بسم الله الرحمن الرحيم كلام :233
و من خطبة له ع
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْفَاشِي فِي الْخَلْقِ حَمْدُهُ وَ الْغَالِبِ جُنْدُهُ وَ الْمُتَعَالِي جَدُّهُ، اءَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ التُّؤَامِ، وَ آلاَئِهِ الْعِظَامِ، الَّذِي عَظُمَ حِلْمُهُ فَعَفا، وَ عَدَلَ فِي كُلِّ مَا قَضَى ، وَ عَلِمَ مَا يَمْضِي وَ مَا مَضَى ، مُبْتَدِعِ الْخَلاَئِقِ بِعِلْمِهِ، وَ مُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِهِ، بِلاَقْتِدَاءٍ وَ لاَ تَعْلِيمٍ، وَ لاَ احْتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَكِيمٍ، وَ لاَ إِصَابَةِ خَطَإٍ، وَ لاَ حَضْرَةِ مَلاٍَ.
وَ اءَشْهَدُ اءَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ابْتَعَثَهُ وَ النَّاسُ يَضْرِبُونَ فِي غَمْرَةٍ، وَ يَمُوجُونَ فِي حَيْرَةٍ، قَدْ قَادَتْهُمْ اءَزِمَّةُ الْحَيْنِ، وَ اسْتَغْلَقَتْ عَلَى اءَفْئِدَتِهِمْ اءَقْفَالُ الرَّيْنِ.
اءُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ الْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّهِ حَقَّكُمْ، وَ اءَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّهِ، وَ تَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ وَ الْجُنَّةُ، وَ فِي غَدٍ الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ، وَ سَالِكُهَا رَابِحٌ، وَ مُسْتَوْدَعُهَا حَافِظٌ، لَمْ تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الْاءُمَمِ الْمَاضِينَ مِنْكُمْ وَ الْغَابِرِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا غَدا إِذَا اءَعَادَ اللَّهُ مَا اءَبْدَى ، وَ اءَخَذَ مَا اءَعْطَى ، وَ سَاءَلَ عَمَّا اءَسْدَى ، فَمَا اءَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا وَ حَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا.
اءُولَئِكَ الْاءَقَلُّونَ عَدَدا، وَ هُمْ اءَهْلُ صِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِذْ يَقُولُ: (وَ قَلِيلٌ مِنْ عِب ادِيَ الشَّكُورُ) فَاءَهْطِعُوا بِاءَسْمَاعِكُمْ إِلَيْهَا، وَ واكِظُوا بِجِدِّكُمْ عَلَيْهَا، وَ اعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَفٍ خَلَفا وَ مِنْ كُلِّ مُخَالِفٍ مُوَافِقا.
اءَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ، وَ اقْطَعُوا بِهَا يَوْمَكُمْ وَ اءَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ، وَ ارْحَضُوا بِهَا ذُنُوبَكُمْ، وَ دَاوُوا بِهَا الْاءَسْقَامَ وَ بَادِرُوا بِهَا الْحِمَامَ وَ اعْتَبِرُوا بِمَنْ اءَضَاعَهَا، وَ لاَ يَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ اءَطَاعَهَا.
اءَلاَ فَصُونُوهَا وَ تَصَوَّنُوا بِهَا، وَ كُونُوا عَنِ الدُّنْيَا نُزَّاها، وَ إِلَى الْآخِرَةِ وُلا ها، وَ لاَ تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ التَّقْوَى ، وَ لاَ تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْهُ الدُّنْيَا، وَ لاَ تَشِيمُوا بَارِقَهَا، وَ لاَ تَسْمَعُوا نَاطِقَهَا، وَ لاَ تُجِيبُوا نَاعِقَهَا، وَ لاَ تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا، وَ لاَ تُفْتَنُوا بِاءَعْلاَقِهَا، فَإِنَّ بَرْقَهَا خَالِبٌ، وَ نُطْقَهَا كَاذِبٌ، وَ اءَمْوَالَهَا مَحْرُوبَةٌ، وَ اءَعْلاَقَهَا مَسْلُوبَةٌ.
اءَلاَ وَ هِيَ الْمُتَصَدِّيَةُ الْعَنُونُ، وَ الْجَامِحَةُ الْحَرُونُ، وَ الْمَائِنَةُ الْخَئُونُ، وَ الْجَحُودُ الْكَنُودُ، وَ الْعَنُودُ الصَّدُودُ، وَ الْحَيُودُ الْمَيُودُ، حَالُهَا انْتِقَالٌ، وَ وَطْاءَتُهَا زِلْزَالٌ، وَ عِزُّهَا ذُلُّ، وَ جِدُّهَا هَزْلٌ، وَ عُلْوُهَا سُفْلٌ، دَارُ حَرَبٍ وَ سَلَبٍ، وَ نَهْبٍ وَ عَطَبٍ، اءَهْلُهَا عَلَى سَاقٍ وَ سِيَاقٍ، وَ لَحَاقٍ وَ فِرَاقٍ.
قَدْ تَحَيَّرَتْ مَذَاهِبُهَا، وَ اءَعْجَزَتْ مَهَارِبُهَا، وَ خَابَتْ مَطَالِبُهَا، فَاءَسْلَمَتْهُمُ الْمَعَاقِلُ، وَ لَفَظَتْهُمُ الْمَنَازِلُ، وَ اءَعْيَتْهُمُ الْمَحَاوِلُ، فَمِنْ نَاجٍ مَعْقُورٍ، وَ لَحْمٍ مَجْزُورٍ، وَ شِلْوٍ مَذْبُوحٍ، وَ دَمٍ مَسْفُوحٍ، وَ عَاضِّ عَلَى يَدَيْهِ، وَ صَافِقٍ بِكَفَّيْهِ وَ مُرْتَفِقٍ بِخَدَّيْهِ، وَ زَارٍ عَلَى رَاءْيِهِ، وَ رَاجِعٍ عَنْ عَزْمِهِ، وَ قَدْ اءَدْبَرَتِ الْحِيلَةُ، وَ اءَقْبَلَتِ الْغِيلَةُ، وَ لاَتَ حِينَ مَنَاصٍ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! قَدْ فَاتَ مَا فَاتَ، وَ ذَهَبَ مَا ذَهَبَ، وَ مَضَتِ الدُّنْيَا لِحَالِ بَالِهَا (فَم ا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّم اءُ وَ الْاءَرْضُ وَ م ا ك انُوا مُنْظَرِينَ).