بسم الله الرحمن الرحيم كلام :162
و من خطبة له ع
الْحَمْدُ لِلَّهِ خَالِقِ الْعِبَادِ، وَ سَاطِحِ الْمِهَادِ، وَ مُسِيلِ الْوِهَادِ، وَ مُخْصِبِ النِّجَادِ، لَيْسَ لِاءَوَّلِيَّتِهِ ابْتِدَاءٌ، وَ لاَ لِاءَزَلِيَّتِهِ انْقِضَاءٌ، هُوَ الْاءَوَّلُ لَمْ يَزَلْ، وَالْبَاقِي بِلاَ اءَجَلٍ، خَرَّتْ لَهُ الْجِبَاهُ، وَ وَحَّدَتْهُ الشِّفَاهُ، حَدَّ الْاءَشْيَاءَ عِنْدَ خَلْقِهِ لَهَا إِبَانَةً لَهُ مِنْ شَبَهِهَا، لاَ تُقَدِّرُهُ الْاءَوْهَامُ بِالْحُدُودِ وَالْحَرَكَاتِ، وَ لاَ بِالْجَوَارِحِ وَالْاءَدَوَاتِ، لاَ يُقَالُ لَهُ: مَتَى ؟ وَ لاَ يُضْرَبُ لَهُ اءَمَدٌ بِحَتَّى ، الظَّاهِرُ لاَ يُقَالُ: مِمَّ؟ وَالْبَاطِنُ لاَ يُقَالُ: فِيمَ؟ لاَ شَبَحٌ فَيُتَقَصَّى وَ لاَ مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى ، لَمْ يَقْرُبْ مِنَ الْاءَشْيَاءِ بِالْتِصَاقٍ، وَ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ، وَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَةٍ، وَ لاَ كُرُورُ لَفْظَةٍ، وَ لاَ ازْدِلاَفُ رَبْوَةٍ، وَ لاَ انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ فِي لَيْلٍ دَاجٍ، وَ لاَ غَسَقٍ سَاجٍ. يَتَفَيَّأُ عَلَيْهِ الْقَمَرُ الْمُنِيرُ، وَ تَعْقُبُهُ الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ فِي الْاءُفُولِ وَالْكُرُورِ، وَ تَقَلُّبِ الْاءَزْمِنَةِ وَالدُّهُورِ، مِنْ إِقْبَالِ لَيْلٍ مُقْبِلٍ، وَ إِدْبَارِ نَهَارٍ مُدْبِرٍ، قَبْلَ كُلِّ غَايَةٍ وَ مُدَّةِ، وَ كُلِّ إِحْصَاءٍ وَعِدَّةٍ، تَعَالَى عَمَّا يَنْحَلُهُ الْمُحَدِّدُونَ مِنْ صِفَاتِ الْاءَقْدَارِ، وَ نِهَايَاتِ الْاءَقْطَارِ، وَ تَاءَثُّلِ الْمَسَاكِنِ، وَ تَمَكُّنِ الْاءَمَاكِنِ.
فَالْحَدُّ لِخَلْقِهِ مَضْرُوبٌ، وَ إِلَى غَيْرِهِ مَنْسُوبٌ.
لَمْ يَخْلُقِ الْاءَشْيَاءَ مِنْ اءُصُولٍ اءَزَلِيَّةٍ، وَ لاَ مِنْ اءَوَائِلَ اءَبَدِيَّةٍ، بَلْ خَلَقَ مَا خَلَقَ فَاءَقَامَ حَدَّهُ، وَصَوَّرَ فَاءَحْسَنَ صُورَتَهُ، لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ امْتِنَاعٌ، وَ لاَ لَهُ بِطَاعَةِ شَيْءٍ انْتِفَاعٌ، عِلْمُهُ بِالْاءَمْوَاتِ الْمَاضِينَ كَعِلْمِهِ بِالْاءَحْيَاءِ الْبَاقِينَ، وَ عِلْمُهُ بِمَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى كَعِلْمِهِ بِمَا فِي الْاءَرَضِينَ السُّفْلَى .
مِنْهَا:
اءَيُّهَا الْمَخْلُوقُ السَّوِيُّ، وَالْمُنْشَأُ الْمَرْعِيُّ فِي ظُلُمَاتِ الْاءَرْحَامِ وَ مُضَاعَفَاتِ الْاءَسْتَارِ، بُدِئْتَ مِنْ سُلا لَةٍ مِنْ طِينٍ، وَ وُضِعْتَ فِي قَر ارٍ مَكِينٍ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ، وَ اءَجَلٍ مَقْسُومٍ، تَمُورُ فِي بَطْنِ اءُمِّكَ جَنِينا، لاَ تُحِيرُ دُعَاءً، وَ لاَ تَسْمَعُ نِدَاءً، ثُمَّ اءُخْرِجْتَ مِنْ مَقَرِّكَ إِلَى دَارٍ لَمْ تَشْهَدْهَا، وَ لَمْ تَعْرِفْ سُبُلَ مَنَافِعِهَا.
فَمَنْ هَدَاكَ لاِجْتِرَارِ الْغِذَاءِ مِنْ ثَدْيِ اءُمِّكَ؟ وَ عَرَّفَكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِكَ وَ إِرَادَتِكَ؟ هَيْهَاتَ! إِنَّ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ صِفَاتِ ذِي الْهَيْئَةِ وَالْاءَدَوَاتِ فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِهِ اءَعْجَزُ، وَ مِنْ تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ الْمَخْلُوقِينَ اءَبْعَدُ.