحليب القليل الدسم ، يكونون أقل عرضه للإصابه بسرطان المعدة و المثانة والصدر و الرحم من الأشخاص الذين لا يشربون الحليب.

ماء الجزر

عصير الجزر



عصير الجزر ، غني جدا

بالبيتاكاروتين المضاد للأكسده ، و الذي يساهم ، فيكبح تطور الأورام ، و تبين من الدراسات ، و التجارب التي أجراها صندوق الأبحاث السرطانيه الملكي ، ان تناول البيتاكاروتين ، يخفف من إمكانية الإصابه بسرطان الرئه النفـــس.
سه شنبه 23 تیر 1388  11:24 AM
تشکرات از این پست
دسترسی سریع به انجمن ها